أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا *** حنانيك بعض الشر أهون من بعض
طالعنا في مواقع التواصل الاجتماعي والصحافة بيانا ينسب للّجنة الوطنية للمسابقات زعمت فيه أننا غالطنا الرأي العام بمعلومات لا أساس لها، وسنناقش فقرات منشورهم، فقرة فقرة حتى يتسنى للقارئ تمييز الظالم من المظلوم.
مضمون المقال حُصر في "أولا، وثانيا" وثالثا" وإليكم فقراته ومناقشتها.
"أولا: وصَف هؤلاء أنفسهم بأنهم مؤهلون للنجاح ومن بين اللائحة التي نشروها مترشحون لم تقبل ملفاتهم للترشح أصلا، فكيف يكونون من بين لائحة المؤهلين؟".
هذا ضعفٌ وبحثٌ عن تسويغ نقد، فإذا كان حصل وجود واحد أو اثنين من الذين لم يقبلوا في لوائحكم المزورة، فإنهم ناجحون باعتبارين:
1. توقيف القضاء للمقاعد التي وقف على اللعب والاستهتار فيها،
2. أن ظلم الإقصاء بيّن في ملفات بعضهم، ولذا هي معروضة أمام القضاء، وما زالت قيد التحقيق والدراسة، فقد يُلحقهم بلائحة الناجحين.
"ثانيا: أُخِذ على اللجنة أنها لم تقم بدارسة التظلمات، ثم يؤخذ عليها أنها غيرت نتائج وترتيب بعض المتظلمين بعد معالجة التظلمات، فكيف نشكو من تغيير ترتيب المتسابقين بسبب معالجة التظلمات ثم نقول إن معالجة التظلمات لم تقع؟".
رغم ما في هذه الفقرة من ركاكة اللغة، ورداءة الأسلوب، فالرد عليها سهل لتبيان تهافتها، لم تقم اللجنة بدراسة التظلمات دراسة جدية، والدليل على ذلك أن بعض المترشحين المتظلمين لمّا ورد على اللجنة يستفسر عن تظلمه، قيل لأحدهم: أضفيت لك سبعة مقالات، ولآخر: أضيفت لك ثلاثة... الخ.
والمفاجأة في هذا أن المعدل لم يتغير، فهو ثابت على حاله الأول. فأين إنصافكم، ورفعكم للظلم؟ أم أنه مجرد كلام استهلاكي، يقولون بألسنتهم، ويظلمون في تطبيقهم، ولأجل ذا يكون استفساركم ينخرط في ما يسمى تجاهل العارف "نشكو من تغيير ترتيب المتسابقين بسبب معالجة التظلمات ثم نقول إن معالجة التظلمات لم تقع؟".
فالشكاية من التغيير في الترتيب واردة لأنه بين لكم أن زيدا جسم غريب على التخصص بدليل شهاداته ووحداته المتخرج فيها، وأقررتم بذاك في أثناء المناقشة، ثم رفعتم أمره حسب زعمكم إلى اللجنة المشتركة (بكسر الراء) فاتفقتم على إدراجه ومنافسته للمتخصصين، أليس هذا جرما؟
ثم لتعلموا أن التخصص ليس أمرا تفرضه المشتركة حسب الأهواء، وإنما هو قانون عالمي اتفقت عليه العقلاء، فمن العيب جعل الشريعة من القانون، والتاريخ من الإعلام، والفيزياء من الرياضيات، والحديث من اللسانيات. والجنائي من المدني. لكنا نعلم أنكم لا تبالون بقانون العالم.
ثالثا: "أخذ هؤلاء السادة على لجنة التحكيم أنها لم تحتسب لهم التدريس والنشر، والواقع أن كل تدريس أو نشر موافق للشروط المنصوص عليها في المسابقة تم احتسابه، أما بالنسبة لما لا تتوفر فيه الشروط فلم يحتسب فعلا. والحقيقة المؤسفة أن في بعض ما تم تقديمه باعتباره نشرا أو تدريسا يسيء إلى هذا المستوى من النخبة، حيث قدم كثير من الإفادات وعناوين المنشورات والإصدارات التي لا وجود لها أصلا، أو لا تتوفر فيها المواصفات المطلوبة".
نعم أخذتم ما يصلح لكم، ورفضتم غيره، فلو كنتم منصفين وتريدون تحقيق العدالة، فلماذا لم تستفسروا عما وصلكم من إفادات التدريس؟ ثم نحن نقر أن بعضنا لم تحدد له الجهة المدرس فيها: الفصل، والمستوى، والعدد، تباعا لأعراف المسابقات الماضية. فإن كنتم تبحثون عن الشفافية أعطوا فرصة لمن نقصت إفادته عن التحديد، تبعا لأقوالكم التي سوغتم بها تأجيل المسابقة مرات "تكافؤ الفرص بين المتنافسين".
ألم تقل لكم ضمائركم أن التكافؤ هنا أولى، وآكد، لأن فيه حفظ الجهد، فأغلب من رُفض تدريسه درّس في المؤسسات العمومية سنوات عديدة، بعضهم جاوز العشرة، وأقلها سنتان، فيكون رفض إفاداتهم التربوية ظلم وهدر لزهرة شبابهم.
لكنكم أبعدتموهم، تعسفا في القانون، فالرحمة بالنسبة لكم تكون لجديد ليناقش، وينشر ويلتحق بالمسابقة بحجة التأجيل.
"والحقيقة المؤسفة أن في بعض ما تم تقديمه باعتباره نشرا أو تدريسا يسيء إلى هذا المستوى من النخبة، حيث قدم كثير من الإفادات وعناوين المنشورات والإصدارات التي لا وجود لها أصلا، أو لا تتوفر فيها المواصفات المطلوبة".
أيها السادة الحقيقة الحقة تشهد أنكم وقعتم في تخبط، وفشل لم يحصل في مسابقات التعليم العالي منذ تأسيس الجمهورية حتى أسند لكم الأمر فحصل ما اقشعرت له الجلود، حتى صارت محل تندر.
قراؤنا الأعزاء من قدم إفادات نشر من المواقع والمجلات التجارية الرديئة يعرف أمره في قرارة نفسه، أما نحن المعتصمون، فبحوثنا منشورة في مجلات علمية محكمة دولية، وتدريسنا موثق في المؤسسات، ومن شكك في ذا فليفزع إليها. وقولكم إن بعض الإصدارات "لا وجود لها" هو حجة عليكم، فلم لا تبلغون الجهات القانونية المعنية بالتزوير ليكون ذا صيانة لسمعتكم، أما مجرد ألفاظ اللغة، وزخرفة القول فيبقى دعوى بغير بينة "والدعاوى ما لم تقيموا عليها بينات أصحابها أدعياء".
ختما تحية نضالية لمن يريد انتزاع الحق، ويأبى الضيم، وشهادة الزور.
رحم الله أبا الطيب المتنبي
والظلم من شيم النفوس فإن تجد *** ذا عفة فلعة لا يظلم