للإصلاح كلمة من وحي جولتي في مقبرة لكصر نذكر فيها حكومة اليوم فوق الأرض بمصير حكومة أمس تحت الأرض في مقبرة لكصر.
ففي المقال الماضي أوضحت لوزير الداخلية أنه المسؤول الأول بعد الرئيس عن منع وقوع أي جريمة فوق الأرض الموريتانية لوجود أمنه وإدارته الإقليمية فوق كل شبر من أرض الوطن.
وقد نبهته أن إدارته الإقليمية تخلت كلا عن رعاية المصالح الحكومية في دوائرها بعد وجود الطامة الكبرى الديمقراطية سنة 92 التي أفرزت فوق الأرض تسعة رهط (المنتخبون) الذين استلموا من الإدارة الإقليمية بوساطتهم عند إداراتها المركزية تسيير المصالح في الولايات، وبذلك أفسدوا الدولة، فهم يفسدون ولا يصلحون.
ولا بد في إزالة هذه الفوضى الموجود كبرائها من ديمقراطية موريتانيا الفوضوية، من تدخل مباشر من الداخلية لإبعاد تدخل تسعة رهط للولاة والأمن في الولايات من إفساد إدارة الدولة في جميع الميادين.
والآن، أنتقل إلى وزير سيادة آخر، لأقول له إن هذه الشجاعة التي يحملها هو والرئيس عند الوقوف أمام ألله يوم القيامة أحوج نحن لها في الدنيا لإقامة حدود الله على عباد الله.
فالقيامة؛ وهي ساعة الموت بالنسبة لمعرفة مصير المستقبل سيقفون فيها أمام الله ليقول لهم ألم يبلغكم قولي في القرآن المحفوظ للأمة لعمل المسلمين به {يأبها الذين آمنو كتب عليكم القصاص في القتلى}، أليست هذه الآية مثل قولي {يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام}، وأليس قولي {يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم}، مثل قولي: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم}، أليس المخاطب هنا هو سلطة الرئيس المسلم وأعوانه؟
فقد أمرهم وحدهم بالتنفيذ: والشعب بقوله سمعنا وأطعنا، وأنتم وأعوانكم هم الممثلون للرسول صلى الله عليه وسلم في إقامة الحدود المتفق على أنها لم تنسخ، فإذا كان عندكم جواب أيضا إذا خاطبكم شديد المحال بقوله ألم تسمعوا قولي لجميع المسلمين كلا حسب ما خولته في الدنيا {اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء}، فهذا الجواب إذا كان غير {ارجعنا نعمل صالحا}، فالمسلم يحب سماعه للاطمئنان عليكم وعلى نفسه من عدم دوام النصح الواجب منه لكم؛ والنصح فقط!.
فهل رأيتم في أي أمة إنسانية تتنوع فيها الجرائم قتلا سرقة غصبا واغتصابا إلى آخر الفواحش والمنكرات، وليس عندها من العقوبة إلا إعداد نزل للمجرم وضيافته فيه، وإنفاق الملايين على منظمة تسعة رهط أخرى الراعية لحقوق الإنسان المجرم لتشرف على حسن معاشه ومسكنه وعدم إيذائه بأي قول أو فعل، ومع ذلك لا مناص للسلطة وأعوانها من اللحوق في أي وقت بزملائهم في مقبرة لكصر، ولا يدرون ماذا قيل لهم؟ وماذا قالوا؟ وهل أخذوا كتبهم بأيمانهم أو شمائلهم!
فإذا كنتم في الدنيا تخشون من الرأي العام لأناسي الدنيا، فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين.
والآن، أعود لمخاطبة وزير العدل وحده: فأنتم السيد الوزير تعلمون أن الجريمة بعد أن تقع لا تعني إلا وزارة العدل المغطى سلطة وكلائها جميع التراب الوطني، ولا توجد جريمة إلا وجعلت لها الشريعة عقوبة تردع أصحابها، حتى إن الشريعة أمرت بالحكم بالتعزير لكل صاحب جريمة لم تكتمل أركانها، وأكثر تعزير عمله الإسلام هو الجلد للمجرم بتقدير القاضي لجريمته دون أن تصل إلى قدر حدود الله المنصوصة في الجلد، ومع ذلك يقول الله تعالى هنا {وليشهد عذابهما طائفة من المومنين} أي ساعة إيقاع العقوبة عليهم.
وبناء على ذلك، فالمسلم لا يرى فوق أرضنا المسلمة أي حدود عقوبة أصلية أو تعزير.
فلو كانت الدولة خصصت ساحة في المطار القديم كمكان بناء مسجد "العنقاء" للتعزير بالجلد بحضره الجميع، ويراه الله من فوق سبع سماوات لتضاءلت الجريمة إلى أدنى حد.
السيد الوزير،
أنتم تعلمون أن أكثر الجرائم التي تقبض الشرطة على أصحابها تجدهم عائدين في الجريمة، إما لقضاء النفقة عليهم في السجن بانقضاء محكوميتهم، وإما بأنواع الخروج الأخرى، والحكم محدده تابع لكم، ورعاة السجن تابعة لكم أيضا "فأين المفر؟".
إن القضاة وأنتم مسؤولهم التنفيذي سواء كانوا وقوفا أو جالسين هم وحدهم من أصحاب المسؤولية المسلمين الذين حدد النبي صلى الله عليه وسلم مصيرهم في حديثه الصحيح فقسمهم جميعا إلى الجنة والنار فجعل نسبة 2 إلى 1% من القضاة في النار، ونحن نرجو أن تستوعب نسبة 1% في الجنة جميع القضاة الموريتانيين لأنه لا شك أن قضاة الدكتاتورية العربية سوف يأخذون كثيرا من نسبة 2% التي في الحديث، فبعض الشر أهون من بعض.
وأود هنا أن أبشر الشعب الموريتاني، وفى نفس الوقت نطلب من كل فرد منه أن يسأل الله للرئيس "هيدالة، كل خير في الدنيا مع طول العمر الطيب والجلوس مع الله فوق مقعد صدق عند مليك مقتدر في الآخرة، فهو الرئيس الوحيد الذي حكمنا وهو يخاف الله ولكنه لا يخاف إلا الله وحده.
وأقول للجميع، إنني لم أسمع به قبل حرب الصحراء، ولم أره قبل رئاسته، وسافرت معه، فوجدت رئيسا يصلح للمسلمين عبادة فردية خاصة، وعفافا مطلقا إسلاميا.
أما قول من لا يرجون لقاء الله فيه بناء على فكرهم عنه الخاص، فالشيطان سول لهم وأملى لهم.
أما البشارة للشعب بفعل الرئيس هيدالة، فهو أنه من عهده إلى الآن والقانون الجنائي كتبه علماؤنا عدود رحمه الله وابين بن ببان أطال الله عمره في طاعته طبقا للتشريع الإسلامي، وقد حاول كثير ممن لا يخاف الله من منظمات أجنبية ومواطنون دنيويون تغيير هذا القانون، ولكن بقاء يقظة الشعب المسلم يرعى هذا القانون أحبطت كل المحاولات.
وذلك عند أمره الذهبي للعلماء جوابا لهم على طلب تقنين الأحكام الشرعية رسميا، فقال لهم كل حكم كتبتموه أنه هو حكم شرع الله في كل قضايا هذا الشعب سأوقع لكم عليه. وهكذا انتهت مطالبة الشعب للدولة بتقنين أحكام الشرع وبقيت المسؤولية الأخروية على اثنين فقط القاضي في الحكم، والرئيس وأعوانه في التنفيذ.
ولولا خوف الإطالة جدا لكتبت عن مآثر هيدالة أيام حكمه كثيرا للتفرقة بين حكم من يخاف الله ومن لا يخافه.
فلو أدركت الطامة الكبرى، ديمقراطية الفوضى القوانين الشرعية قبل تقنينها لكان القانون الرومانى وقانون حمو رابى هما الذين يغني بموادهما كثير من القضاة والمحامين، ولكان خزي الدنيا وعذاب الآخرة متربعين داخل قصور العدالة "وهما دستور 92 وتعديلاته القيصرية والقانون الجنائي الفرنسي "، ومن أراد الدليل على ذلك فليستمع إلى محاكمة العشرية الحالية فالحاضر يظن أن المحاكمة في بروكسل لحكومة في الاتحاد الاوربي لكثرة الاستدلال بالقوانين الأجنبية.
وهنا، أختم المقال بقوله تعالى {يأيها الذين آمنو كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين}، إلى قوله تعالى {وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا}.