هذه الحلقات أريدها توجيهية إصلاحية بدل أن تكون للنقد السلبي الذي لا يثمر إلا مثله..
وهذه المقالات المستوحاة من الجولة في مقبرة لكصر، موجهة إلى مشروع سكان المقابر من المسؤولين الحاليين بعد قليل دون مرور المشروع بمجلس النواب.
وموضوع هذه المقالات هو توضيح أن الشعب رغم ما فيه من صبر على ا لمجاعة ورؤيته للإهانة لكرامته من طرف جميع السلط من الرئيس إلى رؤساء المصالح: الجميع لا يفرق بينما هو ملك عام للشعب لا يتصرف فيه الفرد الموظف أيا كان سواء كان العمل بلغة أجنبية أو كل مادة عامة وبين التصرف في الملك الخاص.
وهذه الظاهرة السلبية المهينة للشعب بدأت مع أول انقلاب عسكري كان لا بد منه لإنقاذ موريتانيا من كارثة الحرب التي كان سلاحها وإدارتها من الجزائر والقوة غير متكافئة.
ولكن الهيئة التي استلمت الحكم إلى الآن ظنت أنها تستطيع أن تدير موريتانيا كإدارتها لقواعدها العسكرية من ناحية الطاعة العمياء الضرورية للهيئة لكنها أشركت معها المدنيون من غير أي رقابة أو توجيه.
والشعب الموريتاني قريب العهد بتسييره للحياة بالعرف المعهود الذي لا يحترم الملكية العمومية بل يجعل التصرف فيها مباحا لصالح الأقارب والأصدقاء، يستوي عنده في ذلك الحرام منه والحلال.
عاش الشعب ذلك تحت سلطات عسكرية لا تحمل آنذاك نية خبيثة لإدارة الشعب فهي طيبة السلوك في أي تصر ف لها لا ينقصها إلا عدم معرفتها للإدارة المباشرة للشعب حتى جاءت الطامة الكبرى الساحقة الماحقة وهي بدء خلق ديمقراطية ملبوسة فوق البزة العسكرية وتحاول ترويض تسييرها باجتماعهما ونتج عن ذلك ما يلي:
أولا: ظن العسكريون أن الديمقراطية تعني تخلى الدولة عن تنظيمها الإداري وسيادتها وجميع تسيير مصالحها وإعطاء ذلك كله لمن نجح في الانتخابات أيا كانت. وبذلك أصبح جميع ما حصل من موارد الدولة العادية كأنه غنيمة للسلطة الحاكمة مخصص لصرفه في الانتخابات والناجح فيها.
ثانيا: لم تلتفت السلطة الحاكمة على خلق تنمية واسعة للدولة من خام خيراتها البرية والبحرية ليعش فيها من لم ينجح في الانتخابات وهكذا نتج ما يلي:
- دولة لا تملك إلا مواردها المتحصلة من التسيير الاداري التلقائي في الدولة وهو مخصص بين نوع من الحاكم ومن نجح في انتخابات الديمقراطية الفوضوية العسكرية.
- شعب لا إدارة له مهتمة بخلق موارد موجود خامها فوق أرضه فهاجر منه كل من استطاع ذلك.
وبناء على هذه الحقيقة أرجو من كل كاتب ومثقف ومفكر وصاحب موقع سواء كان في الداخل أو الخارج شرح وضعية هذا الواقع المعيش بوضع بدله الإيجابي لا نقدا سلبيا أصبحت فقراته محفوظة لتكرارها في قلب كل مسؤول.
والآن حان أن نبدأ بتوجيه السلطات العليا للرئيس والوزير الأول والأمين العام للرئاسة لعمومية مسؤوليتهم لنقول لهم كفي عشرات السنين من إهانة والاستهزاء بهذا الشعب العاقل الطيب المداسة كرامته من طرف المسؤولين عنه لمجرد تلك الطيبوبة التي أدت إلى سكوته.
ولنبدأ مع رجاء عون الله بأكبر إهانة وتعد على سيادة الدولة بجريمة متلبس بها دائما (ألا وهي دوام استعمال أعلى سلطة في الدولة للغة الفرنسية التي اعتبرها الدستور لغة أجنبية. وترك اللغة الرسمية في الدستور مهملة كأنها لا شعب لها.
وهذا يطرح هذ الأسئلة التالية:
الأول: هل رسمية اللغة في الدستور تماثل أو هي أقل درجة من ترسيم مقدسات الدولة الأخري مثل العلم والنشيد والختم إلى آخره.
فإذا كانت دونهم فما هو الدليل؟ وإذا كانت تما ثلهم فهل يجوز إذا كان الرئيس أو أي ممثل لموريتانيا في اجتماع دولي سيخطب بالفرنسية يجوز له ساعة ذلك أن يجعل أمامه العلم الفرنسي، أو إذا زار الرئيس دولة فرنسا هل يحق له أن يكتفى بالنشيد الفرنسي عن النشيد الموريتاني؟
ثانيا: هل الجهل بإحدى المقدسات الدستورية في الدولة أو حتى عدم وجودها ساعة استعمالها يبيح إبدالها بغيرها. وهل المقدسات الوطنية المصادق عليهم من طرف الشعب كله ملك للشعب أو ملك للمسؤولين فقط
وهل سكوت الشعب عن ذلك تبيح إهانة كرامته بترك العمل بما صوت عليه.
ثالثا: هل ترسيم اللغة للعمل بها يكفي فيه مجرد وضع رقم مادة الدستور في مكانها مع أرقام مواد المقدسات الأخرى، هل إذا سكت الشعب لأي سبب عن رؤيته لوزير يعطي لمواطن وثيقة عليها ختم الدولة والتوقيع تحت اسم وظيفة الدولة له بلغة أجنبية لا يعرفها المواطن وكلهما المواطن والموظف يعرفان اللغة الرسمية، هل هذا يعد إهانة واستخفافا بالوطن والمواطن.
لماذا يتحمل الشعب اهانة كرامته بسبب جهل مسؤوليه للغته الرسمية.
أما دليل أن هذا الكسل المهين للشعب والوطن عن التعريب لدولة لا يخجل موظفوها أن يشاركوا باسمهم دولة عربية ولكن بلسان مستعمر أجنبيي يسمع المندوب شعبه ممثل بلغة غيره لا ينطق بها الا من تعلمها.
فهذا يطلق عليه الجريمة السلبية التي يعاقب عليها القانون مثل الجريمة الفعلية مع أنهما اجتمعا في موريتانيا.
هذه المنقصة الجا رفة للوطنية من قلب كل مسؤول في الدولة من قمتها إلى قاعدتها حان أن تتوقف.
ومعلوم أن هذا الوضع المسكوت عنه من طرف الشعب والمفروض من طرف قوة اكتساب الرزق بلغة أجنبية يقضى عليه وبشرف وجود تخريج الجامعات الإسلامية العربية الحداثية كل سنة لعشرات الشباب والذي يوجد كثير منهم يحمل الثانوية العامة ومن جميع شعبها. فلو قامت الدولة بإبدال مدرسة: السربون الإدارية الموريتانية بمدرسة إدارية وطنية موريتانية لتخرج منها جميع الشعب الإدارية والمالية والقضائية إلى آخره عربية نقية فنية متقنة لا يبيح مستعملها الخيانة في الادرة لأي غرض فهم سيتقنون الإدارة العربية لدولة إسلامية عربية موحدة بلغة دستورها وتبقى معرفة اللغة الأجنيية من الأملاك الخاصة لصاحبها ينتفع بها حيث شاء.
وهنا أضع هذا السؤال الوطني على المسؤولين الذين عرفهم المتنبي فى مكاتبهم بقوله:
ولكن الفتى العربي فيها *** غريب الوجه واليد واللسان
هل ينطبق هذا على سكان شنقيط إلا بقوة منزوعة الكرامة الوطنية.
والآن أقف الكتابة اليوم عند تعريف المتنبي لمسؤولي مكاتب وطننا لنواصل بإذن الله في مقال قادم نحيل فيه أمر حقنا من المسؤولين عن أمرنا إلى الله شكاية من المتفرنسين منا قلبا وغالبا.
وسوف نباهلهم في المقال القادم بإذن الله كما دعي الرسول صلى الله عليه وسلم اهل الكتاب لمباهلته أيهما على طريق الحق.