على مدار الساعة

نصيحة مشفق

14 ديسمبر, 2025 - 19:02
عبد الفتاح ولد اعبيدن

الوطن بحاجة لأبنائه فى كل وقت و بوجه خاص فى هذه الفترة الحالية.

 

فسهولة الزج بالصحفيين فى السجون و صعوبة مواجهة الإشكالات الحقيقية،،و تجدد مخاوف الصحفيين و السياسيين عموما من التطرق الصريح الجاد لمختلف المواضيع،ملامح مرحلة جديدة لم تعد تخفى على أبسط متابع،فمن باب أحرى العارف بعمق الواقع الحالي المعيش.

 

وهذه معطيات بغض النظر عن الموالاة و المعارضة تستحق الحذر الكامل و التعامل الحكيم،قبل أن تتطور الأمور فى اتجاه غير محسوب.

 

فالقائمون على الشأن العام يطلقون بعض التصريحات المطمئنة النظرية فى اتجاه مكافحة الفساد و تكريس تقارب الفرص،لكن الواقع القائم خلاف ذلك،و منسوب الحريات فى تناقص صارخ، و بات بعض المواطنين لا يستبعد الاستهداف و الحرمان،على منوال ما يحدث من حين لآخر.

 

و الظلم و عدم الأمان على الكرامة و الحرية من أكبر أسباب عدم الاستقرار،مع ما يعيشه الكثيرون من الغبن و التفاوت،فهل نسعى بصورة جادة و استعجالية لمعالجة هذه الأوضاع قبل فوات الأوان المناسب؟!.

 

إن تأمين الحريات و العدل فى تقسيم الكعكعة و مهما حصل من تأخر فى مجالات أخرى قد يحصن التوازن نسبيا،لكن النزيف الحاصل فى مجال حرية التعبير و حرية الصحافة منذ انطلاق المأمورية الثانية للرئيس الحالي يبعث على القلق و الترقب و بدعو المعنيين لمراجعة الأساليب التصعيدية المتبعة،التى ستعزز حتما حالة التأزم.

 

و ليعلم من يهمه الأمر أن سهولة توريط بعض الصحفيين و صعوبة مواجهة بعض المتهمين بالفساد،و التضييق على أرزاق الناس على خلفية بعض الآراء و الاهتمام بإصلاح الطرق المعبدة فى اتجاه و إهمالها إهمالا تاما فى اتجاه آخر،كل هذا و غيره يولد موقفا متحفظا من الوضع الراهن و قد يعمق حالة الانسداد،و يكرس حالة السير نحو المجهول.

 

لم يكن نظام ولد غزوانى فى مأموريته الأولى بهذا المستوى من التضييق على الصحافة و سهولة حصارها،فهل يعمل على الوعي بأن الصحافة ليست جريمة و أنه لن ينجح مطلقا فى حصارها مهما حصل من سجن و تضييق فى القوت،كما أنى على ثقة بأن الرئيس غزوانى و بعض قيادات نظامه ليسوا أعداءً للمهنة الإعلامية لكنهم ضحية التحريض من قبل بعض من لا تروق له الحريات.

 

و سيظل سجني بسهولة على مدار مرتين متتاليتين مثار تساؤل مشروع محير،لماذا هذا الاستهداف،و لماذا هذا الإصرار على الإضرار العميق،دون مبرر مقنع.أين حرمة المهنة الصحفية؟!،و أين الحصانة المعنوية و القانونية و الدستورية،التى يتمتع بها الصحفي،و لماذا تتجاهل تجربتي و منزلتي فى هذا الوسط الإعلامي المفترض اعتباره و توسيع الصدر له؟!.

 

سجنت يوم 28/8/2024 و أقلت من وظيفتي فى نفس اليوم،ثم أطلق سراحي يوم 23/9/2024،و قبل انقضاء سنة تم أيضا سجني يوم 19/9/2025 و بعد قرابة ثلاثة أشهر تم إطلاق سراحي،يوم الأربعاء10/12/2025و ذلك بعد الإدانة.ترى ألا يعتبر سجني بهذا الإصرار و التكرار استهدافا للصحافة و إضرارا بشخص له تجربة طويلة فى الإعلام و مسن لله الحمد و يعانى من ظروف صحية خاصة.

 

لم يعد فى حسابهم إشفاق رغم ما يعانون من عجز فاضح عن مكافحة الفساد،و شخصيا لست مقتنعا بالتصعيد ضد هذا النظام و حريص على تعميق ماهو موجود من استقرار رغم المظالم و النواقص،لكني أقول لهم احذروا من الظلم،إن قبلتم نصحي،فعاقبته وخيمة و وشيكة،لا قدر الله،إن لم تنتهوا و تعتذروا و تجبروا الخاطر،فقد تماديتم فى الإهانة و الاحتقار،و الله ذى الطول و الجبروت،و لله الأمر من قبل و من بعد.

 

و ستظل هذه الصورة ماثلة فى أذهان الناس، عجز النظام عن مكافحة الفساد فى الأوساط القوية و سهولة متابعة الصحفيين و لو دون مبررات مفحمة و عدم حصانة حرية التعبير،و عدم تحصين المال العمومي، و كل هذه المؤشرات تقدم حصيلة غير مشجعة ينبغى مواجهتها بحزم و صراحة و عدالة ملموسة،قبل فوات الأوان.