بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
أما بعد،
فهذه الحلقة السابعة من هذه السلسلة، أخصصها للحديث عن التفتيش التربوي والإداري.
إن من أهم ما توصلت إليه البشرية بعد تاريخ طويل من التجارب أن أي عمل بشري عرضة للنقص والتقصير، وبالتالي فإنه لا يحقق الهدف المرجو منه إلا بمراقبته وتقويم سيره.
ولكي تثمر عملية التفتيش في تقويم مسار العملية التعليمية نحتاج إلى مراعاة ما يلي:
- أن يكون التفتيش ذا مسارين متوازيين: إداري يقوّم الهياكل والآليات والقوالب خارج الفصول – بتقسيماتها المتقدمة في المقال الخاص بالإصلاح الإداري – وتربوي تعليمي يتجه لتقويم عمل المعلم داخل الفصول.
- ولا يمكن تنفيذ الخطة الإصلاحية إلا بجعل مهمة التفتيش مهمة "هيئة" كاملة متفرعة عن الإدارة الجهوية، لها عشرات المفتشين – بكفاية عددية ومادية – للتوزع على المدارس التابعة للجهة في مختلف أوقات العام الدراسي.
- ثم تحتاج أي عملية تفتيش كي تؤدي مهمتها إلى أن تكون زياراتها للمدارس لا تقل عما يمكن أن نسميه – تجوزا – بفرائض ونوافل، أو زيارات استحقاقية وزيارات عند الاقتضاء، أما الزيارات الاستحقاقية فأقلها ست زيارات في العام الدراسي لكل معلم، أولاها في الأيام الأولى لبداية العام، هدفها ضمان سلامة الانطلاق على الأسس السليمة، واستيعاب كل مدرسة لمستلزمات نجاح العام الدراسي، ثم بعد نحو شهر من الانطلاق بهدف التقويم وتصحيح ما قد يقع من خلل قبل استفحاله والاستمرار فيه، ثم قبل نهاية الفصل لرصد أفضل الآليات لختم الفصل والإعداد لعمليات التقويم.
- ثم لا بد من زيارات مفاجئة غير معروفة المواعيد هدفها كشف الواقع كما هو بدون تصنع ولا تزويق.
- وعلى المفتش استشعار الأمانة في هذه المهمة دون مجاملة ولا تجن، متذكراً أن هدف تقاريره – بالأساس – هو الإصلاح والتقويم واستكمال النقص المحتمل وقوعه، وليس الوشاية أو الغيبة أو النميمة، وبالتالي فالتقرير إنما يوجه للجهة المراد منها الإصلاح، فللمعلم منه نصيب، ولإدارة المدرسة ثان، وللإدارة الباعثة للمفتش نصيب ثالث، مع تسليمها التقرير كله لمراقبة إصلاح الخلل المرصود في الجهتين الأخريين.
- ولعملية التفتيش آداب لا أحتاج إلى التذكير بها من إظهار مكانة المعلم أمام التلاميذ، والانفراد به أثناء إبداء الملاحظات على أدائه، وسرية نصحه فيما لا داعي لإعلانه لغيره، وتوثيق كل ملاحظات المفتش كتابة، ومراعاة الدقة والعدالة في كل ما يسجله، وعدم تحميل أحد وزر آخر، كما لو طالبه بما هو من مهام الإدارة مثلا، أو غير ذلك.
وفي الختام هذه أفكار قد تفيد إذا كانت ضمن خطة إصلاحية متكاملة، قد بينتُ بعض جوانبها في الحلقات السابقة، وسأبين باقيها في الحلقات القادمة إن شاء الله.
فإلى الحلقة القادمة.