على مدار الساعة

تواصل في قلب الحدث

8 يوليو, 2024 - 17:57
اكناته ولد النقرة: قيادي في حزب تواصل

ظل حزب تواصل يتصدر المشهد الوطني المعارض منحازا إلى هموم المواطنين وقضاياهم التي كان طرحها والدفاع عنها شغله الشاغل في مواجهة السياسات الجائرة للنظام، فكانت قضايا من مثل الغلاء واستشراء الفساد على اختلاف  أشكاله وتمظهراته وتعزيز الهوية الإسلامية وصيانة الوحدة الوطنية وتفشي البطالة في صفوف القوى النشطة الشابة وغيرها وتراجع الحريات العامة وتردي القطاعات الخدمية من صحة وتعليم وماء وكهرباء وبنى تحتية، عناوين بارزة لمهرجاناته الخطابية وتجمعاته السياسية ومداخلات نوابه ومساءلاتهم في الجمعية الوطنية إلى جانب بياناته وخرجاته الصحفية.

 

فتواصل يكاد ينفرد بأنه الحزب الوحيد الذي نظم منذ مطلع  العام ولغاية افتتاح الحملة الانتخابية منتصف الشهر الماضي مالايقل عن 8 مهرجانات جماهيرية كبيرة مابين العاصمة والداخل،حيث كان مهرجان "الشعب يعاني" المنظم في العاشر من فبراير الماضي بالعاصمة أضخمها على الإطلاق ،علاوة على عشرات التجمعات الجماهيرية في الاتحاديات والأقسام  التابعة للحزب ،كما أصدر في نفس الفترة مايزيد على 12 بيانا صحفيا أي بمتوسط بيانين كل شهر ، تناول فيها بالنقد والتوجيه مجمل الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية القائمة بالبلد انطلاقا من تشخيص علمي موضوعي ورؤية اصلاحية توازن في ترجيحها بين جلب المصالح ودرء المفاسد، مراعاة لمقتضى المصلحة العامة للبلد ومواطنيه، لامصالح الحزب وحسب.

 

وهكذا شدد الحزب النكير على غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار في مهرجان "الشعب يعاني" محملا النظام مسؤولية تردي الأوضاع المعيشية للمواطنين والارتفاع  المتزايد في نسب من أصبحوا يعيشون تحت خط الفقر ،وأدان في أكثر من بيان قمع المتظاهرين السلميين المتضررين من سياسات الحكومة في مجال الإصلاح العقاري الزراعي بمقاطعة اركيز ،جنبا إلى جنب مع إدانة قمع الأطباء المقيمين، كما استهجن توقيف عناصر من الدرك الوطني لوفد من الفريق البرلماني للحزب كان في طريقه للإطلاع على أوضاع المنقبين في ورش التنقيب بمقاطعة الشامي.

 

وكان الحزب  أيضا في طليعة  المنددين في أكثر من موقف له وبيان بالبروتوكول الموقع بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي حول الهجرة  لانعكاسات ذلك السلبية على مستقبل الاستقرار والسلم الاجتماعي بالبلد،كما انتقد الحزب الأوضاع الوظيفية المزرية  للمدرسين وأعرب عن تضامنه معهم ورفضه تقليص مخصصات علاوة البعد الممنوحة لهم بدل زيادتها ،كما كان لقضية الأمة المركزية (فلسطين) نصيبها الوافر هي الأخرى في مناشط الحزب وبياناته.

 

كان الحزب مدركا كذلك لأهمية التعاون والتنسيق  مع قوى المعارضة والحاجة الماسة لبلورة  موقف مشترك في مواجهة سياسات النظام ومايطرحه من مبادرات تأخذ في أغلب الأحيان طابع التشاور السياسي أكثر من الحوار المتكافئ والجاد،وظل حريصا على خيار الدفع بمرشح توافقي لقوى المعارضة في الاستحقاق الرئاسي المنظم لتوه، فكان آخر من يحسم في موضوع الترشيح أملا في حصول قدر أدنى من التوافق بين قوى المعارضة التي فرقتها الأجندات الخاصة بحسابات المصالح الضيقة للقوى أو المجموعات الداعمة لهذا المرشح أو ذاك،بغض النظر عن وجود حظوظ حقيقية فيما يتعلق بإمكانية المنافسة على المقعد الرئاسي.

 

كل هذه الأحداث والوقائع وغيرها كثير مما تناولته المهرجانات والبيانات والنقاط الصحفية وعمل الفريق البرلماني للحزب،وتجاوزناه خشية،الإطالة نجده مرقوما بشواهده على موقع الحزب وصفحته على الشبكة العنكبوتية.

 

وهذه المواكبة عن كثب للأحداث الداخلية والخارجية المؤثرة ظلت الطابع الغالب على السلوك السياسي للحزب مواقف وخيارات طوال سني المأمورية الفارطة للرئيس الحالي وسني سلفه ولد عبد العزيز، ويكمن  الفارق الملاحظ  لدى البعض في التعاطي السياسي مع النظامين في طبيعة الكيمياء السياسية لكل من الرجلين وحنكته  في اجادة لعبة "شراء الوقت" لصالح المزيد من محاولات الخداع الاستراتيجي لأفرقاء  الساحة السياسية، فكلاهما كان يشترك في توظيف أدوات الدولة الصلبة والناعمة على حد السواء، فولد عبد العزيز أمعن في استخدام القوة الصلبة ضد معارضيه فأثمرت جهوده بالإضرار سياسيا وإن بدرجات متفاوتة بأغلب خصومه من المعارضة، ماتسببت مفاعيله لاحقا في خروج أغلب مكوناتها التاريخية من ساحة التأثير السياسي الفعلي في الأحداث. 

 

فيما نجح الرئيس ولد الغزواني إلى حد كبير في توظف الأدوات الناعمة للدولة تحت يافطة ماسمي وقتها بالتهدئة السياسية التي لم تكن أكثر من الوجه الآخر للإجهاز على ماتبقى من الديناميكية السياسية للفعل المعارض وقدرته على المبادءة  والمناورة بعيدا عن مواقيت النظام السياسية وأفانينه المتقنة في التحكم في المشهد عن بعد،ومن الطبيعي والحال هذه أن تختلف أساليب التعاطي والتكيف السياسي وفقا لذلك بين طرف وآخر.

 

ولعل من الموضوعي الاعتراف هنا بأن قوى المعارضة الديمقراطية قد استغرقت وقتا أكثر من اللازم في فهم وتحليل الميكانيزمات السياسية التي يدير بها النظام لعبته ،وبالتالي اتسعت بين أطرافها مساحات التأويل لسلوك النظام مامنح الأخير مزيدا من الوقت لمحاولة الإلتفاف من حولها وإضعافها جماهيريا في مايمكن تسميته "بربيع 2023  الانتخابي" الحكومي وماسبقه من مناورات ومساومات تتعلق بالحوار السياسي بين النظام  والمعارضة، فكان من نتائج تلك الحركة الالتفافية خروج أحزاب وطنية عريقة في الفعل المعارض بالجملة خاوية الوفاض من الساحة وتقليص مساحة حضور قوى معارضة أخرى بالقدر الذي سمحت به آليات التزوير وسرقة أصوات الناخبين المفضوحة.