على مدار الساعة

همسة في أذن ناخب!

23 يوليو, 2018 - 12:56
بقلم: عبد القادر ولد الصيام - ouldsiyam@gmail.com

عزيزي الناخب

إنّك بضاعة غالية وتجارة نفيسة - في هذه الأيام - فبعدما تجاهلك متعاطو السياسة ومحبّوها هاهم يستجْدونك ويُنيخون رحالهم ببابك طالبين التأييد والمسانَدة - رغم أن معظمهم لم يمدّ لك يد العون قطّ، و لم يسألْ عن حالك حين قلّ زادك وغار ماؤك ونفد علف حيوانك! ولم يهتم بتعليم أبنائك المتدنّي ولا بخدمات الصحة المعدومة ولا بطُرقك القاتلة!!

 

أمعنوا في تجاهلك حتى كأنك غير موجود، وانشغلوا عنك ببيانات التأييد والمساندة للقيادة الرشيدة التي حوّلت البلد إلى "اسويسرا"، وأقسموا بالله - جَهد أيمانهم - أن لا يصلح للرئاسة إلا "عزيز"، و"لو رامها أحد غيره *** لزُلزلت الأرض زلزالها"!!

 

تجاهلوا أحبابك الذين يموتون بدم بارد - على طرق لم يبقَ منها إلا أسماؤها!! وجاس وزراؤهم وأباطرتهم خلال الديار، وداسوا بسيارات "الغلول" الفارهة ما تبقّى من أطلال "أمل" دارس يصدق فيه قول الشاعر:

 

وهل كانت الأطلال إلا تذكّرا *** لِعَهد ملكنا فيه كل المفاخر"؟!!

 

هاهم يعودون إليك ويتملّقون للحصول على صوتك حتى ينهبوا ما تبقى من خيراتك ويُثقلوا كاهلك بالديون ويُضعفوا قيمة عملتك التي تتناقص بشكل مضطرد بسبب سياسات البنك الدولي وبتواطؤ من أصحاب الخوذ والنياشين ومصاصي دماء الشعوب والمتاجرين بدولتهم ومصالحك!

 

هاهم يرفعون عقيرتهم تذكيرا لك بالانجازات التي لم ترها - وكأنك أصمّ لا تسمع، وأعمى لا تُبصر ثم - بعد ذلك - هاهم يبشّرون بـ"مواصلة" المسار وتنمية "سويسرا" التي بَنَوْها، وكأنك أخرق أو مجنون... فهل تُخدَع مرة أخرى وتُهلِكُ نفسَكَ بنفْسِكَ لمدة أربع سنوات عجاف كالأربع التي قبلها والتي قبل ذلك!؟؟

 

عزيزي الناخب:

إني أخاطب فيك روح المسؤلية، وأنا غنيٌّ عن تذكيرك بـ"واجباتك" الشرعية والقانونية من أجل اختيار "أصحاب الكفاءة"، ولكني أذكِّرك بأنك مَن سيصنع مستقبلك خلال الأعوام القادمة - ولا تحْقِرن قيمة تصويتك ومَكانتِك - وإنْ كثر المفسدون والضعفاء والمنافقون - وأدعوك إلى تحكيم عقلك والتفكير – مليّا - قَبْلَ التصويت لأي مرشح -وخصوصًا من أصحاب "المخرن"، وأستسمحك في طرح بعض الأسئلة التي قد تساعدك في تحديد من ستصوت له.

 

فهل ستعطي صوتك لـ:

- مَن لم ينبُس ببنت شفة ضد الظلم والغبن والقهر الذي تتعرض له، ويتعرض له بقية إخوتك الآخرين؟

- مَن لم يكتب حرفا للمطالبة ببعض حقوقك؟

- مَن لم يتظاهر - ولو مرة - للمطالبة بتزويدك بالماء والصرف الصحي وتحسين خدمات الصحة والتعليم؟

- مَن حرَمَك "العلف" والبذور والسياج والخدمات الزراعية والرعوية؟

- مَن سرق أموالك وحوّلها إلى قصور فارهة وعمارات شاهقة وآلاف الرؤوس من الأَنْعَام وعشرات السيارات العابرة للصحاري والبنوك والمؤسسات "المدرّة للدخل"؟؟!

- مَن يُرسل أبناءه للمدارس الخصوصية والأجنبية غير عابئ بجودة تعليم أبنائك ولا مدارسهم الخرِبة!

- مَن لم يُشاركك حرّ الصيف وقرّ الشتاء، ولم يعضّه ناموس الخريف بجنبك، ولم يعرف صعوبة الحياة في "موريتانيا الأعماق" و"أحياء الصفيح"!!؟؟

- مَن لم يتأخر – يوما - عن تأييد الروساء والوزراء والحكومات المتعاقبة على حساب حقوقك ومصالحك!؟

- مَن أنفق المليارات على تنظيم "قمم" لم تنعكس – إيجابا - على واقعك ولا مستقبلك المجهول؟!!

 

إنْ كانَ جوابُك على أي سؤال- بـ"نعم" فاعذرني فأنت مَن يستحق هذا الواقع "الجميل" الذي يحسُدك عليه سكان الدول "الإسكندنافية" و"بيفَرْلي هيلز"، وهنيئا لك التقدم العلمي والخدمات الطبية المتميزة التي أصبح مواطنو الدول "المجاورة" يشدّون الرحال إليها ويَسعون للاستفادة منها!!

 

إن كنتَ من أهل "نعم" فهنيئا لك خياراتك وديمقراطيتك التي بدأ الشرق والغرب يدرُسها ويستفيد منها ومِنْ تجارب تنظيم القمم العربية والإفريقية والقيادة الرشيدة لـ"قائد العمل الإسلامي"!!

 

وإن كان جوابك "لا" فاعلم - علم اليقين - أن هذه فرصتك للتعبير عن رفضك للغبن والتهميش والاحتقار مِن طرف مَن مَرَدوا على اختلاس أموالك والاستئثار بالأمر دونك وعدم استشارتك فما ينوبهم من أمرك، وقَلَبوا لك ظهر المِجَنّ، وجازَوْكَ جزاء  سنمار، وقُلْ لهم: "لا"، و"ألف لا" بِمِلْء فيك - كما قال الفاروق-: "يُعجبني الرجل إذا سيم خُطة خسف أن يقول لا بملء فيه"!.

 

عزيزي الناخب:

إنْ أنت سوّيت بين الضحية والجلاّد فستَكتوي بنارِ الضرائب والغبن والفساد والمحسوبية وانعدام الخدمات والحريات مع الاستئثار بالأمر دونك خلال السنوات القادمة من طرف من يُسيّرون البلاد ويرسمون سياسياتها -محليا وجهويا ووطنيا - وستندم - ولات حين مندم - فانتبهْ - قبل فوات الأوان - واخترْ مَنْ يُشبهك، ومن يعيش مثلك ويعرف واقعك؛ ومن وَقَف معك ودافع عنك وعن حقوقك، ولم يسرِقْ مالك، ولم يفرضْ عليك ضرائب تؤديها دون طِيب نفْس ودون صرفها في أمور تعود عليك بالنفع، بل يتمتع بها مَن "يتخوّضون في مال الله تعالى بغير حق".

 

واعلم - أيها الناخب الكريم - بأن صوتك أمانة، وأنك مسؤول عنه - عاجلا وآجلا - وأنّك مَن يقرر مَن سيفوز ومَن سيخسر، فهل ستحكّم ضميرك وتختار الأصلح؟ أم أن القبيلة والمال السياسي والضغوط الحكومية (العصا والجزرة) سوف تخدعك وتوجّهك نحو اختيار مَن ظلمُوك واحتقروك وسلبوك حقّك ومالَك واستأثروا بالأمر دونك؟ فأيَّ الفريقين ستختار؟!

 

عزيزي الناخب: كلّ انتخابات وأنت بخير!