الأخبار (نواكشوط) – وافقت وزارة المالية على المقترحات التي قررها مجلس إدارة الشركة الموريتانية لبناء السفن في نواذيبو، وتهدف لمواجهة شبح الإفلاس الذي تواجهه الشركة، في ظل تحديات ومخاطر جمة بسبب تراكم الخسارة، وضبابية أفقها.
وأجاز الوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية انكيمور كوديرو هارونا كل النقاط التي اقترحها مجلس الإدارة في دورته نهاية السنة المنصرمة، وخصصا لنقاش أمثل الخيارات لإنقاذ الشركات من أزماتها.
وحضر اجتماع مجلس إدارة الشركة - الذي يرأسه القطب ولد الشيخ سعد بوه - المدير العام للشركة الموريتانية لتسويق الأسماك يحي ولد أحمد الوقف، وهو رئيس مجموعة عمل المساهمين، التي كلفت من السلطات بدراسة وضعية الشركة.
مجلس الإدارة قرر تقليص ميزانية الشركة للعام 2025 بنسبة 59%، وطال هذا التقليص مختلف مكونات الميزانية، بنسب تراوحت بين 66 و72%، فيما خصص المجلس مبلغ 190 مليون أوقية قديمة للتعويض والفصل.
"مصاعب بنيوية"
وخلص مجلس الإدارة بعد متابعة تقارير ودراسات عن وضعية الشركة إلى أنها "تواجه مصاعب بنيوية، فاقمتها الأعباء الثقيلة التي تعوق توازنها المالي بشكل كبير"، ودعا إلى اعتماد خطة إنقاذ عاجلة لتلافي المؤسسة قبل الإفلاس، وحدد معالم هذه الخطة في عدة نقاط من بينها العمل على تطوير الإنتاج، وإعادة توجيه النشاط نحو صناعة السفن السطحية لتعزيز الربحية، وضمان استمرارية نشاطها.
كما قرر المجلس ضمن قراراته بهدف "إنقاذ الشركة من شبح الإفلاس"، إجراءات فورية كـ"الإنهاء الفوري لعقد إيجار مقر الشركة في نواكشوط"، وإعادة هيكلة الشركة، وتقليص عمالها بأكثر من النصف، وكذا تقليص مناصبها.
ووفق محضر مجلس الإدارة، الذي اطلعت عليه الأخبار، فقد قرر المجلس التخلص من 118 من عمال الشركة، والإبقاء على 90 عاملا فقط من أصل من 208، فيما تم توزيع من تقرر الإبقاء عليهم إلى 15 في الإدارة، و75 على مستوى الإنتاج، وذلك بدل الواقع الحالي، والذي كان عدد عمال الإدارة فيه 65، وعمال المصنع 143 عاملا.
ومن بين المناصب التي قرر مجلس الإدارة الإبقاء عليها منصب المدير عام، والمسؤول الإداري والمالي، والمسؤول التقني والتجاري، إضافة لرئيسي قسمين يتبعان للمسؤول الإداري والمالي، ورئيسي قسمين يتبعان للمسؤول التقني والتجاري، إضافة لمسؤول للسكرتاريا المركزية.
"خسائر متتالية"
التقارير المتعلقة بواقع الشركة تؤكد أنها واجهت خسائر متراكمة خلال السنوات الأخيرة، حيث وصلت هذه الخسائر إلى 2.98 مليار أوقية قديمة، وكانت هذه الخسائر نتيجة عوامل منها نظام البيع بالتقسيط، وزيادة تكاليف الإنتاج.
ووفق وثائق الشركة فإن تكلفة القارب الذي يبلغ طوله 14 مترا كانت تقدم عند الشركة بنحو 38 مليون أوقية قديمة، وذلك بناء على حساب هامش وحدة الإنتاج، غير أن متوسط تكلفة إدارة الإنتاج في عام 2023 بلغ 78 مليون أوقية جديدة لكل قارب، وهو ما جعل العجز في كل قارب في حدود 40 مليون أوقية قديمة.
فيما وصل الدين المتراكم على الشركة في الجوانب المالية والضريبية والاجتماعية إلى 1.88 مليار أوقية قديمة.
كما واجهت الشركة انخفاضا كبيرا ومستمرا في قيمة أسهمها، والتي انهارت من 10 آلاف أوقية قديمة 2016 إلى 6950 أوقية قديمة في 2022، إلى 3220 أوقية قديمة 2024، أي أنها فقدت نحو ثلثي قيمتها.
وأدت هذه العوامل مجتمعة إلى تراجع إيرادات الشركة بنسبة 30% في العام 2024 مقارنة بـ2023.
خيارات "مؤلمة"
ووفق مصادر وكالة الأخبار المستقلة، فإن مجلس إدارة الشركة ناقش خيارات وصفت بـ"المؤلمة" وذلك خلال دورته الأخيرة، وذلك لتفادي إفلاس الشركة.
ومن بين هذه الخيارات - وفق الوثائق التي اطلعت عليها وكالة الأخبار المستقلة - فتح رأس مال الشركة لإضافة شريك أو شركاء تقنيين وماليين، إضافة لإعادة هيكلة ديون الشركة وتعزيز الإدارة المالية.
كما أكدت التوصيات ضرورة تخفيض التكاليف، بما في ذلك الأجور، وذلك في تلميح لضرورة تخفيض العمال، وهو ما بدأت الشركة عمليا في تطبيقه، بعد الحصول على موافقة الوزارة المنتدبة المكلفة بالميزانية.
"بيع بالخسارة"
وقد أنتجت الشركة خلال العام 2024 – 278 قاربا، من بينهم سفينتا (2) صيد بطول 19 مترا، وهي من النوع المخصص لصيد الأسماك السطحية، كم أن من بينها ثلاثة قوارب ترفيهية بطول 7 أمتار، و273 قاربا بطول 14.08 مترا، وهي من النوع المخصص لصيد الأخطبوط.
فيما توجد لدى الشركة طلبات لـ33 قاربا، من النوع الذي يبلغ طوله 14.08 مترا، وقم تمت صناعة 15 منها، وما زالت 18 قيد التنفيذ.
وأقيم المقر المركزي للشركة على مساحة 13,775 م²، ويضم ورشتين رئيسيتين، وملحقات كهرباء، وحدادة، وخدمات ما بعد البيع، إضافة لمكاتب إدارية ومنطقة تخزين.
وكانت الشركة تبيع القوارب الخاصة بصيد الأخطبوط، والتي يبلغ طولها 14.08 مترا عبر نظام البيع بالتقسيط، مع دفع نسبة 30% من المبلغ مقدّما، ودفع الباقي على أقساط شهرية، مع اشتراط أن تظل السفينة ملكا للشركة حتى انتهاء السداد.
وفي العام 2019، غيّرت الشركة نظامها، واشترطت الدفع النقدي في مسعى منها لتدارك الأزمة مع بوادرها نتيجة تزايد الديون، غير أن هذا النظام لم يخفف من وقع الأزمة.
وأنشئت الشركة الموريتانية لصناعة السفن بموجب المرسوم رقم: 207 – 2014، الصادر بتاريخ: 31 ديسمبر 2014، وبررت الحكومة إنشاءها بضرورة إيجاد "بنية تحتية صناعية لبناء وإصلاح السفن وتطوير أنشطة تدعم نجاحها".
وحدد القانون طبيعة الشركة في أنها "شركة مساهمة تجارية رأسمالها يتكون من أسهم مملوكة لمساهمين، هم الشركة الموريتانية لتسويق الأسماك (SMCP)، وتملك نسبة 45%، وميناء نواذيبو المستقل (PAN)، ويملك نسبة 30%، والدولة الموريتانية وتملك نسبة 25%.
وبلغ رأس المالي الأولي للشركة 3 مليارات أوقية قديمة موزعة بين المساهمين الثلاثة، حيث تم تحديد سعر السهم بـ10 آلاف أوقية قديمة، موزعة على 300,000 سهم.
وفي العام 2022 تم رفع رأس مال الشركة 4.30 مليار أوقية قديمة، وذلك عبر رسملة ديون مستحقة للدولة بمبلغ 700 مليون أوقية قديمة، بالإضافة إلى 200 مليون أوقية منحة من برنامج PROPEP، وإضافة نقدية بقيمة 400 مليون أوقية موزعة بين SMCP وPAN، لترتفع نسبة أسهم الدولة إلى 38%، ونسبة أسهم ميناء نواذيبو المستقل إلى 26%، فيما تراجعت أسهم شركة SMCP إلى 36%.