الأخبار (نواكشوط) – عرف المهرجان الافتتاحي لحملة التعديلات الدستورية والذي ترأسه الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز في حي "ملح" بمقاطعة توجنين بولاية نواكشوط الشمالية العديد من الكواليس، حضر جزء منها على الشاشة، وغاب أكثرها بعيدا عن الكاميرات المنتشرة في المنطقة.
فريق الأخبار تابع ميدانيا مجريات المهرجان لأكثر من أربع ساعات، بدأت قبل وصول الرئيس بساعتين، واستمرت خلال المهرجان الذي دام فعالياته أكثر من ساعتين.
وكان من أبرز كواليس المهرجان تعرض العديد من الشخصيات الرسمية لمضايقات أثناء محاولة الوصول إلى المنصة الرسمية، والاعتماد – بشكل شبه كلي - في تأمين على رجال أمن يلبسون زيا مدنيا، إضافة بـ"تغيُّب" أو "تغييب" أحزاب، وكتل، وشخصيات، سياسية واكبت ماضي الحوار السياسي، إضافة لأسر فنية، فيما حضر المولد "الرفيق" للرئيس، و"أبطال" عمليات السرقة والنشل، و"استقالت" الطائرة الصغيرة الحاملة للكاميرا قبيل نهاية المهرجان بوقت.
"عدالة" في توزيع المضايقات
وعرفت الساعتان اللتان سبقتا وصول الرئيس ولد عبد العزيز توزيع رجال الأمن بزي مدني للمضايقات بشكل "عادل" بين الجميع، حيث أخذ رؤساء الأحزاب، وموظفي القصر الرئاسي، ورجال الأعمال حظهم منها، كما أخذه الجمهور العادي سواء بسواء.
وانتشر رجال الأمن بزي مدني بالعشرات في محيط المنصة الرسمية، وقريبا من بوابة الدخول، وكانوا بـ"حملة" دفع للجمهور القريب من البوابة كل دقائق.
ومن بين الشخصيات التي تعرضت لمضايقتهم وفد أحزب الأغلبية برئاسة عثمان ولد الشيخ أحمد أبو المعالي، وعضوية عدد من رؤساء الأحزاب، كما أخذ والي نواكشوط الغربية حظه وافرا من "المضايقة" قبل أن ينجح في الدخول، فيما فضلت رئيس مجموعة نواكشوط الحضرية البقاء بين الجماهير، و"تنازلت" عن حصتها من التضييق.
واعتمد تأمين المهرجان في محيط المنصة على عشرات الأفراد بزي مدني، حيث نجح بعض أفرادهم في توقيف بعض ممتهني السرقة والنشل، فيما كان الأمر محل احتجاج من قادتهم على اعتبار أن الأمر من اختصاص الشرطة، وأن مهمتهم الأساسية هو السهر على تأمين المنصة والمحافظة على النظام في محيطها.
غائبون أو مغيبون
المهرجان عرف غياب أو "تغييب" أحزاب وكتل وشخصيات رسمية وسياسية، إضافة لأسر فنية.
فقد غاب عن المنصة الرسمية للمهرجان أي تمثيل لحزب التحالف الشعبي التقدمي الذي يرأسه مسعود ولد بلخير، كما غاب سابقا عن الحفل الختامي للحوار السياسي أكتوبر الماضي.
كما "غابت" أو "غيبت" أسماء الكتل السياسية المشاركة في الحوار، فاستدعي بيجل ولد هميد باسم حزب الوئام الذي يرأسه، وليس بصفته ممثلا لكتلة المعاهدة المنتهية عمليا بعد انسحاب حزب الصواب إلى المعارضة المقاطعة، وغياب حزب التحالف عن الحفل.
كما استدعي رئيس ائتلاف الأغلبية عثمان ولد الشيخ أحمد أبي المعالي من طرف المقدمين بصفه رئيس حزب الفضيلة دون ذكر صفة الكتلة التي ينتمي إليها.
وشمل الغياب عن المهرجان رئيس مجلس الشيوخ الغرفة العليا في البرلمان محسن ولد الحاج، فيما حضر رئيس الغرفة السفلى "الجمعية الوطنية" محمد ولد ابيليل، واختار مكانه بين وزير الداخلية ورئيس ائتلاف الأغلبية.
ويعتبر النشاط الحالي أول نشاط يحضره الرئيس ويغيب عنه ولد الحاج، حيث حضر آخر نشاط رسمي ينظمه الرئيس ولد عبد العزيز، وهو الإفطار المنظم في القصر الرئاسي في الليلة الأولى من رمضان.
كما لوحظ غياب "مطبق" للوزير الأمين العام السابق للرئاسة مولاي ولد محمد الأغظف، والذي يوصف بأنه "مهندس" الحوار السياسي الذي أنتج التعديلات الدستورية، وكما غاب عن المنصة، وعن المهرجان، غابت أي إشارة له خلال الخطابات الرسمية التي تم تبادلها عن المنصة.
فنيا؛ لوحظ غياب تام لأسرة أهل الميداح الشهيرة عن سهر الليلة، وكانت الغائب الأبرز عن الغنية الجماعية المقدمة الليلة أمام الرئيس ولد عبد العزيز، والمطالبة بمنحه مأمورية ثالثة لقيادة البلاد خلال المرحلة القادمة.
تأخير واختصار
منظمو المهرجان أخروا كثيرا كلمة رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية سيدي محمد ولد محم، حيث تحدث قبله عدد من المتخدلين، ووصلت الاستدعاءات لنشطاء المجتمع المدني قبل العودة إليه.
وفضل ولد محم خلال كلمته الاقتصار على كلمات معدودة، تؤكد وقوف مناضلي الحزب الذي يرأسه خلف التعديلات الدستورية، وتجسيدهم لذلك يوم 05 أغسطس القادم.
تفاعل.. وخطاب مؤجل
الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز تفاعل بشكل كبير مع الأغنية التي قدمتها الفنانة كرمي بنت آبه، والتي تطالبه بالبقاء في السلطة، وتناشده أن لا يترك البلاد لحكم شخص آخر، وشاركته في التفاعل بحماس زوجه تكيبر بنت أحمد، وأدى تفاعل الرئيس معها – وكذا الجماهير – لإعادتها الأغنية مرة أخرى.
وبعد أكثر من ساعة ونصف على بداية المهرجان، قدم ولد عبد العزيز خطابا مختصرا، فضل خلاله دعوة الجمهور لمهرجان آخر سينظمه في نواكشوط الخميس القادم، واعدا بـ"توضيح مغزى الإصلاحات الحالية" خلاله.
وتحدث ولد عبد العزيز عن انشغالهم خلال الفترة الماضية على الرد على من وصفهم بـ"المجرمين"، مؤكدا أنهم سيوقفون العمل لأسبوعين من أجل التفرغ للرد عليها، واعدا بشكل المستور خلال خرجاته التي سيبدؤها من روصو عاصمة ولاية الترارزة.
المولد "الرفيق"
فريق الأخبار لاحظ حضور المولد الكهربائي الذي تخصصه شركة الكهرباء لزيارات الرئيس وجولاته في الداخل، وهو المولد الذي رافق الرئيس في مختلف ولايات الوطن خلال السنوات السبع الأخيرة.
فقد ذات المولد حاضرا في كل الولايات التي زارها الرئيس، وتم الاعتماد عليه في المناطق التي لا تتوفر فيها الكهرباء، فيما وضع بديلا جاهزا في المناطق التي تتوفر فيها.
تعطل الطائرة المصورة
وخلال النصف الأخير من المهرجان تعطلت إحدى الطائرتين الصغيرتين الحاملتين لكاميرات التصوير، حيث حاول الفنيون بتفان التغلب على العطل، غير أن الطائرة الصغيرة رفضت التحليق مجددا.
وأدى تعطل الطائرة للاعتماد بشكل كلي على "رفيقتها" فيما فرض الأمر على فريق التصوير بذل المزيد من الجهد لمواكبة تحركات المتحدثين، وخصوصا خلال أغنية الراب التي جاءت قبيل ختام المهرجان.
من النجاح إلى دفن الموتى وتغسيلهم
المهرجان عرف حضور عدد من كبار رجال الأعمال، جلس بعضهم أمام المنصة مباشرة، فيما فضل بعضهم البقاء مع عماله بين الجماهير المشاركة في المهرجان.
ولم يستطع بعضهم تحمل طول المهرجان فاستسلم للنوم، وغاب عن أجواء المهرجان حتى اللحظات الأخيرة له.
وكان من أبرز اللافتات المرفوعة في مواجهة المنصة الرسمية لافتة شركة النجاح المملوكة لرجل الأعمال محي الدين الصحراوي، وهي التي تولت أشغال المطار الجديد، كما منحت لها صفقة الجامع الكبير، إضافة لشركة الموريتانية للأمن الخصوصي والمملوكة لصديق الرئيس وعمدة بلدية الزويرات العقيد المتقاعد الشيخ ولد بايه.
أما ثالثة اللافتات المتموقعة أمام في مواجهة المنصة الكبيرة، فكانت لمنظمة خيرية لنقل ودفن وتغسيل الموتى، ومساعدة الضعفاء، وأكد القائمون عليها دعمهم "للتحسينات الدستورية".
لافتات أخرى خطفت الأضواء، واستقطبت اهتمام العديد من الإعلاميين، واستمالت أهواء المصورين، وهي لافتات نشطاء "محال تغيير الدستور"، والتي حملت شعار "لا للمأمورية الثالثة"، ولم تلبث هذه اللافتات طويلا، حيث تدخل أفراد الأمن لإزالتها، والقبض على النشطاء الذين رفعوها.
أزمة نقل
الثانية والنصف بعد منتصف الليل أعلن عن نهاية المهرجان بعد إطلاق قوات الأمن لعشرات الألعاب النارية في سماء المنطقة، حيث خرجت الجماهير في طريق عودتها إلى منازلها غير أن أزمة النقل كان في انتظارها.
فقد غصت باصات شركة النقل العمومي في اللحظات الأولى، فيما رفع أصحاب سيارات الأجرة سعر أجرتهم إلى ملتقى مدريد بالضعف أو أكثر.
واحتج بعض المشاركين في المهرجان على أزمة النقل، واتهموا القائمين على المهرجان بالتخلي عنهم، فيما واصل سائقو باصات شركة النقل العمومي الاعتذار للجماهير، مؤكدين أن المسؤولية ليست مسؤوليتهم.