الأخبار (أديس أبابا) - من المقرر أن يحتضن مقر الاتحاد الإفريقي بأثيوبيا السبت، أعمال القمة الإفريقية ال36 التي ستنتقل خلالها الرئاسة الدورية للاتحاد من الرئيس السنغالي ماكي صال، إلى رئيس جزر القمر غزالي عثماني.
وتنعقد القمة تحت شعار: "تسريع تنفيذ منطقة التجارة الحرة القارية"، وستبحث ملفات عديدة بينها تقييم مستوى التقدم المحرز في مبادرة إسكات البنادق، وتحديات الأمن الغذائي.
كما تبحث القمة ملفات سياسية واقتصادية مختلفة، وسيتم خلالها وضع خطة التنفيذ العشرية الثانية من رؤية الاتحاد الإفريقي التي تمتد حتى 2063، مع تقييم لخطة التنفيذ للسنوات العشر الأولى.
منطقة التجارة.. التكامل المنشود
دخلت منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية حيز التنفيذ رسميا مطلع عام 2021، بعدما وقعت على الاتفاقية الخاصة بإنشائها عشرات الدول الإفريقية خلال قمة نظمت بالعاصمة الرواندية كيغالي سنة 2018.
وتغطي منطقة التجارة الحرة الإفريقية سوقا بحجم حوالي 1.3 مليار شخص، وتتمتع بإمكانية تجارة قارية بناتج إجمالي محلي يفوق 3 تريليونات دولار.
ويتوقع أن توسع منطقة التجارة الحرة حجم اقتصاد القارة الإفريقية إلى 29 تريليون دولار بحلول عام 2050، كما يعول عليها في انتشال عشرات ملايين الفقراء في أفق 2035.
ويسعى القادة الأفارقة من خلال هذه المنطقة التجارية الأكبر منذ انطلاق منظمة التجارة العالمية، إلى تعزيز التبادل التجاري البيني في إفريقيا، وخلق تكامل اقتصادي، فضلا عن جلب الاستثمارات الخارجية.
ويأتي السعي الآن لتفعيل منطقة التجارة الإفريقية، في ظل معطيين لافتين، أولهما التداعيات الكبيرة للحرب الروسية الأوكرانية على إفريقيا، والثاني التنافس الدولي الكبير على القارة.
ظلال الحرب الأوكرانية
من الواضح أن اختيار شعار القمة الإفريقية لهذه السنة، فرضته بشكل كبير تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على بلدان القارة فيما يتعلق بالأمن الغذائي، حيث إن عددا هاما من دول القارة كان يعتمد في مادة الحبوب على روسيا وأوكرانيا.
وكان من نتائج الحرب انقطاع الإمداد الغذائي عن بعض الدول الإفريقية، ما جعل ملايين الأفارقة باتوا مهددين بالمجاعة، التي أسهمت فيها إلى جانب تداعيات الحرب، عوامل أخرى بينها التغير المناخي.
وقد زار الرئيس ماكي صال خلال رئاسته الاتحاد الإفريقي روسيا، وتباحث مع الرئيس فلاديمير بوتين، كما تباحث هاتفيا في أكثر من مناسبة مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي، حول تأثر إفريقيا بالحرب بين البلدين.
وزار الرئيس الدوري للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس" عمارو سيسوكو إمبالو موسكو وكييف حول ذات الشأن.
واستقبلت العديد من الدول الإفريقية وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي قام بجولات عدة للقارة آخرها انتهت قبل أيام، كما زار كذلك وزير خارجية أوكرانيا دميترو كوليبا عدة دول إفريقية.
لكن كل ذلك لم يخفف وطأة معاناة إفريقيا جراء حرب ستطوي عامها الأول بعد أيام، تدور رحاها جغرافيا بعيدا عن القارة الإفريقية، لكن تداعياتها كبيرة، وستأخذ حيزا من اهتمام القادة الأفارقة في قمتهم الحالية.
الهجمات والانقلابات
تنعقد القمة الإفريقية في ظل تزايد هجمات الجماعات المسلحة في مناطق واسعة من القارة، ففي منطقة الساحل يسيطر المسلحون على نسبة 40% من مساحة بوركينافاسو، ويكثفون هجماتهم بشمال ووسط مالي.
ويشهد المثلث الحدودي بين مالي والنيجر وبوركينافاسو، نشاطا واسعا للجماعات المسلحة، كما تعرف منطقة بحيرة اتشاد، استمرارا لتهديد جماعة بوكوحرام وتنظيم الدولة الإسلامية "داعش".
وتشكل الجماعات المسلحة اليوم تهديدا لعدد من دول الغرب الإفريقي بينها التوغو وبنين، وغانا، وقد عرفت هذه البلدان عدة هجمات مسلحة، بعضها داخل أراضيها، وبعضها على الحدود.
ويقابل هذا النشاط المتزايد للجماعات المسلحة في المنطقة، خروج القوات الفرنسية من مالي، وترقب خروجها من بوركينافاسو نهاية الشهر الجاري، وسط تزايد الحضور الروسي بمناطق النفوذ الفرنسي التقليدية.
أما في شرق إفريقيا، فتتهدد الجماعات المسلحة شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وقد عقد قادة 6 دول شرق إفريقية قمة مصغرة بأديس أبابا، دعوا خلالها لانسحاب هذه المجموعات بحلول 30 من مارس المقبل.
وسبق لعدة دول مجاورة للكونغو أن نشرت قوة عسكرية فيها لمواجهة نشاط الجماعات المسلحة، وذات الخطوة قامت بها دول جوار موزمبيق.
وعلى الصعيد السياسي تخيم على القمة انقلابات مالي وبوركينافاسو وغينيا كوناكري، والتي على إثرها تم تعليق عضوية الدول الثلاث في الاتحاد الإفريقي، ويقوم وزراء خارجية هذه البلدان بنشاط دبلوماسي مكثف على هامش القمة سعيا لرفع التعليق عن بلدانهم.