صاحب الفخامة،
بكل تقدير وإجلال، أكتب إليكم كمواطن مخلص لوطنه، وكواحد من أبناء هذا الشعب الذي يتمنى أن يرى غدا وطنه مزدهرا وآمنا.
لقد كان خطابكم التاريخي في وادان دجمبر 2021 محطة فارقة في التعبير عن رؤية وطنية واعية أكدت على ضرورة تغيير العقليات ومكافحة خطابات الكراهية والعنف، ونبذ النزعات العرقية والقبلية والجهوية والشرائحية. هذا الالتزام الوطني الذي جددتم التأكيد عليه في مستهل مأموريتكم الثانية يوم أمس 13 دجمبر 2024 في مهرجان شنقيط وهو ما يمثل منهجًا استراتيجيًا لبناء دولة القانون والمؤسسات التي تسع الجميع بلا استثناء.
إن رؤيتكم المتقدمة تستحق الإشادة والتقدير، ولكن التحدي الأكبر يبقى في الانتقال من مستوى التصور النظري إلى التطبيق الصارم لهذه الرؤية على أرض الواقع، بما يحقق نتائج ملموسة يشعر بها المواطن، خاصة الفئات المهمشة.
فخامة الرئيس،
إن تحقيق تغيير جذري يتطلب إرادة قوية وسياسات عملية فعالة. وفي هذا السياق، أقترح التركيز على المحاور التالية:
1. تعزيز الوحدة الوطنية: عبر مبادرات عملية تعزز الانتماء الوطني، من خلال برامج وطنية تقوم على قيم التضامن والاحترام،
2. مكافحة خطابات الكراهية: وضع آليات قانونية لمحاربة الخطابات العنصرية وتفعيل عقوبات واضحة على الممارسات التمييزية،
3. الإشراك الفعلي للكفاءات: ضمان مشاركة عادلة للكفاءات من جميع المكونات، بما يعزز العدالة الاجتماعية ويوطد بناء الدولة الحديثة،
4. إصلاح المؤسسات: تقوية المؤسسات الوطنية لتكون أكثر شفافية وكفاءة، بحيث تعكس قيم المساواة وتمثل جميع المواطنين،
5. نشر الوعي والتربية الوطنية: إطلاق حملات توعية وبرامج تعليمية ترسخ قيم التعايش والوحدة الوطنية منذ سن مبكرة،
6. إصلاح السياسات الاقتصادية والاجتماعية: اعتماد خطط تنموية تركز على العدالة في توزيع الموارد وتكافؤ الفرص بين مختلف فئات الشعب.
لقد عانى مجتمعنا طويلًا من مخلفات الماضي التي أضعفت أواصر اللحمة الوطنية وأثرت سلبًا على تقدم الدولة. ومع أن جهودكم خلال مأموريتكم الأولى كانت مشجعة، إلا أن المرحلة الحالية تتطلب خطوات أكثر حزمًا وفعالية لتحويل رؤيتكم إلى واقع ملموس يعزز ثقة المواطن بمؤسسات الدولة.
إن مواجهة العقليات المتجذرة والتمييز المتوارث يتطلب قرارات شجاعة وإرادة صلبة. ونؤمن أنكم تمتلكون الكفاءة والقدرة لقيادة هذا التحول التاريخي. إن بناء موريتانيا الجديدة، القائمة على العدل والمساواة وسيادة القانون، يتطلب تضافر جهود جميع الأطراف لتحقيق هذا الحلم الوطني.
ختامًا،
أرجو أن تجد هذه الرسالة صدى لدى فخامتكم، وأن تكون محفزًا إضافيًا لتعزيز رؤيتكم السامية فالشعب الموريتاني يدعم كل خطوة تسهم في بناء وطن موحد يحتضن جميع أبنائه دون تفرقة أو تمييز.
وتفضلوا، فخامة الرئيس، بقبول فائق الاحترام والتقدير.
نواكشوط، 14 ديسمبر 2024