على مدار الساعة

التمييز الإيجابي "المساعدة الوطنية التضامنية" (إعادة طرح للفكرة)

21 يوليو, 2023 - 21:09
 المهندس محمد يحيى ولد الدنبجه

يعتبر التمييز الإيجابي الاقتصادي أحد  الحلول  الممكنة والمنصفة لمشكل الإرث الإنساني الموريتاني، وهو في نظري الوسيلة الوحيدة القابلة للتطبيق، حيث يجب أن تتسم "المساعدة التضامنية" بالفردية، والتركيز على الإنسان، بحيث تصل مستحقها في أي مكان كان، وهو الأمر الذي فشلت سياسات التنمية المتعاقبة في تحقيقه، فمثل تلك السياسات "المناطقية" يمكن فهمها في سياقات كثيرة ليس من بينها مراعاة الغبن التاريخي..

 

حيث شكلت المقاربات "المناطقية" للمشكل، وسياسات مثلثات الفقر، وضواحي "الترحيل"، تكريسا للعزلة غير الصحية للفئات التى تشهد تركيزا استحقاقيا عاليا "للمساعدات التضامنية الوطنية"

وفي ما يلي أقدم إعادة طرح لتصور ي لهذه الآلية في نقاط:

ما هي "المساعدة الوطنية التضامنية"؟:

إن التركيز على التنمية المباشرة دون مراعاة الغبن التاريخي سيضاعف تكاليف التنمية وربما سيجهضها تماما، كمن يحاول رفع متاع متفرق دون أن يبذل جهدا في جمعه بين ذراعيه.

حيث يعتبر الاستثمار في  تقريب المسافات بين الفئات للنهوض بها معا، أحد وسائل خفض تكلفة التنمية وزيادة فرص نجاعتها وتعزيز الشعور بالمواطنة.

المستحقون:
كل من لحق بهم حيف تاريخي لاتزال مخلفاته قائمة - من كل الشرائح والفئات- ساهم في تخلفهم عن ركب التنمية هم مستحقون تلقائيا لمساعدة التمييز الإيجابي.
يجب عدم الخلط بين استحقاق "المساعدة الوطنية التضامنية" (التمييز الإيجابي) وبين مساعدات البطالة والفقر والهشاشة والعجز الوظيفي والإعاقة.
يمكن أن يستحق الشخص أكثر من مساعدة واحدة.

 

ضريبة المساعدة الوطنية التضامنية:
يتحمل المجتمع ككل - بعيدا عن الشرائحية - أعباء ضريبة التمييز الإيجابي، كضريبة وطنية ملزمة متناسبة في قدرها وفي مسطرة الإعفاء منها مع صافي الدخل.
وحتى الشخص المصنف مستحقا سابقا يصبح هو نفسه بعد التوظيف دافعا لضريبة التمييز الإيجابي.

 

الهدف المباشر:
تهدف المساعدة التضامنية بشكل مباشر إلى التحسين من ظروف الفرد المعيشية، "دعما ماليا" للحصول على وظيفة، أو استثمارا في التعليم، أو منحة تجارية...
وكأنه تمييز إيجابي لزيادة فرص الحصول على الكفاءة  أكثر من الآخرين. 

 

الهدف غير المباشر:
يجب أن يظل التمييز الإيجابي تمييزا تعليميا واقتصاديا في الأساس، لأن هذا المجال هو القابل للتعويض، ولكن التمييز الاقتصادي سينعكس مستقبلا على الأجيال القادمة في الوضع التعليمي والاجتماعي، حيث ستتمكن الأسرة ذات الدخل الاقتصادي المعقول من توفير تعليم تفاضلي لأبنائها، الأمر الذي سيساعد  على اندماجهم في المجتمع ونجاحهم في المسابقات ووصولهم لمراكز عليا في الدولة. 
لا يجوز بحال من الأحوال أن يتطرق  التمييز بشكل مباشر  إلى مجالات أخرى  يجب أن تلعب الكفاءة والكفاءة وحدها الدور الحاسم فيها، وعلى كل حال لا يمكن التمييز في المسابقات ولا فرض نسب معينة للتوازنات الشرائحية في المؤسسات الوطنية المدنية والعسكرية أو في التعيينات والمناصب الانتخابية، ولا يجوز التوظيف على أساس تمييزي ( إلا في حالة تساوى الفرص الأخرى التفاضلية)

 

مساعدة وليست منحة:
يفقد المستحق للمساعدة التفاضلية استحقاقَه، عند انتفاء الأسباب الاقتصادية.
وبذلك قد يصبح دافعا للضريبة حسب اللوائح والتنظيمات المقررة، وقد يعود مستحقا بعد تجدد السبب.

 

المدة الزمنية:
يجب أن تظل دائما هذي الاجراءات مرهونة بمدى زمني محدد قابل للتمديد، كنصف قرن مثلا، ثم ينظر بعد ذلك إلى  الميزان الوطني لمراجعة الاجراءات أو إلغائها أو تمديد العمل بها حتى الوصول  للمستوى الذي يمكننا من النهوض جميعا مع بعضنا البعض.

 

بعض الاقتراحات لإدارة المساعدة:
 تترك كيفية إدارة المساعدة التضامنية للمتخصصين، والاقتراحات في هذا الباب كثيرة وهي على كل حال مرتبطة بقيمة المساعدة نفسها، مع ذلك توجد بعض الاقتراحات المشهورة في هذا المحال:

-يمكن للدولة أن تحفز أصحاب العمل على توظيف المستحقين للمساعدة التضامنية بدفع نسبة من الراتب لفترة زمنة معينة.
-كما يمكن أن تعفيهم من الضريبة على الدخل أو غير ذلك من المحفزات.
-يمكن أيضا أن تكون المساعدة نقدية شهرية مؤقتة في بعض الحالات إلى حين التوظيف.
-كما يمكن أن تكون على شكل منحة استثمارية تجارية 
-أو منحة دراسية
-يمكن أن  تكون هنالك توصية عامة في حالة تساوي مرشحين لوظيفة ما في الكفاءة باختيار صاحب الاستحقاق التمييزي.

-لا تعتبر تنمية القرى التي تشهد كثافة سكانية للمستحقين وسيلة ناجعة لإدارة ذكية لمثل هذه المساعدة.

 

ملاحظة أخيرة:
النسبية في الأمور كلها مطلوبة، لا يفترض من دولة التركيز الكلي على نظام واحد للمساعدة، ولا إهماله في الوقت عينه.
إن هي إلا إحدى وسائل التنمية جنبا إلى جنب مع غيرها من برامج الدعم الاقتصادي على أساس البطالة والفقر والهشاشة والإعاقة.