الأخبار (نواكشوط) - قال رئيس اللجنة العسكرية لحلف شمال الأطلسي "الناتو" الأميرال روبيرت باور إن لدى الحلف أولويات في موريتانيا تتمثل في ستة برامج، على رأسها الاستخبارات، والقوات الخاصة، والأسلحة الخفيفة والذخيرة.
وأضاف الأميرال روبيرت باور في مقابلة مع وكالة الأخبار المستقلة أن لدى الحلف برنامج لدمج الجنود في المجتمع بعد مغادرتهم للجيش، مؤكدا رغبة الحلف في مساعدة موريتانيا في هذا المجال.
وأكد باور أن الحلف يعمل الآن مع القوات الخاصة الموريتانية، وقد درب وكون ما بين 80 إلى 100 عنصر من القوات الموريتانية، وذلك ضمن تدريب سيستمر حتى شهر أغسطس من السنة الجارية، مردفا أنهم بصدد إنشاء وحدة جديدة من القوات الخاصة.
وشدد رئيس اللجنة العسكرية لحلف "الناتو" على أنه من المهم للحلف أن يواصل دعم موريتانيا من خلال هذه المجالات، وأن يستقبل الخبراء، ويحرص على نجاح وفعالية برامجه معها.
وأشار القائد العسكري إلى أن وجود بعض القضايا التي تثير قلقهم في منطقة الساحل، كالإرهاب والفقر والجفاف، بالإضافة إلى مشاكل أخرى تساهم في زعزعة الأمن في هذه المنطقة كالحكامة، مردفا أن هذا يؤدي إلى شعور المواطنين بعدم الطمأنينة مما يرغمهم على الترحال نتيجة غياب الأمن.
وقال باور إن الوضعية تخلق مشاكل أمنية لموريتانيا عند وصول هؤلاء الأشخاص إليها وإلى دول أخرى في حال سلكوا طرقا أخرى، لافتا إلى أنه من المهم لمنطقة الساحل ولشعوب الساحل أن يعود الاستقرار وأن ينعموا بحياة مستقرة، وأن يعيشوا بسلام في منطقتهم.
واعترف الأميرال روبيرت باور بوجود إجراءات كثيرة، ومساطر بيروقراطية طويلة جدا، في مسار التعاون مع الحلف، مذكرا بأن "الناتو منظمة تتكون من 32 دولة، وهذا عدد كبير. أعني، إذا نظرتم إلى عدد شعوب الحلف، فنحن نتحدث عن مليار شخص ندافع عنهم. إنه منظمة ضخمة من حيث المسؤوليات التي تقع على كاهلها. بالتأكيد هناك الكثير من البيروقراطية وهناك الكثير من المناقشات داخل التحالف لأن الطريقة التي يعمل بها على مستوى اتخاذ القرار هي".
وأضاف باور أنه "يجب أن يتفق التحالف ككل على هل سنكون شريكا مع موريتانيا؟ وهذا في حد ذاته يستغرق وقتا. وبمجرد أن نتفق على إقامة شراكة مع موريتانيا، يتوجب علينا الاتفاق على النقاط الستة. حينها سيتوجب على حلف شمال الأطلسي أن يجد قوات تمده بها دول التحالف لأن الحلف نفسه ليست لديه قوات. القوات التي لدينا هي قوات الدول الأعضاء".
وأردف ضمن الحديث عن هذا المسار قائلا: "عند الفراغ من هذا كله، سيبدأ الحلف نقاش مسألة تطبيق بنود الشراكة مع جميع الأعضاء الـ32 الذين هم على استعداد للقيام بالموضوع نقطة بنقطة في موريتانيا، ولدينا المزيد من الشركاء بالطبع، وبالتالي، فإن هذه المناقشة مع حلفائنا جارية على جبهة واسعة من الدول وعلى جبهة واسعة من المواضيع. ولذلك فإن بعض الدول التي لديها خبرة معينة ستبحث عن مشاريع معينة، وإذا كانت تلك المشاريع في موريتانيا، ستوافق عليها الدول. وإذا كان الأمر يتعلق بمشروع في بلد آخر، فإن دولا من الحلف قد تريد التوجه إلى ذلك البلد".
وخلص القائد العسكري في حلف شمال الأطلسي إلى القول: "هذه هي طبيعة النقاشات المستمرة منذ فترة والتي تستغرق وقتا للأسف. لكنني أعتقد أننا عندما نعمل معا وعندما تصل المساعدة، فإن مواقف الدول أن الجميع سعداء للغاية بالجودة وحقيقة أن تلك المساعدة ستثمر فعليا. للأسف، فإن الشراكة قد تستغرق وقتا طويلا بعض الشيء، لكنني أعتقد في النهاية أن الأمر يستحق الانتظار، لأنه تعاون جيد ونوعي".
وهذا نص المقابلة التي تناولت العديد من الملفات الأخرى:
الأخبار: شكرا على هذه السانحة، نحن فريق من وكالة الأخبار، وهي أول وكالة أنباء موريتانية مستقلة، وتنشر أخبارها باللغتين العربية والفرنسية، كما أن لديها منصة رقمية، ولديها اهتمام بالأوضاع الأمنية في منطقة الساحل بشكل عام، كما أن نشرت العديد من التحقيقات الاستقصائية في موريتانيا.
بداية، تصفون موريتانيا بأنها شريك مهم وتاريخي بالنسبة لحلف الشمال الأطلسي، كيف تقيمون التعاون بين موريتانيا ومنظمتكم؟
الأميرال روبيرت باور: التعاون قائم بين موريتانيا وحلف الشمال الأطلسي منذ 29 عاما، وموريتانيا عضو في دول حوار البحر الأبيض المتوسط، وقد انضمت إلى هذا المنظمة سنة 1995. علاقتنا قديمة وجيدة، وعندما نتحدث عن هذه العلاقات نلاحظ أنها شهدت تطورا خلال الفترات الأخيرة، وبالتحديد خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
الأخبار: بالأرقام، كيف يمكننا وصف هذا التعاون، وخاصة في مجال تدريب ودعم الجيش الموريتاني؟
الأميرال روبيرت باور: لن أقدم جميع الأرقام، أعتقد أن 29 عاما من التعاون المستمر هي جانب هذه الأرقام، والجانب الآخر هو السنوات الثلاث الأخيرة التي شهدت تطورا كبيرا وإطلاق ستة برامج التي ستعزز العلاقة وستساهم في التقارب أكثر فأكثر، وهذه البرامج تتعلق بإشراك وحدات من الجيوش العربية في مجالات متعددة وخدمات، وخارج إطار الأرقام والمشاريع هنالك الثقة، وإنجازاتنا لموريتانيا التي تعتبر دعما حقيقيا وتطويرا للقوات الموريتانية أصبحت أقوى مما سيجعل موريتانيا أمة أكثر صمودا.
الأخبار: هل يمكنكم تقديم مثلا واحدا بالأرقام؟
الأميرال روبيرت باور: نحن نعمل الآن مع القوات الخاصة الموريتانية، ونحن بصدد إنشاء وحدة جديدة من القوات الخاصة، وحتى الآن تم تدريب وتكوين من 80 إلى 100 عنصر من القوات الموريتانية، وتلك هي البداية لهذا التدريب الذي سيستمر حتى شهر أغسطس من السنة الجارية.
الأخبار: ما هي أولويات حلف الشمال الأطلسي خاصة في موريتانيا وعموما في منطقة الساحل؟
الأميرال روبيرت باور: أعتقد أن الأولويات بالنسبة لحلف الشمال الأطلسي في موريتانيا هي البرامج الستة التي ذكرت آنفا، ومن بينها:
أولا: الاستخبارات
ثانيا: القوات الخاصة
ثالثا: الأسلحة الخفيفة والذخيرة.
ولدينا برنامج دمج الجنود في المجتمع بعد مغادرتهم للجيش، ونرغب بمساعدة موريتانيا في هذا المجال. وكخلاصة، هذه نماذج من برامجنا، ومن المهم أن نواصل الدعم لموريتانيا من خلال هذه المجالات، ونستقبل الخبراء، ونحرص على نجاح وفعالية هذه البرامج. بالنسبة لمنطقة الساحل هنالك بالفعل بعض القضايا التي تثير قلقنا بشكل كبير كالإرهاب والفقر والجفاف، بالإضافة إلى مشاكل أخرى تساهم في زعزعة الأمن في هذه المنطقة كالحكامة، وهذا يؤدي إلى شعور المواطنين بعدم الطمأنينة مما يرغمهم على الترحال نتيجة غياب الأمن، وهذه الوضعية تخلق مشاكل أمنية لموريتانيا عند وصول هؤلاء الأشخاص إليها وإلى دول أخرى في حال سلكوا طرقا أخرى. إذاً، من المهم لمنطقة الساحل ولشعوب الساحل أن يعود الاستقرار وأن ينعموا بحياة مستقرة، وأن يعيشوا بسلام في منطقتهم.
الأخبار: كما تعلمون تعاني منطقة الساحل من إشكالية الحكم والفقر التي تجعل المنطقة أكثر هشاشة. من وجهة نظر حلف شمال الأطلسي، ما هي أولوياتكم للتعامل لهذه الوضعية؟
الأميرال روبيرت باور: الأمن هو أول أولويتنا، وكل القضايا التي أوردتم مرتبطة بالأمن، فالجفاف مثلا يؤثر على المزارعين الذين يواجهون النقص الحاد في الماء لسقي حرثهم وخضرواتهم وسقي قطعانهم، ونتيجة لهذه الوضعية سيضطرون إلى الترحال والهجرة، وحين يصلون إلى مناطق يسكنها آخرون سينشأ عن ذلك احتكاك. إذاً، فإننا في حلف الشمال الأطلسي ننظر دائما إلى النتائج خاصة في المجالات التي تحدثنا عنها سواء كانت سياسية أو متعلقة بالإرهاب، أو ناتجة عن التغيرات المناخية، ونهتم دائما بالجوانب الأمنية لهذه الإشكاليات على المنطقة أولا، وكذا تأثيرها على منطقتنا عندما تمتد أبعد.
الأخبار: وجودكم اليوم كضابط سام في حلف شمال الأطلسي يعكس أهمية موريتانيا بالنسبة للحلف، لكن بالنسبة لبعض المحللين فإن موريتانيا أصبحت مهمة لكم نتيجة وجود الروس وفاغنر تحديدا في المنطقة، وانتشارها في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وأن هذا تطلب وجودكم هنا في موريتانيا.
الأميرال روبيرت باور: إذا كنتم تظنون أن وجودنا هنا هو نتيجة ظهور مجموعة فاغنر في النيجر ومالي وبوركينا، فإن هذا غير صحيح. كما أسلفت نحن نعمل معا منذ 29 سنة، أنا لست الضابط السامي الأول الذي يترأس هذه اللجنة، والذي يقوم بزيارة موريتانيا، لدينا روابط كثيرة، وهنالك الكثير من الزيارات الرسمية التي تنطلق من مقر الحلف، وأنا الضابط الأعلى رتبة في حلف الشمال الأطلسي، وأود من خلال زيارتي أن أعطي الإشارة بأننا نولي أهمية قصوى لهذا التعاون، وأنا شرعنا في برامج تعزيز قدرات القوات المسلحة الموريتانية تتعلق بالمجالات الستة التي أشرت إليها، وأن نواصل المحادثات والتقييم المتبادل، وهل شركاؤنا الموريتانيون راضون عن مستوى التعاون بيننا، وسأصطحب معي إلى بروكسل نتائج هذه المحادثات، كما ينبغي أن نعمل معا على دعم هذه العلاقات، ومن جهة أخرى من الأكيد أنه ثمة قلق اتجاه مجموعة فاغنر.
الأخبار: إذا، نعلم أن منطقة الساحل تواجه مشاكل وتحديات متعلقة بالتنمية والاقتصاد، ونعلم أن حلف الشمال الأطلسي يعني بقضايا الأمن أساسا، في إطار التنمية والاقتصاد هل لديكم آليات لدعم هذه الدول في مواجهة هذه المشاكل؟
الأميرال روبيرت باور: صحيح، أنه هناك ارتباط بين الاقتصاد واستقرار الدول، وكذلك ارتباط بالأمن، لقد ناقشنا ذلك سابقا عندما تحدثنا عن الساحل، بالفعل هنالك ارتباط، لكن حلف الشمال الأطلسي لا يعنى بقضايا الاقتصاد خاصة مع شركائنا، إذا كان ذلك المحور الأساسي لأسئلتكم، فإنني أقترح عليكم التواصل مع ممثل بعثة الاتحاد الأوروبي في موريتانيا، وسيكون بوابة جيدة لنقاش هذه القضايا، وبالفعل نحن ننسق مع الاتحاد الأوروبي، ولذا هنالك روابط، لكن هذا المجال ليس مجال التركيز الأولى بالنسبة لحلفنا.
الأخبار: نلاحظ أنه في مجال التعاون العسكري، هناك الإجراءات كثيرة، ومساطر بيروقراطية طويلة جدا، هل يمكن أن تكون موريتانيا استثناء منها؟
الأميرال روبيرت باور: إنني أتفهم المخاوف. وفي الوقت ذاته، فإن الناتو منظمة تتكون من 32 دولة، هذا عدد كبير. أعني، إذا نظرتم إلى عدد شعوب الحلف، فنحن نتحدث عن مليار شخص ندافع عنهم. إنه منظمة ضخمة من حيث المسؤوليات التي تقع على كاهلها. بالتأكيد هناك الكثير من البيروقراطية وهناك الكثير من المناقشات داخل التحالف لأن الطريقة التي يعمل بها على مستوى اتخاذ القرار هي:
أولا، يجب أن يتفق التحالف ككل على هل سنكون شريكا مع موريتانيا؟ وهذا في حد ذاته يستغرق وقتا. وبمجرد أن نتفق على إقامة شراكة مع موريتانيا، يتوجب علينا الاتفاق على النقاط الستة. حينها سيتوجب على حلف شمال الأطلسي أن يجد قوات تمده بها دول التحالف لأن الحلف نفسه ليست لديه قوات. القوات التي لدينا هي قوات الدول الأعضاء.
وعند الفراغ من هذا كله، سيبدأ الحلف نقاش مسألة تطبيق بنود الشراكة مع جميع الأعضاء الـ32 الذين هم على استعداد للقيام بالموضوع نقطة بنقطة في موريتانيا، ولدينا المزيد من الشركاء بالطبع، وبالتالي، فإن هذه المناقشة مع حلفائنا جارية على جبهة واسعة من الدول وعلى جبهة واسعة من المواضيع. ولذلك فإن بعض الدول التي لديها خبرة معينة ستبحث عن مشاريع معينة، وإذا كانت تلك المشاريع في موريتانيا، ستوافق عليها الدول. وإذا كان الأمر يتعلق بمشروع في بلد آخر، فإن دولا من الحلف قد تريد التوجه إلى ذلك البلد. هذه هي طبيعة النقاشات المستمرة منذ فترة والتي تستغرق وقتا للأسف. لكنني أعتقد أننا عندما نعمل معا وعندما تصل المساعدة، فإن مواقف الدول أن الجميع سعداء للغاية بالجودة وحقيقة أن تلك المساعدة تنفع فعليا. للأسف، فإن الشراكة قد تستغرق وقتا طويلا بعض الشيء، لكنني أعتقد في النهاية أن الأمر يستحق الانتظار، لأنه تعاون جيد ونوعي.
الأخبار: اليوم، ألا يشعر حلف الشمال الأطلسي بالقلق تجاه التحالف الجديد الذي أعلنته عدة دول في الساحل، وتحديدا مالي والنيجر وبركينا فاسو؟
الأميرال روبيرت باور: أولا، من الضروري أن نشير إلى أن حلفنا يتكون من اثنين وثلاثين دولة ذات سيادة، إذا كل هذه لدول انضمت بخيارها الذاتي لحلف شمال الأطلسي، ولم يتم إرغام أي منها، هذا يعني أننا نعتقد كتحالف أن كل دولة لديها الحق في اختيار مستقبلها الخاص وحلفائها. إذاً الدول التي تحدثتم عنها وهي مالي والنيجر وبوركينا فاسو اختارت ان تسمي نفسها دول الساحل الثلاث، هذا خيارها ونحن لا نعارضه، نحن قلقون فقط إذا تسببت هذه الدول الثلاث في خلق بعض الأضرار الأمنية التي يمكن أن تضر ببعض جيرانها التي تربطنا بهم شراكة أو تضر بنا نحن، وبالتالي نحن لسنا ضد أي تحالفات معينة، ولكن ننظر ونتابع ما تقومه به بعض الدول أو التحالفات وما إذا كان ضارا، وسنقومه ونناقشه.
الأخبار: أعتقد أنكم على علم بالأحداث التي تجري على الحدود المشتركة بين موريتانيا ومالي، والتي تتهم مجموعة فاغنر بتنفيذها ضد مواطنين موريتانيين؟
الأميرال روبيرت باور: إذا كانت فاغنر تقوم بعمليات تشكل خطرا على الشعب الموريتاني أو على الحكومة بشكل عام، فهذه أولا هذه مسؤولية الحكومة الموريتانية لمواجهة هذا الخطر، لكن يمكننا أن ندعم أو نساعد في مجال السيطرة على الحدود، وكيف يمكن أن نطور القدرات الموريتانية ونحسنها إذا كان هنالك طلب من الحكومة الموريتانية، وسنعلب دورا في هذا المجال، لكن لا يمكننا أن نلعب دورا مباشرا في أي نزاع في هذه المنطقة لأننا ليست لدينا مأمورية أو صلاحية في ذلك. إذا يمكننا أن نساعد الحكومة الموريتانية من خلال التدريب والتكوين، وإذا كان هنالك خطر يمكننا أن نتبادل المعلومات في هذا الصدد وفق اختصاصنا.
الأخبار: نرى أن القوات الأمريكية المتمركزة في النيجر على وشك المغادرة، ويعتقد بعض المراقبين الاستراتيجيين أن وجهتها قد تكون موريتانيا، وربما تستقر فيها، ما هو تعليقكم على هذا الأمر؟
الأميرال روبيرت باور: إذا كانت أمريكا تود سحب بعض قواعدها من بلد إلى آخر فذلك شأن خاص بها، وإذا أرادت أن تحول قاعدة لها إلى موريتانيا فعليها الحديث مع الحكومة الموريتانية، إذا هذا هو الإجراء المعهود.