نشاهد كل مرة حوادث أليمة تتسبب في فقد أعزة على كل أسرة من وطننا، وكأنها تتكرر وتتكرر لتذكرنا - دون جدوى - بسابقاتها وما تسببت فيه هي الأخرى من ألم، يحدث هذا في مقطع لا يتجاوز طوله 136 كلم وعلى طريق حيوي يعتبر شريان الحياة في البلد.
لن أتحدث هنا عن أهمية هذا الطريق ولا عن أعداد الحوادث وما خلفت من ضحايا لكونها معلومة لدى الجميع، ولكني أتساءل هنا عن مناقصة لإنجاز طريق سريع يربط بين العاصمة نواكشوط ومدينة بوتلميت.
أعلنت عنها وزارة الشؤون الاقتصادية وترقية القطاعات الإنتاجية في العام 2022. جاء هذا الإعلان خلال إطلاق الوزارة من العاصمة الفرنسية باريس محفظة مشاريع شراكة استراتيجية بين القطاعين العام والخاص.
وبحسب الوزارة فإن طول الطريق السريع يبلغ 136 كلم تشمل 46 كلم من التفرعات بتكلفة إجمالية تبلغ 379 مليون دولار مع استغلال لمدة 30 سنة من بينها 8 سنوات معفية من الضرائب، وقد قال حينها الوزير عثمان مامودو كان في تصريح لإذاعة فرنسا الدولية، إن الحكومة لا تلزم الموريتانيين باستخدام الطريق السريع لأن هناك طريقا وطنيا يمكنهم استخدامه بصفة مجانية.
ألا تتعجب معي أيها القارئ الكريم هنا من تفكير القائمين على الشأن العام حين تغيب عنك أخبار الطريق السريع التي سمعتها في العام 2022 وتطالع في هذه الأيام من العام 2024 أخبارا أخرى عن توفير ربع هذا المبلغ الذي تكلفه الطريق المذكورة من الخزينة الوطنية سيتم تخصيصه لعصرنة مدينة نواكشوط والتي تفتقد أصلا لكل أساسات العصرنة.
ألا ترى معي حتمية إنشاء هذا الطريق بمواردنا المهدرة حقنا لدماء أبناء وطن تسيل كل يوم وإلزام كافة المواطنين باستخدامه عكسا لما أعلن عنه السيد الوزير من عدم إلزامية استخدامه من طرف الجميع، لأنه وببساطة شديدة لن يدفع المواطن فلسا في الطريق الآخر طالما توفر بديل مجاني حتى لو كان فيه هلاكه.