خلال قمة الدول المصدرة للغاز التي احتضنتها الجزائر ما بين 29 فبراير إلى 02 مارس؛ توافد عدد من رؤساء الدول والحكومات إلى الجزائر العاصمة للحوار حول مستقبل الغاز وأهميته في أسواق الطاقة العالمية.
ومن بين أولئك الرؤساء والوفود وفد الجمهورية الإسلامية الإيرانية وعلى رأسه رئيس الجمهورية إبراهيم رئيسي؛ وربما الحدث الذي خطف الأنظار وأشغل البعض عن متابعة أعمال قمة الغاز؛ هو تركيزهم على زيارة الرئيس الإيراني لجامع الجزائر الأعظم؛ الذي تم افتتاحه قبل أيام من انعقاد القمة؛ وفي استقباله وزير الدولة عميد الجامع فضيلة الشيخ محمد المأمون القاسمي الحسني؛
زار رئيسي مرافق الجامع وأدى به صلاة المغرب.
خاض الناس في زيارة رئيسي للجامع بين مؤيد ومعارض وبين متهم للجزائر بالترويج للتشيع.
سنحاول توضيح ذلك من ناحية الجزائر أولا؛ ثم نثني من ناحية الرئيس الإيراني:
بالنسبة للجزائر، شيدت "جامع الجزائر الأعظم" كمنارة عالمية لإشعاع نور الإسلام والسلام للبشرية جمعاء، ويجمع الجامع بين الرمزية الروحانية في تجسيد الإسلام الوسطي وبين الرمزية المادية التي تتمثل في تصميم الجامع الباهر ومنارتها الأطول في العالم؛ كل ذلك يجعل من الجامع تحفة معمارية عالمية تلهف إليها أفئدة السياح من كل مكان بالعالم؛ وبكل الاعتبارات الروحانية والمادية يحق لأي إيراني غير مطلوب قضائيا حسب النظام الجزائري زيارة جامع الجزائر الأعظم.
وقد أشار فضيلة الشيخ محمد المأمون في خطبته الأولى بعد الافتتاح إلى ذلك حين قال: "نأمل أن يكون جامع الجزائر مركزا عالميا روحيا وثقافيا وسياحيا".
بالنسبة للرئيس الإيراني يعتبر نفسه يمثل الدين والدولة معا، وذاك قليل في العالم حاليا بعد ترسيخ مبدأ "علمانية الدولة" بالغرب والشرق معا؛ فهل يُمنع الرئيس الإيراني من زيارة الجامع الذي يعتبره من أولويات زيارته للجزائر؛ لإظهار اهتمامه بمسؤولياته الدينية للشعب الإيراني وجالياته والطائفة الشيعية عموما.
لا يمكن منع أي شخص من زيارة أي مسجد على وجه الأرض بدون مبرر شرعي أو قانوني.
فإذاً، ما يشعر به البعض من الحسرة خلال زيارة الرئيس الإيراني للجامع ليس خللا في إيران ولا في الجزائر، بل هو خلل لدى حكومات الدول ذات الأغلبية السنية التي فضلت مبدأ علمانية الدولة على تمثيل الدين والدولة معا؛ فتمثل إرادة الشعب السني الدينية؛ كما تمثل إدارة الدولة التي يعيش بها ذاك الشعب.