الأخبار (نواكشوط) – قدم وزير المالية الأسبق اتيام جمبار (مولود 1959 في بوكي بولاية البراكنة) شهادته اليوم الثلاثاء أمام المحكمة المختصة في جرائم الفساد، ورد على أسئلة رئيس المحكمة، والنيابة العامة، والمحامين.
واستمر تقديم الشهادة عدة ساعات، وعرفت "إشكالا" فنيا بسبب عدد الميكرفونات، حيث كان عددها أربعة فقط، أحدها بحوزة رئيس المحكمة، والثاني لدى وكيل الجمهورية، والثالث لدى الشاهد، والرابع لدى المترجم.
وبعد انتهاء تقديم أسئلة رئيس المحكمة، ووكيل الجمهورية، ووصول مرحلة تقديم دفاع الرئيس السابق أسئلته تعذر الحصول على ميكروفون، ليلجأ رئيس المحكمة لطلب وكيل الجمهورية إعارة الميكرفون الذي بحوزته للدفاع لكنه رفض، ليقرر الرئيس منحهم ميكروفونه.
القسم ومترجم وثلاث ملفات
بدأت الشهادة بسؤال رئيس المحكمة القاضي عمار محمد الأمين الوزير السابق اتيام جمبار إن كان يفهم اللغة العربية، وهو ما رد عليه الوزير بالنفي، ليعلن القاضي أن المحكمة قررت استدعاء المترجم المعتمد محمد يسلم مولود (مولود 1968 في المجرية) ليترجم بين المحكمة والشاهد، ودعا القاضي الشاهد والمترجم لأداء القسم.
وباشر رئيس المحكمة طرح أسئلته على الوزير السابق، وكان السؤال الأول للشاهد إن كان لديه تخادم مع المتهمين، وهو ما رد عليه الوزير بأنه عمل معهم كزميل ومتعاون، ولا شيء يربطه الآن بهم.
وتتالت أسئلة الرئيس:
- رئيس المحكمة: هل تعمل في الدولة الآن؟
- الوزير السابق: أرأس لجنة من لجان الدولة
- رئيس المحكمة: ما هي هذه اللجنة؟
- الوزير السابق: لجنة لمساعدة المواطنين الذين يواجهون مشاكل في التسجيل على الوثائق المؤمنة
وهنا أمر رئيس المحكمة المترجم أن يخبر الوزير السابق أنه تم استدعاؤه لأخذ شهادته حول ثلاثة ملفات هي:
1. الشركة الموريتانية للتنمية والتعاون MDC (مصنع الطيران): وهي شركة أنشئت بالتعاون بين الدولة الموريتانية ومستثمرين أمريكيين بهدف تصنيع أو تركيب الطائرات
2. صفقة بناء مطار نواكشوط الجديد – أم التونسي، ومقايضة أشغاله بأراض في المطار القديم
3. تقطيع المنطقة الصناعية في دار النعيم واستفادة خواص منها
وكان رد الوزير السابق:
أريد أن أقول إن هذه القضية تعود لأكثر من عقد من الزمن، وإن ذاكرتي قد لا تسمح لي بتذكر الكثير من التفاصيل عن هذه الوقائع.
بالنسبة لشركة MDC وصفقة مطار نواكشوط الدولي، فقد كانا محل مساءلة سابقة من طرف الشرطة والنيابة العامة، وقد وقعت محاضر بما لدي عنهما، وأؤكد تمسكي بما ورد في تلك المحاضر.
لقد اتصل بي الرئيس السابق وأبلغني بوجود مستثمرين أمريكيين رفقة السفير الموريتاني في الولايات المتحدة الأمريكية محمد الأمين الحيسن، وأن علي أن ألتقيهم وأسرع الإجراءات التي يحتاجونها، وفعلا التقيتهم رفقة السفير، وكان لديهم مشروع اتفاق، ومشروع عقد، وتحدثت معهم مطولا حول الاتفاق. كان لا بد للشركة أن تبدأ عملها.
غادروا إلى أمريكا، ثم عادوا، وقبل عودتهم وقعتُ على الاتفاق.
كان الأمر يتطلب تحرير جزء من رأس المال، وحررنا رأس المال، هذا الجزء كنت أظنه 100 أو 200 مليون، لكنني اطلعت على وثيقة عند الشرطة بأنه كان بقيمة 300 مليون.
مُنحت لهم قطعة أرضية في منطقة مطار نواكشوط الجديد، وعين لهم مجلس إدارة، ولم تكن وزارة المالية ممثلة فيه.
- رئيس المحكمة: كيف تم ذلك الأمر؟
- الوزير السابق: لا أعرف، وبالتالي، غابت عني صورته ومعلوماته
شركة النجاح؛ هي التي تولت بناء المطار الجديد. جدير بالذكر أن هذه الصفقة كانت موضوع بيان قدم لمجلس الوزراء من طرف وزيري الشؤون الاقتصادية [سيدي ولد التاه]، والتجهيز والنقل [يحي ولد حدمين]، وأعتقد أنهما مؤهلين أكثر مني للإجابة على الأسئلة المتعلقة بالجدوى، وتفاصيل العقد.
وزارة المالية معنية بالتنفيذ، خاصة فيما يتعلق بالأراضي، وأعتقد أنه بخصوص الاتفاق الذي تم كانت فيه نسبة 35 أو 65% - لا أعرف بالضبط – من المطار القديم، وبعض الأراضي في منطقة الصكوك.
وبخصوص قضية تقطيع المنطقة الصناعية في دار النعيم، لا أذكر أنها طرحت علي سابقا [يقصد أثناء التحقيق لدى الشرطة ولدى النيابة العامة].
وقد تم تقطيع المنطقة إلى منطقة صناعية مساحة الواحدة منها 2 هكتارا. جدير بالذكر أن التقطيع والمخطط تعود الصلاحية فيه لوزارة الإسكان والعمران والاستصلاح الترابي، وبعد اكتماله يكون المنح من صلاحية وزارة المالية وفق شروط والتزامات محددة.
فعلا، تم الإعلان عن مزاد للمنح، وتقدم بعض الخواص، وتم منحهم هذه المناطق، وطلب منهم التسديد خلال أجل محدد، بإمكان الوزارة في حال عدم الوفاء استعادة هذه المناطق.
أؤكد هنا أن بعض الأشخاص لم يلتزموا بتسديد هذه المبالغ. وقبل مغادرتي تمت استعادتها منهم بمرسوم، ومنحت لآخرين.
رئيس المحكمة: لدينا أسئلة سنطرحها عليك، يمكنك الرد عليها أو الامتناع عن ذلك، وأول سؤال: ماذا طلب منك الرئيس بالسابق بالضبط عندما اتصل بك بخصوص شركة MDC؟
الوزير السابق: طلب مني أن أساعدهم في إنشاء هذه الشركة
رئيس المحكمة: ما طبيعة ما قدمتم له؟
الوزير السابق: جزء من رأس المال
رئيس المحكمة: من دفعه؟
الوزير السابق: وزارة المالية
رئيس المحكمة: هل أنت من أعطى الأمر؟
الوزير السابق: نعم، أنا أعطيت الأمر، لكن من المعلوم أن منح الأراضي التي تتجاوز مساحتها 1000 متر مربع من صلاحية مجلس الوزراء
رئيس المحكمة: هناك صورة من المنح تحمل توقيعك؟
الوزير السابق: لا أتذكر ذلك. وطبعا الموضوع كما ذكرت لكم سابقا يعود لأكثر من عقد من الزمن، ثم إن الرخصة توقع من طرف الوزير، لكن بناء على مرسوم من مجلس الوزراء
رئيس المحكمة: ماذا تعرف عن مآل الجزء المحرر من رأس المال؟
الوزير السابق: لا أعلم عنه أي شيء
رئيس المحكمة: هل تم تحريره بأمر من الرئيس؟
الوزير السابق: نعم
رئيس المحكمة: لماذا لم تتراجعوا عن منحها قطعة أرضية عندما أخلت بالشروط؟
الوزير السابق: حينها قد غادرت الحكومة، وغادرتها فعلا وهي لم تنزع منهم
وهنا قرأ القاضي عليه فقرة من استجوابه السابق، قال فيها إن الوزير قال للمحققين إن الرئيس السابق طلب منه تسريع إجراءات هذه الشركة، وسأله: هل تتمسك بذلك
وهو ما رد عليه الوزير السابق بقوله: نعم، أتمسك به
وواصل رئيس المحكمة أسئلته قائلا:
- ماذا تلقيت من تعليمات بخصوص هذه الصفقة من الرئيس أو الوزير الأول؟
- الوزير السابق: لم أكن بحاجة لتعليمات. هذا بيان صادق عليه مجلس الوزراء، وبالتالي الحكومة أجازت الصفقة وأعطتها الضوء الأخضر
- رئيس المحكمة: في تصريحاتكم عند الضبطية القضائية قلتم فيها إن بعض الشركات استطاعت الحصول على عدة قطع بأسماء مختلفة وأشخاص مختلفين، وإن المستفيد منها شخص واحد؟
- الوزير السابق: نحن نقدمها لشركات، وليس من صلاحياتنا البحث عن مآلات هذه الشركات، المهم أن تستوفي الشروط القانونية، ولا ندري هل هي مملوكة لشخص واحد أو لجهة واحدة
- رئيس المحكمة: في فترة توليكم حقيبة وزير المالية، هل تلقيتم أوامر من الرئيس بإعطاء قطع أرضية لخواص
- الوزير السابق: بشكل عام أو في المنطقة الصناعية بدار النعيم؟
- رئيس المحكمة: بشكل عام؟
- الوزير السابق: طبعا، فقد بقيت لأربع سنوات، وأنا وزير للمالية، وهذا يحدث دائما.
أسئلة النيابة العامة
ومع نهاية أسئلة رئيس المحكمة أحال الحديث إلى وكيل الجمهورية القاضي أحمد عبد الله المصطفى ليقدم أسئلته.
- الوكيل: ما هو الفارق الزمني بين أوامر الرئيس لكم وتوقيعكم على اتفاق الشركة؟
- الوزير السابق: ساعتان إلى ثلاث ساعات
- الوكيل: هل قامت وزارة المالية بدراسة جدوائية لتحديد فوائد هذه الشركة؟
- الوزير السابق: المستثمرون هم المعنيون بذلك. ودور الوزير هو تسهيل الإجراءات للمستثمرين
- الوكيل: أنا سألت هل اطلعت على ملف دراسة جدوائية لهذه الشركة أعده هؤلاء المستثمرون؟
الوزير السابق: ليس عندي جواب
الوكيل: لماذا توقع على إنشاء شركة، ولا تمثل وزارة المالية في مجلس إدارتها ولا تقترح ذلك؟
الوزير السابق: ليس عندي جواب
الوكيل: هل وجدت هذه الشركة فعلا؟
الوزير السابق: على المستوى القانوني وجدت فعلا
الوكيل: وعلى مستوى الواقع؟
الوزير السابق: ليس عندي جواب؟
الوكيل: ما هو المبلغ المحدد الذي حررتم من رأس المال؟
الوزير السابق: كنت أتوقع أنه 100 أو 200 مليون، وعند الشرطة اكتشفت أنه 300 مليون
الوكيل: هل لديك علم بدفع الطرف الآخر جزءا من المبلغ وسحبه بعد ذلك بوقت وجيز؟
الوزير السابق: ليس لدي علم
الوكيل: توقيعكم على إنشائها، هل يخولكم سلطة أو وصاية عليها؟
الوزير السابق: موريتانيا كانت ممثلة من طرف المدير العام لشركة الموريتانية للطيران، وبالتالي الوصاية لمن تتبع له تلك الشركة
الوكيل: لماذا لا تسحب المبلغ عندما سحب المستثمرون مبلغهم؟
الوزير السابق: لست على علم بالموضوع، وما حدث تم بعد مغادرتي الوزارة
الوكيل: هل لديكم فكرة عن مصير المبلغ؟
الوزير السابق: لا
الوكيل: ما هو واجبات من يمثلون الدولة في مجلس إدارة هذه الشركة؟
الوزير السابق: ليس لدي جواب
الوكيل: هل أنت مسؤول عن المالية العامة للدولة؟
الوزير السابق: نعم
الوكيل: التعليمات التي وصلتك من الرئيس السابق، هل كانت مكتوبة أم عبر الهاتف؟
الوزير السابق: عبر الهاتف
وهنا قرأ الوكيل فقرة من أحد محاضر التحقيق، وخاطب الوزير: قلتم إن السرعة التي تم بها إنشاء هذه الشركة والدفع لها تم طائلة الضغط من طرف الرئيس السابق، هل تتمسكون بذلك
الوزير السابق: نعم، أتمسك بكل ما قلت
الوكيل: قلتم إن أشخاصا سحبت منهم القطع الأرضية، لأنهم لم يستوفوا الشروط، لماذا لم تسحبوا القطعة الأرضية من هذه الشركة كما فعلتم معهم؟
الوزير السابق: غادرت الوزارة، وهم كمستثمرين أجانب ما زالوا يذهبون ويعودون
الوكيل: كم الفترة التي بقيت فيها وزيرا بعد إنشاء الشركة؟
الوزير السابق: لا أعرف
الوكيل: مرسوم المنح، ينص على أنه يمكن استرجاع القطعة بعض ستة أشهر إذا لم تحترم الشروط
الوزير السابق: ليس لدي جواب
الوكيل: هل اطلعتم على تقييم مالي للأرض في المطار القديم؟
الوزير السابق: لا. هناك اتفاق بين الحكومة وشركة النجاح، والحكومة مثلت من طرف وزارتي الشؤون الاقتصادية، والتجهيز والنقل، وقدمتا بيانا عن الموضوع لمجلس الوزراء. لست طرفا في هذه الصفقة
الوكيل: سؤالي، هل اطلعتم شخصيا على تقييم؟
الوزير السابق: لا، لم أطلع عليه
وبعد نهاية أسئلة الوكيل أحال رئيس المحكمة الأسئلة إلى دفاع الرئيس السابق لطرح أسئلته، لتبدأ حادثة الميكرفون التي تم التغلب عليها لاحقا بتقديم ميكرفون آخر.