بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين
رسالة موجهة إلى صاحب الفخامة السيد رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية - الموقر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
وبعد،
فإنكم تعلمون أن الله عز وجل أَنزل القرآن تِبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين، وأنه - جل وعلا - قال لرسوله صلى الله عليه وسلم: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون}ْ، وتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تركَنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك.
وتعلمون أن الشريعة مبيِّنة ومفصِّلة لكل شؤون حياتنا ومماتنا ومآلنا في الدار الآخرة، لا يشذ عنها مثقال ذرة من ذلك كله.
وتعلمون أن مهمة الحاكم المسلم تنحصر في إقامة الدين الحق، فيحكِّم الشرع المنزل يسوس به الدنيا، ويوصل به الحقوق إلى أصحابها على وجه العدل، ويُنفِذ الحدود الشرعية دون هوادة، ويحوط الشريعة من التبديل والتحريف، ويحمى الفضيلة والأخلاق، ويحارب الرذيلة والمنكرات، ويسهر على مصالح العباد والبلاد في دينهم ودنياهم.
يقول الله تبارك وتعلى: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك}، ويقول سبحانه: {الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وءاتوُا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور}.
فأول واجب على الحاكم هو تحكيم شرع الله تعلى، ونبذُ كل ما سواه من الأنظمة والقوانين المخالفة للدين.
فخامة الرئيس
إن مشروع القانون الحاليّ المتعلق بما يسمى بالعنف ضد المرأة، أو المسمى بالكرامة - تمويها - مؤسَّسٌ أصلا على مصادمة الشريعة، ولا ينفع فيه تهذيب ولا تشذيب، ولا تعديل ولا تحوير.
لذا، فإنه لا يصلح لبلد يؤمن أهله بالله واليوم الآخر، ويَدينون بشريعة الله.
إن روح هذا القانون وفلسفتَه نابعة من تصور إلحاديّ للحياة والوجود والمجتمع والإنسان.
فتحكيمه أمر بالمنكر ونهى عن المعروف، وذلك مصادم لحكمة التمكين لكم في الأرض.
ومن تجليات ذلك إلغاؤه لقيام الرجل على المرأة المنصوص في كتاب الله تعلى، يقول عز وجل: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم}، ويقول سبحانه: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة}.
فإذا ألغى هذا الأصل الأصيل هُدم من الأسرة كيانُها، وهُدَّت أركانها، وتفككت أوصالها، وحدث فيها من الخلل والشقاق والنزاع ما الله به عليم.
ولا شك أن خلق مناخ دائم من التوتر في البيوت المسلمة الآمنة المطمئنة مناف لمقصود الشارع من كونها سكَنا قائما على المودة والرحمة والعطف والحنان والسكينة والوقار والبر والأدب والاحترام.
إننا بلد مسلم يَدين أهله بالإسلام، ويرضَوْنه حكَما فيما شجَر بينهم، لا يبغون عنه حِوَلا، ولا به بدَلا، وهم في غنى عن هذا القانون المشؤوم الذي صاغته جهات معادية للإسلام والمسلمين.
لقد أكمل الله الإسلام، وأتم به النعمة، ورضيه لنا دينا وشرعة ومنهاجا.
قال الله عز وجل: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}، وقال سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم: {ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض والله وليّ المتقين}.
أفبعد هذا يحق للمسلمين أن يأخذوا أحكام أُسَرهم وبيوتهم ونسائهم وبناتهم وأطفالهم من قوانين الكفار؟
ألا فليعلم أعداء الله وأذنابهم أن شريعة الله لم تهضم حق أحد، ولم تأت بظلم أو جور، حتى في حق الكافر المتمرد على الله، فقد كرَّمت الإنسان، وضمِنت له حقوقَه كاملة غيرَ منقوصة،
ولْيعلموا أنها كرّمت المرأة بشكل خاصّ، وجنّدت لها جندا من الرجال يقومون عليها، ويسهَرون على مصلحتها، من أب وزوج وابن وأخ وعمّ وغيرهم، بعد أن كانت لحما على وَضَم في كل المجتمعات الجاهلية القديمة، بل لم تكن فيها شيئا مذكورا.
فقد كان وأد البنات ودسُّهنّ في التراب خشية العار فاشيا في بلاد العرب، وكان أكثر أنكحتهم سفاحا.
فخامة الرئيس
إن دعاة التغريب من بنى جِلْدتِنا وممن يتكلمون بألسنتنا لا يريدون - في الحقيقة - لشعبنا المسلم المحافظ إلا أن ينزلق إلى قاع الرذيلة باسم التحرر، وتقدم المرأة، كما انحدرت الجاهلية الأولى إلى الاستبضاع وغيره من ألوان السفاح، وكما تغرَق الحضارة المادية الحالية في مستنقَعات الرذيلة، وأوحال الشذوذ، وحمأة البهيميَّة والانحلال.
ولنا أن نتساءل عن التقدم الذى سيَحظَى به مجتمعنا البائس بخروج نسائه وفتياته كاسيات عاريات مائلات مميلات؟
وأيّ ازدهار سنحققه إذا تُركن بلا راع، ولا رقيب ولا حسيب؟
وما الكارثة التي ستحل بنا إذا حافظت نساؤنا على دينهن وعفتهن وكرامتهن؟ أو إذا زُوِّجت الفتاة قبل السن التي تحددها القوانين الكفرية؟
ولماذا يصرّ أذناب الكفرة على سن يحددونها من تلقاء أنفسهم، ويريدون أن يمنعوا المسلمين من تزويج بناتهم قبلها، ويجرّمون عليه؟ منْ أيّ قرآن أمَ اَ يَّـــةِ سنة؟ أمْ أيّ إجماع من العلماء؟
وبالجملة فلنا أن نتساءل عن التخلف الذي سيَحيق بالمجتمع إذا تمسك بدينه وكتاب ربه؟
ألم تكن الأمة الإسلامية أقوى الأمم وأكثرَها تقدما ورُقيّا في جميع المجالات يوم كانت متشبثة بالدين الحق، مدافِعة عنه، مصدّرة له بكل تفانٍ وتضحية وإخلاص؟
إن جميع ما نادى به الغرب والناعقون باسمه في البلدان العربية وغيرها من ديار الإسلام، تحت هذه الشعارات الإبليسية، منذ القرن الماضي لا يعدو ما ذكرنا، وهو في حقيقته نسف للشرائع والقيَم والأخلاق، وقضاء على الكرامة الإنسانية.
لقد هان المسلمون على أعدائهم حتى موّلوا لهم الحملات لتجريم خِفاض بناتهم وتحريمه، وحتى شرَعوا لهم ذلك العمر "المناسب" عندهم لتزويجهن!!!
وهكذا تتوالى إملاءاتهم وتتتابعُ تعليماتهم وضغوطهم وإهاناتُهم لمجتمعاتنا وكأنهم أولياء أو أوصياء على أمة قاصرة تابعة ذليلة.
وما كان لهذه الأمة العظيمة التي شرّفها الله تعلى، ونوّه بها في كتابه العزيز بقوله جل من قائل: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا}، وبقوله سبحانه: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} أن ترضى بالدنيّة، وتقبل الذلة والمهانة، وتستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير.
لقد كان حريّا بزعماء العالم الإسلاميّ أن يكونوا مصدّرين للنور الذي أنزل الله على رسوله، لا أن يُصغوا لمن يدعونهم إلى التخبط في الظلمات.
فلِمَ يدعو الكفار مجتمعاتِنا إلى النار، ولا ندعوهم نحن إلى الجنة؟ لم لا نأتسي بمؤمن آل فرعون الذي قال: {ويا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار تدعونني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علم وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار لا جرم أن ما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة وأن مردنا إلى الله وأن المسرفين هم أصحاب النار فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد}؟
فخامة الرئيس
أليس في القرآن والسنة الصحيحة من حقوق المرأة وآداب العِشْرة، وأحكام الأسرة ما يكفي ويشفى؟ {أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون}.
لقد نصت الشريعة الإسلامية على أحكام الزواج ونظام الأسرة، بشكل دقيق شامل ومفصل، ولم تترك الأمر مفتوحا للرأي والاجتهاد.
وإنما بينت بالنص لكل من الطرفين ما له من حقوق، وما عليه من واجبات في جميع المراحل، وفى كل الظروف بلا استثناء، وشرَعت الحدود حماية للأسرة والمجتمع.
ولم تدَعْ حاجةً إلى مسودات وضعية سخيفة تظهر في آخر الزمان تتحدث عن الاغتصاب، والتحرش الجنسيّ، والعنف ضد المرأة!!!
إن كل ما شرعه الله عز وجل في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من أحكام تتعلق بالمرأة والأسرة، من لباس وزينة ونظر وسفر وخلوة وخِطبة ونكاح وصداق ونفقة وسُكنى، ورضاع وفصال وتربية، وطلاق وخُلع، ونشوز وإصلاح بين الزوجين وبعث للحكَمين، ومن ظهار وإيلاء ولعان، وتمتيع وعِدَد، ومن تعدُّد، وقَسْم في المبيت، ومن حضانة واستئذان، ومن حدود ومواريث...وغير ذلك من سائر التشريعات الخاصة والعامة، ما هو إلا العدل والحكمة والمصلحة والفطرة، ولا يسع المسلمين مخالفتُه، أو تغييرُه أو تبديلُه بحال من الأحوال، وهو مستوعب لجميع الظروف والأحوال - كما تقدم - بحيث لم يغادر التشريع الربانيّ صغيرة ولا كبيرة من أحكام الأسرة وحقوق المرأة وواجباتها ومصالحها إلا أحصاها، وبيّنها غاية البيان.
أفبعد هذا يُحتاج إلى ملفقات خبيثة مستوردة من بلاد الكفر في بلد مسلم عريق في الإسلام والعلم والفضيلة كبلدنا؟!!
فخامة الرئيس
لقد جعل الله - عز وجل - الرجل قيِّما على المرأة، مَعْنيّا بشؤونها، متوليا لأمورها، فهو القائم بنفقتها، وحمايتها، والذبّ عنها، فيجب عليه برُّها والإحسان إليها إن كانت أما، ومعاشرتُها بالمعروف إن كانت زوجا، وتربيتُها على منهج الله إن كانت بنتا أو أختا.. إلخ.
وقرر ذلك - سبحانه وتعلى - في كتابه العزيز، فصار أصلا ثابتا في الشرع، لا يمكن أن يقبل المسلمون خلافَه، فيجعلوا النساء قوّامات على الرجال، أو قوّامات على أنفسهنّ!!! قال الله تعلى: {الرجال قوّامون على النساء بما فضل الله بعضَهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم}.
غير أن هذا القيام الذي شرع الله عز وجل للرجل على المرأة يسميه أعداء الإسلام وأذنابُهم قهرا وعنفا وظلما واضطهادا، وتقييدا للحريات!!!
ومن خلال هذه المسؤولية التي حُمِّلها الرجلُ وجب عليه شرعا أن يمنع مَن تحت وِلايته، من زوج وبنت، وأخت... من كل ما حرّم الله ورسوله، كالتبرج وخلع الحجاب، والاختلاط بالأجانب، والخروج المُريب، والسفر بغير محْرم، ومن التزين بالوصل والوشم والنمص والوشْر والتفليج... والتشبه بالكافرات والعاهرات، ومن سائر المحرّمات والمخالفات الشرعية.
وبهذا يظهر وجوب تدخل الرجل بالشرع في كثير من خصوصيات نسائه، وأن له تقييدَ حريتهن بالشرع، وضبطَ أمورهن بالشرع، وإلزامَهن بالوقوف عند حدود الشرع التي حدّها الله عز وجل، وحذر عباده أن يتعَدَّوْها.
وعلى حكام المسلمين مثل ذلك، لما لهم من ولاية عامة على الرعية رجالا وإناثا صغارا وكبارا.
لكن القانون الجديد يحرم على الرجال أن يتصرفوا على هُدًى من هذه الوِلاية الشرعية، ويعرّضُهم للعقوبات تغريما وسَجنا، ويلزم الحكام أن ينفذوا هذه المخططات الشيطانية في بلاد المسلمين!!!
إن المستحق للتحريم والتجريم هو النص الذي يلغى هذه الولاية، أو يقيدُها بقيود ما أنزل الله بها من سلطان.
والمستحقون لكل تجريم هم الذين يريدون أن يبدلوا كلام الله.
ومن جهة أخرى فإن الشرع الإسلاميّ يكفل للمرأة الحق الكامل في مزاولة كل نشاط أو عمل يليق بها في حدود النصوص الشرعية، ووفق الضوابط الشرعية المحدَدة بتلك النصوص،
ويفرق بين حكم الله وبين التقاليد البالية والجهالات المتوارَثة.
والحقيقة التي لا شك فيها أنه لا يوجد في الشريعة الإسلامية عنف يمارَس ضد المرأة، فالنساء فيها مكرّمات معزّزات.
وقد حمتهنّ، وكفَلت لهنّ حقوقهن قبل ظهور القوانين الوضعية. وليس لرجل أن يخالف حكم الله فيهن.
{ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه}.
وقد ظلت المرأة في بلدنا هذا - وما تزال - معززة مكرمة. وكان من مهامها الشريفة تدْريس القرآن وعلوم الشرع مقاصدَ ووسائلَ، في كثير من الأوساط، وتدريس الأطفال والبناتِ مما علّمها الله، وتربية الأجيال على الطهر والعفاف والشهامة والفضيلة، والسهر على مصالح بيتها ومحيطها، والإسهام فى كل المجالات والخِدْمات.
وبهذا ظل المجتمع متماسكا، محافظا على دينه وقِيَمه وأخلاقه.
وأما في هذا العصر فلم يمنعها ولىٌّ أن تتبوأ في ظل الأنظمة المتعاقبة الوظائف السامية، وتنال غاية حريتها في الدراسة والعمل والسفر والتجارة بدون أيّ رقابة، أو تدخُّل، ولا منَعَها أحد من الترشح للرئاسة، أو غيرها حتى أصبحت كالرجل في جميع المجالات المدنية والعسكرية!
ولا شك أن كثيرا من هذا الذى ذكرنا مصادم للشرع صراحة، وأن السكوت عليه محرم شرعا، لكن تساهَلَ المجتمع، أو غُلب على أمره، أو أسكتته الحاجة والجهل والفقر المدقع الملازم - رغم ما يزخر به بلده من ثروات هائلة - فغَضَّ الطرف، ولاذ بالصمت.
فإن كان هذا هو التقدمَ والرُّقيَّ - حسب مفهوم الغرب ومنظماته وأتباعه - فقد حصل منه المبتغَى وزيادة، وإلا فعن أيّ شيء بعده يبحثون؟
إنه لم يبق لهم إلا أن ينتزعوا منا بقوة قوانينهم التي يسعون إلى فرضها علينا، وبمختلِف وسائل الترغيب والترهيب، أمهاتِنا وزوجاتِنا وبناتِنا وأخواتِنا، فنُسلمَهن لهم على طبق من ذهب، ونخلّى بينهم وبينهن يذبحون كرامتهن، ويَئِدُون دينهن وحياءهن وخُلقَهن...
إن الجاهلية الغربية المعاصرة تريد فرض كل أشكال البهيميَّة تدريجيا على المجتمعات المستضعَفة، ولا سيّما المسلمة، تحت تلك الشعارات البراقة الهدامة التي تغُرّ ولا تسُرّ، كالحريات الشخصية، والتقدم، والرقىّ، والنهوض بالمرأة، ومساواتها للرجل...
إنهم يريدون فتح الأبواب على مصاريعها للزناة والزواني، وشُذّاذ الجنسين من أهل السِّحاق واللواط.
لذلك اشتد تركيزهم على إغواء المرأة، وإغراء الشباب بالفواحش، لأنه إذا فسدت المرأة فسد المجتمع، وإذا انحرف الشباب إلى مستنقع الشهوات تعطل البناء، وبطل النماء.
وبذلك تنهار المنظومة الأخلاقية، وتتفكك الروابط الأسرية، وتَنبَتُّ الأواصر، ويتلاشى الانتماء للجذور والهُــوّيَّة، ويفشو الجهل، فلا تلبث المجتمعات بجهلها، وارتكاسها في حمأة القبائح، وانغماسها فى حضيض الفضائح، أن تغدوَ قطعانا من البهائم، تسيّرها الصهيونية العالمية.
وذلك منتهى أمل الجاهلية المستكبرة المعاصرة والنافخين في كيرها من حُثالات البشر.
وقد أدرك القائمون على هذه المخططات، من صناديد الماسونية وأعوانهم، أنه لن يتم لهم ما يريدون إلا بالقضاء على الدين والأخلاق من خلال المرأة والشباب.
فوجهوا كل ما يمتلكون من أسلحة فتاكة مادية ومعنوية لتحقيق هذا الغرض الخبيث، ومهدوا له بأساليبَ شتى.
وكان من أخطر تلك الأساليب والدعايات بعد التعليم والإعلام الموجَّهَيْن، والسياسات الصحية "الممنهجة"، دعاياتٌ من قبيل حوار الأديان، وحوار الحضارات اللذيْن يُسعَى من خلالهما إلى تذويب الفوارق بين الأمم والشعوب، وطمس الهُوّيّات، ومحو الخصائص والمميزات التي تميز كل أمّة، تسهيلا لتحقيق الغرض المذكور.
نعم. لقد سخّرت الماسونية العالمية لهذا الغرض من الأدوات والطاقات العلمية والفكرية والقانونية والفنية، وأنشأت من المراكز والهيئات والمنظمات، وخصصت من الأرصدة والتمويلات، وجنّدت من القنوات الإعلامية بمختلِف ألوانها ومستوياتها، ومن المناخات السياسية، وعقدت من المؤتمرات والندوات في كل أنحاء العالم ما لا يحيط به علما إلا الله. {ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن}.
صاحب الفخامة
أذكّركم بقول الله تعلى: {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولىّ ولا نصير}، وبقوله سبحانه: {ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا}، وبقوله جل جلاله: {يأيها النبيّ اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليما حكيما واتبع ما يوحى إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيرا وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا}.
وبقول النبيّ صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته...الحديث).
وأذكّركم بموقفكم غدا بين يدي جبار السماوات والأرض في يوم {كان مقداره خمسين ألف سنة}.
وفى الختام، أؤكد لفخامتكم مطالبةَ شعبنا المسلم بإلغاء هذا القانون الخبيث، وسائر القوانين والنظُم المخالفة للشرع، وتشبثَنا بديننا وقيمنا وأخلاقنا، وأنه لا مجال لاستيراد قوانين وأحكام تنظم بيوتنا، وتدمّر أُسَرَنا، وتعكّر صفْوَنا.
فتوكل على الله - سيادة الرئيس - وأصدر الأمر بإلغاء هذا القانون يُعِزَّك الله ويرفعْ قدرَك ويُبقِ لك الذكر الجميل في الأرض والسماء.
وإني أعول بعد الله عز وجل على إيمانك وحكمتك وخلقك الرفيع وتربيتك في منبتك الكريم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جنَّب الله بلادنا وسائرَ بلاد المسلمين العذاب الأدنى والعذاب الأكبر.
ووفق حكام المسلمين للعمل بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
إبراهيم بن يوسف بن الشيخ سيدي
يوم الأربعاء 19 ربيع الأول سنة 1445 هـ - 04 أكتوبر 2023 م.