قبل التعليق أود أن أشرح كلمة (إسلاميا) في العنوان لأقول إنها الحقائق التالية:
أولا: أن المسلم هو الذي يتيقن أنه معني إذا عمل عملا صالحا بقوله تعالى: {ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون}، ومعني كذلك بقوله تعالى {وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه} إذا عمل سيئا، وليس المسلم من ولد في دار الإسلام، وعكسه المولود في غيرها.
وهذا ملخص في قوله تعالى {من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا}، والمسلم معني كذلك بقوله تعالى {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره} إلى آخر الآية، ومثقال ذرة العمل هذا المحاسب عليه تدخل فيها قضية الانتخابات دخولا أوليا لأن العمل إما بالقلب أو الجوارح يقول الله هنا {إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا}.
وبذكر هذه الانتخابات نقول إن أسوأ ديمقراطية سيحاسب عليها المسلم هي انتخابات هذه السنة لبعدها من المعروف وقربها من التخطيط العشوائي لفعل الإنسان دون مراعاة القواعد العامة للشرع.
وقبل ذكر الأسباب أذكر مع الحقائق أعلاه أن المؤاخذة على الأفعال السيئة أيا كانت لا ينجي منه إلا الاعتراف بسوئها والتوبة منه. وذلك مفقود في مزاولة أهل الديمقراطية لفعلها.
فقوله تعالى {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم} بما دون الفاحشة {ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم} إلى آخر الشروط الأخرى في الآية التي ختمت بقوله تعالى {ونعم أجر العاملين} فذلك وحده هو الذي يبدل السيئات حسنات.
أما غير ما في الآية من تحمل أهل الدنيا للمذنبين بغير ذلك فهو وعد مكذوب عند قدومنا إلى الله.
فالأنبياء سيقولون عندئذ نفسي نفسي إلا النبي صلى الله عليه وسلم وحده دون غيره ممن خلق الله كله فهو الذي سيقول: أنا لها، ويعني الشفاعة الكبرى في بدء المحاكمة الإلهية لعباده.
أما الشفاعة الخصوصية فلا تنفع إلا لمن أذن الله في الشفاعة له ورضي له قولا، وفي آية أخرى {ولا يشفعون إلا لمن ارتضي}.
ومن هنا نعود إلى انتخابات هذه السنة، فمع أنها وقعت ابتداء بتقنين قوانين سنن من قبلنا مستغنية عن قواعد الشرع الإسلامي المعروفة في الإسلام المبنية على إزالة الضرر والعمل بالعرف إلى آخر القواعد التي يؤجر على فعلها ويعاقب على تركها، وذلك بمراعاة انتخاب الأمثل فالأمثل في اختيار من يمثل مصالح المسلمين. أما نبذ كل ذلك وراء الظهر والاعتماد كما قدمت على ديمقراطية سنن من قبلنا على أسوء صورة فعندئذ يكون قدومنا إلى الله كمسلمين قدوم انتحاريين يحفظون قوله تعالى {وأوحي إلي هذا القران لأنذركم به ومن بلغ} وفى القرآن أيضا {ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه}، فكم أفضنا من القول والفعل في تلك الانتخابات على غير أوامر الله.
والآن حان أن نبين مساوئ ديمقراطية هذه السنة بمعني فعلنا كما يقول المثل: "شوش اذنوب"، فهؤلاء الذين سميناهم النواب عن الشعب والشعب لم ينتخب إلا علامة الحزب أما ما وراء ذلك من الأسماء المكفنة في اللوائح الانتخابية فالمصوت لا يعرفهم وربما يعرفهم ويلعنهم ولكن انتخاب إشارة الحزب مفروضة عليه، كما أن خلط رديء بجيد وهو نوع من الربا والخديعة متكامل في قضية التصويت هذه السنة، فكم من مصوت على من يعرف سلوكه الطيب وينجح بذلك الصوت المشمول معه في اللائحة السيء.
وهل رأيتم عاقلا قبل هذه الانتخابات يقبل أن يبيع الثقة فيه بدراهيم معدودة.
فرأس اللائحة عنده ثمن، وثانيها وثالثها الجميع أصبح يبحث عن بيعه بالمزاد العلني يبحث عمن يشتري ثقة الحزب فيه ولجنة الانتخابات: قضاة القانون الوضع الديمقراطي المتحكم لا يمنعون ذلك بل زادوا على ذلك جواز التنقل بالصوت ومع ذلك هم المتحكمون في عدالة مصير الانتخابات.
وهنا أسال أين مكان هؤلاء القضاة في حديثه صلى الله عليه وسلم وهو أن قاضيين في النار وقاض في الجنة.
وتفسير الحديث يقسمه على الحكم بشرع الله وعدم ذلك، وقانون الانتخابات ليس فيها حكم الله لكن لو فكر ولي الأمر لوجد حكم الله قريبا.
كل مقاطعة تنتخب لجنة عمدها من العدول الموجودين فيها طبقا للشريعة ويكونون هم النواب عن الشعب يستدعون للدورات ويكون راتبهم من دخل البلدية بدلا من صرف الر واتب الكبيرة من الخزينة العامة للشعب التي أصبحت هي الترس عن سلوك كل متمرد أو فعل "ديكور" في النظام الشعبي لا داعي له.
فكلمة الشعب التي تركتها الثورة الفرنسية ربا للعالم يحكم بها على كل متهم وهي كلمة جوفاء لا حقيقة لها لبعد الشعب من تفعييلها والله يقول للمسلمين {ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله}.
وأخيرا، ألفت نظر الدولة إلى أن أول فعل للمنتخبين هذه السنة أو المفروضين على الشعب قبل تنصيبهم من القيام من مساندة مجرمي الشوارع على جميع وسائل الاتصالات دون ذكر الضحايا الأبرياء.
أما صل الحوادث التي أدانوا فيها الحكومة والقائمين بها، فإن إدانة القانون إذا ثبتت الجريمة على المتهم أيا كان فهي أشد من الإدانة الكلامية للمعارضة.
فنرجو من الله أن يحفظ موريتانيا دائما ولا سيما من ضرر هذه السنين الخمسة التي سيملأ النواب الجدد فيها قبة البرلمان من الضجيج والكلام الذي سيذهب بكثرة جفاء مع أن لكل عام استثناء وذلك موجود في هؤلاء النواب لكن أقل مصدر قلة في النحو فهذا مكانه.
وأختم بقوله تعالى لعباده {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون}.