على مدار الساعة

وزارة التعليم العالي.. وإغلاق منافذ التعليم!!

11 أكتوبر, 2018 - 23:45
محمد ولد الشيخ - أستاذ جامعي

تعتبر مشكلة التعليم في مراحله المختلفة إحدى المشكلات الكبيرة التي عانت وتعاني من تداعياتها دول عديدة عبر العالم، ولكنها شهدت في بلادنا خلال الفترة الأخيرة أبعادا خطيرة تهدد بالعودة إلى الوراء وتشكل نكوصا وتراجعا عن إنجازات تحققت في السابق.

 

وإذا كانت الدولة الموريتانية قد شهدت خلال السنوات الأخيرة ظهور ما يعرف بمدارس الامتياز، وهي خطوة تم الترحيب بها من قبل الكثيرين وتم اعتبارها ركنا أساسيا في النهوض بالتعليم، ينضاف إلى السماح بخصخصة التعليم العام والعالي في البلاد إلا أن هذه الخطوة على ما يبدو كانت مقدمة لتجفيف منابع التعليم العالي والقضاء عليه في بلادنا من خلال إجراءات تعسفية غير مسبوقة بدأت بتحديد سن قانونية لاكتتاب أساتذة التعليم العالي الوطنيين مما ترك المئات من حملة شهادات الدكتوراه يعيشون الفراغ بعد أن أمضوا حياتهم في الدراسة حتى حصلوا أعل المراتب العلمية في أهم التخصصات العلمية التي تحتاجها البلاد في نهضتها!

 

وتلت هذه الخطوة خطوة أخرى لا تقل خطورة تمثلت في زيادة عدد سنوات الدراسة الثانوية مما قلص أعداد الطلاب الذين يصلون إلى الثانوية العامة وجعل الآلاف يتسربون عن التعليم إلى الشارع، وكان للخلل المصاحب لتصحيح الباكلوريا والصعوبات الجمة التي يواجهها الطالب لينجح في الحصول على الباكلوريا دوره في تقليص العدد الذي يدخل إلى الجامعة سنويا، لتأتي المشكلة الرابعة بمنع إرسال الحاصلين على الثانوية في أهم تخصص وهو تخصص الرياضيات في منح خارجية! مما جعل أكثر الطلاب ذكاء يندبون حظهم العاثر في اختيار أفضل تخصص في الثانوية، فالقلة منهم يتم استقبالهم في معاهد مهنية لا تحقق طموحهم العلمي ولا تتماشى مع نهمهم المعرفي مما يلحق الأذى النفسي بالكثيرين منهم ويجعلهم في حالة انفصام مع المجتمع.

 

وجاءت خامسة المشاكل في قرار منع استقبال الجامعة للطلاب فوق سن الـ24 وهو قرار غير ممكن التصديق لأنه لا توجد دولة في العالم تطبقه، فكل دول العالم تشترط معايير متعلقة بالمعدل العام المسموح به للقبول لدخول الجامعة لجهة تحسين مخرجات الجامعة وجودتها، أما أن يتم المنع بهدف تقليل العدد ودون الإشارة إلى بدائل وفي وقت ضيق لم يتم التحضير له! فهو منتهى الاستهتار بحقوق البشر وبمشاعرهم!

 

فما ذنب الطالب الذي أنهى أكثر من 14 سنة في التعليم العام بمراحله المختلفة، وأعاد الثانوية العامة، وأنفقت أسرته كل ما تملك من أجل إكمال تعليمه ليتم حرمانه على هذا النحو! إن في الأمر خطأ فادحا لن يكون من المقبول ولا من المنطقي أن يتم السكوت عنه، وعليه فإن المطلوب من الدولة الموريتانية هو التراجع عن هذا الخطأ الجسيم قبل فوات الأوان وتحقيق العدالة على الأقل في مجال التعليم بحيث تتيح الفرص على أساس الاستحقاق وتعيد المدارس والمراكز الشرعية التي مثلت متنفسا لطلاب المحاظر والذين هم خارج التعليم النظامي، وإعادة الاعتبار لحملة الثانوية الرياضية وفتح الطريق أمام الابتعاث الخارجي وترك الخيرين من أبناء هذا الوطن يستخدمون علاقاتهم لمنح المزيد من أبناء شعبنا في جامعات العالم المختلفة بدلا من التدخل لدى إدارات تلك الجامعات ومنعها من التعامل مع الجهود الخصوصية وكأن الحكومة ممثلة في وزارة التعليم العالي تريد أن تغلق جميع منافذ التعليم على أبناء موريتانيا إلا تلك القليلة التي تفتحها هي! أي منطق هذا وأي فكر وأية إستراتيجية؟؟