الأخبار (سيلبابي) ـ لا يزال الخبز التقليدي المصنوع بوسائل بدائية هو الخبز الوحيد المتوفر في مدينة سيلبابي عاصمة ولاية كيدي ماغا جنوب البلاد.
فرغم توفر خدمات الكهرباء بالمدينة ومحاولة بعض التجار إنشاء مخابز عصرية فإن سكان الولاية الجنوبية ظلوا أوفياء للخبز التقليدي الذي يعرف محليا باسم "انبور لحطب".
الخبز الصامد
رغم اختفاء كثير من أنماط العيش التي ألفها الناس في العقود الماضية فإن بعضا من الأنماط استطاع المحافظة على تصدر المشهد المعيشي بجدارة كما هو حال الخبز التقليدي في سيلبابي.
مع كل فجر يستيقظ عمال المخابز في سيلبابي، ليوفروا للسكان مبتغاهم من الخبز التقليدي الذي يأنسون لروائحه المبشرة بانبلاج صبح جديد، في مدينة تستعصي على الحداثة ووسائلها المغرية كما هو حال مدن الداخل الموريتاني.
في سيلبابي قد تختفي معالم ويتقاعد خبازون وتهاجر أسر ويتبدل ولاة ويتغير حكام ويطرأ قضاة ومعلمون وأساتذة لكن الخبز التقليدي ظل محافظا على شكله ولونه وطعمه ورائحته حسب السكان مما جعل له رمزية في المدينة شعارها الوفاء المتبادل.
بساطة الوسائل
البساطة هي المميز الأهم في صمود الخبز التقليدي في سيلبابي، فطريقة الإعداد ومكانه وكيفية عرضه كل ذلك يتم بوسائل بدائية حافظ الخبازون عليها منذ بدء الخبز في المدينة وحتى اليوم.
لا يزال الخبازون في سيلبابي يعتمدون الطرق التقليدية في إعداد الخبز الذي يطهى في تنور تقليدي كبير مشيد من طين ملحق بغرفة صغيرة يجلس فيها الخباز لإعداد الخبز بجميع مراحله من العجن وحتى يجهز للعرض.
بساطة الوسائل تمتد إلى عرض الخبز وتسويقه؛ فلا زال باعة الخبز يسوقونه بطريقة بسيطة مع اجتهادهم على رصه حتى يبدو أكثر جاذيبة.
فعلى طاولات خشبية تقف على قضبان حديدية في شوارع سيلبابي يعرض الباعة خبزهم وقد يستظلون بتلك الطاولات إذا قل الزبناء ولسعتهم شمس سيلبابي في فصل يعتبر الأسخن في الولاية.
مضايقات وشكاوى
رغم صعوبة مهنة الخبز وأهميتها في حياة الناس فإن باعة الخبز في سيلبابي يشكون من مضايقات مستمرة لهم، ومن نظرات تصل حد الإهانة بعض الأحيان مما جعل همومهم تتضاعف بتضاعف المضايقين والمطاردِين في سيلبابي.
فالبائع جبريل ولد مسعود يتكلم بحميمية عن السوق الذي يعمل بجنبه لكنه يشفع تلك الحميمية بعتب مرير يشكو صاحبه أصحاب السيارات والعربات والشرطة التي تطردهم من على الشارع المبلط الذي يحتمون به في موسم الأمطار التي تملأ الشوارع ماء.
ونفس الشعور يشاركه فيه البائع ألاجي لو الذي يبدأ عمله من السادسة صباحا وحتى المغرب، فلولا الحاجة والانسجام الذي يبدو على باعة الخبز في سيلبابي لتركوا هذه المهنة التي جمعت بين ضعف الدخل وبدائية الوسائل ومضايقة الناس ونظرتهم الدونية، بحسب ألاجي وولد مسعود.