الأخبار (نواكشوط) - كشف المدير العام للصحة العمومية في موريتانيا الدكتور محمد محمود اعل محمود، الأسباب الرئيسية وراء انتشار الملاريا في خمس ولايات داخل البلاد، مشيرا إلى أن الأمطار الغزيرة التي تزداد كل خمس سنوات تساهم في زيادة أعداد البعوض، وبالتالي ارتفاع حالات الإصابة.
وأكد ولد اعل محمود في مقابلة مع وكالة الأخبار المستقلة أن موريتانيا تهدف إلى القضاء على الملاريا من خلال برنامج وطني لمكافحته، متحدثا عن توزيع 1.8 مليون ناموسية مشبعة، بالإضافة إلى جرعات وقائية للأطفال والنساء الحوامل.
وتحدث ولد اعل محمود، عن تعزيز القدرات الصحية وتوزيع الأدوية اللازمة، بالإضافة إلى نقاش الخبراء في الاجتماع الأخير لخطر انتقال الملاريا إلى مناطق جديدة، والتأكيد على أهمية التوعية والتثقيف لتقليل الضغط على المنشآت الصحية.
وهذا نص المقابلة:
الأخبار: ما هي الأسباب الرئيسية وراء انتشار الملاريا في الولايات الخمس التي حددتها الوزارة؟
مدير الصحة العمومية: شكرا جزيلا على هذه الفرصة التي أتحتم لنا لإنارة الرأي العام، ولتقديم رسالة هي واجبنا من أجل توعية المواطن الموريتاني حول واقعه الصحي، وتبيين المخاطر التي يتعرضون لها.
بالنسبة للملاريا هي مرض مستوطن في موريتانيا، فعلا موريتانيا لديها برنامج وطني لمكافحة الملاريا، وهو البرنامج الذي يتحول الآن إلى برنامج وطني لاجتثاث الملاريا أو القضاء عليها بشكل نهائي، كما قضت عليها بعض من دول الشمال، نحن نطمح للقضاء عليها.
من الملاحظ أنه من كل خمس سنوات تأتي كمية كبيرة من المطر، ويكثر الباعوض، وبذلك يكثر عدد حالات الإصابة بالملاريا، وهذه الحالات توجد منها نسبة تتحول إلى حالات خطيرة، وتلك النسبة هي التي تشكل خطرا من جهة الوافيات، ومن جهة الخطورة على الصحة.
بالنسبة لموريتانيا، هناك ثمان ولاية ما زالت تستوطن فيها الملاريا، وهي على وجه الخصوص ولايات الحوض الشرقي، ومناطق هذه الولاية هي الأكثر حيث أن نسبة 93% من الحالات التي تم تشخصيهم هذه السنة منها.
البرنامج الوطني لمكافحة الملاريا يعتمد أساسا على الوقاية؛ الوقاية من خلال توزيع الناموسيات المشبعة، ففي السنة الأخيرة تم توزيع 1.8 مليون ناموسية مشبعة في الولايات الثماني، بالإضافة إلى وقاية الأطفال الأقل من 5 سنوات، وذلك من خلال منح جرعة وقاية لـ108 آلاف من الأطفال.
كذلك جميع النساء الحوامل في هذه الولايات قدمت لهم جرعة وقاية من الملاريا، كل هذه أعمال وقائية، لكن هذه السنة من السنوات التي قلت لكم إنها تأتي كل خمس أو ست سنوات، تأتي هذه السنة القوية من حيث كثرة الباعوض وكثرة العدوى بالمرض، وبالتالي في هذه الفترة، وخلال أسبوع أو أسبوعين يحدث ارتفاع في حالات الإصابة تتم ملاحظته عندما تتخطى القدرات الاستيعابية للمستشفيات.
كنا قبل أيام في اجتماع للوزير مع المديرين الجهويين ومديري المستشفيات، واستعرضنا الحالة في جميع الولايات والمقاطعات، ومن الملاحظ أن ولايتي الحوض الشرقي والغربي، تجاوزتا مرحلة الخطر، فيما بدأ الحالات في الارتفاع مؤخرا في تكانت، بينما كان ظهوره عاديا في ولاية العصابة.
جهودنا الآن منصبة على تعزيز القدرات البشرية للمنشئات الصحية، وقد أرسلنا خلال الأيام الماضية عدة بعثات إلى الداخل فيها خبراء أمراض معدية وطواقم، بالإضافة إلى تعزيز مخزون الأدوية التي لوحظ نقصها في بعض المناطق، ونرجو أن نقضي على انتشار الملاريا خلال أسبوع أو أسبوعين، أما حرب موريتانيا لاجتثاث الملاريا فهي متواصلة بإذن الله.
الأخبار: هل هناك أي مخاوف بشأن انتقال الملاريا إلى ولايات جديدة؟ وما هي خططكم للتصدي لذلك؟
مدير الصحة العمومية: الخبراء في هذا الاجتماع ناقشوا جميع الاحتمالات، وفعلا تم نقاش هذا الاحتمال الذي يقول إن بعض المناطق التي لم تعد فيها الملاريا، قد تعود إليها، هذا الاحتمال استبعده بعض الخبراء، فيما تحدث بعضهم عن وروده، على كل حال الإجراءات المقام بها الآن هي تعزيز المناطق التي لم يأت إليها المرض بالأدوية والناموسيات المشبعة، لكن كل هذا أحسن منه التعبئة والتحسيس التي عكفت مصالحنا على وضع خطة عمل من ناحية التوعية والتحسيس، من أجل أن يفهم المواطنون أنهم يجب أن يناموا تحت الناموسيات، وأن لا ينتظروا مرحلة الخطر أي الإصابة بالمرض، ويجب أن لا يفرضوا على أنفسهم الحجز، وأن يستجيبوا لتعليمات الأطباء، لأن هذه الزحمة عند المنشئات الصحية سببها هو أن شخصا كان يمكن أن يأخذ ثلاث أقراص ويذهب إلى المنزل، يفرض على نفسه الحجز والحقن غير الضرورية، وهذا هو سبب الضغط في المنشئات الصحية.
وبالتالي، فأهم شيء لدينا في خطة التصدي هو التعبئة والتحسيس، لكي يفهم المواطنون أن عليهم التخفيف من الضغط على المستشفيات وتقبل التعليمات التي تردهم من الأطباء والممرضين، والثقة في النظام الصحي، وتفادي الإشاعات وتخويف المواطنين.
الأخبار: كيف تضمن الوزارة توفير الأدوية والمستلزمات الطبية بشكل كافٍ للمناطق المتضررة، خاصة مع زيادة حالات الإصابة؟
مدير الصحة العمومية: الوزارة تقوم بعملية حسابية للحالات المتوقعة سنويا، وخلال شهرين قبل الموسم، يتم توزيع الأدوية المجانية في تلك المناطق، فعلا الحالات المتوقعة في سنوات كهذه السنة، تتجاوزها عدد الحالات الحقيقي، لكن في تلك الحالة نقتني أدوية من جديد ونرسلها لتلك المناطق من أجل تغطية النقص.
وكما تعلمون الملاريا مرض مستوطن، وموجود على مدار السنة كاملة، وعلاجه موجود في الصيدليات، وموجود لدينا، ولا نخشى من فقدانه في الحقيقة.
الأخبار: ما هي الخطوات المقبلة التي ستتخذها الوزارة في حال استمرار ارتفاع حالات الإصابة بالملاريا؟
مدير الصحة العمومية: لا نتوقع استمرار ارتفاع الإصابات، وكما تعلمون هذا موسم وفترة، والمتوقع أنه خلال أسبوعين تعود الأمور إلى طبيعتها، إلا أن جميع الاحتمالات مفتوحة في سنة مثل هذه، فيها فيضان في النهر، وانتشار للمياه، والوزارة وضعت خطة لذلك وهي موجودة، وتتضمن جميع التدابير للتصدي لا قدر في حال حدوث سيناريو مثل هذا، ولدينا التدابير واللوجستيك والقدرات البشرية للتصدي له.
الأخبار: كيف تتعامل الوزارة مع البيانات المتعلقة بحالات الإصابة، وما هي الآليات المتبعة في رصد ومتابعة انتشار الملاريا؟
مدير الصحة العمومية: موريتانيا لديها نظام رصد وتقييم ومتابعة في الوبائيات بصفة عامة، وهو نظام تعزز بعد "كوفيد 19"، لأنكم تعلمون أننا كنا من الدول التي أشاد الجميع بتجربتها في جمع المعلومات ووضعها تحت تصرف المواطن في الوقت المناسب.
وبالتالي سياسة جمع وتدقيق المعلومات، وتحليلها بصفة علمية شفافة، هذه هي الطريقة التي نتعامل بها مع المعلومات.
الأخبار: كيف تعلقون على حديث رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان عن رفض مستشفيات نواكشوط استقبال حالة صحية بسبب الاكتظاظ؟
مدير الصحة العمومية: مثلا، لا أعرف إذا كنت أستطيع التعليق على رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان المحترم، والذي من دوره رصد النواقص في المجال الحقوقي، والصحة هي أول حق من حقوق الإنسان.
نحن كما قلت لكم في فترات معينة كهذه الفترة، حيث تمضي المنشئات الصحية أسبوعا والأسرة مكتظة، لا مانع من حدوث نقص غير مقصود، وذلك النقص، سيتم التغلب عليه في الوقت الذي نبهنا عليه.
والذي سأعلق فقط، أنه إذا كان حدث نقص، فإننا متأسفون عليه، وسنعمل على ألا يتكرر مستقبلا.