لا نجد عناء كبيرا في تبيان المقصود بالسكينة فهي تعني: إحلال النظام محل الفوضي ولم شمل الناس بدل البعثرة.
تعاريف أخري كثيرة بمعني: العافية والخير والسعادة والطمأنينة إلي غيره من التعابير الدالة على السعي إلى الإسعاد والاستقرار.
لو دخلنا بحث العلاقة بين الدال والمدلول لكان حنينا إلى الجامعة التي هي اليوم بحسب الحال دون ما كانت عليه.
يجدر هنا لفت الانتباه إلى أنه لا ينبغي استغلال الحاجة إلى السكينة – وهي ضرورة – في غلق الباب أمام المطالبات بتحسين الحال الذي هو أيضا ضرورة.
الضرورة هنا لا نقصد بها الضرورة العلمية بل هي عندنا: الواجب المشروع التطلع إليه بالطرق الآمنة الأمينة.
نحن هنا لا نخوّف الناس من البحث عن الحقوق لكن ننبه على أهمية رفع اللبس والتفطن كي لا نتدلى في الغرور.
السكينة والسلم الاجتماعي: هل من تداخل؟
نعم... بطبعي لا أميل إلي الجواب المباشر بل أفضل التحليل والتعليل وربما جواب السؤال بسؤال لكن الموضوع لدقته لا يحتمل الخوض وسرد الاحتمالات.
إن السلم الاجتماعي هو الآخر ضروري لإحلال التناغم بين الجميع فبدونه لا تكون تنمية كما لا يتوفر المناخ المناسب لحرية الرأي التي هي ركن أساس في المسلسل الديمقراطي الذي لا يحسن العالم الثالث محاكاته.
خلط!
والذي يتبادر إلى الذهن أو إلى الفهم العام أن إرساء السلم مسؤولية الدولة أما المجموعة فبحسب ما يهوى أفرادها الذين لهم الحرية في المشاركة في توفيره أو الاكتفاء بالتفرج على ما يجري.
إن عدم الاكتراث بما يحصل به السلم لا يمكن أن يحمل على الرشاد للأمور التالية:
- أن لا أحد معصوم من الاكتواء بالفوضى إن حصلت.
- أن ثمة إجماع على فوائد السلم إذا استتب.
بالإضافة طبعا إلى علل أخر أو أخرى.
وإذا غير مقبول من أي كان أن لا يبالي بالهدوء والاستقرار فنتائجهما سلبية أم ايجابية لا تستثنيه.
والسؤال الاستنكاري هو: إلى متى نخادع النفس ونحمل الدولة لوحدها المسؤولية؟ فعليها واجب وعلينا آخر.
السلم وركوب الفئة:
تنص التشريعات على تحريم كل حراك ذي طابع فئوي ونعلم: أن الفتنة أشد من القتل ومع ذلك لا يزال البعض يركب الأوضاع التي عليها فئة ما لأغراض خاصة وشخصية.
هؤلاء لا يتورعون عن استغلال حتى الأحداث اليومية: سرقة - عنف الخ... يتكلمون في ردة الفعل غير المحسوبة عادة يحولونها إلى عمل تقصد به طائفة.
هو إذا دس السم في الدسم واستغلال اللحظة وواجب الجميع اتجاهه التحسيس بخبثه وإماطة اللثام عن الخلفية الحقيقية له وأخيرا العمل على تشريع لمواجهته.
إن التمادي في نشر الكراهية وإن كان لا يؤثر اليوم فلا ضمانة أنه سيبقى كذلك عندما تتراكم دعوات السوء لأعوام فيكمل اللاحق السابق تماما كتكامل العلم مع خلاف في الحاصل: هذا يفيد الأمة ويخلق قوانين أو يكتشفها على الأصح وذاك يخلق أزمة وتنافرا وضائقة.
إن مناعة الأمة ضد التفرقة والتمزق تمرض وتصاب وهي بحاجة إلى الوقاية من خلال التصدي لأي تشويش ذي طابع فئوي مقيت.
وطبعا الطبقات الضعيفة الوعي سهلة الاستغلال، تنقاد بسرعة لكنها في المقابل ما إن تدرك الحقيقة تتراجع بطريقة أسرع لكن بعض الأحيان يكون الوقت قد فات.
ولأنه بالنسبة لنا لا يزال من الممكن فعل شيء يقي ويعصم فالأولي الإسراع قبل أن تكبر الآفة – إن كانت الآفة فيها صغر - أن نقوم جميعا بالتحسيس أولا ثم بسن قوانين رادعة تحفظ.
إنه عمل جبار لكنه ممكن، فلم لا نقوم به مجتمعين أو يتولاه البعض المستفيد، إن لم يكن للصالح العام، فللمحافظة على بقية ضمير؟
أدام الله عافيته على الجميع...