أعلنت الحكومة الموريتانية عن استبدال العملة الحالية لأهداف مرتبطة بالأمن والقيمة والاقتصاد.
ورد البعض ذلك إلى تقارير دولية متعلقة بالتزوير ومحاكاة العملة الفعل المجرم والمعاقب كما هو مبين على العملة الورقية. ويقوم البنك المركزي بالتحسيس المطلوب في القنوات والمواقع والصحف وفي الإذاعة ليلا يفوت على الناس إبدال أموالهم فتضيع.
وينصب الإبدال على إزاحة العدد صفر من نهاية الأعداد لكن دون أن تتأثر القيمة وكأن الصفر مخلوق مهيمن يزيد القيمة حال وجوده ويحتفظ بها بعد نزعه وهي ميزة خاصة به، وحدهم المختصون يدركون لماذا.
لا أدري أوفقت في تبيان الفكرة أم أن الميل الفلسفي طغي؟
الغريب في الأمر اصطفاف الناس حول البنوك لإبدال يسير العملة القديمة أولا يعلمون أن ذلك ليس ضرورة؟
تسوقوا بما لديكم واتركوا الأمر للحركة البنكية، هذا إذا لم تكن مبالغكم من فئة خمسة آلاف وكان المبلغ معتبرا.
نحن نعلم من دروس الثانوية أنه يقام بجعل الدالة المشتقة مساوية لصفر لدراستها وأن أي عدد بقوة أو بأس الصفر يساوي 1.
وأشياء أخري قد لا يكون سردها ذا دلالة في رؤية غير متخصصة يراد منها أن تولد عند المتخصصين وهم كثر الرغبة في تناول موضوع أهمية الصفر في النقود - قمت بالجمع لرفع اللبس - وفي الحساب.
ونحن نقول: إن فلانا قضى آخر ولم تعد بينهما أية مطالبة، ما يعني أن ما بقي بينهما هو الصفر، فهل للمعنيين نفس المعني؟
نشتم من العبارة الأخيرة نوعا من عدم الكياسة إذ النعت بصفر عند الضمير الجمعي سلبي، الواقع أنه ليس كذلك بالنظر إلي الأهمية المعطاة له ولدوره في السماح للأعمال الرياضية والحسابية بأن تتم.
أمر آخر مهم لفت الانتباه إليه: إن كان يحصل الاستئناس بتبديل النقود فسيفوت علي بعض الموظفين من من لم يعهد إليهم بالتسيير في مسيرتهم.
أمر المال هذا يخاطب فئتين: فئة لا تثق بالبنوك وتحفظ أموالها في صناديق أو في حفر وفئة الأثرياء والجميع لا يدخل الموظف العادي في العملية بوصفه غير معني.
لكن حب الاطلاع والظهور ومحاكاة الأغنياء مرض انتشر وما استثني.
وأما المواطن العادي أو قل العامة بشكل عام فلا يزالون يبدون آراءهم في المسألة كما لو كانوا معنيين: تم لديهم الخلط فما فصلوا المال عن السياسة: في السياسة يجوز اللغو بل يجدي بعض الأحيان أما في الاقتصاد فالثرثرة لا تشبع حسابا ولا تملأ جيبا.
الأولي لهم ثم الأولي لهم الإنصات والانتظار فهم أيضا غير معنيين تماما كالبقية سالفة الذكر.
لكن الموريتانيين – وأنا منهم - محبون لمظاهر الأبهة والغني ولو كان منهم براء كما جاء.
حديث الساعة اليوم وربما لشهور مقبلة هو حول العملة وحول الصفر: فبعد أن كان الصفر عندهم يرمز إلي الخور ها هم يهتمون به وبعضهم ممن دون فهم.
فهل ندرك أن للصفر وظيفتان مهمتان هما: الدلالة على معنى لا شيء وتسهيل المعادلات الحسابية.
وهل نعلم أن: صفر ÷ صفر = 1
وأن قسمة عدد ليس صفراً على صفر غير منطقية أو بالأحرى ليس لها معني.
وهل نحن على دراية من أن توجهات الناس بخصوص الصفر مختلفة: منهم من يتحيز لصالحه ومن يتعصب ضده.
فهل ستتيح لنا فرصة تبديل العملة الاطلاع علي الفروق الشاسعة في امتيازات الموظفين لننظر في آلية تسمح بالحد من التفاوت الهائل بينهم في الثروة أم أن الأمر باق علي ما هو عليه بسبب مصالح المستفيدين.
إن الوضع: موظفون بنفس الدبلوم بعضهم بثروة فائقة والآخر مصرف للزكاة وضع غير مقبول وبحاجة إلى نظر.
إن مراجعة علمية لذلك قد تساعد في الحرب علي الفساد وذلك بتخفيض الامتيازات الكبيرة لدى البعض لصالح الموظفين الآخرين ما ينتج زيادة في رواتبهم، فهل سنتفطن له؟
أدام الله عافيته على الجميع...