الفوسفات الموريتاني الانعكاس الاقتصادي والأثر البيئي المحتمل

شهدت نهاية الأسبوع الثالث من يناير، وضع حجر الأساس لمصنع إنتاج الفوسفات، وبالضبط 21 يناير 2024، ووفق إيجاز من وزارة البترول والمعادن والطاقة، فسيتم استغلال المنجم على مراحل تبدأ بمرحلة أولية، تستمر لمدة عام، سيتم خلالها اقتناء المعدات، وبناء المنشآت، وتهيئة الخامات المعدنية التي تدخل في عملية المعالجة للحصول على الفوسفات عالي التركيز.

 

لكننا لا نعتبر أن مدة العام كافية نظراً لبطء الأشغال المعهود في البلد، وربما يتأجل الإنتاج أعواما أخرى (وما الغاز الموريتاني السنغالي منا ببعيد).

 

تتوزع أكبر احتياطيات الفوسفات في العالم كما يلي، في المرتبة الأولى المغرب باحتياطي نسبته 70%، ثم العراق باحتياطي يقدر بـ10 مليارات طن، أي حوالي 9% من الاحتياطي العالمي، وتأتي الصين بنسبة 5%، ثم سوريا والجزائر بنسبة 3% لكل منهما، وتليهما كل من روسيا وجنوب أفريقيا والولايات المتحدة ومصر والأردن بنسبة 2% لكل دولة، وتتذيل دولة البيرو قائمة احتياطي الفوسفات بنسبة 1%، أما في بلادنا فحسب المسح الجيولوجي الأولي التقديري، فإن احتياطات البلاد تُقدر بحوالي 166 مليون طن.

 

والفوسفات صخرة رسوبية تشكلت منذ ملايين السنين بسبب تراكم المواد العضوية في قاع المحيطات، وتتكون صخور الفوسفات المستخدمة في التطبيقات الزراعية عادة من خامس أكسيد الفوسفور، بتركيز 30%، وكربونات الكالسيوم بتركيز 5%، و4% أو أقل من أكسيد الآلومنيوم والحديد.

 

يعد الفوسفات ثروة اقتصادية، حيث يعالج الفوسفات الصخري لاستخراج الفوسفور الأولي الذي يعد بمنزلة مخزون مهم للصناعات الكيميائية، والفوسفات هو المصدر الطبيعي للفوسفور، وهو أحد العناصر الغذائية الرئيسة الثلاثة الأكثر استخداما في الأسمدة (العنصران الآخران هما النتروجين والبوتاسيوم)، ويوفر الفوسفور ربع جميع العناصر الغذائية التي تحتاج إليها النباتات لنموها وتطورها، ويمكن أيضا تحويل الفوسفات إلى حمض الفوسفوريك الذي يستخدم في كل شيء من المواد الغذائية ومستحضرات التجميل إلى علف الحيوانات والإلكترونيات.

 

وبالأرقام، يقدر معدل الإنتاج العالمي السنوي للفوسفات بـ240 مليون طن، وتقديرات احتياطيات الفوسفات القابلة للاستخراج اقتصاديا في جميع أنحاء العالم 69 مليار طن، والموارد التي يحتمل أن تكون قابلة للاستغلال من صخور الفوسفات 300 مليار طن.

 

يتم التعدين عادة، بطريقة الكشوفات وذلك بإزالة الغطاء الترابي الذي يُغطي الطبقات الصخرية، وتتم عمليات التعدين عادة، حسب التسلسل الاتي:

- التفجير: حيث يتم تفجير الردم وإزالته من فوق الطبقات الفوسفاتية،

- التجميع: بعد عملية التفجير تقوم آليات التعدين المختلفة بعملية تجميع الفوسفات،

- التحميل والنقل: يتم تحميل ونقل الفوسفات عن طريق آليات التعدين المختلفة إلى موقع الكسارات، بعد هذه العمليات تبدأ المعالجة.

 

أما من الناحية الاقتصادية، فإن الفوسفات المعدن الوليد يتميز بكثرة استخدامه وقلة تكاليف إنتاجه وضرورة إيجاد وسائل نقله مثل سكة قطار توصله إلى ميناء التصدير، ومخازنه المُوجهة للسوق المحلية.

 

لعل أكثر شيء ملح جدا من أجل فوائد اقتصادية واعدة هو البحث عن أسواق للمنتج وكذا العمل على جودة المنتج التي تعتمد على التركيز وعلى تنقية الفوسفات من الشوائب، ثم العمل على استصدار شهادات جودة في مجال السلامة والعمل من البداية على تخطيط جيد لسلامة العالمين في أماكن العمل المختلفة، واحترام النظم البيئية العالمية وذلك لما قد يترتب على الإنتاج من أضرار بيئية لعل أبرزها:

- تلويث الهواء،

- إلحاق الضرر بالمجال الإيكولوجي وما له من تأثيرات على التنوع الحيوي،  

- مخلفات النفايات الصناعية الناتجة عن عملية الإنتاج،

 

لا شك أن التغلب على مثل هذه التأثيرات لن يتم إلا بالتشاور مع منظمات المجتمع المدني المتخصصة والخبراء الوطنيين الذين يُقدمون مصلحة الوطن ويحرصون على العمل على جانب الإنتاج والاستمرارية التي تُملي عليهم البحث عن الحلول العلمية والعملية التي تُلائم بيئتنا ومجتمعنا.