على مدار الساعة

عزيز وتواصل.. تغيّظ الاستبداد وزفير الانعتاق!!

1 أكتوبر, 2018 - 14:05
بقلم: محمد المختار أحمدّ (أبو نزار)

منذ أيام؛ خرج الجنرال عزيز على قومه - عبر تلفازه - مُرهِباً جمًّا غفيرا من شعبه.. ومتوعدا شرفاء منافسيه من رعيته.. وما هي إلا أيام حتى أتبع وعيدَه القولي بمنكر تصرفه الفعلي؛ فحاصر صروح المعرفة وناجز رموز العلم وبارز سراة المجتمع.. ثُمّتَ سوّغ "ناطقُه" الوزيرُ فعلاتِه النكراءَ بعنقاءِ دعواهُ ذاتِ "الأذرع"!!

 

ويخيّل إلى المتوسم في مجرى الوقائع أنه لمن حُولة الأيام وثمرات المكر السيئ أن بطانة الجنرال المُرهِب سوّلت له رغائبَه في اقتراف جرم مأمورية ثالثة، وقلّبوا له الأمور حتى أوتر غيرَ قوسه ورمى غيرَ غرضه باستهدافه مؤسسات علمية تعليمية أسِّست على التقوى من أول يوم، ودأبُها أن تُطعم المجتمع عراجين العلم النقي العاصم وتسقيه ينابيع المعرفة الصافية الشافية، في يوم ذي مسغبةِ جهلٍ وتغفيلٍ شدَّ ما كانا النصيرَ الأوثقَ للطغاة والغلاة.

 

وهو استهداف يروم به الجنرال - بين يديْ مسعاه الناقضِ لميثاق القسَم الدستوري الغليظ - المناورةَ تهرباً من تقديم كشف حساب عن عشرية سنينه العجاف، التي بلوْناه طوالها وفتنّاه فتوناً على نار الاختبار في "حرب فساد" أعلنها وشعارات تنمية نهضوية رفعها، فما رعاها حق رعايتها حتى آلت قعقعة بلا طعين وجعجعة بلا طحين.

 

إن "معركة سحب التراخيص" - الرخيصة والأثيرة لدى الجنرال المُرهِب - لن تمد في عمره السلطوي عهدةً ثالثة كما توهّم هو وشياطين نظامه هوامينَ وقوارينَ؛ فقد تبين للكافة أنها تراخيص مُنحت لتطويق المصلحين وتعويق جهودهم في كشف زيف دعاوى نظامه المتداعي نديُّه إلى قصعة ثروات الوطن سلبا ونهبا.. وهيهات هيهات.. إذ سيغرق الجنرال في بحر تقحَّمه وهو لا يحسن السبح فيه، وعجاجة أثار نقعها ولن يملك لها انجلاء!!

 

ألم يأتك - أيها الجنرال - نبأُ وليِّ نعمتك ومصطنعِك معاوية الطائع؟ ألم يستلذّ بحبوحة سرير سلطان الطغيان عشرين حجة، ثم رأيت كيف {كان عاقبة أمره خسرا} حين طمت أمواج لجيّ استبداده ودارت رحاه الدَّموكُ؟

 

ألم تعلم أنه في حلبة منازلته ضبحت صافناتُ جيادنا، وفار تنُّور شبابنا ورجالنا ونسائنا، فأغرقنا مواخرَ فُلكه وضعضعنا أركان مُلكه، فألفيتَها - أنت وسميُّك غزواني - ما بين قائم وحصيد، وذلّلنا لكما بذلك سبل الانقلاب عليه وقد وهَن عظم سلطانه وخارت قواه وتبّت يداه.. فهُزم جمعُه وانفضّ سامره {وما للظالمين من نصير}!!.

 

لقد علم الجمْع الكاثر أن حزب "تواصل" أخيذةُ رمح وسلَبُ دارع وغنيمةُ صِيالٍ ونِصالٍ ونضال، وما هو بهدية سلطان جموع منوع شاكلةَ الجنرال المُرهِب، وما زال في قوس أهله منزعٌ لمناضلة المتربصين.. وفي كنانتهم سهمٌ مَريشٌ يُصمي المبطلين وبيادقهم المطبلين.

 

ولئن رام الجنرال غمز قناة التواصليين فسيعلم - علم اليقين - أنه لا يُستاس صليبُ عِيدانهم، وأن من سامهم بخسف وعسف "دَمِيَتْ يداه بفالج وجذام"؛ فقد آمنوا - منذ انطلاق مسيرتهم الظاهرة الظافرة - بأن المجد مطلبه اعتساف، ولبسوا لمنازلة الطغاة سابغاتٍ من الصبر والمصابرة والمرابطة، وأداروا - بلا رجعة - رحى الانعتاق من نيْر ثالوث سلطان الجند: الفساد والاستبداد والاستعباد، وهم بين الصدفين من هذا الأمر: فإما السعادة وإما الشهادة.. {فانتظروا إنا معكم منتظرون}!!

 

قل للـــسّري أبي قيس أتــــــوعدنا *** ودارُنا أصبحت من داركم صددا؟!

 

أما تُهَمُ التطرف والإرهاب.. فما أشبهها - عند التدقيق في دافع إيرادها - بتهمة قوم لوط لآل لوط: {أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون}! لقد رمتنا طغمة الاستبداد بدائها الدويّ وانسلّتْ.. وتلك شَكاةٌ ظاهر عنا عارُها وشنارُها.

 

إن الإمام الددو هو من كان - سنين سلفت - يغشى القصر الرمادي مفتحةً له الأبواب طلبا لنصح حاكم ونُجْح محكوم وصلح بين الاثنين.. فما الأمرُ الإدّ المستجدّ في علمه ووعيه وسعيه؟ وأي نقيصة طرأت فشابت سيرته ومسيرته؟

 

بلى.. لقد أغاظ الجنرالَ أن الإمام لم تطّبيه أحابيلُه الممدودة وغدا مرجعية أمة لا دولة.. وأن صروح مجده صارت مثابة إرشاد للناس وأمنا فكريا للأجيال.. وأن إخوته في ركب الإصلاح أضحوا منائر اهتداء واقتداء في المجتمعات {يهدون بالحق وبه يعدلون}.

 

ولئن استعادت طغمةُ الحكم عوازبَ أحلامِها فستُقرّ بأن "الإرهاب" خيار لا نتمناه ولا نتبناه؛ نحن له نابذون.. وعنه راغبون.. وعن صراطه ناكبون. بل بنقيضه عُرفنا: قولا ميسورا وفعلا مبرورا.. وتوسطا قاصدا راشدا في كليهما، فبذلك علا صوتنا وذاع صيتنا - كرَّ الأعصر - بين الورى حتى "طارت به القَبول والدَّبور"!

 

وإن تعجب فعجب أن الجنرال المحنق - مع دعواه الأفيكة تلك - باخعٌ نفسَه في سبيل تزكية إسرائيل وأنداده من زعماء أنظمة التنكيل والتقتيل.. {يا حسرة على العباد}!!

 

إن في "تواصل" كِفاتاً من الكُفاة الشُّفاة ذُكرانا وإناثا، وما منهم إلا من "أرأبَ ما أثأتْ يدُ الغفلاتِ" المخزنية في جنبات بلادنا المنكوبة بأربعينية تيه العسكر؛ فأضناهم العملُ الطوعي الناصب.