تخيلت لبرهة أنه في الجمهورية الإسلامية الموريتانية يمكن العبث بكل شيء إلا المقدسات الدينية، وفي فجر الأول من مارس عام 2012 لاحظت أنه لا محرمات ولا مقدسات، حيث استيقظت كباقي الشعب الموريتاني على جريمة تدنيس للمصحف الشريف في مقاطعة تيارت،
الغريب في الأمر أن يوم تدنيس المصحف هو نفس اليوم الذي تلى تأسيس المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة المعارض للنظام، والذي أسفر عن جمع مختلف الطيف للوقوف في وجه النظام الحالي.
جريمة تدنيس المصحف الشريف فسرتها الأطياف المشكلة للمنتدى على أنها استهداف صريح لمشروعهم الوليد، في حين كانت عامة الشعب في الشارع منددة ومستنكرة لهذا الفعل الشنيع في مظاهرة حاشدة أسفرت عن استشهاد شاب في ذلك اليوم المشهود.
بعد ذلك بفترة كان ولد امخيطير يتبجح بالإساءة إلى مقام النبوة عبر مقال نشره أحد المواقع الإخبارية دون تبين مضمونه، ثارت ثائرة الشعب مرة أخرى وهو ما أفضى إلى اعتقال كاتب المقال وإيداعه السجن بنواذيبو حيث تمت إحالته إلى المحكمة الجنائية بداخلت نواذيبو التي عقدت جلسة يوم 24/12/2014 للملف رقم 03/2014 وكانت تضم في عضويتها كلا من: عبد الله ولد محمد يسلم ولد شماد رئيسا، وبعضوية كل من: محمد ولد محمد الأمين ولد اغشممت ومحمد ولد أبو بكر ولد امبارك، وكاتب الضبط الأستاذ الشيخ عبدوتي ولد محمد محمود.
هذه المحكمة أصدرت حكما ابتدائيا حضوريا بإدانة محمد الشيخ ولد محمد ولد امخيطير بارتكاب جريمتي الاستهزاء بالرسول محمد بن عبد الله وبالزندقة وأصدرت حكمها بالإعدام حدا في حقه.
وبعد اعتراض مدافعي هذا المجرم وبضغط من الغرب أحيل ملفه إلى المحكمة العليا بنواكشوط التي أعادته بدورها إلى نواذيبو، لتجلس له هيئة من الغرفة الجزائية بمحكمة الاستئناف بولاية داخلة نواذيبو "تشكيلة مغايرة" مؤلفة من قضاة الأرض: أحمد فال محمد فاضل كبادي رئيسا وعضوية كل من : صو عبدول يورو، محمد ولد الطاهر، محمدو ولد الطاهر، جمال ولد حمزة، محمد يسلم ولد عبدي، في جلسة علنية زوال يوم الخميس 09/11/2017 حيث أصدرت حكما يقضي ببراءة مقنعة للمسيء ولد امخيطير.
وبهذا الحكم فإن محكمة نواذيبو ترى أن رمي وزير الثقافة والإعلام محمد الامين ولد الشيخ بحذاء من طرف مواطن غاضب زوال يوم 30 يونيو2016 أعظم جرما وأجدر بتغليظ العقوبة ممن أساء إلى مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أن استهداف الوزير المذكور يعاقب عليه بالسجن 3 سنوات وغرامة مالية تزيد على 400 ألف أوقية. بينما الإساءة إلى مقام رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم لا تستحق في نظر القضاء الموريتاني أكثر من الحكم بسنة نافذة وأخرى مع وقف التنفيذ وغرامة مالية هزيلة لا تزيد عن 67 ألف أوقية.
لكم أن تتصورا كيف يرى القضاء الموريتاني الفرق بين مقام من أرسل رحمة للعالمين ومكانة من يمتلك رصيدا وافرا ونصيبا لا يستهان به من خسة الطبع والوقاحة والكذب سخرهم من أجل تزييف الحقائق وترويج الأباطيل.
وحتى لا نظلم أحدا لا بأس من التنبيه إلى أن ولد امخيطير ليس هو الوحيد الذي أساء إلى مقام النبوة فقد أساء أعضاء محكمة نواذيبو إلى رسولنا صلى الله عليه وسلم بإصدارهم لهذا الحكم التافه في معناه ومبناه.
وجاءت الإساءة إلى مقام النبوة من طرف الرئيس محمد ولد عبد العزيز وكل أعضاء حكومته وأغلبيته التي تدعمه وتناصره في حماية المسيء إلى النبوة، كما أسيء إلى مقام النبوة من طرف العلماء الذين استمروا في مؤازرة النظام بعد هذا القرار، ثم حين قصروا في توجيه الناس إلى سبيل النصرة الحقة.
تمت الإساءة إلى مقام النبوة من طرف الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والروابط التنموية والثقافية والرياضية والاجتماعية وغيرهم حين لم يدفعوا باتجاه التوعية بخطورة الفعل المنكر الذي أقدم عليه محمد ولد امخيطير.
ولا يمكن إلا أن نعتبر الشعب الموريتاني على إطلاقه مقصرا في النصرة حيث لم يفرضها كواقع ويجبر السلطات على أخذ حق رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن تجرأ على فتح باب الإساءة إليه على مرآى ومسمع من الجميع.
اللهم إنا نبرأ إليك ممن أساء إلى رسولنا ... اللهم فاشهد ... اللهم فاشهد