أخي العزيز محمد ولد كربالي،
تلقيت بفائض من مشاعر الأسى العميق والحزن الموجع، خبر وفاة والدكم ووالدنا المغفور له بإذن الله تعالى محفوظ ولد بوْبَّ ولد كربالي طيب الله ثراه وأغدق شآبيب رحمته على جدثه الطاهر ، صبيحة يوم الاثنين في نواكشوط، وكان وقع الخبر قاسيا ومؤلما حتى "فزعت فيه بآمالي إلى الكذب".
لكن الموت حق مكتوب على كل حي، متى ما بلغ الكتاب أجله، فلا ريب أن "كل ابن أنثى وإن طالت سلامته.. يوماً على آلةٍ حدباء محمول ".
ولو كان لبشر أن يخلد في هذه الدنيا لكان ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي خاطبه ربه في محكم التنزيل قائلا "وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ".
لكن عزاءنا في والدنا الراحل، ما خلفه من مآثر وذكر حميد ولسان صدقٍ في الآخرين، تتناقله الركبان وتصدح به الآفاق، كرما حاتميا ومجدا أثيلا ورأيا حصيفا، وما مضارب تكانت ومنازل تجكجة إلا خير شاهد على ذلك، فقد كان منزله قبلة للجميع دون استثناء أو استبعاد، وكان رأيه السديد ونصحه الصادق مرشدا ودليلا إلى الخير والصواب، فكأن الفارعة بنت طريف كانت تعنيه بقولها:
"حليف الندى ما عاش يرضى به الندى .. فان مات لا يرضى الندى بحليف".
وقد عمد المرحوم إلى تربية أبنائه ـ وأنتم خير شاهد ـ على تلك المآثر النبيلة والخصال الحميدة، فاقتفوا جميل سيرته قَصصاً، بأخلاق كريمة وسلوك أصيل، فكانت تجربته الثرية في الحياة نبراسا لهم، قادتهم إلى النجاح والتوفيق بحمد الله في مساعيهم مهما اختلفت وتشعبت. فإليهم ذكورا وإناثا وأحفادا مشاعري الصادقة إثر رحيل والدنا، وبواسطتهم إلي الأهل في كل مكان من بلدنا الحبيب والدول المجاورة.
وختاما لا نقول إلى ما قال سيد الوجود، "إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك لمحزونون، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، انا لله وانا اليه راجعون.
عظم الله أجركم وجبر مصابكم وغفر لميتكم، اللهم اغفر له وارحمه واعف عنه وعافه، وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بماء وثلج وبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب البيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله، وزوجا خيرا من زوجه، ووقاه فتنة القبر وعذاب النار.