بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على رسوله الكريم وآله وصحبه
وقالوا طاعة الحكام فرض *** فقلت وطاعة المولى فروض
إن الناظر في تاريخ أمتنا الطويل يجد أن علاقة العلماء بالحكام تتراوح ما بين مساندةٍ لعدل إمام عادلٍ، وقيام ضد جور حاكم جائر، مع ترك المسافة بعيدة بينهم مع الحكام مهما كانوا، فلا هم يقبلون الخروج على عادل ولا هم يسكتون على جور جائر، فهم أصحاب الرقابة على أحكام الله وأهل الرعاية من الضلال لعباد الله، ولم يسجل عليهم التاريخ أبدا خلاف ذلك ، ونجد هذا في مواقفهم المأثورة بعد التطلع على آثار الصحابة المشهورة فقد قال ابن مسعود رضي الله عنه : إن الرجل ليدخل على السلطان ومعه دينه ويخرج ولا دين له ، قيل : ولم ؟ قال : لأنه يرضيه بسخط الله.
وورد عن الإمام مالك أنه لما أرسل إليه هارون الرشيد أن يأتيه ليسمع الموطأ منه قال : العلم يؤتى ولا يأتي ، ثم لما سأله أن يخلي له المجلس ليقرأ عليه وحده امتنع أيضا ، وفتواه بأن لا طلاق في إغلاق رغم ما واجهه من الضرب عبرة لمن يعتبر ، وهذا أيضا أحمد ابن حَنْبَل يبقى صامدا صابرا رغم سجنه وضربه على فتواه في شأن دعوى خلق القرآن حتى أظهر الله الحق على يده. وهذا ما أرى أن نتمسك به في كل زمان ومكان، وعليه كان سلفنا الصالح وعلماؤنا الراسخون ولنا فيهم أسوة حسنة، وفقنا الله للسير على هذا المنهج القويم وصلى الله وسلم على رسوله خاتم الأنبياء والمرسلين وآله وصحبه