ورد في حكايات ألف ليلة وليلة أن "الشيخ محمد سمسم" كان رجلاً حشاشاً يتعاطى الأفيون ويستعمل الحشيش الأخضر وكان يستخدمه كبار التجار لبعض المهام القذرة ..!
لنفترض أن نموذجا من "الشيخ محمد سمسم" أتيحت له فرصة العيش في كنف نظام فاسد وسمحت له الصفقات المشبوهة والعلاقات الأخطبوطية أن ينهب و يراكم ثروة هائلة من أموال شعبه، حيث كان أكثر أعماله التجارية نزاهة التهرب الضريبي وتزوير العملات واحتكار تجارة التبغ، ولتبيض صفحته وتنقية سريرته أطلق مشروع "طب العيون" ليُعميَّ الناس عن نهبه لأموالهم وتجارته في تدمير صحتهم عن طريق بيعهم السجائر وربما الحشيش.
حقا تشبه قصة "محمد سمسم" المعاصر حكايات ألف ليلة وليلة فمن يصدق أن يمتلك شخص كل هذه الجرأة لينهب بيد ويحاول طمس آثار جريمته باليد الأخرى عن طريق تجنيد جيش من المخبرين والكتاب المأجورين وثرثاري الصالونات لبسط ونشر أخبار كرمه الحاتمي وإنفاقه البرمكي حتى لا نقول "البوعماتي".
ما يناهز مليار أوقية للمدارس الفرنسية هدية "متواضعة" من رجل الأعمال الموريتاني محمد ولد بوعماتو كل هذا السخاء اتجاه مدارس تنفق عليها الدولة الفرنسية وتستنزف جيوب المواطنين الموريتانيين الذين يدفعون أموالا طائلة مقابل حصول أبنائهم على مقعد هناك، يبدو الأمر وكأنه مزحة كبيرة فكيف لمواطن موريتاني مهما كان ثراؤه فاحشا أن يتبرع لدولة أجنبية من أجل توسيع نشاطها الثقافي والتعليمي الهادف إلى زرع الثقافة الأجنبية على حساب الثقافة والهوية الوطنية..
ومن غريب الصدف أن يأتي هذا الدعم السخي بالتزامن مع اليوم العالمي للغة العربية..!
في لقاء صحفي تم نشره مؤخرا أكد ولد بوعماتو استعداده لضخ وتقديم ما يلزم من أموال لدعم جميع المنظمات الحقوقية والأحزاب السياسية والصحف لتنفيذ مشاريعه، وتأتي هذه التصريحات دليل مصداقية على تورط الرجل في العديد من الملفات الإجرامية الخطيرة الرامية إلى زعزعة أمن البلاد عن طريق شراء الذمم وتوزيع الرشوة على نطاق واسع هدفه تدمير المنظومة السياسية والأخلاقية للمجتمع.
يحق لنا أن نسأل الرجل الذي نهب قوت الفقراء في أدوابه وأحياء الصفيح طيلة عقود من الزمن ولم يتبرع لهم بفصل واحد لمحو الأمية عن أبنائهم، يحق لنا إذن أن نسأله عن طبيعة الإجابة التي سيقدمها لهؤلاء حول تبرعه بمليار أوقية للمدارس الفرنسية، طبعا لا يملك الرجل إجابة مقنعة حول تبرير هذا الدعم السخي، ولأنه من حق الرأي العام علينا أن يطلع على خفايا الأعمال المشبوهة التي يقوم بها ولد بوعماتو فالرجل يعكف على مشروع تخريبي كبير هدفه زرع الفتنة وزعزعة الاستقرار عن طريق ضخ أمواله الحرام مقابل تفاهمات وصفقات مع أجندات معادية للنظام، لا يمكن فهم سبب تقديم هذا الدعم المقدم خارج سياقه وإطاره الطبيعي المعهود إلا إذا كان ثمنا لصفقة مشبوهة أبرمت تحت طاولة وسخة، لكن ما يغفله ولد بوعماتو هو أن الشعب الموريتاني لم يعد ذلك الشعب المتخلف الذي يسرق في الصباح ويُهان في المساء، لقد تطور الشعب الموريتاني وتطورت عقليته وأصبح أكثر حرصا على بلاده وهويته وانسجامه الاجتماعي بعد أن أبصر عجلة التنمية تتحرك لأول مرة في ظل نظام فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز وتسارعت وتيرة البناء والتشييد وعمت المدارس جميع مناطق موريتانيا ممولة من خزينة الدولة الموريتانية.