بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
أما بعد،
فهذه الحلقة الثامنة من هذه السلسلة، أخصصها للحديث عن الامتحانات وطرق التقويم.
وسأقسم هذه المقالة إلى فقرتين:
أ. إحداهما عن الاختبارات والامتحانات.
ب. والأخرى عن التصحيح.
فأقول مستعينا بالله:
من البدهي أن أي عمل بشري عرضة للنقص وهو بحاجة إلى المراقبة والتقويم، ومن هنا جاءت فكرة الاختبارات الدورية والامتحانات التي تجرى في نهاية الفصل الدراسي، على أن كليهما لا يغني عن التقويم المستمر الذي إذا أتقنت آلياته ودق تطبيقه قد يغني عن بعض الاختبارات.
وبما أن التقويم المستمر عملية تربوية يومية قد تدخل ضمن الآلية التدريسية فيمكنني ادعاء دخولها في حديث متقدم عن آلية التدريس الميدانية.
أ. فمن الآليات النافعة في تنظيم الاختبارات والامتحانات – سواء تلك التي تنظمها كل مدرسة بمفردها أو تلك المركزية على مستوى الجمهورية بكاملها – أن تتولى جهة متخصصة استقبال الأسئلة من المعلمين المعدّين لها في مواعيد مبكرة من الفصل الدراسي، أو من نهاية العام، ثم تراجعها من حيث:
- تمثيلها للمقرر الدراسي مجملا.
- توسطها بين المواضع السهلة جدا والأكثر صعوبة على التلاميذ.
- وضوح عبارتها وعدم قابليتها لتعدد الفهوم.
- مناسبتها للمستوى الدراسي المراد تقويمه.
- مناسبتها – قلة وكثرة – للوقت المخصص للإجابة.
- توزيع درجات الامتحان على الأسئلة بمنهجية علمية واضحة.
وعلى الجهة المعنية مراجعة مُعدّ الأسئلة أكثر من مرة لإعادة النظر في صياغته لها وفق الملاحظات في المجالات السابقة.
ثم عليه أن يعد (نموذج إجابة) سيكون حكَماً للجنة التصحيح، ويوزع عليه الدرجات بين الأسئلة بوضوح، ويراجع ويدقق هو الآخر.
ويتم كل ذلك في سرية تامة، وبآليات منضبطة لا تسمح بالتسريب ولا بالانكشاف.
ب. أما التصحيح – وما أدراك ما التصحيح – فعلى الإدارة المعنية، مركزية على مستوى الجمهورية أو مدرسية، أن تشكل لكل شعبة لجنة تصحيح لها رئيس يتحمل المسؤولية أمام الإدارة، وعلى هذا الرئيس أن يشرف على عمل جميع أعضائه فردا فردا؛ بحيث يوزعهم لجانا صغيرة – مثلا – يسلم لكل لجنة ظرفا، يوزع أسئلته بينهم، بحيث يصحح كل واحد منهم سؤالا واحدا من الورقة (ودرجته محددة في ورقة الأسئلة أو في نموذج الإجابة المحكّم أو في كليهما) ثم يراجع كل عضو – بعد زميله – تصحيح غيره، ثم تجمع درجات الأسئلة، ويراجع الجمع حسابيا بدقة، وهذا على مستوى كل الشعبة.
ثم تراجع الجهة المشرفة – مدرسيا أو مركزيا – عملية التصحيح والجمع بشكل عام، وعند اكتشاف الخلل تعيد الظرف المعني لرئيس الشعبة، وهكذا شعبة شعبة، وظرفا ظرفا.
وبهذه الطريقة الدقيقة لن يأخذ أحد غير حقه، ولن يغمط آخر حقه، ولن ينقص من الدرجة إلا ما نقص من الإجابة.
ومع كل هذا الجهد - ومحاولة الدقة في التصحيح – فستقع أخطاء تحتاج للمراجعة، لكنها ستكون قليلة، وستكون آليات تصحيحها واضحة وشفافة.
وسأتحدث عن جوانب أخرى من إصلاح التعليم في الحلقات القادمة إن شاء الله.
فإلى الحلقة القادمة.