لم تخل منطقة الحوض الشرقي الغنية بكنوزها المعرفية وثقافتها وأصالتها التاريخية من الشخصيات ذات المرجعية الجامعة في مجالات العلم والتربية والقيادة وستظل كذلك، لكنها لم تعرف إلا متأخرا مثالا لتلك الشخصيات الجامعة في مجال السياسة، لقد ظل سياسيو المنطقة يُعرَفون بــ "نخبة محل الميلاد" لحرصهم الدائم على الانكفاء الذاتي على منطقة معينة بذاتها دون تجاوزها جغرافيا، وهو ما انعكس سلبا على جهود التنمية في الحوض بصفة عامة في ظل تكدس بعض الخدمات في مكان بذاته على حساب أماكن وتجمعات أخرى أكثر فاعلية وكثافة سكانية.
إن البحث الدائم عن المرجعيات الجامعة في مجال السياسة في البلد يعد نضجا سياسيا متقدما وعلامة بارزة لفكر الإصلاح والتنمية، وهي من بين الحسنات الكثيرة التي تحسب لهذا النظام الذي يعكف بشكل واضح وجلي على القضاء على ثقافة "فرِّق تسد" التي ذاع صيتها خلال فترات من تاريخ البلد السياسي.
إن جهود التنمية والإصلاح لن تكلل بالنجاح دون تهيئة الأرضية السياسية والمجتمعية للمهمة، ولن يتم ذلك إلا بمحاربة ثقافة التفرقة والتنازع وتقاتل الإخوة والجيران على أبواب كل المناسبات الانتخابية والسياسية التي كانت تعد بالنسبة للبعض فرصة للقضاء على ما تبقى من قيم المحبة والتواصل بزرع الشقاق والنفاق لتحقيق أهداف ومآرب أقل بكثير من وصفها بـالمآرب "الشخصية"..
إن قرار فخامة الرئيس الأخير الذي كلف بموجبه معالي الأمين العام للرئاسة الدكتور مولاي ولد محمد لغظف بتنظيم زيارة لمختلف مقاطعات الحوض الشرقي لدليل واضح على أن فخامته ماض في بسط ثقافة التصالح والإخوة والوحدة ورفضه بشكل قاطع لأي شكل من أشكال التنازع {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم} صدق الله العظيم.
لم يختر الرئيس وزيرا للمهمة فقط بل اختار مهندس مشروع "اظهر" الذي يلقى الآن بظلاله على كافة مناطق الحوض الشرقي بل تجاوز ذلك إلى مناطق أخرى من الوطن، والذي يعد الآن من بين أهم المشاريع التى عرفتهم المنطقة منذ الاستقلال.
لقد كاد العطش أن يُفرِّغ الحوض من ساكنته لولا فضل الله أولا وإصرار الدكتور على التضحية بمكانته وثقته من أجل توريط الدولة حينها في الدخول في مغامرات لم تعد لها العدة والعتاد، وهو المشروع الذي كان بالنسبة للأنظمة مجرد حلم نظرا لتكاليفه الباهظة ماديا وبشريا، لا شك أن هناك من أبناء الوطن بمختلف مناصبهم من شارك بشكل فعَّال في هذا الجهد لكنه لو لم يجد التفكير الخارج عن النسق المجاملاتي لما قامت لهذا المشروع قائمة.
إن جميع خطابات صاحب المعالي لتؤكد هذا التوجه الرئاسي القائم على بسط ثقافة المحبة بين ساكنة الولاية بمختلف مشاربهم وتوجهاتهم خاصة ونحن على أبواب انتخابات تشريعية هامة جدا والأهم ليس فقط في إشاعة هذا التوجه بل الأهم هو تفاعل المنطقة بكاملها معه وفي ظل ارتياح واسع لمستوى الخطاب ولِحاملِ الخطاب.
لقد أثبت الزيارة نجاح المهمة شكلا ومضمونا وأبانت عن مدى الإجماع السياسي على دعم فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغز واني، وعن مدى الإجماع السياسي الذي يحظى به صاحب المعالي على مستوى الولاية والبلد بصفة عامة.
وفق الله الجميع.