على مدار الساعة

الأوقاف الإسلامية كركيزة اقتصادية: نحو نموذج تنموي مستدام في موريتانيا

1 فبراير, 2025 - 15:01
بقلم: الدكتور أحمدو ولد فال

بقلم: الدكتور أحمدو ولد فال

مقدمة:

ظلت الأوقاف الإسلامية أحد أهم أدوات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العالم الإسلامي، حيث ساهمت في تمويل التعليم، الصحة، البنية التحتية، والعمل الخيري. إلا أن هذا الدور تقلص في العديد من الدول بسبب ضعف الإدارة الوقفية، غياب التخطيط الاستراتيجي، وانعدام الاستثمار الفعال.

 

في موريتانيا، تمتلك الأوقاف إمكانيات هائلة يمكن استغلالها لدعم التنمية الاقتصادية، ولكن ذلك يتطلب رؤية حديثة تعتمد على الاستثمار والحوكمة الرقمية والشراكات الذكية.

 

في هذا المقال، نستعرض: كيف يمكن للأوقاف أن تصبح رافدًا اقتصاديًا حقيقيًا لموريتانيا؟

وما هي أفضل الممارسات العالمية التي يمكن تبنيها؟

1. الأوقاف الإسلامية: من مورد خيري إلى أداة اقتصادية

 

التحديات الحالية:

- ضعف الإدارة التقليدية وعدم وجود حوكمة حديثة.

- عدم استثمار الأوقاف في مشاريع مدرة للدخل، مما يجعلها مجرد أصول مجمدة.

- غياب الشفافية ووجود بيروقراطية تعيق تطوير الأوقاف.

- ضعف التكامل بين الأوقاف والاقتصاد الوطني، مما يحدّ من تأثيرها التنموي.

 

الحل:

تحويل الأوقاف إلى كيانات استثمارية تعمل وفق إدارة احترافية لتحقيق عائد اقتصادي مستدام يدعم الفئات المحتاجة، ويموّل الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة.

 

نموذج جديد لاستثمار الأوقاف في موريتانيا:

- الاستثمار العقاري الوقفي الفكرة: استغلال الأوقاف العقارية المهملة أو غير المستثمرة في مشاريع مدرّة للدخل، مثل:

- بناء مجمعات تجارية وإدارية يكون ريعها مخصصًا لدعم الفقراء والطلاب.

- إنشاء فنادق سياحية وقفية تدعم السياحة الدينية والثقافية.

- تحويل العقارات المهجورة إلى مدارس ومستشفيات وقفية.

 

مثال ناجح:

في ماليزيا، تم تحويل الأوقاف العقارية إلى مشاريع تجارية ناجحة تدرّ أرباحًا سنوية لتمويل الخدمات الاجتماعية.

 

ب. الأوقاف الزراعية والصناعية الفكرة: استغلال الأراضي الوقفية في:

- مشاريع الزراعة الحديثة (الري الذكي، الزراعة العضوية).

- مزارع النخيل والماشية لدعم الأمن الغذائي.

- الصيد البحري والمزارع السمكية…

 

مثال ناجح:

في تركيا، يتم استغلال الأوقاف الزراعية لتمويل المدارس والمستشفيات، مما يجعلها نموذجًا للاستدامة.

 

ج. صندوق الاستثمار الوقفي الفكرة: إنشاء "صندوق استثماري وقفي" يتولى:

- إدارة الأصول الوقفية بشكل احترافي.

- استثمار الأوقاف في مشاريع اقتصادية مربحة.

- إعادة توزيع الأرباح على مشاريع تعليمية وصحية وتنموية.

 

مثال ناجح:

في السعودية، تم إنشاء "الهيئة العامة للأوقاف"، التي تستثمر الأوقاف في قطاعات استراتيجية، مما أدى إلى تنمية مواردها.

 

د. رقمنة الأوقاف: نحو إدارة حديثة وشفافة الفكرة: تطوير منظومة رقمية متكاملة لإدارة الأوقاف عبر:

- منصة إلكترونية تسهّل إدارة الأملاك الوقفية.

- تطبيق ذكي يتيح التبرع للأوقاف بسهولة.

 

مثال ناجح:

في الإمارات، تم إطلاق منصة ذكية لإدارة الأوقاف والاستثمارات الوقفية، مما زاد من الشفافية والكفاءة.

 

هـ. إدماج الأوقاف في قطاع السياحة الدينية الفكرة: تطوير السياحة الدينية الوقفية عبر:

 - ترميم المساجد والمواقع الدينية التاريخية وتحويلها إلى معالم سياحية.

- إنشاء فنادق وقفية تستقبل زوار السياحة الدينية.

- تنظيم برامج سياحية دينية وثقافية.

 

مثال ناجح:

في المغرب، تم ترميم أوقاف تاريخية وتحويلها إلى وجهات سياحية مدرّة للدخل.

 

التوصيات العملية:

- تحديث الإطار القانوني للأوقاف لضمان استثمارها بكفاءة.

- توجيه الأوقاف نحو قطاعات استراتيجية مثل العقارات، الزراعة، والتكنولوجيا.

- إطلاق منصة إلكترونية لإدارة الأوقاف وربطها بالمستثمرين والمتبرعين.

- دمج الأوقاف في خطط التنمية الوطنية عبر شراكات مع القطاع الخاص.

 

خاتمة:

إذا تم تحديث إدارة الأوقاف في موريتانيا وفق رؤية استثمارية حديثة، يمكن أن تتحول إلى أداة اقتصادية قوية توفر تمويلًا مستدامًا للمشاريع الاجتماعية والتنموية.

 

إن إحياء الدور الاقتصادي للأوقاف ليس مجرد ضرورة دينية، بل هو مشروع وطني استراتيجي يمكن أن يعزز التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية في البلاد.