على مدار الساعة

خبير: منتديات الإصلاح مكنت من تجاوز التحديات أمام قطاع العدالة

10 يونيو, 2024 - 20:01
القاضي هارون ولد عمار ولد إيديقبي (الأخبار)

الأخبار (نواكشوط) ـ  قال القاضي هارون ولد عمار ولد إيديقبي إن منتديات إصلاح قطاع العدالة مكنت من تجاوز التحديات أمام قطاع العدالة، وعلى رأسها "تحدي الإرادة السياسية".

 

وأضاف ولد إيديقبي في حديثه ضمن برنامج "رأي الخبير" الذي تبثه وكالة الأخبار، أنه تم التغلب أيضا على "تحدي الموارد المالية"، مؤكدا أن ميزانية القطاع ارتفعت  من 4 مليار أوقية سنة 2020، إلى 9 مليارات سنة 2024.

 

واعتبر أن مخرجات هذه المنتديات "تمثل أيضا مخرجا موريتانيا صرفا وواضحا، منطلقا من روح العدالة وحاجيات المجتمع وآفاق الاستشراف الواعي للتطوير".

 

وأوضح أن المنتديات جرت بمشاركة المتخصصين والمعنيين بقطاع العدالة "من قضاة وكتاب ضبط ومحامين، وأساتذة جامعيين، وخبراء ورجال اقتصاد وفقهاء وأمنيين".

 

ولفت إلى أنه تم نقاش "مختلف الإشكالات المتعلقة بالعدالة"، وأن وثيقتها الختامية حددت بنود الإصلاح والنهوض بالقطاع العدلي.

 

والقاضي هارون عمار إديقبي حاصل على شهادة الدكتوراه في العلوم الجنائية من جامعة عبد الملك السعدي والدكتوراه في الشريعة الإسلامية من جامعة القرويين في فاس.

 

ويعمل حاليا مديرا للدراسات والتشريع بوزارة العدل، كما عمل في وظائف مختلفة بسلك القضاء، منها نائب المدعي العام في محكمة الاستئناف بولاية نواكشوط الغربية ورئيس محكمة السبخة ورئيس الغرفة المدنية بمحكمة نواكشوط، وغيرها.

 

وهذا نص الحلقة: 
 

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله وسلم على رسوله وآله وصحبه

تشخيص قطاع العدالة يتطلب الانطلاق من الأهمية التي أعطاها رئيس الجمهورية للمحور العدلي من خلال تعهداته التي قدم للشعب الموريتاني، وعلى أساسها انتخب لرئاسة الجمهورية.

وقد كان من أبرز محاور هذه التعهدات أن:

  • تتمتع المنظومة العدلية بكافة مقومات الاستقلالية الفعلية
  • تقريب خدماتها من المواطنين جغرافيا وإجرائيا
  • رفدها بكافة الموارد البشرية والوسائل المادية الضرورية لتصل إلى أعلى مستويات المهنية والشفافية، لتكسب ثقة المواطنين

وتأسيسا على هذه التعهدات التي تحمل تشخيصا واضحا جدا لواقع العدالة ووضعيتها التي كانت عليها قبل المأمورية الأولى لرئيس الجمهورية، حيث كانت الإصلاحات السابقة كانت تتميز بميزات أهمها:

  • الارتهان للظرف الذي تأتي فيه الإصلاحات، ولم تملك الأفق الاستشرافي الموسع
  • ضعف التأثير في إصلاح المشاكل الهيكلية للمؤسسات القضائية.

مما أنتج قضاء دون تطلعات المواطنين، وكان النفاذ إليه محدودا وضعيف الجدوائية، وتحول دون تطويره عقبات كثيرة، وتوجه
إليها انتقادات واسعة، من حيث العدالة والحياد والمهنية.

ينضاف إلى ذلك عجز واسع في البنى التحتية التحتية، وضعف شديد في التجهيزات التقنية، وغياب شبه تام عن التكنلوجيا، إضافة إلى عجز كبير فيما يتعلق بمقاربة إدارة السجون.

ولمواجهة هذه المعوقات كان عمل رئيس الجمهورية موجها إلى إدارة نوعية للقطاع العدلي، وقد أزيلت أغلب هذه العوائق وحلت محلها مسارات ناجعة مكنت من السير قدما نحو العدالة القريبة من المواطنين، وتسهيل النفاذ إلى العدالة، وتعزيز حقوق المتقاضين، وتطوير الرقمنة

وقد تطلب السير نحو هذه الأهداف والتطويرات النوعية وضع إطار عملي للإصلاح، وفق المسارات التي حددتها حكومة الوزير الأول المهندس محمد ولد بلال ولد مسعود أربعة محاور هي:

  • تعزيز الاستقلالية
  • تكريس الضمانات الحقوقية
  • تسريع الولوج للعدالة
  • جودة المخرجات

وقد أنتجت هذه الخطة ما يعرف بالمنتديات التي ناقش فيها الموريتانيون المتخصصون والمعنيون بقطاع العدالة من قضاة وكتاب ضبط ومحامين، وأساتذة جامعيين، وقضاة وخبراء ورجال اقتصاد وفقهاء وأمنيين، مختلف الإشكالات المتعلقة بالعدالة، لتنتهي أعمال المنتديات في وثيقة الإصلاح المهمة التي حددت لنا بنود الإصلاح والنهوض بالقطاع العدلي ومنها:

  • تغيير مهني العدل من خلال تحسين ظروف القضاة وكتاب الضباط وعمال القطاع العدلي بشكل عام
  • اعتماد سياسة واضحة للتكوين والتأطير من خلال إنشاء معهد عال للمهن القضائية وهو حلم تاريخي للقضاة ومهنيي العدالة بشكل عام
  • تحسين الوضعية المادية لمهنيي القطاع العدل

وقم تم الشروع في جزء من هذه البنود منها على سبيل المثال، من خلال علاوة الأعمال الخاصة التي استفاد منها القضاة وكتاب الضبط ومهنيي العدالة بشكل عام، وكذلك منح قطع أرضية في مناطق راقية من العاصمة لصالح مهنيي القطاع العدلي.

كما أن الغلاف المالي المخصص للتكوين يتطور بشكل مستمر لصالح القضاة ومهنيي العدالة.

  • تسهيل النفاذ إلى العدالة: سواء كان عبر تسهيل النفاذ إلى المعلومة القانونية، أو الأحكام الصادرة التي تحل مشاكلهم، وقد تم في هذا المجال إنتاج الحقيبة القضائية وتحويلها لاحقا إلى تطبيق إلكتروني يستفيد منه كل الموريتانيين، وهو إنجاز مهم يحسب دون شك لرئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، ولوزير العدل السيد محمد محمود ولد عبد الله ولد بيه الذي أشرف على هندسة الإصلاح في هذه المأمورية
  • جودة فعالية القضاء: عبر تسهيل المساعدة القضائية، وكذلك تشجيع آليات البت التصالحي بين المواطنين، من خلال اعتماد دور الوساطة القضائية، وانتشر أيضا في كل محاكم موريتانيا، مصلحون مكلفون بالوساطة، والمصالحة فيما يمكن المصالحة فيه.
  • إصلاح القضاء الجنائي: من خلال إصلاح إدارة السجون وهيكلتها بإدارة، حيث أصبحت تتبع لها إدارات متعددة، تعمل على الإصلاح الجنائي في مختلف المؤسسات العقابية والإصلاحية في موريتانيا.
  • إعادة الاعتبار للخارطة السجنية في موريتانيا، حيث تمت عقلنتها بما يتناسب مع القضاء الجنائي في موريتانيا، حيث كانت هنالك سجون مبعثرة في بير أم اكرين وانبيكه، بينما كانت مراكز الاكتظاظ في موريتانيا، والآن تشرف وزارة العدل على أكبر سجن في البلاد، بسعة 1700 سرير، وهو ما سيحل للأبد إلى مشكلة الاكنظاظ

وأشيد هنا بالتجرية التي وقعت في سجن انبيكه، حيث تم تأهيل وتأطير عدد كبير من السجناء ودمجهم في الحياة النشطة، ليكونوا مواطنين صالحين وفاعلين.

  • رقمنة العدالة: وقد شهدت العدالة في موريتانيا رقمنة كبيرة في هذا المجال من خلال إنشاء الأحكام والمستندات، والسجل التجاري عبر تطبيقات إلكترونية واضحة، لتسهيل ولوج المستثمرين والفاعلين الاقتصاديين إلى هذا المجال، إضافة إلى القواعد المعلوماتية لتسيير نزلاء السجناء، وقد أنشأت لذلك أول إدارة في موريتانيا خاصة بالرقمنة، وتم إنشاء هذه الإدارة، إضافة إلى إدارة مهمة أخرى وهي إدارة التعاون القضائي.

 

 

أمام التحديات

يمكن القول إنه تم تجاوز كثير من التحديات وأبرزها:

  • تحدي الإرادة السياسية: وقد تجاوزنا ذلك العائق من خلال برنامج رئيس الجمهورية، وكذا أداء معالي وزير العدل.
  • الرؤية الواضحة لتطوير العدالة: وقد تم الأمر كذلك من خلال مخرجات المنتديات الوطنية لإصلاح العدالة، والتي تمثل أيضا مخرجا موريتانيا صرفا وواضحا، منطلقا من روح العدالة وحاجيات المجتمع وآفاق الاستشراف الواعي للتطوير
  • تحدي الموارد المالية: ويمكن القول إن هذا التحدي يرتفع بشكل متصاعد، حيث ارتفعت ميزانية وزارة العدل من أقل من مليار سنة 2006 إلى 4 مليار أوقية سنة 2020، إلى 9 مليارات سنة 2024، تمهيدا لوصولها
    إلى 7%  من ميزانية الدولة، وفق ما تقترح وثيقة المنتديات، وهو ما يعني السير الحثيث والتطوير المتواصل، والآفاق الأكثر آمالا لتحقيق الدور الطلائعي للعدالة في بناء الدولة وإخاء المجتمع.