على مدار الساعة

بين يدي مأمورية جديدة للرئيس غزواني

31 يوليو, 2024 - 02:44
محمدن ولد باب ولد حمدي - الأمين الاتحادي لحزب الإنصاف الترارزة

أَلَحَّتْ عليَّ خواطرُ كثيرةٌ في هذه الأيام التي نستقبل فيها مأمورية جديدة لصاحب الفخامة محمد ولد الشيخ الغزواني، ونودع أخرى حافلة بالإنجاز والعطاء وخدمة الوطن والمواطنين.

 

انتبهتُ في ثنايا هذه الخواطر إلى ما يسود العلاقةَ بيننا - معاشر الموظفين - من صفاء الود وارتفاع الكلفة والحرج، وشيوع الثقة، رغم اختلاف الأهواء والانتماءات والتوجهات السياسية، فربطتُ ذلك تلقائيا بجو التهدئة السياسية ومَدِّ اليد إلى المعارضين الذي سَنَّهُ فخامة الرئيس منذ تسلمه مقاليدَ السلطة، وتذكرت في هذا السياق ما ترويه كتب التاريخ والأدب من أن الناس في زمن الحَجَّاج كانوا إذا أصبحوا تساءلوا: مَنْ قُتِلَ البارحةَ؟ ومَنْ صُلِب؟ وفي زمن الوليد بن عبد الملك كانوا يتساءلون عن البنيان والمصانع وشَقّ الأنهار وغرس الأشجار، وفي زمن أخيه سليمان كان حديثهم عن طَيِّبِ الطعام وفاخر الثياب وحَسَنِ الجواري، أما في زمن عمر بن عبد العزيز فكان بعضهم يسأل بعضا: كم حفظتَ من القرآن؟ وكم وِرْدُك كل ليلة؟ وكم تصوم من الشهر؟

 

ولعل هذا أكبرُ دليل على النظرية التي تقول إن صلاح الرعية يكون من صلاح حاكمها، ولا يفتقر هذا الرأي إلى شواهدَ من تاريخنا؛ فقد أصلح الله تعالى بعمر بن عبد العزيز في عامين ما أفسدته عقودٌ من الجور والانحراف عن منهاج النبوة والخلافة الراشدة، وأعاد الله تعالى للأمة عِزَّهَا بصلاح الدين الأيوبي بعد سنين طويلة من الذل والهوان...

 

ولنا الحق في أن نعتقد أن حالنا سيصلح وأمرنا سيرشد في العهد الميمون لفخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، وما لنا لا نجزم بذلك وقد رأينا أَمَارَاتِه بارزة، وآياتِه شاخصة؟

 

لقد تسلم فخامة الرئيس مقاليد الحكم بعد اقتراع 22 يونيو 2019، ورافق ذلك واقعٌ دوليٌّ اتسم بالتعقيد والصعوبة، بسبب تداعيات الجائحة، وانقطاع سلاسل التموين الغذائية جَرّاء حرب روسيا وأوكرانيا.

 

وفي مثل تلك الظروف الاستثنائية تمكن فخامة الرئيس بحكمته وعبقريته من إرساء سفينة الوطن على بر الأمان، وتميزت مأموريته الأولى بانحياز صريح للفئات الهشة، ولعبت مندوبية "التآزر" دورا لا يستهان به في تنفيذ مشاريعَ تنمويةٍ كبرى غيّرت وجه البلاد، فقد سعت إلى توفير السكن الاجتماعي والتأمين الصحي، وتشييد المدارس والمنشآت الصحية والرياضية، وبناء السدود والجسور.

 

وقد أولى فخامته عناية فائقة لإصلاح المنظومة التعليمية، بإطلاق مشروع المدرسة الجمهورية، وانعكس تطبيق ذلك المشروع الطموح بشكل جلي على مستويات التلاميذ؛ إذ تحسنت نسب النجاح تحسنا لا مجال لِلْمِرَاء فيه، وارتفعت نسبة التغطية التربوية بشكل لم يسبق له مثيل، سواء كان ذلك على مستوى المدارس أو على مستوى المعلمين والأساتذة.

 

ويُنتظَر على المدى المتوسط أن يسهم مشروع المدرسة الجمهورية هذا في توطيد دعائم الوحدة الوطنية بفرض الزي المدرسي الموحد، وحصرية تدريس المرحلة الأساسية من التعليم في المدارس العمومية.

 

وبفضل الحنكة السياسية لفخامة الرئيس، وحسن تدبيره، وثاقب رأيه، بقيت بلادُنا جزيرةً وادعةً آمنة في بحر متلاطم من القلاقل والاضطرابات، أغرق بلدانا كثيرة في جوارها ومحيطها الإقليمي.

 

وكان لحضور بلادنا على المستوى الدبلوماسي دورٌ فعّال في حلحلة أزمات مستعصية، تُوِّجَ باختيار فخامة الرئيس على رأس منظمة الاتحاد الإفريقي.

 

وقد تحلى فخامته بشجاعة فائقة، تليق بأمثاله من النبلاء، حين انحاز لجميع القضايا العادلة في العالم، وفي طليعتها نضال الشعب الفلسطيني لإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وأدان بقوة وحزم الجرائمَ التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني في حق هذا الشعب الأبي.

 

إن منجزاتِ المأمورية الأولى تجعلنا نتطلع بثقة إلى مستقبل مشرق في المأمورية الجديدة، التي يتوقع أن يبدأ إنتاج الغاز في عامها الأول، وقد أكد فخامة الرئيس في خطابات حملته الانتخابية الأخيرة حِرْصَهُ على أن تكون مداخيلُ الثروة الجديدة في أَيْدٍ أمينة، وسينعكس ذلك من غير شك على حياة الموريتانيين في وقت وجيز بتدعيم البنى التحتية وتحسين الوضع الاقتصادي.

 

وخلال المأمورية الميمونة الثانية، التي تنطلق بعد أيام قليلة، يتطلع الشباب الموريتاني في لهفة إلى المكانة المرموقة التي سيحتلها في سُلَّم اهتمامات الحكومة، بوصفه القوة الرافعة والعمود الفقري لأي تنمية راشدة، وهو أمر أكدته بوضوح تعهداتُ فخامة الرئيس إبان الحملة الرئاسية، ومنها: إنشاءُ وكالة للشباب تضاهي وكالة "التآزر"، تُعْنَى بمشاريع تكوينِ وتشغيلِ وتمكين الشباب، ستترك أنشطتُها في القريب العاجل آثارا إيجابية واضحة على حياة الشباب وعلى التنمية الوطنية بصفة عامة.

 

ولن أثني عنان القلم، وأنا أُدَوِّنُ هذه الخواطرَ، قبل تسجيل ارتياحي وفرحتي الغامرة لأن ولاية الترارزة ساهمت في اختيار هذا المشروع المجتمعي الفريد منذ خطاب فاتح مارس 2019، سواء كان ذلك على مستوى التعبئة والحشد للمشروع نفسه، أو على مستوى الانتخاب والاختيار، فقد حل الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، خلال اقتراع 29 يونيو 2024، في الترتيب الأول بِنِسَبٍ تثلج الصدور في جميع مقاطعات وبلديات وقرى وتجمعات الترارزة. وقد تكرر الأمر قبل ذلك في الانتخابات البرلمانية والجهوية والبلدية في مايو 2023، حين نجح جميعُ مرشحي المشروع المجتمعي لفخامة الرئيس دون استثناء، ومُثِّلَ حزب الإنصاف بجميع مقاعد الجمعية الوطنية المخصصة للولاية ولأول مرة.

 

وكانت رسالة جماهير الترارزة من خلال ذلك واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار: إنها لا تستجيب إلا للبرامج الانتخابية الموضوعية والعقلانية، وتضرب عرض الحائط بالدعايات الشعبوية والشرائحية التي لا تخدم السلم والأمن والاستقرار.

 

فخامةَ الرئيس..

أرفع إليكم، أصالة عن نفسي ونيابة عن جميع سكان الولاية، كامل التأييد والمساندة والتهنئة بهذا الفوز الباهر، وأنا سعيد بأن أؤكد لكم أن مشاعر سكان الولاية تُرَاوِحُ بين فرحة فوزكم بمأمورية جديدة، وتَرَقُّبِ وعودكم الناجزة بإذن الله خلال هذه المأمورية.

 

وبدوري تشرفت خلال الحملة الماضية، ورغم انشغالاتي المهنية وظروف اختتام العام الدراسي وأجواء الامتحانات، بالمشاركة في الأنشطة والتظاهرات المنظمة في مقاطعة روصو دعما ومساندة لحملتكم الانتخابية، وسعيتُ بفعالية إلى تنشيط منسقية التعليم على المستوى الجهوي والمقاطعي، ودعمتُ كل المبادرات التي تبناها الأطر والفاعلون في المقاطعة، كما شاركت في جميع المساهمات الداعمة للحملة.

 

وفي هذه الأيام أعكف بجد ومثابرة مع زملائي في الهيئات الحزبية في الولاية، بصفتي الأمين الاتحادي لحزب الإنصاف، على التحضير لحفل تنصيبكم رئيسا للجمهورية الإسلامية الموريتانية. كما أخطط مع هيئاتنا الحزبية على المستوى الجهوي والمقاطعي على إعداد برنامج طموح ومفصل لشرح الخطوط العريضة لسياسة حكومتكم في مستهل مأمورية الخير واليمن والبركة.