على مدار الساعة

المنتخب الموريتاني الفائز

18 يوليو, 2018 - 14:45
المحامي / محمد سيدي عبد الرحمن إبراهيم

بينما تحتفي بعض البلدان بلاعبي كرة القدم وترتفع صور أعلامها ويملأ الحديث عن كأس العالم الدنيا، تودع موريتانيا حارس مرمى قيم بارع، لم تهتز شبكته رغم الكرات المرتدة.

 

ومنذ أيام وارينا لاعبا جادا آخر وقبل سنوات ارتحل علمان وعلى مر العقود والقرون المنصرمة أدرك الفناء عشرات الأعلام المنتمين لهذا المنكب البرزخي ممن كان ولد بونا ناطقا رسميا باسمهم عندما قال:

 

ونحن ركب من الأشراف منتظم *** أجل ذا العصر قدرا دون أدنانا

قد اتخذنا ظهور العيس مدرسة *** بها نبين دين الله تبيانا

 

وكما قال المختار ولد حامدون فإن الموت سر فينا.

 

ولد سيدي محمد ولد السالك ولد عبد الرحمن بينما كان سيدي ولد مولاي الزين وأترابه يغيرون على ثكنة كبلاني غير بعيد من المكان الذي قتل فيه الغازي ببطحاء تجكجه..

 

منذ نعومة أظافره انهمك فقيدنا في طلب العلم حتى حصل على الإجازة في اللغة العربية وعلوم الشريعة بحفظ بعض متونهما حينها يمم بلاد الحرمين لأداء فريضة حج بيت الله رجلان.. وعندما رجع عالمنا اكتسب لقب الحاج.

 

قرر الحاج ولد فحفو أن يتعهد حراسة مرمى القيم الذي كان المستعمر يتربص به ويسعى جاهدا لهده باجتثاث اللغة العربية وتعاليم الدين الإسلامي من ربوعه سعيا للتمكين للغة الفرنسية ولطباع الاحتلال الوافدة.

 

وضع فقيدنا خطة حراسة محكمة تقوم على نشر العلم والتحلي بصرامة العبادة وفق ما شرع الله تعالى وانتبذ لذلك مكانا قصيا في كَلاكَه بين جلاميد جبال تكانت الراسخة في منزلة وسطى غير بعيدة من حواضر العصابه وسهول البراكنه.. ورغم الانقطاع وصعوبة الطريق ظلت محظرة "اتويمرات" تجذب طلاب العلم من كل حدب وصوب ومنهم من قدم من خارج البلاد وحتى من وراء البحار ليتلو كتاب الله تعالى ويطالع علومه ويكرر أمهات كتب اللغة العربية والشريعة الإسلامية في ظلال الجلاميد والأشجار والأعرشة بمكان هادئ لا تكدر بيئته ضوضاء الحضر وروائح نفاياته النتنة ومؤثراته السلبية الفاتنة.

 

 

نجحت الخطة وتمكن حارسنا من صد الهجمات المتكررة بتكوين جيل من علماء اللغة والدين وتمكن من ذلك بفضل مدافعين صامدين وقفوا معه في الواجهة كمحمد سالم ولد عدود وبداه ولد البصيري وغيرهما.. ولم يتوقف الفريق الوطني عند حدود الصد عن المرمى فقد قرر الهجوم مبكرا لإلحاق الهزيمة بأعداء الدين حتى في المشرق حيث كانت صولات محمد محمود ولد اتلاميد وحبيب الله ولد ما يابى في مصر وجولات محمد الأمين الشنقيطي (آب ولد اخطور) في السعودية مثلما صال ولد اطوير الجنه وولد فال الخير وجالوا في السودان والأردن ووصلوا الباب العالي بينما واظب الشيخ ماء العينين والشيخ محمد المامي والشيخ سيديا باب على التأثير في وسط البلاد وفي المغرب. حتى النساء كان لهن إسهام ترجمته خديجة بنت العاقل الديمانية ومريم بنت الأمين الحسنية.

 

وانبرى للدفاع في جنوب البلاد وعلى ضفة نهر صنهاجه الحاج عمر تال ومحمود با وبوبكر سي بينما ألف المختار ولد حامدون مساجلة الشاميين في بلاد "إسنقان" قبل أن يعود للبلاد ويشرع في كتابة "حياة موريتانيا" وللبرهنة على أننا قادرون على النبوغ في الحساب وغيره من العلوم التجريبية كان لإسهام يحي ولد حامدون في الرياضيات صدى خاص.

 

ومع نشأة الدولة الحديثة حجز أحمد سالم ولد ببوط (يربانه علما) مقعدا متقدما في محفل فقهاء القانون الدستوري والإداري بفرنسا.

 

وبينما أتلقى فاجعة فقد الحاج أستذكر العزاء في عبد الله بن بيه ومحمد الحسن ولد الددو ومحمد المختار ولد امباله ومحمد ولد سيدي يحي ومحمد علي الشنقيطي وغيرهم من المحفوظين بإذن الله.

 

وآمل أن يبرز موريتانيون في علوم الطبيعة والحاسوب يتميزون ويرفعون راية البلاد بالعلم ويجعلوننا نكرر بفخر قول الشاعر:

 

إذا مات منا سيد قام سيد *** قؤول لما قال الكرام فعول