مساهمة مني في إنارة الرأي العام حول ما أثاره البعض من جدل داخل حزب التكتل، وردّا على ما ورد في تصريحات صدرت هنا وهناك، أؤكد أن الأزمة داخل التكتل كانت فعلا قائمة، لكنها - للأسف - بسبب عدم انسجام البعض مع خط التهدئة الذي اختاره الرئيس أحمد ولد داداه، ثم تمت شخصنتها لتتحول إلى خلافات شخصية صبغتها الأحقاد ومحاولات تصفية الحسابات من طرف البعض اتجاه السيد الأمين الدائم للحزب، الذي لا يردّ على هذه التصرفات، ويمقت العوراء، ويدفع بالتي هي أحسن، …وهذا جلي لا يخفى علي غير فطن، خاصة من يتتبع هذه التصريحات.
وخلاصة الأمر أن البعض يريد لهذا الخلاف المُغذّى من طرف واحد أن يكون أزمة سياسية داخل الحزب.
والحقيقة التي لا مراء فيها أن ثمة ثلة ضئيلة ظلت تتلاعب بوحدة ومصالح الحزب من خلال الانخراط في مؤامرات، تلبية لأجندة جهات خارجية، في تجاهل تام للفروق الحاصلة بين الماضي والحاضر، الشيء الذي يتطلب من أي تكتلي صادق وواقعي أن ينسجم مع سياسة التقارب الحاصلة بين الرئسين أحمد ولد داداه ورئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، وأن يستجيب لسياسة التهدئة التي تبناها الحزب مع السلطة تلبية لما يمليه حرصه على استقرار هذا البلد، قبل كل شيء.
وللعلم فإن الأغلبية الساحقة من المكتب التنفيذي تؤيد الخط الذي اقترحه الرئيس أحمد، وفي مقدمة أولئك السيد الأمين الدائم للحزب، الذي يتصرف بأمانة وبروح تشاركية وفق تعليمات وتوجهات رئيس الحزب، وما يزال مكلفا بتلك المهمة من طرف الرئيس أحمد، ومدعوما في ذلك بالغالبية العظمى من أطر الحزب.
من ناحية أخرى، فإن أسماء مرشحي الحزب للاستحقاقات البرلمانية والبلدية والجهوية كان قد تم فرزها من طرف لجنة تم اختيارها من طرف المكتب التنفيذي، بصفة شرعية ومؤسسية، وكانت الأخت النانه حينها من أكثر المدافعين عن تلك اللجنة، قبل أن تغير رأيها وموقعها بعد فترة وتنصهر في بوتقة خط تلك المجموعة تبدي في العلن تأييدها لمواقف الحزب، بما في ذلك تبني الميثاق، وتُسر برفضها، حيث كانت تلك المجموعة في السابق كلما تم تقديم إحاطة عن مشروع الميثاق الجمهوري داخل المكتب التنفيذي ترفع عقيرتها برفضه، وتصف بنوده بالانبطاحية والنكوص.
وأمام إصرار الرئيس أحمد والأغلبية الساحقة للمكتب التنفيذي على المُضي قدما في توقيع اتفاق الميثاق، طلبت هذه المجموعة بإلحاح شديد الرئيس أحمد، بعد انضمام الأخت النانة لها، "صيانة لماء الوجه بعد ما فشلت في رفض الميثاق أولا، وفي تعديل بنوده ثانيا"، طلبت عقد اجتماع طارئ للمكتب التنفيذي لتعلن فيه عن قبلوها بكل ما ورد في وثيقة الميثاق، فكان لها ما أرادت.
إلّا أن هذه المجموعة ظلت تتحين الفرص، وتتصيد في المياه العكرة من أجل إفشال الميثاق الجمهوري، كما ظلت تحاول تعكير صفو التهدئة السياسة، وروح الثقة والانفتاح بين رئيس الجمهورية والزعيم أحمد، من خلال محاولات الطعن في الخاصرة تارة، والضرب من الخلف خلال عمليات تسلل جبانة تارات أخرى.
ولقد تصاعدت وتيرة بيانات تلك الجماعة تزامنا مع الوعكة الصحية التي ألمت بالرئيس أحمد شفاه الله وعافاه، في تصرف مخل بالقيم والأخلاق والمروءة، بحثا عن حاجة في نفس يعقوب، أدت بهؤلاء إلى تسفيه الرئيس أحمد ومحاولة فرض الوصاية عليه ومحاولة منعه من ممارسة صلاحياته، كما يمنع الوصي الظالم الأيتام غير البالغين من حقوقهم ومن الاستفادة من ممتلكاتهم.
لذلك أريد أن أبين أنما يتداوله الإعلام من تنمر من طرف هذه المجموعة الخارجة عن خط الحزب موجه بالدرجة الأولى ضد شخص ورمزية الرئيس أحمد، وهو عبارة عن مؤامرة حيكت خيوطها سلفا من غير حبكة جيدة، ولا جودة في إخراجها، ليتم تنفيذها خلال مراحل متدرجة بدأت بمهاجمة مقربي الرئيس وأذرعه القوية، الذين يتمتعون بكامل ثقته، ثم محاولة الوصاية عليه في ممارسة صلاحياته، ثم الهجوم المباشر على شخصه ووصفه بما لا يليق كما سيظهر قريبا.
أما بخصوص اللجنة السياسية، والتي أنا عضو من أعضائها، فإنها لجنة وافق عليها المكتب التنفيذي وجعلها محدودة الصلاحيات تعمل تحت الإشراف المباشر للرئيس، وكلفها فقط بالتواصل مع الهيئات القاعدية، وشرح الميثاق الجمهوري ورسم خطة لانعقاد مؤتمر وطني للحزب، وبالتالي فما هي بواسعة الصلاحيات، كما يحلو للبعض أن يصفها، ولا هي بمثابة بديل عن الرئيس أحمد وعن جهات التسيير الأخرى داخل الحزب.
ومنذ أن التحقت الأخت النانه بهذه المجموعة أصبحت تصر على عدم استقبال مكالمات قيادات الحزب، وفضلت هي وجماعتها أخذ جديد تطورات أخبار الحزب من غير مصادرها الصافية الزلال، غير آبهين بقيادات الحزب المكلفة بالعمل على تحضير شوؤن الميثاق مع الأطراف الأخرى الموقعة له، مفضلين امتياح الأخبار زبدا جفاء من مصادر لا تمتلك المصداقية.
ومن العجب العجاب قول الأخت النانة إنها تحترم نصوص الحزب وخطه وهي تمارس التغول على كل شيء: بدأ بالطعن في صلاحيات الرئيس إلى محاولة الاستحواذ على التسيير، والخروج عن المحددات لعمل اللجنة السياسية، وعدم التشاور مع أعضائها، وكذلك اللي الصارخ لأعناق النصوص التي تحكم سير الحزب، إنها قمة الضحك على الذقون، وإنه النط غير الفاره على مختلف أنواع الحبال.
أمّا فيما يتعلق بالمادة: 25 التي تتبجح بها هذه المجموعة فإنه حق أريد به باطل، حيث أنها تنص - فعلا - على أن الرئيس يفوض أحد نوابه، إلّا أن نائبيْ الرئيس الموجوديْن الآن في الحزب يحجزهما المرض عن القدرة على ممارسة أي نشاط، شفاهما الله وعافاهما، وعليه فإن تفويض أمين الخزينة الأستاذ يعقوب اديالو ليس بالغريب ولا يمثل سابقة، فمنذ ما يربو على أربع سنوات والرئيس أحمد يفوضه صلاحياته سواء كان موجودا بين أظهرنا أو كان في حالة سفر، حتى غدا ذلك عرفا شائعا وتصرفا مألوفا داخل الحزب.
نواكشوط، 19 يناير 2024
مريم إبراهيم صمب افال،
عضو المكتب التنفيذي لحزب التكتل
عضو اللجنة السياسية
رأس لائحة نساء التكتل في الانتخابات التشريعية 2023