على مدار الساعة

"تقدير موقف" يناقش سناريوهات تماسك الأغلبية في أفق استحقاق 2029

17 ديسمبر, 2025 - 11:10

الأخبار (نواكشوط) – نشر المركز الموريتاني للدراسات والبحوث الاستراتيجية اليوم الأربعاء "تقدير موقف"، يتناول سيناريوهات مستقبل تماسك الأغلبية الحاكمة في موريتانيا، والتفافها حول الخيار الذي سيدفع به الرئيس محمد ولد الغزواني في الانتخابات الرئاسية 2029.

 

ونبه تقدير الموقف الذي أعده الباحث المختار ولد نافع إلى أن الرئيس محمد ولد الغزواني يواجه تحدي إبقاء الأغلبية الداعمة له متماسكة خلفه إلى حين انتهاء مأموريته الأخيرة في 2029، ومن ثم دفعها في الاتجاه الذي سيستقر عليه قراره.

 

وأكد الباحث أن هذه المهمة لا تبدو "سهلة سواء بسبب كثرة الطامحين إلى خلافة الرجل، أو خصوصية الظرف الناتج عن التحولات السياسية والميدانية في الإقليم".

 

ورأى الباحث أن السناريوهات المتصورة هي "التصدع المبكر، ويعني بروز الخلافات داخل الأغلبية بشكل مبكر، وتزايد تعبير الشخصيات الطامحة للترشح عن طموحاتها عكس رغبة الرئيس".

 

وأردف أن هذا السيناريو يرجحه وجود شخصيات في هرم السلطة يعتبرها أنصارها الأحق بالترشح، وتصدر عنها بين الآونة والأخرى تعبيرات عن ذلك"، لافتا إلى أنه "يمكن هنا الإشارة إلى وزير الدفاع حننا ولد سيدي كمثال على هذه الشخصيات"، منبها إلى أن "من الإشارات التي توقف عندها المراقبون عدم إصداره لبيان ينفي فيه تطلعه للترشح على عكس الشخصيات الأخرى المتصدرة في النظام".

 

وأضاف أن من مرجحات هذا السناريو "وجود حلفاء محتملين لمن يغاضب النظام في الوقت الحالي ممثلين في أنصار الرئيس السابق والذين يسعون إلى خوض معركة 29 مبكرا"، إضافة لـ"تقاسم بعض الساعين إلى الرئاسة للانتماء الاجتماعي مع عدد من القيادات العسكرية مما يعزز من نقاط قوتهم".

 

أما السناريو الثاني - وفق الباحث ولد نافع - فهو تماسك صف الأغلبية "بتمكن الرئيس من احتواء رموز نظامه الطامحين لخلافته من خلال عملهم بقراره المعلن بعدم إظهار أي رغبة في الترشح".

 

ورأى الباحث أن هذا السيناريو يرجحه "شك الراغبين في الخلافة في قدرتهم على تحقيق طموحاتهم في حال وقف النظام دونها بقوة نظرا لتعود الأغلبية على السعي خلف خيارات الرئيس"، فضلا عن "إدراك مجمل الطيف الحاكم أن أي خلافات داخلية بينهم ستقوي حظوظ المعارضة التي كادت أن تجر الرئيس في الانتخابات الماضية إلى شوط ثان، وهو ما سيدفعهم إلى التماسك".

 

فيما رأى الباحث أن السناريو الثالث هو "كمون الخلافات، وبقاءها تحت السطح إلى حين اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية"، معتبرا أن "هذا السيناريو هو الأقرب للواقع".

 

وأكد الباحث أن السناريو ترجحه عوامل منها "أن وقوف الرئيس بقوة ضد بروز الخلافات سيحد من ظهورها، ولكن قوة هذه الخلافات وطموح أصحابها ستغذي استمرارها في السر"، كما أن "تخوف الأغلبية من استفادة المعارضة من خلافاتها سيدفعها لتأجيلها، ولكن لن يجعلها تتغلب عليها نهائيا".

 

وأضاف أن "مساعي الرئيس للتغلب على خلافات أغلبيته ستدفعه إلى معاقبة من لا يلتزم كلية بالتعليمات، وهو ما سيدفع هؤلاء إلى إظهار مغاضبتهم في النهاية"، كما أن "اقتراب موعد الانتخابات سيظهر الأجندات الحقيقية للرئيس وهو ما سيدفع من لا يستفيدون منها إلى مخالفتها".

 

وذكر الباحث بأن الانتخابات الرئاسية الموريتانية 2029 تمتاز بوضع خاص لأنها ستكون ثاني مرة يفرض فيها الدستور على الرئيس القائم الخروج من الحكم، كما أنها أول انتخابات يبرز فيها عدد من الطامحين لخلافة الرئيس بشكل شبه علني، وفضلا عن ذلك فمن المتوقع أن تكون محطة قوية للاستقطاب العرقي والفئوي استمرارا لما وقع في رئاسيات 2024.

 

وأكد الباحث ولد نافع أن الأبعاد الإقليمية تضفي على هذه الانتخابات طابعا خاصا، فهي تأتي في سياق سياسي وميداني يحد من مكانة التداول السلمي للسلطة الذي ساد في الإقليم خلال العقد المنصرم، فالحروب التي تشهدها دول الإقليم قد تقنع الحكام وبعض الدوائر الشعبية بأن الأولوية لتحقيق السلم وأن الديمقراطية وما يتعلق بها من مبادئ ترف لم ينفع دول الجوار، وحالات التمديد غير الدستوري في بعض الدول القريبة قد تغري بمحاكاتها، لا سيما إذا قورنت بنتيجة احترام الدستور الذي وقعت في السنغال وأدت إلى تغيير كلي للطبقة السياسية التقليدية.

 

ونبه الباحث إلى أن خصوصية هذه الانتخابات تأتي من زاوية ثالثة من كونها تستلزم خروج الرئيس الحالي من الحكم، وانتهاء حقبة ما بعد انقلاب 2005 الذي ظل فيها فاعلا بارزا في المشهد الوطني من موقع الرجل الثاني أو الأول، لا سيما أنه من المطروح أن يخرج معه جيله من العسكريين الذي تقاعدوا منذ سنوات ويواجه من بقي منهم في المشهد السياسي منافسة مزدوجة من شخصيات مدنية ومن ضباط لا يزالون في الخدمة.