تقدمت اليوم الاثنين 9 أكتوبر في حديثي أمام المحكمة الجنائية المكلفة بقضايا الفساد باسم موكلي الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي كلفني بتوجيه تهانئه الحارة وتمنياته بالنصر المبين إلى المقاومة الفلسطينية الباسلة وإلى الأمتين العربية والإسلامية وإلى أحرار العالم على العمليات البطولية الرائعة التي سطرها الفلسطينيون في ثورة طوفان القدس المباركة، وكذلك دعوته إلى التضامن مع الشعب الفلسطيني البطل!
ولا غرو، فهو الرئيس العربي الوحيد الذي أقدم على إنزال إسرائيل من صياصيها في وطنه وطهر من رجسها أرض المنارة والرباط، وطرد سفارتها صاغرة ذليلة ومدحورة.
وإني لأحمد الله عز وجل وأسجد له امتنانا وشكرا على أن مد في عمري حتى رأيت مشاهد ثورة طوفان الأقصى العظيمة وقد بدت إسرائيل ذليلة مهزومة ومأزومة لا حول لها ولا قوة تحت أقدام رجال الله الشجعان الأشداء!
صدق متنبي هذا العصر نزار قباني حين رسم الطريق وحدد الوجهة وراهن على البندقية فقال "إلى فلسطين طريق واحد، يمر من فوهة بندقية"! فالسيف أصدق أنباء من الكتب!
وصدق القائد العظيم جمال عبد الناصر يوم قال: "إنما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة"!
أما شاعرنا الكبير أحمدو ولد عبد القادر فهو وحده الذي تقمص الثورة الفلسطينية وعبر عن تجلياتها التي بدت لنا اليوم في أبهى وأسمى وأكمل صورها:
في الجماهير تكمن المعجزات *** ومن الظلم تولد الحريات!
وكم كنت سعيدا ومزهوا اليوم عندما أخبرت أن الدرس الذي تلقت حفيدتي في مدرستها كان حول هذه القصيدة الرائعة! هكذا تكون العلاقة الجدلية بين نبوءة الشاعر العبقري الملهم الملتزم والمجتمع الحي.. فعمر هذه القصيدة أزيد من خمسين عاما.. وعمر لحظة تجسيدها في أسمى تجلياتها من طرف الشعب المقاوم في فلسطين ثلاثة أيام!
ترى هل لي أن أصرخ ملء جوانحي "أصبح عندي الآن رجال".. وأن أراهن على الرجال، وأضم صوتي إلى صوت ذلك القائد العظيم الشيخ أحمد ياسين رحمه الله الذي تنبأ بزوال إسرائيل الباطلة في الربع الأول من هذا القرن حين يأتي رجال الجيل الثالث بعد النكبة جيل القوة والعلم والوعي والعزم والحزم.. جيل التحرير!
ثم إن العالم تغير كثيرا!
لقد ولى زمن هيمنة أمريكا والغرب، زمن الغطرسة والقوة الغاشمة وإملاء إرادة المستعمرين على الشعوب! انظروا إلى ألوان برج إفل وبقية السوح الغربية التي توشحت بعلم إسرائيل!
لقد زالت شمس الحضارة عن الغرب وأشرقت في سماوات أخرى.. وعسعس فيه ليل الانحطاط البهيم!
وانبثقت قوى جديدة وعوالم جديدة في بلاد جديدة أكثر حيوية وعنفوانا وإنسانية وعدلا!
في سنة 1998 زرت الشيخ والفيلسوف العظيم روجي جارودي في منزله بضواحي باريس وقد أقعده المرض، وعند الوداع شكوت له ما نحن فيه من ذل وهوان بسبب غطرسة وظلم واستعمار الغرب. فقال لي: اسلكوا طريق الحرير من جديد.. لم يعد لدى الغرب ما يعطيه!
فهيا يا رجال!