على مدار الساعة

موريتانيا وتحالف دول الساحل.. قوة إقليمية فعّالة بمواجهة التهديدات الإرهابية

8 يونيو, 2024 - 10:25
محمد صادق / باحث في شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

تعتبر منطقة ليبتاكو غورما حيث تتلاقى حدود دول منطقة الصحراء والساحل الأفريقي النيجر، مالي، وبوركينا فاسو مرتعاً للجماعات المسلّحة، التي ارتكبت كثير من الأعمال الارهابية، وتسببت في عدم الاستقرار وزعزعة أمن المنطقة بأكملها خلال العقد الماضي.

إلى جانب ذلك، لم تتمكن القوات الدولية (الأوروبية والفرنسية) العاملة في المنطقة من تحقيق الأمن والاستقرار للسكان، بل على العكس ارتفع معدل العنف، حسب المؤشر العالمي للإرهاب، وازداد السكان فقراً وجوعاً وزاد انتشار الجهل والإرهاب، وهذا ما دفع سكان تلك الدول وبعض قادة الجيش للثورة ضدهم.

لذا، وبحسب الباحث المتخصص بشؤون الجماعات الإرهابية بجامعة باماكو محمد أغ إسماعيل، وقعت مالي والنيجر وبوركينا فاسو اتفاق "ليبتاكو غورما" في سبتمر من العام الماضي 2023، لإنشاء تحالف دول الساحل. ويأتي في مقدمة أهدافه محاربة الجماعات الإرهابية التي تنشط في المنطقة الحدودية المشتركة بين الدول الـ3"، إضافة للتعاون الاقتصادي وتحقيق التنمية فيما بينهم.

وبحسب إسماعيل، فإن تشكيل الدول الثلاث قوة عسكرية دفاعية مشتركة لمحاربة "الجماعات الإرهابية" بعد اجتماع قادة أركانهم في نيامي بآذار مارس من العام الحالي، يأتي كنتيجة لاتفاق ليبتاكو غورما الذي تم توقيعه في 2023.

 

 أهمية تحالف دول الساحل في مكافحة الارهاب 

وفقاً للمعلومات والتقارير المتداولة في وسائل إعلام أفريقية ودولية، فقد شن تحالف دول الساحل العديد من العمليات العسكرية الناجحة ضد الجماعات الإرهابية المنتشرة في المنطقة، ولكنها أدت في الوقت نفسه إلى فرار الجماعات المسلحة إلى البلدان المجاورة مثل موريتانيا.

في السياق ذاته، وفقاً لبعض الباحثين والخبراء، فقد لعب الجيش المالي دوراً هاماً بمكافحة الإرهاب بعد توقيعه لعدّة اتفاقيات تعاون مع الجانب الروسي، الذي أشرف ودعم تلك العمليات على امتداد أراضي مالي، حيث مكن هذا الدعم مالي من استعادة السيطرة على مناطق مهمة وشاسعة في البلاد، كما ساهمت في تحييد عدد كبير من الإرهابيين، الذين بدأوا بالفرار تجاه الحدود الموريتانية، مما يشكل تهديد لموريتانيا.

وبحسب الباحث المتخصص بشؤون الإرهاب والجماعات المتشددة عثمان البجيرمي، فقد اكتسبت قوات الجيش في مالي خبرة عسكرية كبيرة في مواجهة التنظيمات الإرهابية وخاصة بعد مرور أكثر من عقد من الزمن على الحرب المفتوحة بين القوات المسلحة المالية والحركات الجهادية كتنظيمي "القاعدة" و "داعش" الإرهابيين. حيث تنشط هناك جماعات مسلحة متعددة الخلفيات، منها ذات البعد الأيديولوجي، مثل "بوكو حرام" وتنظيم "القاعد" و"حركة الجهاد والتوحيد في غرب أفريقيا" ومنها ذات البعد القبلي.

وبعد الهزيمة الكبيرة التي تعرض لها الإرهابيون شمالي مالي، لم يعد لديهم أي وسيلة أخرى للمواجهة، لذا لجأوا للهرب باتجاه الحدود الموريتانية، التي تفصل بين البلدين على بعد حوالي 2237 كيلومترًا قبالة الصحراء الكبرى.

 

كيف تعاملت الجارة الموريتانية مع التهديدات الإرهابية

في سياق متصل، أعلن وزير الدفاع الموريتاني حنينا ولد سيدي، في شهر أيار مايو الماضي، خلال جولته على الحدود مع مالي وفي إقليمي العدل بكرو وباسكنو، أن جيشه قادر على ضمان وحدة الأراضي. وحماية المواطنين وممتلكاتهم. وشدد ولد سيدي على أن العلاقات مع مالي بنتها أجيال في ظروف صعبة وحظيت بالاحترام منذ زمن طويل، مؤكدا أن الرئيس الموريتاني بعث برسالة إلى نظيره المالي تضمنت أهمية الحفاظ على أمن مواطني البلدين.

حيث انتشرت القوات المسلحة الموريتانية في المنطقة الحدودية مع مالي، التي منحت بدورها منطقة باماكو للجيش الموريتاني كمساحة جديدة للقيام بعمليات المراقبة. كما تم إنشاء دوريات مشتركة وممرات آمنة للمدنيين. 

وكان قد وصل إلى العاصمة الموريتانية نواكشوط في ابريل الماضي، وفد من مالي في زيارة عمل بهدف تعزيز التعاون بين البلدين. كما تمت مناقشة مسألة مكافحة التهديدات الإرهابية عبر الحدود، لما لها من تأثير سلبي على موريتانيا.

 

الثقل الموريتاني في الحرب ضد الإرهاب

وبحسب الخبير في قضايا الإرهاب والأمن الدولي، محمد باباجان، فإن مكافحة التهديد الإرهابي في المنطقة الحدودية بين مالي وموريتانيا تتطلب تعاوناً وثيقاً بين البلدين، وكذلك مع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية الأخرى.

وبحسب باباجان فإن موريتانيا قادرة على أن تلعب دوراً هاماً جداً في القضاء على الإرهاب في المنطقة، كما أنها تعتبر واحدة من البلدان الأفريقية التي لديها أدنى مستوى من الإرهاب. بالإضافة إلى أنها تبذل جهوداً مهمة في هذا الإطار. وي حال انضمامها إلى دول التحالف فإن ذلك سوف يشكل قوة إقليمية قادرة على القضاء على الإرهاب بشكل نهائي.  

وبحسب بعض الخبراء والمراقبين فإن الجانب المالي منفتح على التعاون مع الجهات الفاعلة الإقليمية. كما يمكن لموريتانيا أن تساهم في مكافحة الإرهاب بشكل أكثر فعالية، من خلال الانضمام إلى مالي، واتحاد دول الساحل، باتفاق عسكري يضمن الاتصال بين جيوش تلك الدول بهدف الدفاع الجماعي عن المنطقة بمواجهة التهديدات الإرهابية التي تؤثر على التنمية في جميع نواحي الحياة في دول الساحل وموريتانيا ، كما تسبب عدم استقرار وصراعات طائفية، وتهديد للتنمية الاقتصادية في المنطقة من خلال تثبيط الاستثمار الأجنبي وتعطيل الأنشطة التجارية والسياحية.