نواصل بإذن الله تعالى في هذه الحلقة ما بدأناه في الحلقة الماضية، مع تذكيري للقارئ بما التزمته في هذه الحلقات من الاعتماد التام على كتب الإمامية الإثني عشرية وبطبعاتها المعتمدة لديهم دون ذكر حرف مما عداها، فأقول مستعينا بالله:
الغيبتان ورقاع صاحب الزمان:
يزعمون أن الإمام الثاني عشر دخل السرداب عام 256 هـ وما زال حيا مختبئا منذ ذلك التاريخ وحتى هذه اللحظة، ويسمون هذه الفترة بالغيبة، وتنقسم إلى غيبتين:
الغيبة الصغرى:
وكان يتصل به فيها السفراء – واستقر الرأي عندهم على أربعة مخصوصين - عبر رقاع وتوقيعات يرسلها على أيدي السفراء، وتحتوي أحكاما وأوامر ونواهيَ وتحليلا وتحريما، ومعلومات متنوعة وهذه الرقاع عندهم من أرجح وأقوى أدلة الأحكام باتفاقهم.
وهؤلاء السفراء المعتمدون هم على التوالي:
- عثمان بن سعيد العمري السمان (ت 280هـ)
- محمد بن عثمان بن سعيد العمري (ت 305هـ)
- الحسين بن روح النوبختي (ت 326هـ)
- علي بن محمد السمري (ت 329هـ)
مغانم السفارة والصراع عليها:
السفارة عن الإمام الغائب ذات مغانم كبيرة، أهمها: المكانة المعنوية المقدسة لدى الشيعة، وثانيهما المكاسب المادية المجنية باسم الإمام، لذا فقد قامت - في عصور أئمتهم المتعددة وخاصة عصر الحيرة - ادعاءات كثيرة للنيابة عن الإمام فممن ادعاها على سبيل المثال لا الحصر:
- أبو محمد الحسن الشريعي.
- محمد بن نصير النميري.
- أحمد بن هلال الكرخي.
- أبو طاهر محمد بن علي بن بلال.
- محمد بن علي الشلمغاني.
- محمد بن أحمد بن عثمان البغدادي، وهو حفيد عثمان بن سعيد (السفير الأول المتقدم).
- أبو دلف محمد بن المظفر الكاتب.
وغيرهم.
وكل واحد من هؤلاء - إضافة للأربعة الذين اعتمدوا فيما بعد – كان يُحضر التوقيعات من صاحب الزمان بلعن المدّعين الآخرين وتكذيبهم!!!
الغيبة الكبرى (حل مشكلة السفارة):
لما كثرت الدعوى بالسفارة – وتلاعن السفراء باسم الإمام الغائب وطالت الحيرة بالشيعة – كان لا بد من وضع حد لهذه الحالة المزرية، فأحضر السفير علي بن محمد السمري (الرابع) توقيعا يعلن فيه انتهاء الغيبة الصغرى ودخول الإمام غيبته الكبرى – والتي لا يصدق فيها أي مدع للسفارة وهي من سنة 329هـ وإلى أن يأذن الله بخروج صاحب الزمان من سردابه (عجل الله فرجه).
أهم كتبهم ومصادرهم الرئيسة:
أهم كتبهم "الجوامع الثمانية"، ويقولون بأنها هي المصادر المهمة للأحاديث المروية من الأئمة. قال عالمهم المعاصر محمد صالح الحائري: "وأما صحاح الإمامية فهي ثمانية، أربعة منها للمحمدين الثلاثة الأوائل، وثلاثة بعدها للمحمدين الثلاثة الأواخر، وثامنها لحسين - المعاصر - النوري":
1- أول هذه المصادر وأصحها عندهم الكافي لمحمد بن يعقوب الكليني (ت 328هـ) ويلقبونه ثقة الإسلام!
2- ثم كتاب: "من لا يحضره الفقيه" لشيخهم محمد بن بابويه القمي المشهور عندهم بالصدوق (المتوفى سنة 381هـ).
3- ثم تهذيب الأحكام.
4- والاستبصار، كلاهما لشيخهم المعروف بـ"شيخ الطائفة" أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي (المتوفى سنة 360هـ).
قال شيخهم الفيض الكاشاني (المتوفى سنة 1091هـ): "إن مدار الأحكام الشرعية اليوم على هذه الأصول الأربعة، وهي المشهود عليها بالصحة من مؤلفيها". وقال أغا بزرك الطهراني - من مجتهديهم المعاصرين - وهي: "الكتب الأربعة والمجاميع الحديثية التي عليها استنباط الأحكام الشرعية حتى اليوم".
ثم ألف شيوخهم في القرن الحادي عشر وما بعده مجموعة من المدونات ارتضى المعاصرون منها أربعة سموها بالمجاميع الأربعة المتأخرة وهي:
5- الوافي لشيخهم محمد بن مرتضى المعروف بملا محسن الفيض الكاشاني (المتوفى سنة 1091هـ).
6- وبحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار لمحمد باقر المجلسي (المتوفى سنة 1111هـ)،
7- ووسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة تأليف شيخهم محمد بن الحسن الحر العاملي (المتوفى سنة 1104هـ)
8 - ومستدرك الوسائل لحسين النوري الطبرسي (المتوفى سنة 1320هـ).
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى