على مدار الساعة

للإصلاح كلمة موجهة إلى كل عربي مسلم خاطبته أمه المسلمة بالعربية في المهد 

27 نوفمبر, 2018 - 01:52
بقلم الأستاذ / محمدو بن البار

كلمة الإصلاح أرادت هذه المرة أن تتوجه إلى هذا الكيان العربي المسلم الناطق في المهد بهذه اللغة العربية التي تميزه مع صفته الأخرى التي يشترك فيها معه كثيرا من العالم الآخر (ألا وهي صفة الإسلام) إن هذه الكلمة تخاطب هذا الكيان الممتد من الخليج إلى المحيط لتقول له: صدق الله ورسوله وكذب بطن أمهاتكم جميعا بل كذبتم جميع جوارحهن.

 

فالذي زعم أنه داوى ابن أخيه بالعسل طبقا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم (بالشفاء بالعسل) ولم يشف ابن أخيه فقال له الصحابة صدق الله ورسوله وكذب بطن ابن أخيك فلو فعله كما ورد عنه صلى الله عليه وسلم لشفي ابن أخيك.

 

فكذلك هذا الحيز من جغرافية الأرض الذين ادعوا العروبة والإسلام حيث أصبحوا أمام العالم في أسفل سافلين من حياة البشرية في زمنهم بالمعاملة فيما بينهم كشعب دولة واحدة أو المعاملة فيما بينهم كشعوب تتكلم لغة واحدة وتعتنق دينا واحدا فقد كذبوا بهذه المعاملات نسبتهم للعرب والإسلام، فتاريخ البشرية محفوظ قبل التاريخ وبعده وهذه البشرية كلها قال صلى الله عليه وسلم أن الله اختار منها العرب ليكون منهم النبي صلى الله عليه وسلم وقد اختاره هو لحمل هذه الرسالة إلى جميع البشرية إلى آخر الدنيا بأحسن دين وهو الإسلام.

 

وباختيارهم لحمل هذه الرسالة للبشرية جميعا فقد اختار لهم سكنى الأرض التي بارك فيها: بارك في سمائها وأرضها وجعلها متجاورة لا يفصلها بحر ولا نهر.

 

ومع كل هذا التفضيل والإكرام جعلت هذه النسمات التي خلقها الله في هذه الحيز من الأرض من غرب الخليج خاصة إلى شرق المحيط الأطلسي خاصة أيضا جعلوا حياة هذه الشعوب فوق هذه الحيز من الأرض حياة شيطانية لا تعرف إلا عمل الشياطين وبدأ هذا التشيطن يتمدد يمينا وشمالا لا يترك فكرا خبيثا يفرق ولا يجمع إلا استورده حتى أصبح تلقائيا يقال هنا الشر وليس هنا الخير وبسرعة امتدت هذه الصفات الخبيثة في الأفكار ومعاملة الشعوب لتشمل جميع ما سمى نفسه بالجامعة العربية ابتداء من أول القرن الماضي لتمتد معه حتى القرن الواحد والعشرين وما زال الحبل على الجرار ويكتسح كل من مر عليه هذا الاسم حتى أصبحت عدواه أسرع من الايدز في العظام والكوليرا في العروق وكل ساعة تظهر فيه موبقات الشر.

 

فالصومال بجنبه دولة أرتيريا والكل عرب ولكن أرتيريا لنضج أفكار قادتها نجاها الله من دخول هذه المنظمة الموبوءة المسماة بالجامعة العربية وأصبحت الصومال مثالا للتمزق الداخلي لدخولها الجامعة العربية البائسة.

 

والسنغال ليست دولة عربية ولكنها بجنب موريتانيا وأكثر تنوعا في العرق واللغة ومع ذلك هي أهدأ حياة وأرقى تمدنا من موريتانيا الناطقة بالعربية الداخلة للجامعة العربية فقد كثرت فيها الانقلابات وأصبحت تبعيتها ظاهرة لشياطين الشرق العربي فقد اعترفت بإسرائيل وقطعت علاقتها مع قطر كل ذلك إهانة للشعب الموريتاني واحتقارا له من طرف قادتها.

 

ومن هنا لا بد أن نبحث من أين جاء هذا التشيطن الثابت في هذه الرقعة من الأرض المميت لأفكار أهلها:

 

أولا: لا شك أن حديث النبي صلى الله عليه وسلم صحيح الذي فيه اختيار الله للعرب من نسمات البشرية وأول دليل عليه اختياره له صلى الله عليه وسلم ليكون نبيئا ورسولا لآخر هذه البشرية.

 

لقد منّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم إلى آخر الآية والمؤمنون هنا تعني كل من آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لأنه بعد رسالة النبي صلى الله عليه وسلم لا إيمان مقبولا إلا عن طريقها وأصبحت المعادلة هكذا الإيمان واحد ورسوله من العرب إلى آخر ساعة من الدنيا بمعنى أن رسالة الإيمان الآن واحدة ولغتها الواجب تعلمها لأجل الأداء بها لغة العرب.

 

ثانيا: اختيار الله للعرب من البشر اختاره على علم ـ كما أنه قال لبني إسرائيل {ولقد اخترناهم على علم على العالمين} أي عالمي زمانهم كما قال المفسرون فكذلك قال للبشرية جميعا ولا سيما إسرائيل عن طريق أنبيائهم {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيناكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتومنن به ولتنصرنه قال أقررتم وأخذتم على ذلكم إصري (أي عهدي) قال أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين}.

 

ولكن العرب الذين اختارهم الله لقيادة البشرية ليسوا والله قادة الجامعة العربية أهل المكر والحقد والحسد والبحث عن التبعية بمقابل وبغير مقابل بل البحث عن جميع أسافل الأمور بأي ثمن، فالعرب الذين جاءتهم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم وهم في جزيرتهم الجدباء القحطاء رافعين رؤوسهم أمام خلق الدنيا كلها شامخة أنوفهم عن أكل الدنيا بثدي أمهاتهم كما جاء في مثلهم (تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها).

 

فقد جاءتهم الرسالة والمعبر عنهم آنذاك ما جاء في لامية العرب التي نسبت وحدها إليهم وهي التي تمثل شهامتهم وإبائهم المتجذر فيهم وهي قولهم:

 

واستف ترب الأرض كي لا يرى *** على من الطول امرؤ متطاول

 

وكقول شاعرهم:

ولقد أبيت على الطوى وأظله *** حتى أنال به كريم المأكل

 
وفي بيت آخر يمثل عزهم ونخوتهم يقول شاعرهم:

وإن بلغ الفطام لنا صبيا *** تخر له الجبابر ساجدين

 
هؤلاء هم العرب الذين جاءتهم الرسالة على بينة من ربهم وليسوا عرب الجامعة العربية عرب قرن 20/21.

 

وبعد هذا الوصف الكاشف لطبيعية العرب في لاميتهم وغيرها جاءتهم الرسالة لتقول لهم: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم}.

 

والله إنها لصفة رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه لرجل من العرب الخلص بكرمهم وشهامتهم وإبائهم للضيم فلو كان الآن في الدنيا لكان عزيز عليه ما مر على الجامعة العربية من قادة دعوى العروبة والزعامة بكثرة الاتباع الغوغائيين المستكبرين الحاقدين القاعدين بحياتهم تحت الشعارات الجوفاء التي أسلمتهم جميعا لمنظر نهاية يسوء النبي صلى الله عليه وسلم ويسوء جميع العرب مسلمهم وكافرهم عملوها بأيديهم وأفكارهم الخالدة إلى الأرض؟ فتتابعوا صرعى في أسوأ منظر يحترق له القلب.

 

هذا الوصف الذي وصف الله نبيه صلى الله عليه وسلم به عند رسالته لم يطرأ عليه إلا رسالة الإيمان التي تقول {يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليم وخبير}.

 

ولكن ماذا فعل قادة الجامعة العربية من المحيط إلى الخليج في القرن 20/21 جعلوا العروبة فوق البشر فوقية مطلقة فمن استمسك بها ترفعه في نظرهم حيث لا نهاية ومن لم يتمسك بها فهويته تنزل به إلى أسفل النهاية.

 

هذه الوضعية للنسب العربي الذي علقوه برجليه في هذه الشعارات القاتلة ومسحوا جميع أنواع خصائص العروبة من الكرم وإباء الضيم ونصرة المظلوم والتواضع ساعة الرفعة من تحت قدميه، ثم عمدوا إلى الرسالة التي اختار الله أجدادهم لحملها فجعلوها فرقا وشيعا فقالوا هذا سلفي وهذا إخواني وهذا شيعي وهذا وهابي وهذا وهذا مع أن المعجزة الكبرى والميزان الأعلى والدستور الأوفى والنشرة الصحية التقـنية الأولى التي جاءت مع هذه الرسالة ما زالت صحائفها تملأ رفوفهم وصوتها يملآ مسامعهم وفيها قوله تعالى {هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون} فالقرآن لم يعط للإنسان إسما علما يميز به عن الآخرين بل أعطى أوصافا تراها الأعين متشبها بها الشخص سواء كان ذكرا أو أنثى من البشرية جمعاء.

 

فالوصف الذي أمر الله المسلم أن يتصف به جمعه له في كلمة التقوى وصرح أن هذا الوصف هو نتيجة العبادة {يأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تـتـقون}.

 

وهذه التقوى ذكر أجزاءها عدة مرات فقال {الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار}، وقال مرة أخرى {التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف} الخ الآية، ومرة زاوج في ذلك بين الذكر والأنثى: {إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات} الخ الآية وتارة خص الإناث فقال {تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا}.

 

هذه الأوصاف إذا توفرت في المسلم فلا ينقصه أي اسم آخر سواء كان إخوانيا أو اتحاديا أو تواصليا أو تقدميا إلى آخر مسميات أهل الدنيا التي وضعها الشيطان على ألسنة أتباعه كصفة عيب بدل أن يكون جميع معانيها محمودة في الحياة الإسلامية، ولكن كم قتل وشرد قادة الدول العربية وما زال الحبل على الجرار ممن اجتمعت فيه تلك الأوصاف ذكورا وإناثا ناعتين بما أوحى إليهم الشيطان به من النعوت متناسين قوله تعالى {يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن}.

 

والآن سوف نضع خريطة هذا الحيز الجغرافي البائس المتهالك أجزاءه من المحيط إلى الخليج ليرى الجميع ما أصاب أديم أرضه من كوارث كل واحدة منها تنسي في الأخرى، وكأن شياطين القرن الماضي وأول هذا القرن تركوا جميع قادة العالم ليتفرغوا لإفساد وإغواء قادة هذه المنطقة التي تلازم فيها تكليف العرب بتلك الرسالة إلى أهل الدنيا حتى وصلت إلى الجامعة العربية ليمزق قادتها شر تمزق هذين المتلازمين العروبة والإسلام.

 

فنحن نرى أولئك القادة قد قاموا بتوجيه شيطاني يريد القضاء على الإسلام والعروبة بتفريق هذين المتلازمين، فالعروبة نفخوها بالشعارات الجوفاء التي لا تعرف العرب إلا عكسها وهو الشجاعة والكرم والإباء واستغناء النفس الأبية الكريمة عن الغير فعوضوها: الجبن وقبول المهانة والتبعية العمياء للغير.

 

وعندما فتح لهم الغوغائيون في هذا الاسم "العروبة" طارت هي إلى السماء بلا أي صفة مرافقة لها أو تسير إليها وبقي القادة تحتها ليرى الجميع مصارعهم فوق أرضهم مقهورين ذليلين لا حيلة لهم، وأما الإسلام الذي هو الدرع الواقي الملبوس في القلب وعلى الجوارح فوق هذه العروبة يقول تعالى فيه {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتهم الأعلون إن كنتم مؤمنين} فهذا الدرع جعلوه تحت أقدامهم لينعتوا للعالم أنه أصل للذل والمهانة وأطلقوا عليه مسميات: سلفي ـ إخواني ــ شيعي ـ وهابي الخ ليجعلوا هذه الأسماء مشجبا يعلقوا عليه كل اسم قذر رمته لهم أوروبا الحاقدة على الإسلام منذ أطاح بامبراطوريتها فوق الأرض فقالوا: ذلك إسلامي إرهابي، متوحش ولكن يقال إن القرد الذي أصله إنساني إسرائيلي مسخه الله عند معصيته له إذا أراد أن يلبس لباس الإنسان ليتشبه به يبقي ذنبه يشهد على أنه أصبح قردا.

 

فقضية اصطبول الأخيرة التي فعلتها جماعة بأمر أكبر قائد في الجامعة العربية أظهرت أن الإرهابيين في العالم من سمو أنفسهم العرب الآن وليس الإسلام فقد عينت هذه الفعلة أن عرب القرن العشرين وواحد والعشرين فرقت المتلازمين العروبة والإسلام وأن كل عمل همجي في الإنسانية فاعله ينسب للجامعة العربية ولم ينسب إلى الإسلام الذي وضعته الجامعة العربية تحت قدميها والذي فيه أن {من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا} إلى آخر الآية.

 

وأخيرا فاتركونا ننظر أجزاء هذا الجسم المتهالك الذي عمه المرض كله من الرأس إلى القدم أي من المحيط إلى الخليج ففي الشرق منظمة التعاون الخليجي التي أصبحت منظمتها في قفص تتقاتل داخله وتستغيث بالأعداء ليقتلوا بعضها عن بعض وهناك أيضا سوريا والعراق المتمزقتين وطريحتي الفراش تحت نظر الأعداء يداوون من أعطاهم زمامه ويقضون على غيره.

 

وفي مصر رجل واحد (ترامبي) يتحكم في 60 مليونا لا حراك لواحد منها بمعنى شعب امتلأ جميع موظفيه من النفاق لذلك الرئيس ليبقوا داخل وطنهم أحياء.

 

وفي الغرب من جثة هذا المريض المعدي (الجامعة العربية) يوجد اتحاد المغرب العربي وأكبر دولتين فيه متجانستين في كل شيء: الإسلام ـ والأصل ــ واللغة ـ وحتى الطقس ولا يفصلهم منذ أكثر من عشرين سنة إلا الحقد بينهم وقوة الشياطين الموسوسة الموكلة على ذلك الحقد تمد عروقه إلى كل فرد من شعبيهما وإلى الأبد: انقطاع شيطاني مجاني لا يمثله إلا قوله تعالى {وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير}.

 

أما بقية دول المغرب العربي فـليبيا لم يذهب قائدها مع زملائه القادة في أسوأ حالة تسيء العرب والمسلمين في القرن 20/21 حتى لم يترك الشعب الليبي صالح للالتـئام بعده.

 

أما تونس وموريتانيا فها هو العالم يتهيأ لرؤية حقارة شعبهما عند قادتهما بقبول أن تكون دولهما أول مكان بترك فيه نصيبهما من جثة خاشقجي إن وجدت لتدفن فيه إذا استطاع حاملها إمرارها إلى داخل هذه الدول مع أن العالم يعلم أن ليس للرئيس الإنابة فيه عن الشعب إلا ما في الدستور.

 

أما دول الجامعة العربية ومنهم طبعا المغرب العربي فالرئيس نائب في كل شيء ولو فضيحة للشعب كله وما علاقة معاوية مع اسرائيل وقطع هذا الرئيس العلاقة بقطر عنا ببعيد، فلو كانت قطر ضد موريتانيا لطالب الشعب كله بهذه القطيعة ولكن بمجرد طلب دول مارقة على الفكر والعقل وعدم الاستحياء من العالم في إخفاء الخلاف العقيم البدوي فيما بينها واستضعاف الشعوب لمجاراتها في عدم الاستحياء فهذا هو القتل البطيء لشعب ينظر ويفكر كما في الحديث: "إذا لم تستح فاصنع ما شئت".

 

ومن أراد من المغرب العربي أن يتعرف على الثقافة التي علمها قادة المشرق لشعوبهم فليستمع إلى شتائمهم فيما بينهم في التواصل الاجتماعي فيخيل إليك أن الوحوش أصبحت تتكلم العربية فيما بينها: كلب ـ نباح ــ قرد ـ خنزير فكأن لغة العرب ليس فيها ألفاظ مذمة تقتل العربي الأصيل وهو حي: جبان ـ بخيل ـ دنيء ـ رديء ـ لصيق.

 

وأخيرا نقول لرئيسنا المنتهية ولايته ما أوجبه الله له علينا من النصح فالله يقول له {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار} فكلمة "تركن وتمسكم" خفيفتان في اللفظ ولكن الله هو الذي خلق اللغة العربية واصطلاحاتها فقال "فتمسكم" التي للتعقيب المباشر والفاعل هنا النار.

 

فعلى بلد الحرمين الشريفين أن يرسلوا إلينا من هناك من نحمله على أعناقنا ونسكنه قلوبنا ولكن لا يكون مقطعا لجسم عربي مسلم وطارد للشعب الفلسطيني المسلم ومفسحا لإسرائيل لأجل عيون الإنجليين الأمريكيين المجرمين ونقول عندئذ مع الرئيس {ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب}.