مكاتب الأساتذة:
ذ. حمود ولد محمدا؛
ذ. عبد الله و لد سييدي؛
ذ. عبد الرحمن ولد ديحي،
ذ. الشيخ عبدالله أحمد بابو؛
محامون معتمدون لدى المحاكم
إلى السادة رئيس وأعضاء المحكمة المختصة بالجرائم المتعلقة بالفساد
الموضوع: مذكرة دفاعية
لصالح: السيد محمد عبد الله ولد أوداعه
المرجع: الملف رقم النيابة 01/2021
السادة أعضاء المحكمة الأفاضل،
يتشرف الأساتذة حمود ولد محمدا، عبد الله ولد سيدي، عبد الرحيم ديحي والشيخ عبد الله ولد أحمد بابو المتعهدون للدفاع عن السيد محمد عبد الله ولد أوداع في المسطرة المنوه عن رقمها في المرجع أعلاه، أن يتقدموا أمام محكمتكم الموقر بهذه المذكرة الدفاعية عن موكلهم؛
حيث إن موكلنا متهم:
1. بالمشاركة في تبديد أملاك الدولة، منح امتيازات في مجال الصفقات العمومية، استغلال النفوذ، إساءة استغلال الوظيفة، الإثراء غير المشروع،
2. إساءة استعمال أموال شركة وطنية، استعمال السلطة المخولة استعمالا يتعارض مع مصالح الشركة الاقتصادية،
حيث تأسس قرار إحالة موكلنا بالنسبة لتهمة المشاركة على المواد 6، 10، 13، 14 و16 من قانون مكافحة الفساد، والمواد 53، 54، 164، 167 و379 من القانون الجنائي بالنسبة لتهمة المشاركة؛ وتأسس بالنسبة لتهمة إساءة استعمال أموال شركة وطنية، استعمال السلطة المخولة استعمالا يتعارض مع مصالح الشركة الاقتصادية على الفقرتين 3 و4 من المادة 688 من مدونة التجارة،
أولا : من حيث الدفوع
وحيث إن موكلنا متهم بالمشاركة في الأفعال المنسوبة إلى المتهم الأول في المسطرة إبان تسييره للشركة الوطنية للصناعة والمناجم (سنيم) أي من تاريخ 28/02/2011 إلى غاية 07/04/2016 (محضري مجلس الإدارة بالتعيين والعزل طي الملف).
وحيث أنه يتبين من الناحية الزمنية أن موكلنا يمثل أمام محكمتكم الموقرة على أساس المشاركة في أفعال لم تكن مجرمة قبل صدور القانون رقم: 2016-014 المتعلق بمكافحة الفساد الصادر بتاريخ 15 إبريل 2016، أي بعد مغادرته لإدارة الشركة الوطنية للصناعة والمناجم؛
حيث إن المادة: 4 من القانون الجنائي قد نصت على أنه لا عقوبة على المخالفة أو الجنحة أو الجناية إلا بمقتضى نص قانوني سابق على ارتكابها، والمشاركة المنسوبة إلى موكلنا تشكلت من أفعال كانت قبل صدور قانون مكافحة الفساد غير مجرمة وعليه تفتقد تهمة المشاركة لعنصرها القانوني المحدد في هذه المادة؛
حيث إن القانون رقم: 2016 – 014 الصادر بتاريخ 14/04/2016 لم يتضمن أي إشارة أو نص صريح أو ضمني إلى أنه يسري بأثر رجعي، تكريسا لنص المادة: 2 من قانون الالتزامات والعقود التي تنص على أنه ليس للقانون أثر رجعي ولا يسري مفعوله إلا على المستقبل.....؛
على ذلك، فإن موكلنا يدفع بعدم تطبيق قانون مكافحة الفساد على التهم الموجهة إليه باعتبار أنه غادر إدارة شركة سنيم قبل صدور هذا القانون؛
وحيث أن موكلنا متهم بإساءة استعمال أموال شركة وطنية استعمالا يتعارض مع مصالح الشركة الاقتصادية، وهي الأفعال المنصوصة في الفقرتين 3 و4 من المادة 688 من مدونة التجارة، وعلى الرغم من أن موكلنا لم يرتكب أي فعل من هذا القبيل، فإن هذه الأفعال تشكل جنحة بمفهوم القانون الجنائي الموريتاني تتقادم حسب نص المادة: 8 من مدونة الإجراءات الجنائية بمضي ثلاث سنوات على ارتكابها؛
على ذلك، فإن موكلنا يدفع بالتقادم في هذه التهمة باعتبار أنه غادر شركة سنيم منذ 7/4/2016، ولم يتم تحريك الدعوى في هذه القضية إلا سنة 2021 كما هو مبين في رقم ملف القضية؛
ثانيا: من حيث الأصل:
حيث إن طبيعة الدفاع تقتضي منا تبيان ضعف تأسيس التهم الموجهة إلى موكلنا في هذه القضية، وهو ما سنعمل على تبيانه من خلال تناول مواد الإحالة الواردة تباعا في القانون الجنائي، قانون مكافحة الفساد ومدونة التجارة؛
- بالنسبة للقانون الجنائي:
حيث تأسس قرار الإحالة على نص المواد: 53، 54، 164، 167 و379 من القانون الجنائي، لذا سنقوم بتناول كل من هذه المواد لمعرفة ما إذا كانت تنطبق على حال موكلنا أم أنها مجرد إحالة إلى نص لم يرد بشأنها أي دليل مادي يركن إليه؛
حيث إن المادة: 53 من القانون الجنائي تتعلق بوصف المشاركين في الجنايات والجنح وتحديد العقوبات المسلطة عليهم، فهي مادة لا تقتضي منا أي تعليق؛
حيث إن المادة: 54 من القانون الجنائي تناولت صور وشروط المشاركة في الجريمة ونصت على أنه يعتبر مشاركا:
فإن المشاركة بمفهوم المادة: 54 من القانون الجنائي تقتضي:
1. تقديم هدايا أو وعود أو تهديدات تتعلق بالأفعال المنسوبة إلى الفاعل الرئيسي، ولم تقدم جهة الاتهام ولا التحقيق أي دليل مادي ملموس على أن موكلنا قام بشيء من هذا القبيل؛
2. تجاوز السلطة أو استعمال المكائد أو الحيل أو إعطاء تعليمات لاقتراف هذه الأفعال، ولم يقم الدليل حتى الظني على إمكانية نسبة المشاركة في تلك الأفعال إلى موكلنا؛
3. إعانة أو مساعدة الفاعل في الوقائع التي أعدت للجريمة أو سهلتها أو ساعدت في إنجازها مع العلم بذلك، وموكلنا لم تحدد جهة الاتهام ولا التحقيق نوع المساعدة التي قدم للفاعل ليكون مشاركا له؛
فبالنظر إلى محتوى هذه الشروط والأقوال الواردة في القضية وفي ظل غياب أي دليل مادي في ملف القضية على مشاركة موكلنا في الأفعال المنسوبة إلى المتهم الأول، فإن شروط المشاركة كما هي محددة بنص المادة: 54 من القانون الجنائي لم يتحقق ارتكاب موكلنا لأي منها، ليكون متهما بالمشاركة، فلا هو تسبب في وقوع الجرائم المتهم بالمشاركة فيها بتقديم هدايا أو وعود أو تهديدات أو بتجاوز السلطة أو باستعمال المكائد أو الحيل، ولا هو أعطى تعليمات لاقتراف الأفعال المنسوبة إلى المتهم الأول، ولا هو أعانه أو ساعده في تلك الوقائع، وعليه يكون اتهامه بالمشاركة يفتقد للأساس القانوني المنصوص في المادة: 54، وعلى من يدعي عكس ذلك أن يقدم الدليل ولا يقتصر على مجرد الإدعاء؛
حيث إن موكلنا متهم بالمشاركة في تبديد أملاك الدولة وأسس قرار الإحالة تلك المشاركة على نص المادة: 164 من القانون الجنائي، وهذه المادة تتعلق بالاختلاس ومعلوم أن المتهم الأول لم تنسب إليه تهمة الاختلاس، لذلك يبدو جليا هشاشة التأسيس للقول بمشاركة موكلنا، ذلك أن المادة: 164 من القانون الجنائي لا تتعلق بالتبديد، كما أن الشروط الخاصة لقيام جريمة المشاركة المنصوص عليها في المادة: 54 من القانون الجنائي غير متوفرة في وضعية موكلنا حتى يمكن القول بنسبة المشاركة إليه؛ فبالنظر إلى مادة الإحالة (164) فإنه من غير المستساغ أن يؤسس اتهام المشارك على ما لم يتهم به المتهم الأول (الاختلاس)؛
حيث إن قرار اتهام موكلنا قد استند على نص المادة: 167 من القانون الجنائي، وهي مادة تتعلق بالإعذار وتطبيق ظروف التخفيف، وهذه المادة مكملة لنص المادة: 166 من القانون الجنائي المتعلقة بالجرائم المرتكبة إضرارا بالدولة أو أحد الأجهزة العمومية أو شبه العمومية والتي يقتضي بحثها ومعاينتها أن توكل تلك العملية إلى أعوان الدولة المتخصصين بهذا الشأن (المفتشيات الداخلية والمفتشية العامة للدولة) وهو ما لم يتم في هذه القضية، ليكون الاستناد على نص هذه المادة من باب عدم الدقة في التسبيب وهشاشته، كما تنفي عن موكلنا صفة المشاركة باعتبار أن الإجراءات المقرر في هاتين المادتين: 166 و167 لم يتم احترامها، مما يفقد قرار الاتهام والإحالة سنده القانوني؛
حيث استند قرار الاتهام والإحالة على نص المادة: 169 من القانون الجنائي وهي مادة تتعلق بجرائم الموظفين الذين يتدخلون في الأعمال أو التجارة التي تتنافى مع صفاتهم، فإذا كان منصب المتهم الأول يتعارض حسب نص المادة: 27 من الدستور، يتنافى مع صفة الموظف (تتعارض مهمة رئيس الجمهورية مع ممارسة أي وظيفة عمومية أو خصوصية)، فإن إسقاط مشاركة موكلنا لمن لا يمكن أن يوصف بالموظف العمومي حسب نص الدستور، يعد من قبيل التجاوز غير المؤسس قانونا في حق موكلنا، أضف إلى ذلك أن شروط المشاركة المنصوصة في القانون الجنائي لم يتوفر أي منها في حق موكلنا؛
حيث استند قرار اتهام موكلنا وإحالة على نص المادة: 379 من القانون الجنائي وهي مادة تتعلق بالاختلاس والتبديد، فالاختلاس لم يكن من بين التهم الموجهة إلى المتهم الأول، ليقال إن موكلنا مشاركا له في هذه الجريمة، والتبديد الوارد في هذه المادة تم تحديده في تبديد الأوراق التجارية أو النقود أو البضائع أو أية أشياء أخرى أو أوراقا مالية أو مخالصات أو محررات أخرى تتضمن أو تقتضي التزاما أو إبراء قد سلمت إليه على سبيل الإجارة أو الوديعة أو الوكالة أو الرهن أو عارية الاستعمال، والمتهم الأول، بحكم منصبه، لا يمكن أن يباشر الأفعال المنصوصة في هذه المادة ليكون موكلنا مشاركا له في تلك الأفعال، كما أن شروط قيام المشاركة المحددة في المادة: 54 من القانون الجنائي لم يقم الدليل على ارتكاب موكلنا أي منها؛
ب. بالنسبة لقانون مكافحة الفساد:
حيث تأسس قرار الاتهام والإحالة على نص المادة: 6 من قانون مكافحة الفساد وهذه المادة تتعلق بالامتيازات غير المبررة في مجال منح الصفقات العمومية، فبالنظر إلى وضعية موكلنا باعتباره الإداري المدير العام لشركة سنيم، فإنه لا يمكن أن يكون مشاركا في صفقة عمومية بالنظر إلى نص المادة: 3 من الأمر القانوني رقم: 90-09 المتعلق بالمؤسسات العمومية، كما أن الاتفاقية الخاصة بين الدولة الموريتانية وشركة سنيم الموقعة بتاريخ 23/12/1998 تمنح شركة سنيم نظاما خاصا في مجال إبرام الصفقات (نظام مسطرة إبرام صفقات شركة سنيم تم تقديمه لمحكمتكم الموقرة وهو طي الملف)، وعليه يكون كل تصرف في مجال الصفقات خاضع للنظام الخاص للصفقات بشركة سنيم وليس منظما بموجب مدونة الصفقات العمومية وفقا لهذه الاتفاقية، وعليه، لا يمكن اتهام موكلنا بخرق مساطر الصفقات العمومية باعتبار أن شركة سنيم لها نظامها الخاص لإبرام الصفقات؛
حيث تأسس قرار الاتهام والإحالة على نص المادة: 10 من قانون مكافحة الفساد، وهي مادة تتعلق باختلاس الممتلكات وتبديدها، وبما أن المتهم الأول لم توجه له تهمة الاختلاس، فإنه لم يبق من هذه المادة، بالنسبة لموكلنا، إلا الشق المتعلق بالتبديد، وحيث إن قانون مكافحة الفساد لم يعط تفسيرا لمفهوم التبديد، فإن القواعد المطبقة على مفهوم التبديد هي الواردة في القانون الجنائي، وهذا الأخير حدد التبديد في: تبديد الأوراق التجارية أو النقود أو البضائع أو أية أشياء أخرى أو أوراقا مالية أو مخالصات أو محررات أخرى تتضمن أو تقتضي التزاما أو إبراء قد سلمت إليه على سبيل الإجارة أو الوديعة أو الوكالة أو الرهن أو عارية الاستعمال، و بالنظر إلى هذا التعداد الحصري لحالات التبديد فإن منصب المتهم الأول يحول دون إمكانية أن تكون مثل هذه الودائع قد سلمت إليه، وعلى ذلك، فإن موكلنا أبعد ما يكون من المشاركة في صور التبديد المنوه عنها أعلاه؛ والدليل على ذلك أن البحث الابتدائي والتحقيق لم يقدم أي منهما ما يثبت نسبة المشاركة إلى موكلنا وفقا لشروط المشاركة المنصوصة في المادة: 54 من القانون الجنائي؛
حيث تأسس قرار اتهام وإحالة موكلنا على نص المادة: 13 من قانون مكافحة الفساد، وهي مادة تتعلق باستغلال النفوذ، ومعلوم حسب طبيعة هذا الفعل أنه غير قابل للمشاركة، ذلك أن القائم بهذا الفعل في غير حاجة لأن يشاركه أي أحد، فالسلطة التي يمتلكها والمنصب الذي يشغله يجعلانه في غير حاجة للمشاركة لاستغلال نفوذه، لأن مناط جريمة استغلال النفوذ هو وضعية الفاعل وليس المأمور بتجسيد استغلال النفوذ، فرئيس الجمهورية، في النظم الرئاسية وشبه الرئاسية ليس في حاجة إلى من يعينه أو يشاركه في اتحاد القرارات، ومعلوم في القانون الإداري أن التوجيهات والتعليمات في المجال الإداري لا تشكل بطبيعتها أفعالا إجرامية، خاصة وأن الآمر بتلك التوجيهات قد اعترف بذلك أمام الجميع، لذلك فإن المسؤولية عن تنفيذ التوجيهات والتعليمات لا ترقى لمستوى المشاركة في الجريمة، بالإضافة إلى أن الشروط اللازمة لقيام المشاركة كما حددتها المادة: 54 من القانوني الجنائي غير متوفرة ليكون موكلنا مشاركا في هذه الجريمة؛
حيث تأسس قرار اتهام موكلنا وإحالته على نص المادة: 14 من قانون مكافحة الفساد، وهي مادة تتعلق بإساءة استغلال الوظيفة، وبالنظر إلى وضعية المتهم الأول ومنصبه، فإن مشاركته في تلك الأفعال، إن ثبتت في حقه، لا تستقيم لعدم حاجته إلى من يعينه على استغلال النفوذ إن أراد القيام به، باعتبار أن نص المادة: 32 من الدستور يعطي لرئيس الجمهورية صلاحيات واسعة في مجالي التنظيم والتعيين، لدرجة يصعب معها تصوره في وضعية يحتاج فيها لمن يشاركه فيما يريد، ولا أدل على ذلك من أن شروط المشاركة التي حددتها المادة: 54 من القانون الجنائي لا يمكن أن تتحقق في جريمة استغلال الوظيفة؛
حيث تأسس قرار اتهام وإحالة موكلنا على نص المادة: 16 من قانون مكافحة الفساد، وهي مادة تتعلق بجريمة الإثراء غير المشروع، ومعلوم أن طبيعة هذه الجريمة تنتفي معها إمكانية المشاركة، لسبب منطقي بسيط هو أن المشارك كان أولى به أن يثري نفسه بدل مشاركة الآخر في الإثراء، ولأن منطق التصرفات يقول: "نفسي أولي من غيري"، أضف إلى ذلك، أن المشاركة في الإثراء غير المشروع لا يمكن أن تتم إلا بفعل إيجابي، وهذا الفعل محكوم بدائرة التصرفات، فإذا كان الفعل الذي قام به المتهم بالمشاركة مشروعا، لا يمكن بأي حال من الأحول أن يتصف بالجريمة، وإذا كان هذا الفعل غير مشروع بطبيعته، فإنه يشكل جريمة تامة الأركان لا يمكن لصاحبها أن يكون مشاركا وإنما فاعل أصلي؛ كما أن الشروط المنصوص عليها في القانون الجنائي (المادة: 54) لقيام جريمة المشاركة لم تتوفر في وضعية موكلنا ليتسنى اتهامه بالمشاركة في هذه الجريمة؛
ج. بالنسبة للقانون التجاري:
حيث تم اتهام وإحالة موكلنا بارتكاب جنحة إساءة استعمال أموال شركة وطنية عن طريق استعمال السلطة المخولة استعمالا يتعارض مع مصالح الشركة الاقتصادية على نص المادة: 688 من مدونة التجارة الفقرتان 3 و4 من هذه المادة، وبما أن هذه المادة تتعلق بالباب الثالث من الكتاب الثاني من مدونة التجارة والخاص بالمخالفات والعقوبات الزجرية، فإن اقتصار اتهام موكلنا على هاتين الفقرتين يبين عدم التمكن الحاصل في المادة التجارية من جهتي الاتهام والتحقيق، كما سنبين أدناه؛
حيث إن الفقرتان 3 و4 من المادة: 688 قد جاء فيهما تواليا:
(استعملوا بسوء نية أموال الشركة أو اعتماداتها استعمالا يعلمون تعارضه مع المصالح الاقتصادية لهذه الأخيرة وذلك بغية تحقيق أغراض شخصية أو لتفضيل شركة أو مؤسسة أخرى لهم بها مصالح مباشرة أو غير مباشرة)؛
(استعملوا بسوء نية السلط المخولة لهم أو الأصوات التي يملكونها في الشركة أو هما معا بحكم منصبهم استعمالا يعلمون تعارضه مع المصالح الاقتصادية لهذه الأخيرة وذلك بغية تحقيق أغراض شخصية أو لتفضيل شركة أو مؤسسة أخرى لهم بها مصالح مباشرة أو غير مباشرة).
وحيث يبدو للوهلة الأولى أن التهمة الموجه إلى موكلنا على أساس هاتين الفقرتين، قد تمت في مغالطة صريحة ومعكوسة لروح ونص الفقرتين، ذلك أن الاتهام توقف، كما يقول المثل عند (ويل للمصلين) ولم يكمل الفقرة، ولا أدل على ذلك من أن الفقرة: 3 من هذه المادة، لم تتضمن أي فاصلة و وردت على سبيل الاسترسال وجاء فيها (الذين استعملوا بسوء نية أموال الشركة أو اعتماداتها استعمالا يعلمون تعارضه مع المصالح الاقتصادية لهذه الأخيرة)، وتوقف الاتهام هنا، مع أن الفقرة يوجد بها عطف وليست فاصلة وورد استكمالها بـ(وذلك بغية تحقيق أغراض شخصية أو لتفضيل شركة أو مؤسسة أخرى لهم بها مصالح مباشرة أو غير مباشرة)، وفي جميع مراحل هذه القضية، من البحث الابتدائي إلى قرار الإحالة لم تقدم الضبطية القضائية ولا النيابة العامة ولا التحقيق ما يثبت أن موكلنا قد أساء استعمال أموال الشركة وأن هذه الإساءة كانت بغية تحقيق أغراض شخصية أو لتفضيل مؤسسة له بها مصالح مباشرة أو غير مباشرة؛
حيث إن حال ومضمون ونص الفقرة: 4 من المادة: 688 من مدونة التجارة بالنسبة لموكلنا يشبه حال الفقرة: 3 من هذه المادة، حيث توقف الاتهام على الشطر الأول من الفقرة (الذين استعملوا بسوء نية السلط المخولة لهم أو الأصوات التي يملكونها في الشركة أو هما معا بحكم منصبهم استعمالا يعلمون تعارضه مع المصالح الاقتصادية لهذه الأخيرة)، وتغاضي الاتهام عن باقي الفقرة الذي يقيد استعمال السلط بـ(....وذلك بغية تحقيق أغراض شخصية أو لتفضيل شركة أو مؤسسة أخرى لهم بها مصالح مباشرة أو غير مباشرة)، وكما هو الحال بالنسبة للفقرة: 3، لم تقدم الضبطية القضائية والنيابة العامة ولا التحقيق ما يثبت أن موكلنا قد استعمل سلطاته في إدارة الشركة بغية تحقيق أغراض شخصية أو لتفضيل مؤسسة له معها مصالح مباشرة أو غير مباشرة.
وحيث إن الأصل هو افتراض البراءة، وبما أنه لا يوجد دليل مادي ضد موكلنا حول ما نسب إليه من هذه التهمة، بل على العكس من ذلك، تعد إنجازاته إبان إدارته للشركة أكبر دليل على أن هذه التهمة لا يمكن أن تنسب إليه؛
حيث إنه يتضح جليا أن هذه التهمة كانت من باب محاولة زيادة قالب التهم الموجهة إلى موكلنا من دون وجه حق (تغلاظ الفتلة)، الذي لا يستند على أي مسوغ قانوني،
وحيث إن قرار الإحالة استند على محضر الضبطية القضائية واكتفى فيما ورد فيه، فيما يتعلق بالأسئلة الموجهة إلى موكلنا حول بعض القضايا التي سنورد رد موكلنا عليها تباعا، ليتضح لمحكمتكم الموقرة أن تهمة المشاركة المنسوبة إلى موكلنا لا تستند على أي أساس قانوني يركن إليه.
وحيث أنه من أجل إنارة محكمتكم الموقرة، وقبل التعرض لردود موكلنا على تلك القضايا أمام محكمتكم الموقرة والضبطية القضائية وقطب التحقيق، لا بد لنا من أن نعرج قليلا على الشركة الوطنية للصناعة والمناجم "سنيم"، ونذكر أن الدولة الموريتانية أخرجتها من نظام المؤسسات العمومية المنظم بموجب الأمر القانوني رقم: 90-09 المنظم لتلك المؤسسات، وأنه من أجل الوقوف على طبيعة سيرها قد تم وضع نسخة من النظام الأساسي لشركة سنيم طي الملف، والذي يبين صلاحيات أجهزتها الإدارية؛
وحيث إن جل القضايا التي كان موكلنا محل مساءلة فيها من قبل محكمتكم الموقرة والنيابة والضبطية القضائية وقطب التحقيق تتعلق بنشاط خيرية سنيم فإننا قد قدمنا نسخة من النظام الأساسي لخيرية سنيم (طي الملف) الذي يحدد أنها تتمتع باستقلالية مالية وإدارية، وتأكيدا على تلك الاستقلالية قدمنا أيضا صلاحيات مدير الخيرية المحددة بموجب المداولة رقم: 2-16 بتاريخ 11/6/2012، وما زالت الخيرية إلى يومنها هذا تقوم بتمويل الأنشطة الصحية (ترميم المركز الصحي بنواذيبو 2023، وساهمت في صندوق كورونا سنة 2021 بمبلغ 7 مليار أوقية، وتقديم المعدات الرياضية والمدرسية)، ولم تكن تلك النشاطات محل تشكيك باعتبار أن كل ما تقوم به في مجال المساعدة من صميم أهدافها ويتم وفق مساطر سنيم الشفافة والخاصة.
وحيث أن النظام الأساسي لشركة سنيم أخضع كل القرارات الحاسمة لسلطة مجلس إدارة الشركة كما هو الحال في كل شركات المساهمة بوجه عام، ومجلس الإدارة هو الجهة المختصة على سبيل المثال لا الحصر (المادة 19 من النظام الأساسي للشركة) بـ:
- كل عملية شراء أو بيع أو تبادل للأملاك المنقولة أو العقارية؛
- كل قرض أو سلفة أو تقديم أو فتح اعتماد؛
- كل رهن أو ضمان أو منح امتياز؛
- كل اتفاق أو مصالحة أو تنازل عن حق عيني أو إيجاره أو استغلاله؛
- مجلس الإدارة يمثل الشركة أمام الغير وأمام الحكومات والإدارات وأمام أي سلطة أيا كانت ويقترح تقاسم الأرباح ويشرف على كل العمليات المالية ويحدد النفقات...؛
- إنشاء الشركات الفرعية أو المساهمة فيها أو التخلي عنها،
- وأعطى نظام الصفقات لمديريات الشركة المختصة كافة الصلاحيات في مجالها بشكل يسمح بانسيابية العمل دون الرجوع إلى المدير العام (كإطلاق المناقصات، تعيين لجان التقويم، تقويم العروض وإعلان نتائجها).
وحيث إن ردود موكلنا أمام محكمتكم الموقرة حول الوقائع الواردة في ملف الإحالة، أثبتت بما لا يدع مجالا للشك خلو تلك التصرفات من أي مخالفة قانونية وتمت كلها وفق مسطرة إجراءات بشفافية تامة كما هو مبين أدناه، حسب كل موضوع؛
حول السلفة لصالح شركة النجاح:
فعلى الرغم من أن القضية لم يعد لها بعد جنائي منذ قرار أن لا وجه للمتابعة في حق محي الدين ولد أحمد سالك، وتسوية الملف من قبل الحكومة الموريتانية في اتفاقها الأخير مع شركة النجاح، فقد أوضح موكلنا أن قرار السلفة يقع ضمن صلاحيات مجلس الإدارة، ولم يتخذ الإداري المدير العام هذا القرار، حيث أقر مجلس إدارة سنيم في دورته رقم: 119 بتاريخ: 20/09/2013 منح هذه السلفة بالقرار رقم: 6.3/119 (القرار مرفق)، وذلك على أساس طلب من الدولة الموريتانية، وشمل القرار الشروط التالية لهذه العملية:
- نسبة فائدة لصالح سنيم تصل 8%،
- ضمان مكتوب من طرف الدولة في حالة عدم التسديد موقع من قبل وزيري الشؤون الاقتصادية والتنمية سيد ولد التاه، ووزير المالية اتيام جمبار (الضمان طي الملف)،
- ضمان ثاني برهن مجموعة من أراضي المطار القديم تغطي قيمة القرض والفوائد؛
وتم تنفيذ هذا القرار بتوقيع اتفاقية بين سنيم والدولة بتاريخ: 13/10/2013 وقعها باسم الدولة وزير الشؤون الاقتصادية والتنمية ووزير التجهيز والنقل؛ ومن حيث مردودية السلفة بالنسبة لشركة سنيم فهي بينة، حيث إن الفائدة التي تم بها القرض تصل 8% أي أنها تزيد على ضعف الفائدة التي تجنيها سنيم من شراء سندات الخزينة التي كانت تقوم به في تلك الفترة بفائدة لا تتجاوز 3,5%، خصوصا وأنه في تلك الفترة تتوفر شركة سنيم على سيولة لدى البنوك الموريتانية لا تدر عليها بأي ربح، وبما أنه تم توقيع ضمان لتسديد السلفة من الدولة الموريتانية من طرف وزير الشؤون الاقتصادية والتنمية ووزير المالية (الضمان طي الملف)، فإن عملية القرض لا تتضمن أي مخاطر مالية على الشركة ولا يمكن أن تعد مشاركة في فعل غير مجرم بطبيعته، خاصة وأن موكلنا كان صارما في تطبيق قرارات مجلس الإدارة وتم تسديد الدفعة الأولى من الأقساط قبل مغادرته إدارة الشركة، وقد أكد محي الدين ولد أحمد سالك في الصفحة: 94 من أمر الإحالة أن شركة النجاح طلبت جدولة القرض من شركة سنيم ورفض مديرها آنذاك موكلنا، أي تأجيل في تسديد الإقساط، وستلاحظ محكمتكم الموقرة، في مفارقة غريبة في هذه القضية، أنه لم يرد في محاضر التحقيق أي استماع لأعضاء مجلس إدارة الشركة الذي اتخذ قرار السلفة ولا وزيري الاقتصاد والمالية اللذين وقعا الضمان باسم الدولة، وهو ما يؤكد خلو هذه القضية من أي مخالفة للقانون؛
حول مستشفى التخصصات بنواذيبو
بخصوص هذا الموضوع، قد بين موكلنا في الاستجواب أمام محكمتكم الموقرة وقطب التحقيق والضبطية القضائية، وبشكل لا لبس فيه ولا يقبل مجالا للتأويل، أنه في سنة 2012 أطلقت خيرية سنيم مناقصة دولية لبناء مستشفى التخصصات بنواذيبو وفازت بالمناقصة شركة أسبانية بمبلغ مليارين وسبع مائة مليون (2,7) أوقية، وكان عرضها المالي الأقل بالنسبة للمشاركين في المناقصة، حيث تقدمت شركة ATTM بعرض مالي بلغ 4,8 مليار أوقية، وهي من الشركات الفرعية لسنيم، ولو أن ثمة نية لتجاوز المساطر الإجرائية في مجال منح الصفقات لتم ذلك لصالح شركة ATTM، وأما بخصوص المبالغ الأخرى التي أضيفت إلى هذه الصفقة عن طريق لجنة التحقيق البرلمانية، فقد أوضح موكلنا بشكل لا لبس فيه أنها لا تعنى إنجاز أشغال المستشفى ولا يمكن اعتبارها ملحقا لصفقة البناء، وإنما تتعلق بمناقصات أخرى خاصة باقتناء تجهيزات المستشفى فازت بها شركات مختلفة عن الشركة المكلفة بالبناء، وتمت تلك المناقصات بعد انتهاء أشغال بناء المستشفى، كما أن هذه القضية تم إنجازها من قبل الخيرية التي يسيرها مدير عام بكامل الصلاحيات وحسب مسطرة شفافة، ولا ندري ما هو سر الإصرار على اعتبار موكلنا مسؤولا عنها رغم خلوها من أي مخالفة؛
حول صفقة شراء العلف لصالح مفوضية الأمن الغذائي:
لقد أكد موكلنا في الاستجواب أمام محكمتكم الموقرة والضبطية القضائية وقطب التحقيق أنه بخصوص شراء العلف لصالح مفوضية الأمن الغذائي، أن الأمر يتعلق باتفاقية بين الدولة ومفوضية الأمن الغذائي وقع عليها وزير المالية ومفوض الأمن الغذائي تقوم الدولة بموجبها بتمويل شراء 10.000 طن من الأعلاف (الاتفاقية مرفقة)، وتولت خيرية سنيم تمويل شراء 6.000 طن في إطار الميزانية المرصودة لذلك من قبل مجلس الإدارة، ونصت الاتفاقية على طابع الاستعجال، كما أن وثائق الشراء (المادة: 2) تضمنت أن المفوضية هي من يتولى إفادة التسلم والمطابقة للجودة كشروط للتسديد، ولم يتم تسديد الفواتير إلا بعد توقيع المفوضية على وثائق التسليم وشهادة جودة هذه الأعلاف، ولمحكمتكم الموقرة واسع النظر في مضمون الاتفاقية بين أيديكم ولها أيضا واسع النظر في ما ورد في تصريح مفوض الأمن الغذائي الشيخ سيد أحمد ولدباب الذي أكد في محضر الاستماع إليه في نهاية الصفحة: 18 من البحث الابتدائي حيث قال بالحرف الواحد إن كمية العلف صالحة للاستهلاك، وهناك رسالة للمفوض المرحوم محمد ولد محمدو للوزير الأول يشير فيها إلى أنها صالحة للاستهلاك الحيواني ويوصي بشرائها من نفس المورد لأنها موجودة في نواكشوط بدل استيرادها من خارج البلاد. على ذلك يتبين أن استناد قرار الإحالة بالنسبة لموكلنا في قضية العلف يعد من قبيل التجاهل بما جاء في اتفاقية التمويل بين الدولة والمفوضية وشركة سنيم، حيث نصت هذه الاتفاقية على أن شركة سنيم ستسترد مبلغ العلف من الحقوق التي ستحصل عليها الدولة من طرف سنيم وأن المفوضية هي المسؤولة عن تأكيد مواصفات الطلبية مع الحاجة، وأن شركة سنيم لن تسدد أي مبلغ من دون أن تؤكد مفوضية الأمن الغذائي الاستلام والمطابقة؛
وبخصوص اعتبار النيابة خسارة الدولة لمبلغ 600 مليون أوقية من هذه العملية، والتي تمثل الفارق بين سعر الشراء وسعر البيع، فهذا يعد من قبيل عدم الإلمام بمفهوم الدعم الذي تقوم به الدولة لبعض المواد المستهلكة لتخفيف عبء أسعارها عن المواطنين، وهو إجراء دأبت الدول على القيام به بالنسبة للأعلاف وما زال قائما إلى الآن (حيث تم بيع سعر الطن من العلف بنصف سعره سنة 2022)، فالدولة تتحمل في ميزانيتها فارق السعر في المواد المدعومة ولا يمكن اعتبار ذلك خسارة، ولا علاقة له بصفقة التموين. وعلى ذلك فإن عملية شراء الأعلاف قامت بها الخيرية التي هي جهة مستقلة إداريا وماليا، ولم تترتب عليها أي خسارة، والأعلاف صالحة للاستهلاك حسب المفوضية التي استلمتها ووقعت على جودتها وباعتها بالكامل، وهذه العملية برمتها لا دخل لموكلنا فيها من حيث التصور والتنفيذ ليكون محل مساءلة عنها. كما أن استبعاد المسؤولين المباشرين عن هذه القضية من المساءلة يؤكد سلامتها (وزير المالية ومفوض الأمن الغذائي في تلك الفترة).
وحيث يتضح من سرد وقائع القضايا أعلاه والتي أوكلت مهمة تنفيذها إلى خيرية سنيم، أن ثمة مفارقة غريبة كان موكلنا ضحيتها، وهي أنه إذا تعلق الأمر بصلاحية اتخاذ القرارات في شركة سنيم يكون الإداري المدير العام مسؤولا، وهو ليس كذلك بنص النظام الأساسي للشركة، ولا علاقة لمجلس الإدارة بتلك القرارات مع أنه هو من يتخذها، وإذا تعلق الأمر بالخيرية تصبح إدارة الخيرية، على الرغم من استقلاليتها، غير مسئولة ويربط نشاطها بمجلس إدارة الخيرية؛
حول صفقات حفر الاستكشاف في "كلب تزقاف":
حول هذه الصفقات، أورد موكلنا بشكل لا لبس فيه أمام محكمتكم الموقرة أن إدارة المشتريات واللوازم (وهي الإدارة المعنية بالصفقات في شركة سنيم) نظمت مناقصة لإنجاز أشغال حفر استكشافي في "كلب تزرقاف" وشاركت في هذه المناقصة ثلاث شركات هي: GFC-TP, ENNEJAH DRILING, PESCOM ، وقدمت شركة PESCOM السعر الأقل (حفر الدوران العكسي بسعر 75 دولار للمتر والحفر الجذري بسعر 185 دولار للمتر)، وصادقت لجنة الاستثمار بشركة سنيم بتاريخ: 4/10/2012 على إبرام الصفقة مع شركة PESCOM بمبلغ 2.245.000 دولار لإنجاز 20.000 متر من حفر الدوران العكسي 5000 متر من الحفر الجذري، كما صادقت هذه اللجنة على إبرام صفقات مشابهة مع الشركات التي توافق على إنجاز هذه الأشغال بنفس السعر المقدم من طرف شركة PESCOM الذي اعتبر بمثابة السعر المرجعي، وذلك من أجل تسريع عملية استكشاف كلب تيزقاف التي تتطلب إنجاز كميات كبيرة من الحفر وخبرة فنية دقيقة؛ وهكذا تم توقيع نفس الصفقة مع كل الشركات التي قبلت السعر المرجعي وبدأت الأشغال وكان يتابعها قطاع البحث الجيولوجي، وقد تباينت قدرات الشركات في سرعة ومواصلة الحفر، فمنها من تعثر كشركة PESCOM التي لم تنجز سوى 40% من الكمية الأصلية، ومنها من مكنتها قدراتها على إنجاز كميتها الأصلية بسرعة، وطلب قطاع البحث الجيولوجي منحها كمية جديدة لمواصلة برنامج الاستكشاف، وهو ما تم بالنسبة لشركة ENNEJAH DRILING وشركة FORMINE بينما رفضت شركة TAYSSIR مقترح منحها كمية جديدة بحجة ضعف السعر المقدم لتنفيذ الحفر وصعوبة إنجاز المهام في منطقة بعيدة ومعزولة. وقد مكنت هذه الأشغال فيما بعد من اكتشاف احتياطي بلغ مليار ومائتي مليون طن، مما مكن سنيم من إطلاق دراسة جدوائية لمشروع استغلال "قلب تيزرقات"، وهو أول اكتشاف، بهذا الحجم، تحصل عليه الشركة بعد اكتشاف قلب الغين، من طرف شركة ميفرما في ستينيات القرن الماضي. وعلى ذلك يتبين أن محاولة إلصاق تهم واهية بالمشاركة في أفعال غير مجرمة بطبيعتها وتدخل ضمن صلاحيات الهيئات الإدارية وتصب في مصلحة الشركة، يعد من قبل الاتهام غير المؤسس والذي يفتقر لأبسط مقومات البحث عن الأدلة في المجال الجنائي؛
وهذه الأشغال تمت حسب مسطرة إجراءات سنيم بصفة شفافة وبأسعار أقل من السعر الذي تنجز به شركة سنيم مثل هذه الأشغال من الحفر، كما أن حجم الاستكشاف الهائل (مليار ومائتي مليون طن من الحديد) زاد بصفة كبيرة أصول الشركة وضمن استمرارية الاستغلال المنجمي في المستقبل مع إتاحة الفرصة لزيادة إنتاج شركة سنيم باعتمادها على احتياطات كبيرة قريبة من كلب الغين، مما يساهم في تقليص في تكاليف الاستثمار في البنى التحتية المتعلقة بسكة الحديد والمياه والكهرباء والاتصال.
حول فندق شيراتون:
أورد موكلنا أمام محكمتكم الموقرة في معرض رده على الأسئلة المطروحة عليه وكذا أمام الضبطية وقطب التحقيق أن شركة سنيم حصلت سنة 1995 على قطعة أرضية لبناء فندق خمسة نجوم (من طرف مجلس الوزراء) بموجب المرسوم رقم: 052/95 بتاريخ 27 نوفمبر 1995، وقد تم وضع حجر الأساس لهذا الفندق سنة 2007، غير أن تنفيذ المشروع قد تعثر؛ وفي سنة 2010 ، قبل أن يتولى موكلنا إدارة الشركة، أطلقت سنيم مناقصة لدراسة بناء الفندق وبينت الدراسة جدوائية المشروع، وحددت الدراسة نسبة المردودية الداخلية في 16% والقيمة الصافية في 10 سنوات، بقيمة 36 مليون أورو، فقرر مجلس الإدارة في دورته 113 المنعقدة بتاريخ: 7/10/2011 إطلاق المشروع بموجب القرار: 4.6/113.
وبخصوص الدراسة أطلقت سنيم مسابقة دولية بتاريخ: 30/4/2012 لاختيار مكتب دراسة يكلف بمتابعة ومراقبة الأشغال وشارك في المسابقة 14 مكتبا دراسيا قدمت عروضها بتاريخ: 22/7/ 2012 (من أصل 16 اقتنوا ملف المناقصة)، وتجاوز 7 مكاتب مرحلة التأهيل الفني، وتم اختيار مكتب دار الهندسة من طرف لجنة التقويم والتحكيم؛
بعد ذلك أطلقت سنيم مناقصة لتأهيل الشركات بتاريخ: 1/10/2013، شاركت فيها 35 شركة دولية، تأهلت منها 10 للمشاركة في مناقصة تقديم عروض الأشغال التي أطلقت 22/6/2014، وشاركت 6 شركات في الزيارة الميدانية الإجبارية يوم 6/8/2014، بينما قدمت شركتان فقط عروضا قبل انقضاء الأجل القانوني المحدد في 15/9/2014 وهما شركة SINOHYDRO وشركة COPISA ، وكلفت لجنة فنية كما هو العادة من طرف المدير المنتدب للبحث والتنمية والعصرنة لتقويم العروض.
حصلت شركة SINOHYDRO على 66.8/100 وشركة COPISA على 68.8/100 من التقويم الفني وتجاوزت بذلك الشركتان عتبة التقويم الفني المحددة في 65/100. وفتحت العروض المالية بتاريخ 21/9/2014 بحضور ممثلي الشركتين وكان العرض المالي لشركة SINOHYDRO هو الأقل، وبذلك تكون هي الفائز، ووافقت اللجنة التنفيذية على إبرام الصفقة معها في اجتماعها المنعقد بتاريخ: 14/10/2014.
ويتبين من هذه الأجوبة الواضحة أن الإجراءات القانونية ومسطرة إبرام صفقات سنيم تم احترامها على أكمل وجه ولم يكن لموكلنا أي دور لا في التقويم ولا في تحديد الجهات المستفيدة من هذه الصفقات، كما أن أي من الصفقتين لم تتم بالتراضي، وعليه تكون محاولة تهمة موكلنا بمشاركة في فعل غير محدد حول هذه القضية، غير واردة في حق موكلنا باعتبار أن الصفقة احترمت المسطرة القانونية لصفقات سنيم.
حول صفقة تركيب مشروع الكلب 2:
لقد أكد موكلنا أمام محكمتكم الموقرة أن شركة سنيم قد أطلقت مناقصة دولية وتم تأهيل 5 منها لتقديم العروض ، تقدم 4 شركات بعروض فنية بتاريخ 30/5/2011 بعد أن اعتذرت شركة Ordrbracht عن المشاركة؛ وقد تجاوزت الشركات الأربعة عتبة التأهيل الفني وفتحت عروضها الفنية بتاريخ 20/6/2011 وكانت كل العروض متجاوزة للميزانية المرصودة لتنفيذ المشروع، فقررت لجنة الاستثمار في جلستها المنعقدة بتاريخ 13/8/2011 سحب جزء من تركيب خط التزويد بالماء والكهرباء وإسنادها لشركة وطنية هي ATTM، وطلبت إعادة المناقصة من جديد بالنسبة للمكونات الأخرى الأربعة الباقية؛، تقدمت الشركات الأربعة بعروض بتاريخ 6/9/2011 وحصلت شركة COPISA على الدرجة الأولى في التقويم الإجمالي بتقديمها العرض المالي الأقل وأوصت لجنة الاستثمارات في جلستها المنعقدة بتاريخ 20/9/2011 بإبرام الصفقة، وصادقت اللجنة التنفيذية في جلستها المنعقدة بتاريخ 6/10/2011 على التوقيع مع شركة COPISA وقد نتج عن ذلك خفض مبلغ 34 مليون دولار لفائدة سنيم، ويتبين من ذلك أن الحديث عن هذه الصفقة، بالنظر إلى ما تحصلت عليه سنيم من مزايا مالية واحترامها للمساطر القانونية، يبرئ موكلنا من محاولة إلصاق تهمة المشاركة المنسوبة إليه.
حول شركة نوبل وشركة كارجيل:
فقد أورد موكلنا أمام محكمتكم الموقرة والضبطية القضائية وقطب التحقيق أن القول بالتفاوت في التخفيض في السعر بين الشركتين يعد من قبل المغالطة، باعتبار أن الأرقام المقدمة لا تتعلق بنفس المنتوج، وخلطت عن غير قصد أو جهل بين منتوجين مختلفين وأن المقارنة كان يجب أن تتم بين نفس المنتوج ، فسعر المنتوج هو حسب النوع كالتالي:
- منتوج TZFC : كارجيل: 5,5 دولار
- مين متال: 6 دولار
- نوبل 6 دولار
- منتوجXFC : كارجيل 8,5 دولار
- نوبل 9 دولار
وتعكس هذه المعطيات أن التخفيضات، التي هي في الحقيقة غرامات لمستوى نسبة الشوائب (التربة) في الحديد، كانت متساوية بين الشركات وهو ما يفند المغالطة الواردة في محضر الضبطية وقرار الإحالة ويبعد موكلنا عما يراد أن يتم اتهامه على أساسه، باعتبار أنه ليس الجهة التي تحدد الأسعار ولا الجهة التي تفاوض (الإدارة التجارية)؛
حول اكتتاب محمد ولد امصبوع:
وحيث إن موكلنا صرح أمام محكمتكم الموقرة أنه لم يعد يتذكر التفاصيل الدقيقة لهذه القضية نظرا للفترة الزمنية (منذ عشر سنوات) سنة 2013، إلا أنه أكد أن المعني، تلقي بشان تشغيله بالشركة توصية من رئيس الجمهورية، وأقر هذا الأخير بذلك أمام محكمتكم الموقرة، غير أن ذلك لم يمنع المعني من أن يخضع، كما هو العادة، لنظام إجراءات الاكتتاب المحددة في نظام الإجراءات PG/DRH/005 وتم امتحانه من قبل ثلاثة أطر سامين في شركة سنيم تم تعيينهم من قبل مدير المصادر البشرية طبقا للمادة: 5.2 من النظام المنوه عنه أعلاه، وهؤلاء الأطر هم محمد ولد الدياه، الهلال ولد باب وصو حسينو، وتم الاكتتاب على أساس نتائج التقويم التي تم تقديمها لمحكمتكم الموقرة، في درجة C1 وخضع لفترة تربص بلغت 6 أشهر، ولم يستفد من أية ترقية طيلة فترة إدارة موكلنا للشركة، وللتذكير فإنه في سنة 2013 تم اكتتاب 782 عاملا بالشركة، طبقا لنفس الإجراءات، من دون أن يكون ذلك محل شبهة أو شوشرة في الإجراءات؛ وعليه يكون قول النيابة إن موكلنا قد اعترف بتسديد مصاريف دراسة ابن المعني، هو قول غير صحيح، ويتناقض مع ما جاء في محضر الضبطية القضائية والتحقيق، كما تجدر الإشارة إلى أن شركة سنيم ترصد سنويا ميزانية للرسوم والمنح الدراسية تصل قرابة خمس مائة مليون أوقية، يضعها مجلس الإدارة تحت تصرف المدير العام، وهذه الميزانية يستفيد منها أبناء العمال وغيرهم بغض النظر عن صفتهم، وعليه لم تبين جهة الاتهام الطابع الجرمي للتشغيل في شركة مساهمة، ويمكن القول إن اتهام موكلنا في هذه القضية يعد من قبيل عدم الإلمام بصلاحيات الإداري المدير العام لشركة سنيم بوجه خاص، وبصلاحيات أجهزة إدارة شركات المساهمة بشكل عام، خاصة في مال مساطر تشغيل اليد العاملة؛
وحيث إن الإثبات في الميدان الجنائي، يعني محاولة إعادة صياغة وبناء الوقائع والأحداث في عملية تركيبية، يقصد منها التعرف على الحقيقة ونسبة الفعل إلى الجاني، لذلك يجب أن يكون الاتهام مطابقا للحقيقة الواقعية وللحقيقة القانونية؛
وحيث إن وسائل الإثبات في المادة الجنائية هي الإقرار غير المشوب والشهادة السليمة من التجريح، والقرائن القطعية الدلالة، والخبرة، والمحررات الرسمية، ولم تقدم جهة الاتهام أي من هذه الأدلة في حق موكلنا بالمشاركة في الأفعال المنسوبة إلى المتهم الأول، كما لم تقدم أي دليل على ارتكابه جنحة إساءة استعمال أموال شركة وطنية استعمالا يتعارض مع مصالح الشركة الاقتصادية.
وحيث إنه في المجال الجنائي يترتب على قرينة البراءة القائمة على مبدأ "المتهم بريء حتى تثبت إدانته" آثار بالنسبة لعبء الإثبات يتحمله من يدعي خلاف هذا الأصل، لأنه لا معنى لأن يكلف الشخص المراد مساءلته جنائيا بإثبات أنه بريء وهو كذلك بحسب الأصل، وبالتالي فإن أهم ما يترتب على قرينة البراءة، أن المتهم لا يتحمل عبء إثبات براءته، لأنها مفترضة، وفي هذه القضية لم تقدم جهة الاتهام أي دليل مادي على مشاركة موكلنا في التهم المنسوبة إلى المتهم الأول؛
وحيث يترتب أيضا عن هذه القاعدة، أنه في حالة العجز عن إثبات ما وقع الإدعاء به بالدليل القاطع فما على القاضي الجنائي إلا إعلان براءة المتهم المفترضة أصلا. بل له أكثر من ذلك، أن يعلن البراءة حتى لو قدم دليل في القضية ولم يتمكن معه القاضي من تكوين قناعته التامة في الجريمة المنسوبة إلى المتهم بسبب الشك الذي بقي مساورا لقناعته، لأن الشك كما هو معلوم يفسر لصالح المتهم.
وحيث إنه في المجال الجنائي لا يواجه المتهم بمجرد الفرضيات على ارتكاب الأفعال المنسوبة إليه أو المشاركة فيها، وإنما بالأدلة القطعية على ارتكاب تلك الأفعال ونسبتها إليه، وبالنظر إلى ما جاء في الصفحات المخصصة لموكلنا في البحث الابتدائي والتحقيق وأمر الإحالة، لم تقدم جهة الاتهام ولم تتوصل جهة التحقيق بأي دليل مادي ملموس ضد موكلنا يثب مشاركته على الأفعال المنسوبة إلى المتهم الأول،
وحيث إن الأصل هو البراءة كما نصت على ذلك الفقرة الخامسة من المادة التمهيدية لقانون الإجراءات الجنائية، وكذا المعاهدات والمواثيق الدولية المتعلقة بتكريس كرامة الإنسان وأن استصحاب هذا المبدأ يجب أن يظل إلى تقدم الأدلة المادية الملموسة علي عكسه؛
وحيث يتبين من مواد الإحالة التي على أساسها تم اتهام موكلنا، أنها تكون تارة لاحقة على الوقائع، كما هو الحال في قانون مكافحة الفساد، وتارة لم يكن المتهم الأول متهما بها، كما هو الحال بالاختلاس وخيانة الأمانة، وتارة أخري يتعلق الأمر بجنحة تقادمت ولم تثبت في حق موكلنا؛
لهذه الأسباب:
وبناء على ما تقدم وتأسيسا عليه ولما تقتضيه قواعد العدالة والإنصاف وتأسيسا على المادة: 4 من القانون الجنائي، والمادة: 8 من مدونة الإجراءات الجنائية، والمادة: 2 من قانون الالتزامات والعقود، فإن موكلنا يلتمس من محكمتكم الموقرة:
- النطق بعدم تطبيق القانون المتعلق بمكافحة الفساد في حق موكلنا، تطبيقا لمبدأ عدم رجعية القانون بالنسبة لتهمة المشاركة في الأفعال المنسوبة إلى المتهم الأول،
- والنطق بتقادم الدعوى في حق موكلنا بالنسبة لتهمة إساءة استعمال أموال شركة وطنية استعمالا يتعارض مع مصالح الشركة الاقتصادية باعتبار أنها جنحة مضى على ارتكابها، إن كانت قد ارتكبت، أكثر من ثلاث سنوات؛
- الحكم ببراءة محمد عبد الله ولد أوداع من تهمة المشاركة في الجرائم المنسوبة للمتهم الأول، لانعدام أي دليل مادي يثبت نسبة تلك التهم إليه؛
- الحكم ببراءة محمد عبد الله ولد أوداع من تهمة و إساءة استعمال أموال شركة وطنية استعمالا يتعارض مع مصالح الشركة الاقتصادية، لغياب الدليل على ارتكابه لذلك الفعل
لفيف الدفاع:
ذ. حمود ولد محمدا
ذ. عبد الله و لد سييدي
ذ. عبد الرحمن ولد ديحي
ذ. الشيخ عبد الله أحمد بابو؛
عن لفيف الدفاع: ذ/ عبد الله ولد سييدي