لا شك أن تخصيص يوم عالمي للغة العربية، أمر مهم؛ لكن أهمية هذا اليوم، ما كان لها أن تكون بنفس المستوى والمضمون، في عواصمَ كباريسَ، وافيينا، وروما؛ وأخرى كدمشق، وبغداد، ونواكشوط؛ لولا أن أمة الضاد تعيش قهرا حضاريا حقيقيا، وهجوما شرسا، متعدد الجوانب والأوجه، يقع أول ما يقع على لسانها، الذي هو انتماؤها، وهُوِّيَّتُهَا، وميسمها، وعنوانها.
ففي نواكشوط، مثلا، عاصمة أرض المنارة والرباط، والمليون شاعر، وكوكبة "الأفذاذ" في شتى صنوف علوم لغة الضاد؛ من محمد بن الطلبة اليعقوبي، في الشعر والأدب، مرورا بالمختار بن بونه في النحو والصرف، وانتهاء بالشيخ محمد سالم بن عدّود - رحمه الله - في شتى الفنون؛ ما كان للغة العربية أن تحتاج إلى يوم يخصص لها؛ وما كان للغة العربية أن تحتاج إلى يوم "يحتفى" بها فيه و"يحتفل" بها ؛ بل كان الأولى أن تعتبر أيام السنة كلها، أياما للغة العربية في موريتانيا، احتفاء واحتفالا؛ تطبيقا، وممارسة، وترسيخا؛ في جميع المجالات.
فهي اللغة التي شَرُفَتْ بها أمة العرب وأمة الإسلام؛ وهي لساننا التعبيري الجامعُ، وملاذُنا الحضاري المانعُ، وخزَّانُ موروثنا القِيَمِيُ الأصيلُ، وعنواننا الثابتُ الأثيلُ.
نعم، كان من المفروض أن لا تحتاج اللغة العربية إلى يوم يخصص لها في أرض المنارة والرباط، لكنها العولمة، وما أدراك ما العولمة! عصر تصبح فيه اللغة العربية بحاجة إلى يوم "يحتفى" بها فيه، و"تثمن" فيه، وأين؟ على أديم أرض، يقول شاعرها:
إنا "بنو حسن" دلت فصاحتنا *** أنّا إلى العرب العرباء ننتسب
إنْ لم تقم بيّنات أننــا عرب *** ففي اللسان دليل أننـــــا عرب
أفعلى أرض شنقيط يخصص يوم واحد للاحتفاء باللغة العربية، ويخشى عليها من الاندثار؟
يا للعجب!! فمجرد طرح هذا التساؤل، يدلّ على أن موريتانيا الحديثة، دولةُ ما بعد الاستقلال، قد سيمَتْ من "الخسف" اللغوي، و"الهجوم" الثقافي، ومحاولات "التغريب" الوجداني، و"الألينة" الحضارية؛ ما لا يعلمه إلا الله. ولقد كان كل ذلك بمعاول "الفرنكوفونية" الهدّامة، التي ما تزال تفرض علينا لغتها فرضا، ويتبجح أذيالها، كل سنة، بـ"أسبوع الفرنكوفونية".
لكن عمق الانتماء، ومتانة الارتباط بالجذور التاريخية الضاربة في القدم، وعمق الوجدان العربي الموريتاني الأصيل، لدى الشناقطة، و"قدسية" العربية في أذهان غير العرب من الأفارقة الزنوج المسلمين؛ بَلْهَ التشبُّثُ المتين بعرى لغة القرآن الكريم من طرف الجميع، لدى كل ساكنة هذا القطر؛ جعلت سَعْيَ أصحاب كل هذه المكائد كناطح جبل؛ فأضحت جهود الفرانكوفونيين، أعداء اللغة العربية وشانئيها، والجاهدين في "إقصائها" من جميع دوائر المال والأعمال، ودوائر الأنشطة الفنية المختلفة؛ أضحت جهودهم، كقول الأعشى:
كناطح صخرة يوما ليوهنها *** فلم يضرها، وأوهى قرنه الوعل
وتحضرني هنا، في مجال التشبث باللغة الأم، والأصالة التي لا تنافسها معاصرة الزَّيْفِ، والذوبان في الآخر؛ تحضرني حكاية عن حادثة وقعت، روتها لي أمي وأنا شاب يافع، أدرس لغة المستعمر بكدٍّ ونهم، وأتدارسها مع أقراني. قالت، تغمّدها الله برحمته الواسعة: "تلفظتُ ذات يوم بكلمة من الفرنسية، سمعتها من جيران لنا، لأذكر اسم العربة اليدوية الصغيرة، التي يُحمل فيها اللبِن، والحجارة، والإسمنت، قائلة : "بَرْوَتْ"، فنهرني عمِّي - رحمه الله - بشدة، زاجرا: "آهَ، كُولِ احْمَيَّرْ اجْلَفْ؛ اكْلاَمْ انْصَارَ مَا يَنْكاَلْ"!!».
ولَكَمْ رسخت في ذهني هذه الحادثة! فقد رافقتني، وأنا أحضّر البكالوريا في الأدب الفرنسي؛ ولازمتني وأنا في الجامعة، أدرس القانون باللغة الفرنسية؛ واستحضرت هذه القصة دائما بعد تخرجي، وخلال عملي اليومي، باللغة الفرنسية، كلغة عمل، مفروضة في بلادي. وكان لتلك الحكاية، وذلك التوجيه العفويّ، السامي؛ الأثر البالغ، والوقع الكبير، والتأثير العميق في علاقتي مع اللغات الأجنبية؛ وبالأخص علاقتي باللغة الفرنسية التي فُرِضَتْ عليَّ فرضا، وما اخترتها؛ حالي في ذلك كحال جميع أترابي، من الذين تمدرسوا في عهد النظام الدراسي القديم، الموروث عن فرنسا، والذي ما يزال يجر أذياله على تعليمنا حتى اليوم.
بعد هذا الاستطراد، الذي سقته حصريا، للدلالة على تشبث الموريتانيين بلغتهم؛ وتمشيا مني مع هذا التقليد السنوي الذي أصبح، عرفا، أو عادة، أو مناسبة؛ سَمِّهِ ما شِئْتَ؛ لا بأس في اغتنامه كفرصة، لنقف وقفات، ولو قصيرة، مع واقع اللغة العربية في بلادنا، كي ندرك مدى ضعفنا، وحجم تقصيرنا في حق هذه اللغة المعجزة؛ التي اختارها الحق سبحانه، لتكون لغةَ أعظمِ كتابٍ، وأعظمَ نبيٍّ، وأعظمَ دينٍ، وخيرِ أمَّة؛ فكانت بذلك أفضل لسان، وأعظم بيان؛ لسانٌ شهد في حقه رب العالمين، أنه لسان عربيٌ مبينٌ؛ فما أعظمه من نعْتٍ، وما أشرفه من وصْفٍ؛ من كلام (رب العالمين)، بلسان (عربي مبين)، نزل به (الروح الأمين) على قلب (سيد المرسلين)!
وَلْيَكُنْ تناولنا لموضوعنا هذا، من خلال ثلاث وقفات: الوقفة الأولى، وقفة ننتشي خلالها بغيْضٍ من فيضِ محاسنِ لغة الضاد، مستحضرين خلالها العناية الفائقة التي كان يوليها سلفنا الصالح للغة القرآن، ومستجلين لبعضِ محاسن العربية، كأداة فائقة الدقة، في مجال التعبير والوصف.
أما الوقفة الثانية، فسنخصِّصها للحديث، باقتضاب، عن معاناتنا من "المنافسة الشرسة"، و"التضييق العدائي"، و"المزاحمة الفجَّة"، بل "الهيمنة المتغطرسة" والمستمرة لِلّغة الفرنسية في موريتانيا، على حساب لغتنا العربية، "الرسميةِ قانونياً"، "المَقْصِيَةِ واقعياً" ؛ وعن مدى ضلوعنا في ذلك، بتقصيرنا في حقها؛ تماما كما يعاني إخوتنا في المشرق من هيمنة اللغة الإنجليزية، ويقصّرون - هم كذلك - في المحافظة على مكانة لغة الضاد، في أقطارهم.
أما الوقفة الثالثة، فستكون مع ما نتطلع إليه من تمكين للغتنا العربية، من الخليج إلى المحيط، وما يمكن تقديمه كمقترحات، من بين أخرى، دعما وتعزيزا للمكانة الرائدة التي يجب أن تحتلها اللغة العربية في بلادنا.
الوقفة الأولى
عن عناية السلف الصالح باللغة العربية ومكانتها في قلوبهم، نقتبس ما يلي:
حرص رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على استقامة اللسان - أشد الحرص، حتى إنه سمع رجلاً يَلحَن فقال: «أرشدوا أخاكم»؛ (كنز العمال، 1989م، رقم الحديث 2809) وفي رواية: «فقد ضل».
وكان عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – يأمر أصحابه أن يتعلَّموا العربية، كما كان يأمرهم أن يتعلَّموا الفرائض، فكان يقول: «تعلَّموا العربية، فإنها من دينكم، تعلَّموا الفرائض، فإنها من دينكم»؛ فقدَّم – رضي الله عنه – تعلُّم العربية على تعلُّم الفرائض، لما يعلمه لها من فضل في معرفة الدين والفقه.
كما روي عنه أنه مرَّ على قوم يرمون نبلاً فعاب عليهم، فقال أحدهم: يا أمير المؤمنين، "إنا قوم متعلمين" – والصحيح، مُتعلِّمون، فقال: لحْنكم أشد عليَّ من سوء رميكم، سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: «رحِم الله امرأ أصلح من لسانه.»؛ (اتفاق المباني، 1985م، ص: 13).
ومما روي عنه أيضًا، وقد كان حريصًا على ضبْط اللسان العربي؛ لأنه الوعاء الذي نزل به القرآن، والسبيل الأول إلى فَهْمه فهمًا صحيحًا، واستنباط أحكامه استنباطًا سديدًا – أن الحصين بن أبي الحر، وقيل: أبو موسى الأشعري – أرسل إليه كتابًا، فلحن في حرف فيه، فكتب إليه عمر – رضي الله عنه -: أن قنِّع كاتبك سوطًا؛ (البيان والتبيين، 1968م، ص321)، وفي بعض الروايات أنه أمر بعزله.
وكان الحسن بن أبي الحسن – من التابعين – إذا عثَر لسانه بشيء من اللحن، قال: أستغفر الله، فسئل في ذلك، فقال: مَن أخطأ فيها – أي في العربية – فقد كذب على العرب، ومن كذب فقد عمل سوءًا؛ والله – عز وجل – يقول: (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رحيما).
وكان الفراء يُفضّل النحو على الفقه، وروي عنه أنه زار محمد بن الحسن، فتذاكرا في الفقه والنحو، ففضَّل الفراء النحو على الفقه، وفضَّل محمد بن الحسن الفقه على النحو، فبدأ الفراء يُدلِّل على صحة قوله، فقال: قَلَّ رجل أنعم النظر في العربية، وأراد علمًا غيره إلا سَهُل عليه.
فأراد محمد بن الحسن أن يُبطِل حجَّتَه، فقال له: يا أبا زكريا، قد أنعمت النظر في العربية، وأسألك عن باب من الفقه، فقال الفراء: هات على بركة الله، فقال ابن الحسن: ما تقول في رجل صلى فسها في صلاته، وسجد سجدتي السهو، فسها فيهما؟ فتفكَّر الفراء ساعة، ثم قال: لا شيء عليه، فقال له محمد: ولمَ؟ قال: لأن التصغير عندنا ليس له تصغير، وإنما سجدتا السهو تمام الصلاة، وليس للتمام تمام، فقال محمد بن الحسن: ما ظننتُ أن آدميًّا يَلِد مثلك؛ (معجم الأدباء، 1993م، 1: 17).
وكان الإمام الشافعي يتكلَّم عن البدع، فسئل عن كثرتها في زمانه، فقال " لِبُعدْ الناس عن العربية"، وقد عدَّ الإمام ابن تيميَّة تعلُّم اللغة العربية من الفروض الواجبة، فقال: "إن نفس اللغة العربية من الدين، ومعرفتها فرض واجب، فإنّ فَهْم الكتاب والسنة فرض، ولا يُفهَم إلا بفهم اللغة العربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"؛ (اقتضاء الصراط، 1419هـ - 1999م 1: 424)، وأما الإمام ابن حزم، فقد ألزم من أراد أن يتعلَّم الفقه تعلُّم النحو واللغة، فقال: «لزم لمن طلب الفقه أن يتعلَّم النحو واللغة، وإلا فهو ناقص مُنحط لا تجوز له الفُتيا في دين الله – عزّ وجلّ»؛ (الإحكام، مطبعة العاصمة بالقاهرة،1: 208)
وبدأ اللحن يظهر وينتشر، في عهد الدولة الأموية، إلى أن وصل الأمر إلى أن يُعَدَّ مَنْ لا يَلْحَنُ. فقالوا: أربعة لم يلحنوا في جِدٍّ ولا هزل: الشعبي، وعبد الملك بن مروان، والحجاج بن يوسف، وابن القرية؛ والحجاج أفصحهم. وهذا الخليفة المثقَّف، عبد الملك بن مروان يقول :«اللحن في الكلام أقبح من التفتيق في الثوب، والجدري في الوجه.» (العقد الفريد، 1404 هـ= 1983م، 308: 2). ولمَّا قيل له: «لقد عجّل إليك الشيب يا أمير المؤمنين، قال: شيَّبني ارتقاء المنابر، وتوقُّع اللحن.»؛ (العقد الفريد،2: 308).
بل إن أبا عمرو بن العلاء كان يقول: «لَعِلمُ العربية هو الدين بعينه، فبلغ ذلك عبدالله بن المبارك، فقال: صدق؛ لأني رأيت النصارى قد عبدوا المسيح لجِهْلهم بذلك، قال الله – تعالى – في الإنجيل: ((أنا وَلَّدْتُكَ من مريم، وأنت نَبِيي))، فحسبوه يقول: أنا ولَدتك، وأنت بُنَيي، بتخفيف اللام، وتقديم الباء، وتعويض الضمة بالفتحة، فكفَروا.»؛ (معجم الأدباء، 1: 10).
أما فيما يخص جمالها، وقدرتها على البيان الدقيق والإفصاح، فأكتفي بأمثلة ثلاث:
المثال الأول، من خلال مقارنة بسيطة بين ما تتمتع به العربية من دقة في "الضمائر"، حيث تمتاز بالتذكير والتأنيث في ضمائر المخاطب مثلا، في حالات المفرد، والمثنّى، والجمع. في حين، لا نجد لذلك نظيرا في اللغة الفرنسية.
فإذا أردت أن تقول: " أَعْطَيْتُهَا كِتَاباً "، أو "أعطيْتُهُما كتابا، أو" أعطَيْتُهُم كتابا"، " أعطَيْتُهُن كتابا" بالفرنسية، فلن تتمكن من ذلك. بل قُصَارَى تعبيرِكَ أن تقولَ، على التوالي، للمفرد والجمع:
Je lui ai donné un livre.
Je leur ai donné un livre.
وسيبقى السامع لا يعرف هل الذي أعطيتَهُ الكتابَ، رجلٌ أو امرأةٌ، رجلان أو امرأتان، رجال أو نساء؟. ولنا أن تتصور فداحة الأمر وشناعته، حين يتعلق بشهادة عن إعطاء رشوة مثلا، أمام قاض يسأل، وطرف يجيب!
المثال الثاني؛ لا تستطيع أن تضع المفعول به حيث تشاء في اللغة الفرنسية. فأنت مقيد، في الغالب، بترتيب: فاعل- فعل - مفعول به – توابع.
خذ الجملة التالية:
Ahmed a donné un livre à Khaled.
واضح أن المفعول به هنا، وهو الكتاب، تمّ الإتيان به بعد الفعل، وبعد فاعله. فاللغة الفرنسية، غير مُعْرَبَةٍ، وإن كانت لها قواعد نحوية؛ لذلك سنرى العجب العجاب إذا قمنا بمقارنة هذه الجملة، في اللغة العربية، بسابقتها في اللغة الفرنسية.
فبإمكانك، ولنفس الجملة، وضع المفعول به حيثما شئت، تبعا لطبيعة استفهام مخاطبك، أو علمك بحاجته إلى معرفة ماذا؛ هل تمت العطية أصلا؟ أو: من المُعْطِي؟ أو: ماذا أَعْطَى؟ أو: لمن أعطاه؟ فتقول:
- أعطى أحمدُ خالداً كتاباً. فيعلم السامع بوقوع العطية، كخبر تخبره، أنت، به؛ وتقول:
- أحمدُ أعطى خالداً كتاباً. فيعلم السامع أن المُعْطِي، هو أحمدُ؛ وليس غيره، وتقول:
- كتاباً أحمدُ أعطى خالداً. فيعلم السامع أن الشيء الذي أًعطيَ، هو كتاب، وليس بقرة؛ وتقول:
- خالداً أعطى أحمدُ كتاباً. فيعلم السامع أن الشخص الذي أُعْطِيَ الكتابَ، هو خالد، وليس غيره.
فتضع المفعول به حيثما شئت.
المثال الثالث والأخير، يتعلق بالاشتقاق فالمفردات في العربية، هي في الحقيقة "مواد" خام، وليست مفردات جامدة؛ فتأخذ من نفس المادة لتأتي بكل ما تحتاجه من كلمات. خذ مثلا مادة: "ك. ت. ب".
فتجد المفردات التالية، في اللغة العربية، كلها من نفس المادة: كَتَبَ - كِتَابٌ – كَاتِبٌ – مَكْتَبَةٌ. بينما تجد نفس الكلمات في اللغة الفرنسية، لا صلة بينها، ولا تتحد في مادة واحدة، ولا أصل جامع بينها، إلا ما قلّ:
écrire-livre-auteur-bibliothèque
وإذا أردت أن ترى من الاشتقاق في اللغة العربية العجب العجاب، فخذ فعل "دَارَ"، مثلا، فتجد المشتقات من هذا الفعل، تزيد على الثلاثين! فسبحان من خلق هذه اللغة، واختارها وعاء للقرآن الكريم، ولسانا لخاتم النبيين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. فوالله ما اللغات الأخرى، إلى جنبها، إلا كأحط اللهجات، أو كنطق العجماوات!
ونختمُ تمتّعَنا السريع هنا، بجملة من أقوال المشاهير، والعلماء، والمفكرين، عن اللغة العربية.
يقول المستشرق الفرنسي إرنست رينان (1823-ـ1892) :
«من أغرب المدهِشات أن تنبتَ تلك اللغة القومية وتصل إلى درجة الكمال وسط الصحاري عند أمة من الرحالة، تلك اللغة التي فاقت أخواتها بكثرةِ مفرداتها ودقة معانيها وحسنِ نظامِ مبانيها، ولم يُعرف لها في كل أطوار حياتها طفولة ولا شيخوخة، ولا نكاد نعلم من شأنها إلا فتوحاتها وانتصاراتها التي لا تبارى، ولا نعرف شبيهاً بهذه اللغة التي ظهرت للباحثين كاملةً من غير تدرج وبقيت حافظةً لكيانها من كل شائبة».
وتقول المستشرقة الألمانية زيغريد هونكة (1913-ـ1999) :
«كيف يستطيع الإنسان أن يقاوم جمال هذه اللغة ومنطقها السليم وسحرها الفريد؟ فجيران العرب أنفسهم في البلدان التي فتحوها سقطوا صرعى سحر تلك اللغة، فلقد اندفع الناس الذين بقوا على دينهم في هذا التيار يتكلمون اللغة العربية بشغفٍ».
ويقول الأديب عبد الواحد لؤلؤة (أحد عشاق اللغة العربية) وهو الذي قام بترجمة الكثير من الأعمال على امتداد نصف قرن أنتج خلالها أكثر من أربعين كتاباً مترجماً من الإنكليزية إلى العربية وبالعكس، يقول لؤلؤة: «السبب في قولي إن اللغة العربية من أغنى لغات البشر، إن لم تكن أغناها على الإطلاق، هو أنني لا أعرف لغة فيها من المرادفات والأضداد أكثر مما في العربية. ولا أعرف لغة فيها من الأسماء ما يحمل المعنى ونقيضه كما في العربية.»؛ (ويورد أمثلة على ما يقوله).
أما الوقفة الثانية:
فهي عن معاناتنا من "المنافسة الشرسة"، و"التضييق العدائي"، و"المزاحمة الفجّة"، بل "الهيمنة المتغطرسة" والمستمرة للغة الفرنسية في موريتانيا، على حساب لغتنا العربية، "الرسميةِ قانونا"، "المَقْصِيَةِ واقعيا"؛ فسأكتفي بترجمة بعض ما كتبتُ عن الموضوع في مقال سابق، باللغة الفرنسية؛ تحت عنوان :
La Mauritanie n’est pas l’Occitanie
"موريتانيا" ليست "أوكسيتانيا"، حيث كتبت:
«إن علاقتنا، نحن الموريتانيين بالفرنسية لا يمكن إلا أن تكون تصادمية، لأنها اللغة الأجنبية التي فرضت وتفرض نفسها بشكل عدائي على شعبنا، في الإدارة، في التعليم، في البريد، في المستشفيات، في السوق، في المكتب، في المؤسسات، في المعامل، في المصانع، في التاكسي، في الشارع، بَلْهَ في الحياة اليومية، ككل. وَلَكُمْ أن تقيسوا مقدار المرارة، والخيبة، والحسرة، بل حتى الثورة الذي قد يصل إليه أي شخص جراء ذلك. كم عانى صغارنا، وضيعوا من وقت ثمين في سبيل فهم لغة السؤال، لتمرين حسابي بسيط؟ كم أضعنا من وقت في سبيل شرح معلومات تتعلق بمعارف أساسية في الفيزياء، والرياضيات، والطب، والاقتصاد، والمحاسبة، والتسيير، والقانون، هي أسهل ألف مرة شرحا وإيصالا باللغة العربية. ويجب هنا أن يتذكَّرَ أولئك الـ "فرانكو -مأبورين" أن كل هذه المواد متوفرة بشكل كاف باللغة العربية. كما يلزم تذكيرهم بأن اللغة العربية لغة حية، لغة عالمة، وهي الأكمل بنيويا، وهي "الأتم". فهي قادرة دائما على حمل كل المعارف البشرية.
كم من شاب في بلادنا عانى من التهميش لمجرد أنه تلقي تكوينه باللغة العربية. كم من أطر أكفاء، مرموقين، أذكياء، مقتدرين وحملة الكثير من الشهادات، خسرناهم لمجرد أن شهاداتهم عربية. وهذه بالضبط هي معضلة الفرنسية عندنا. مما يعني أن الفرنسية تم توظيفها من طرف البعض كأداة إقصاء، وتهميش، ولَمْزٍ، وإبعاد لكل من يعبر عن عدم استعداده للعمل بالفرنسية. وما دامت اللغة الفرنسية تواصل لعب هذا الدور فإنها ستظل عاملَ تشويشٍ، وتشكل عقبةً، بل حتى تهديدا للّحمة الوطنية، وخطرا على وحدة وتفاهم شعبنا.
ولعلّ ما ذكرناه للتو يكفي للرّد على الذين يروّجون لحيادية اللغة - عن خبث بَيِّنٍ، ومكيدة مستحكمة، أوعن سذاجة وغباء منقطع النظير! - ويزعمون، في إيهام متعمد، وبمراوغات خادعة، أن وجود اللغة الفرنسية عندنا طبيعي، وأن الفرنسية، في النهاية ليست إلا أداة تواصل؛ لهؤلاء نقول: حَسْبكم. كفى. لقد طفح الكيل وبلغ السيل الزبى!
إن قضية اللغة لا يمكن أن تأخذ بهذه البساطة. وكل موريتاني قحّ لن يرضى بمنح لغة أجنبية مكانة تسمو بها على لغته. وما ذاك، إلا لأن لغته، أصلا، ليست كأي لغة. إنها اللغة العربية.
إنها، وكما أسلفنا، لغة عالِمة، بلغت أقصي درجات الكمال من ناحية البنية، وهي اللغة الأجمل، والأدق، والأغنى، والأثبت عالميا.
وبما أنه يمكننا القول إن كل ما سقناه أعلاه يكفي لدحض وتفنيد الزعم القائل بأن اللغة ليست إلا أداة، مما يعني أنه بإمكاننا أن نستعمل أي لغة وكيفما اتفق؛ فلنفرغ الآن لدحض حجة أخري ما نفتأ نسمعها على ألسنة أولئك الـ"فرانكو – مأبورين".
إنه الزعم القائل بأن الفرنسية لغة انفتاح، تُمكِّننا من التواصل مع باقي العالم. فيا للفرية! ففي الوقت الذي يهجر فيه الفرنسيون أنفسهم لغتهم إلي الإنجليزية، فإنهم ينصحوننا بالفرنسية، ويعرضونها لنا كلغة انفتاح! فيا للعجب!
ولكن، إذا أردنا الحديث بصدق، ولحسم الجدل بخصوص هذه النقطة، فلنا أن نقول: ما دام الغرض حقا هو الحصول على لغة انفتاح على العالم لشبابنا وطلابنا فإن الأولى بالاختيار هو الإنجليزية. لماذا؟ أولا، لأن الإنجليزية هي لغة العلم المعاصر. فهي لغة الرياضيات، والمعلوماتية كلها بالإنجليزية، وعالم المال والأعمال، كما الاقتصاد، كل ذلك باللغة الإنجليزية أساسا. ثانيا، لأن الإنجليزية ستمكننا من التواصل أكثر مع باقي الدول في عالمنا العربي، كمصر، والعراق، وسوريا، والأردن، وباقي دول الخليج. كما تمكننا الإنجليزية من التواصل والانفتاح أكثر على دول إفريقية كبيرة، وازنة ومهمة كجنوب إفريقيا ونيجيريا. كذلك تمكننا الإنجليزية من التواصل أكثر مع الصين، واليابان، وإندونيسيا، وماليزيا، والباكستان والهند. ذلك، حتى لا نذكر إلا هذه الدول، فحسب. إذا، بعد هذا كله، أيهما أولي بالاختيار كلغة انفتاح على العالم؟ الفرنسية أم الإنجليزية؟ ألا بعدا للمبطلين!
وإذا ما أصرَّت تلك الشرذمة، من قلة الشذاذ الـ "فرانكو - مأبورين"، رغم كل ما ذكرنا من الحجج الدامغة، إذا ما أصرُّوا على أن لغة الانفتاح المُثْلَى بالنسبة لبلادنا هي الفرنسية، فليس ذلك عن قوة حجة ولا دليل مقنع، ولا برهان ساطع؛ وإنما هو الدليل القاطع أنهم، عن خبث وسوء نية، يريدون إحلال الفرنسية محلَّ لغتنا الرسمية، وإعطاءها المكانة والمنزلة التي من المفروض أن تعود طبيعيا إلى العربية. ولقد نجحوا عن طريق فرض الأمر الواقع، وللأسف الشديد، في جعلها لغة العمل الوحيدة لدينا!
لكن تبقى الحقيقة، كل الحقيقة، بعيدة عن هذا كله. فالحقيقة، هي أنه آنَ الأوانُ أن نمنحَ اللغةَ العربيةَ المكانةَ التي تستحق. آنَ الأوانُ أن نجعلها لغة تعليم عصري موحد، بحيث يتلقى جميع أبناء موريتانيا تكوينهم في لغة واحدة، ويعملون كلهم بلغة واحدة، ويتقاسمون، محبةً وعشقاً لِلُغَةٍ واحدةِ، هي العربية. ومع ذلك، يدرسون ويتقنون لغاتٍ أجنبيةً أخري، حسب أهميتها، كالإنجليزية، والصينية، والإسبانية، والروسية، والفرنسية، والألمانية، والبرتغالية، والإيطالية. وهذه هي الوضعية الطبيعية، والعادية، التي يمكننا من خلالها ربط علاقات هادئة مع لغة أجنبية كالفرنسية. شأنها كشأن أي لغة أجنبية أخري. خلافا للوضعية الحالية لهذه اللغة الأجنبية في بلادنا، والتي تتسم بهيمنة واجتياح مَرْفوضَيْنِ. فلمْ يعد من الوارد تحمل وضعية كهذه في بلادنا.
ما سطَّرناه هنا عن الوضعية اللغوية الخاصة لبلادنا، ينطبق إلى حد بعيد على معظم الدول العربية الأخرى، التي لا يفصل بعضها عن حالتنا، إلا وجود تجانس عرقي، قد يجعل المشهد أقل حِدَّةً. لكن ظاهرة هيمنة لغة المستعمر على الحياة العامة، وتَوْقَ الناس إلى إحلال لغة الأجنبي مكان لغتهم، ظاهرة مشتركة بين جميع الدول العربية، للأسف الشديد. طبعا، بنسب متفاوتة» ا هـ.
أما الوقفة الثالثة،
والأخيرة، فهي مع ما نتطلع إليه من تمكين للغتنا العربية، من الخليج إلى المحيط، وما يمكن تقديمه كمقترحات، من بين أخرى، دعما وتعزيزا للمكانة الرائدة التي يجب أن تحتلها اللغة العربية في بلادنا؛ فهناك مطالب ذكرناها سابقا، ولا نزال بحاجة، للأسف الشديد، إلى إعادة التذكير بها. وهي كما يلي:
1-الخروج نهائيا من المنظمة الفرانكفونية، كما فعلت الجزائر، واستبدال اللغة الفرنسية باللغة الإنجليزية، كلغة انفتاح أولى على العالم. ولا يخفى ما سيكون لهذا الخيار من أهمية، فهو خيار استراتيجي بالنسبة لبلادنا، بعيد المدى، وعميق الأثر. وهو كذلك سلاح فعَّال، جربه الرئيس الروندي بول كاجامي، حين استبدل اللغة الفرنسية كلغة عمل وانفتاح لبلده، باللغة الإنجليزية، فكانت النتيجة تقدما مبهرا، ونُمُواً سريعا؛ جعل من روندا مثلا يحتذى على مستوى القارة الأفريقية، بعد أن عانت من فرنسا ومن الفرنسية، ومن مخلفات حرب أهلية مدمرة، دارت رحاها بين قبائل "الهوتو" و "التوتسي"، كما هو معلوم؛ وقد أصبحت روندا اليوم، كما قلنا، بفضل استبدال اللغة الفرنسية بالإنجليزية، دولة من أفضل الدول الإفريقية تقدما وازدهارا.
ويكون ذلك، عمليا، من جانب السلطات الرسمية، بــ :
ا/ الإسراع بإدراج تدريس اللغة الإنجليزية، لتحل محلّ اللغة الفرنسية، اعتبارا من السنة الثانية ابتدائية. والحرص على إكساب صغارنا مبكرا، كل المهارات الضرورية لإتقان اللغة الإنجليزية من الصغر.
ب/ الإسراع بتقديم نشرة إخبارية يومية رئيسة، مسائية، بالإنجليزية، عبر قناة الموريتانية.
والعمل تدريجيا على إنشاء قسم كامل، ومتكامل للغة الإنجليزية في قناة الموريتانية، فالكفاءات الوطنية في هذه اللغة أصبحت متوفرة ولله الحمد. لا ينقصها إلا التكوين، والتأطير، وتحسين الخبرة المستمر.
ج/ الإسراع بتقديم نشرة إخبارية يومية، رئيسة بالإنجليزية، عبر الإذاعة الوطنية، مع العمل كذلك، وبشكل تدريجي، على إنشاء قسم كامل، ومتكامل للغة الإنجليزية في الإذاعة الموريتانية، يحل محل القسم الفرنسي ويغني عنه.
د/ الدعم الفوري لقسم اللغة الإنجليزية بالوكالة الموريتانية للأنباء، والذي بدأ بشكل محتشم لا مبرر له، مع وجود الكفاءات الوطنية المؤهلة، ومع أهمية الوكالة الموريتانية للأنباء، كواجهة إعلامية رسمية للبلد، موجهة للعالم أجمع. ولغة العالم اليوم، كما هو معلوم، هي الإنجليزية.
د/ الحظر التام للعمل، والتراسل، والتصريح، والإعلان، في جميع الدوائر الحكومية باللغة الفرنسية. ويكون ذلك أول ما يكون بتحريم التصريح رسميا من طرف الوزراء وأعضاء حكومة الجمهورية الإسلامية الموريتانية، باللغة الفرنسية.
ر/ الحظر التام للعمل، والتراسل، والتصريح، والإعلان، في جميع دوائر منظومة الأمم المتحدة العاملة في بلادنا بغير اللغة العربية، إذ هي لغة عمل معتمدة في هذه المنظمة. لذلك، لا معنى للعمل بغيرها في الجمهورية الإسلامية الموريتانية.
س/ إخطار جميع البعثات الدبلوماسية، غير الناطقة بالفرنسية، المعتمدة في بلادنا بحظر التواصل مع الدولة الموريتانية، وجميع دوائرها الحكومية باللغة الفرنسية. وإنما يكون ذلك باللغة العربية أولا، أو باللغة الرسمية للبلد الذي تمثله كل بعثة، أو قنصلية، أو ممثِّلية، أو سفارة.
ص/ اتخاذ قرارات صارمة على مستوى الجهات، والبلديات، من أجل تعريب الشوارع والأماكن العمومية، عبر إلزامية انفراد اللغة العربية باللافتات على واجهات المحلات، والمؤسسات، والمتاجر، والأسواق؛ حتى تكون بخط عربي جميل صحيح، سالم من الأخطاء الإملائية والتركيبية. وأن لا يسمح باستخدام لغة أجنبية إلا بإذن من الجهة أو البلدية، على أن يكون ذلك بالإنجليزية، وليس بالفرنسية.
ط/ تعريب ترقيم السيارات، وذلك بإحلال الحرف العربي الجميل مكان الأحرف اللاتينية؛ مما يشعرك وأنت ترى لوحة سيارة، أن لها انتماء ووطنا، هو الجمهورية الإسلامية الموريتانية.
ع/ تعريب المدرسة الوطنية للممرضين والقابلات تعريبا كاملا، مع إدخال اللغة الإنجليزية كلغة أجنبية أولى داخل هذه المؤسسة، بدل تكوينهم باللغة الفرنسية. فهذه مؤسسة تكوينية يراد من طلابها بعد تخرجهم، الاحتكاك اليومي بالمرضى، والتوجيه والإرشاد للمواطنين؛ وهو ما يفسر ضرورة الإسراع بتعريبها، حتى يكون بمقدور خِرِّجيها، من ممرضين وقابلات، أن يشرحوا للمواطنين بالعربية، ما عليهم القيام به، أثناء رحلتهم الاستشفائية، وخلال ترددهم على المستوصفات والمستشفيات.
ف/ تعريب المحاضر الخاصة بالمعاينات التي يقوم بها الدرك والشرطة لحوادث السير. والحظر المطلق لطباعتها بالفرنسية، حتى نتمكن من توحيد سجل حوادث المرور في بلادنا، وحتى يكون سجلا في متناول المواطن، في أدق تفاصيله. وهو ما ظلت تمنعه طباعة تلك المحاضر بالفرنسية، بمصطلحات وعبارات، وصياغة تغيِّب عن المواطن حتى فحوى تصريحه، فيوقع على محضر بالفرنسية، لا يفهم منه شيئا.
ك/ الإسراع بتعريب قطاع التأمين، خصوصا في شقه الإجباري، أي التأمين على المسؤولية المدنية لملاك السيارات. فهذه عقود يحتاجها المواطن يوميا، ويتعامل بها مع جهات قضائية معربة في مرافعاتها، وأحكامها. فهو يُوَقِّعُ أصلا على عقد مصاغٍ بلغة أجنبية لا يفهمها، دون معرفة دقيقة لما له، وما عليه. وهي وضعية مأساوية، تأدي يوميا إلى ضياع حقوق مواطنين أبرياء، تبيعهم مؤسسات تأمين عقودا لا يفهمون من بنودها، وشروطها، وتغطياتها، واستثناءاتها شيئا؛ حتى إذا وقع حادث واحتاجوا إلى تعويض، وقعوا في مطبات، ومتاهات لا نهاية لها. وكل ذلك عائد إلى صياغة العقود باللغة الفرنسية.
وفي الختام، إن كان من جديد، أضيفه هذه السنة، فهو بخصوص هذه النقطة الأخيرة، المتعلقة بالتأمين الإجباري على السيارات، فإنني أحيط الجميع علما بأني قد أكملت بعون الله وتوفيقه، تعريب كلّ الوثائق الفنية التأمينية، لهذا الفرع، المعمول بها في موريتانيا؛ وإني لأعتبر ذلك أقلّ ما يلزم من الوفاء لحق لغتنا العظيمة. ولم يعد ينقصنا إلا الإرادة السياسية الواعية، من أجل تعريب التأمين الإجباري على السيارات في بلادنا؛ وجعله، بعد تعريبه بالكامل، خاضعا لأحكام الشريعة الإسلامية، كما يرغب في ذلك جميعُ الموريتانيين، وكما نحن مستعدون فنيا لذلك أيضا، ولله الحمد؛ خدمة لديننا الحنيف، وقِيَمِنا المنبثقة عنه، والتي تفتخر بها أيَّما افتخار.
عاشت موريتانيا معقلا دائما من معاقل اللسان العربي المبين، ودارا عامرة للإسلام والمسلمين.