على مدار الساعة

حماس عصية على فهم المنافقين

27 يناير, 2025 - 15:34
محمد الحسن الإدريسي

لم تنتصر حماس على إسرائيل وأمريكا والغرب فحسب بل انتصرت – أيضا – على المنافقين ومرضى القلوب والمرجفين في المدينة الذين يتربصون بها الدوائر عسى أن تموت يوما أو يموت حبها في قلوب الناس، ولم يحارب العالَمون حماس لأنها تنشد أرضها وديارها وحرية شعبها في فلسطين فحسب بل لأنها أحيت – أيضا – فقه الجهاد في عقل النشء الصاعد بعد أن حذفته أغلب دولنا العربية والإسلامية من مقرَّر التعليم، وقد استطاعت حماس أن تدرّس ذلك المقرر المحذوف كله في يوم واحد.

 

وإن كانت حماس في ظاهر أمرها تقارع الاحتلال الصهيوني بأدوات مادية إلا أنها في مقتضى المعقول تحارب كلَّ محتل دنيء وفاسد وضيع في أرجاء العالم بفكرة وجودها أصلا، وهي تقاتل قبل ذلك كله اليأسَ والقنوط وروح الانهزام التي نشرها الغرب في أبناء أمَّةٍ ضاعت هويتها في رمال الحضارات المتحركة.

 

ومن تجليات الغباء ومظاهر الصمم الذي لا دواء له وعمى القلوب التي في الصدور اعتقادُك أن القضاء على حماس هدف إسرائيلي فقط، وإنما هو هدف بل حلم أمريكا وأوروبا وشرذمة من طغاة الأمة الأُلى سلبوا شعوبهم إرادتها وكانوا بوقا لآراء الأعداء وأداة تنفذ خططهم، وما حديث السيسي في مسألة ترحيل الفلسطينيين إلى النقب قبل فترة عنا ببعيد.

 

ولم تك مقولة المنافقين واليهود في إخراج حماس من السلطة إلا اقتداء بسلفهم الذين ذكر الله سعيهم في محكم التنزيل: {لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل}، وجوابهم بقول الله عز وجل {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون}.

 

ومن تجليات الغباء ومظاهر الصمم المفرط – أيضا - اعتقادك أن حماس كانت سببا في دمار غزة وهلاك أهلها، وهل انطلقت حماس في طريق الجهاد والتضحية وقدمت قادتها في طليعة الشهداء إلا دفاعا عن أهلها في غزة؟، وهل كانت تستطيع إسرائيل تدمير غزة لولا جسر الأسلحة الأمريكي وصمت الغرب وخذلان العرب لكنّ المنافقين والذين في قلوبهم مرض مصرّون على أن يتشبثوا بمقولة ذكرها القرآن عن سلفهم: {الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا}.

 

وجوابهم قول الله عز وجل {قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم} فهذا قدر من الله عز وجل وحكم لا مناص منه، فلو لم تقع الحرب في غزة لقبضت خمسون ألفا من أهلها دون قتال، وقوله {قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين} فإن كان القعود عن الجهاد ينجي من الموت فينبغي - أيها المنافقون - أن لا تموتوا أبدا، وأن لا يموت أغلبكم بالتخم من كثرة الموائد، وقوله تعالى {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء..}.

 

وليس ما يظهر اليوم على شاشات الإعلام إلا مقدمة للنصر الأكبر، فقد فرضت المقاومة شروطها واستعادت أسراها وأجبرت عدوها على الانسحاب، وهي مشاهد من ثمار الإيمان والصدق والبذل والتضحية لا يملك المرء إلا أن يقف أمامها مكبرا مهللا، ولم ينكر يهود إسرائيل بعد رؤيتها هزيمتهم وذلهم لكن يهود العرب لم يقتنعوا بها بل زادتهم غضبا وغيظا ومرضا.

 

وستبقى حماس أكبر قدرا من هذا الهراء الذي نشاهده على بعض الشاشات، وهي ليست خيار أهل غزة فحسب بل خيار الأمة جمعاء، وما من مسلم اليوم إلا خامر حبُّ حماس قلبه وجرى في عروقه، وإن شعوب الأمة لتغبط أهل غزة على قيادة مثل حماس، وعلى رجال مثل رجال حماس، ومنهج مثل منهج حماس، فسلام على حماس في الخالدين، سلام على شهدائها القادة ورجالها الأبطال، ولا عزاء للحاقدين المنافقين والذين في قلوبهم مرض والمرجفين..