على مدار الساعة

الحزب الواحد والحاكم الأوحد

24 مارس, 2018 - 14:08
أحمد عبد الرحيم الدوه

إن سياسة التفرد بالسلطة والاستئثار بالمناصب والوزارات والامتيازات، مشكلة تعصف بالواقع السياسي والاجتماعي في موريتانيا ، قد يدخل البلد في دوامة من الصراع بسبب تهميش معظم الأطراف، التي من المفترض أن تكون شريكة في العملية السياسية (الأغلبية الرئاسية) والبرلمانيين والتي كان من المفترض أن يكونوا شركاء في صنع القرار وتسيير أمور البلاد، إلا أن فكرة الأغلبية الرئاسية، تتحول تدريجيا إلى الحزب الواحد، بعد أن أفرغت العملية السياسية من محتواها، وأصبحت أغلب الوزارات والمناصب العليا والامتيازات من نصيب حزب واحد وكتلة معينة، والولاء للرئيس وصراع الأقطاب وهذا ينبئ بأن موريتانيا مقبلة على تكريس الدكتاتورية وإعادة البلاد إلى المربع الأول، حكم الحزب الواحد، وخير دليل على ذلك حملة الانتساب الحالية لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية الذي يشارك فيه نشطاء من أحزاب الأغلبية، يجمعون البطاقات للانتساب لحزب الرئيس، الذي يستأثر بالسلطة ويسعى للحصول على أكبر قدر من المناصب والأصوات بأساليب الترغيب والترهيب والزبونية، والأكثر من ذلك أن اغلب الوزارات لتي يشوبها فساد مالي وإداري، بالإضافة إلى أن معظمها وزارات أمنية تمس حياة المواطن بشكل يومي، مما أدى إلى تراكم المشاكل وإفلاس المؤسسات، والتسريح الجماعي للعمال، وقد عطلت كافة المرافق العمومية من أجل هذه الحملة مما يؤكد عودة البلاد إلى زمن التمسك بالسلطة وضرب القوانين والنظم عرض الحائط وعدم اهتمام الحكومة بهموم المواطن الموريتاني، الذي لا يعطي أي اعتبار له دفاعا عن حقوقه، ولا سعيا لسماع أصوات الجوعى والمرضى فالبطالة متفشية، والسرقة منتشرة، والأمن معدوم، والأسعار مرتفعه، مقارنة مع دخول المواطنين، عاطلين كانوا أو عمال بسطاء، أو موظفين بسبب السياسات الارتجالية للحكومة، ويسعى الرأي العام لمعرفة الحقائق وكشف ملفات الفساد، وأصبحت سياسة التهميش والإقصاء سمة من سمات دولة الحزب الواحد لتي تطمح للوصول إلى المناصب والامتيازات وإرضاء الرئيس، على حساب المواطن الذي يحلم بالحصول على أبسط الخدمات.

 

إن فكرة تكريس الدكتاتورية والتمسك بالمناصب لتصبح حكرا "لحزب واحد وطوائف معينة، ويصبح البلد تحت سيطرة الحاكم الفرد، تمثل بداية جديدة للدكتاتورية، والعودة للعهود الاستثنائية (هياكل تهذيب الجماهير، والحزب الجمهوري) (ونظام والوحدات)، مما ينذر بدخول البلد في صراعات قبلية وجهوية ومافيا مالية وسياسة، قد تعصف بسلم البلد وأمنه الاجتماعي والسياسي، وغيرهما من أزمات ليست لها نهاية لا قدر الله.

 

فبدون سياسة رشيدة تضع مصلحة المواطن في أولوياتها – حقيقة لا دعاية - فإن السلم الاجتماعي مهدد، والولاء للوطن مفقود، ولن يفكر المواطن، بغير بطنه، طال ما أنه جائع وخائف في بلد غني لم يطعمه من الجوع، ولم يؤمنه من الخوف، وجعل حبه للوطن سببا لتجويعه، ومحاربة الفساد مبررا لسرقة ماله ونهب ثرواته، ومن الديمقراطية مصادرة لإرادته.

إن سياسة التطويع والتجويع سياسة بدائية فاشلة "جوع شعبك يتبعك"، فسنة الكون متغيرة فلابد من الإيمان بقاعدة "أطعم وأمن شعبك يحميك" لأنها هي الصحيحة، فلا حرية لخائف ولا كرامة لجائع..

 

تولانا الله بلطفه.