على مدار الساعة

ثلاثةٌ صعدوا… فارتجفت الأرض، وارتفعت السماء

29 ديسمبر, 2025 - 21:10
محمد صبحي أبو صقر / ممثل حماس في موريتانيا

لم يكونوا عابرين في سجلّ الأيام، ولا أسماءً تُقال ثم تُنسى، بل كانوا نبضًا يمشي على الأرض، وصوتَ حقٍّ لا يخفت، وضميرًا حيًّا في زمن التخاذل.
رحل إزيد بيه الإمام، ورحل محمد الأمين محمد المصطفى، ورحل محمد الأمين عبد الجبار…

لكنهم لم يرحلوا حقًّا، بل انتقلوا من ضيق الدنيا إلى سعة الخلود، ومن ثقل الجسد إلى خفة الأثر الباقي.

هؤلاء لم يكونوا من طلاب الظهور، بل من صُنّاع الحضور، يحملون همّ الأمة كما يُحمل الجرح في القلب، ويجعلون من فلسطين قبلة الوعي،
ومن غزة نبضًا لا يهدأ، ومن نصرة المظلوم عبادةً لا تنقطع.

كانوا إذا تكلموا صدقوا، وإذا عملوا أخلصوا، وإذا وعدوا وفوا، لا يطلبون جزاءً ولا شكورًا، بل يطلبون وجه الله، فوهبهم الله الخلود في قلوب الناس.

 

إزيد بيه الإمام، كان صمتُه أبلغ من الخطب، وحضوره طمأنينة، يمشي بين الناس وكأنه يقول: “الحق لا يحتاج صراخًا… بل ثباتًا”.

 

ومحمد الأمين محمد المصطفى كان نبض القوافل، وصوت الميدان، وفارس الكلمة، يحمل الوعي على كتفيه، ويزرعه حيث تموت الكلمات وتُبعث الهمم.

 

أما محمد الأمين عبد الجبار فكان دعاءً حيًّا، إذا تكلم لانت القلوب، وإذا سكت تكلم أثره،

رجلٌ يشبه الفجر…
لا يُرى إلا ويبعث الأمل.
هكذا كانوا… وهكذا رحلوا،
لا ضجيج، لا صخب، بل وقار الشهداء وإن لم تُطلق رصاصة،
وعظمة من ماتوا وهم يحملون همّ أمة.

بكتهم موريتانيا لا ضعفًا، بل لأن الرجال إذا غابوا انكسر في الروح شيء لا يُجبر.

وبكتهم غزة، لأنها تعرف وجوه من أحبوها بصدق، ومن ناصروها دون مقابل، ومن جعلوا قضيتها أمانة في أعناقهم.

أيها الراحلون في موكب النور، نمتم جسدًا، لكنكم استيقظتم في ضمائر الأحرار، وفي قلوب لا تنسى، وفي دعاءٍ لا ينقطع.

اللهم اجعل قبورهم روضة من رياض الجنة، واجعل ما قدموه شفيعًا لهم، واربط على قلوب أهليهم، واكتب لهم أجر الصادقين،
وألحقهم بالصالحين، واجعل دموع المحبين نورًا لهم لا حسرة.
سلامٌ عليكم يوم ولدتم، ويوم عِشتم للحق، ويوم لقيتم ربكم شهداء النيّة والوفاء.
إنا لله وإنا إليه راجعون