على مدار الساعة

أُّغلوطَةٌ كُبْرَى

21 يناير, 2019 - 16:02
كتبه القوي بالله الطالب اخيار بن أعمر سيدي

كنت أستمع مساء الاثنين (14/01/2019) إلى قناة الجزيرة القطرية، في برنامجها للقصة بقية، وكان حول السلفية الجهادية، وأول ما افتتحت به الصحفية مديرة الحلقة هو: إنّ السلفية الجهادية تتبنى العمل المسلح طريقا للتغيير، وهذا كلام يجافي الحقيقة، بل إنّ السلفية الجهادية تبنت العمل المسلح لصد العدوان، وتحرير المقدسات والأوطان، تبنت العمل المسلح لدفع الصائل الغازي المحتل، تبنت العمل المسلح لصون المسلمين وحماية بيضتهم، فما كان هذا العمل المسلح إلا مقابلا لعمل مسلح، وإنما يُفلٌّ الحديد بالحديد {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم}، {والحرمات قصاص}.

 

ألم تُحتلّ فلسطين منذ سبعين عاما؟ ألم تُحتل أفغانستان منذ سبعة عشر عاما؟ ألم يُحتل العراق وسوريا وليبيا؟... وصار اليمن معقِلا لفتنة عمياء... وحفظ الله موريتانيا من كيد الثنائي السلولي.

 

فمنذ كم عاما والنار تصب على رؤوس هؤلاء في بلدهم وعلى أرضهم؟! ألا يحل لهؤلاء أن يتبنوا العمل المسلح لصد عدوان المعتدين؟ ألا يحل لأهل فلسطين أن يخرجوا عن بكرة أبيهم لقتال الصهاينة المغتصبين؟ ألا يحل لطالبان أفغانستان أن تخرج الصليبيين من أفغانستان كما أخرجت الشيوعيين من قبل؟ ألا يحل للعراقيين أن يخرجوا أمريكا وحلفاءها من بغداد وكل المحافظات العراقية؟ ألا يحل للسوريين أن يدفعوا الصائل الشيوعي السوفيتي ويخرجوه من دمشق وما حولها؟... فهل يعد المقاتلون في هذه الدول كلها إرهابيون متطرفون تكفيريون يقتلون الأبرياء؟ كلا، بل هم المجاهدون حقا، ألم تقرأوا قوله تعالى {أُذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله، ولولا دفاع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبِيَع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا، ولينصرن الله من ينصره إنٌ الله لقوي عزيز}، ألم يقل ربنا سبحانه {إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين، وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم...}؟

 

ألم تخرج بريطانيا الفلسطينيين من ديارهم بوعد بلفور المشهور، المشئوم؟ ألم تظاهر أمريكا الكيان الإسرائيلي الغاصب بمدها إياه بكل أنواع المدد من مال وسلاح على مدى سبعين عاما؟ ألم يظاهر الإتحاد السوفيتي آنذاك الصهاينة إذ كان أول معترف بكيانهم المغتصب؟ ألم يكن الخونة العملاء من حكام العرب والمسلمين مظاهرين بخذلانهم لقضايا الأمة وسيرهم وراء عدوان المعتدي بتنفيذهم لمخططاته والعمل على تحقيق أجندته؟

 

نعم إن السلفية الجهادية تبنت العمل المسلح لدفع الصائل المعتدي ونِعْمَ ما فعلوا {لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة}.

 

لو تصدت الجيوش العربية والإسلامية لهؤلاء الغزاة وقامت بما أنيط بها، لما احتيج إلى سلفية جهادية، أتريدون منا أن نبقى مكتوفي الأيدي ورؤوسنا تحزٌ، وأشلاؤنا تتناثر على أرضنا بفعل عدونا المعتدي علينا؟ لتكتب لنا براءة من الإرهاب، ولنكون بذلك معتدلين مسالمين، فلا بارك الله في مثل هذا الاعتدال وهذه المسالمة، ولا بارك الله في من يباركهما، {ودٌ الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة}.

 

سبحان الله! عندما يُقتل بعضُ هؤلاء الغزاة والمظاهرين لهم تقوم الدنيا ولا تقعد، ويُرمى من قتلهم بالإرهابي الذي يقتل الأبرياء، وعندما يَقتل هؤلاء الغزاة المئات بل الآلاف من الأبرياء المعتدى عليهم في أوطانهم وفي عقر بيوتهم يكون الأمر عاديا، عجبا، الذي يتصدى للصائل إرهابي تكفيري متشدد يقتل الأبرياء، والذي يغزو ويقتل الأبرياء في عقر دارهم عن قصد بطائراته ودباباته وقنابله، هو من يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى، ولا تثريب عليه! بل بضرباته الجوية تتنزل الرحمات، على المسلمين والمسلمات.

 

فمهما شيطن المشيطنون، وشوٌه المشوهون فلن يغير ذلك شيئا من قناعة أولياء الله المبصرين للحق تجاه هؤلاء المجاهدين الأشراف الذين رفعوا رؤوسهم بكل عزٌة وبسالة لدفع الغزاة المغتصبين، فسيروا على الدرب مجاهدين مقاومين حتى النصر أو الشهادة، وعلى المشنعين عليكم أن يوجدوا البديل عنكم ليقوم بهذا الواجب المنحتم، وإلا فليخرسوا وليخسئوا.

 

قولوا ما بدالكم، وافعلوا ما شئتم، فلن يتخلٌ هؤلاء الفرسان، عن مقاومة العدوان، وتحرير المقدسات والأوطان، {فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة، ومن يقاتل في سبيل الله فيُقتل أو يغلب فسوف نوتيه أجرا عظيما}، قاتلوا هؤلاء الغزاة {قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مومنين ويذهب غيظ قلوبهم}.

 

ومما يستغرب أنٌ بعض من ينتسب إلى العلم، وربما انتسب إلى الجهاد ـ وظلم ذوي القربى أشد مضاضة ـ يسير في حملة التشويه الممنهجة التي تستهدف هؤلاء المجاهدين، فنجده يغمز ويلمز إخوانه فيرميهم بالجهل والتكفير والتطرف، مع أنهم في ساحة الوغى وهو قاعد مع الخالفين، يرى عيوبهم وهو المعيب، يبصر خطأهم وهو من أحاطت به خطيئاته، ينحو منحى المداخلة وساء سبيلا.

 

ليس من الإنصاف أن يكون هؤلاء في شدة وكرب يكابدون المعتدي، وتكون أنت في رخاء بين أهلك، تنعم بمالك، وتوجه سهامك لإخوانك، ولا ترمي بسهم واحد في نحر عدوك.

 

معشر المجاهدين المحاربين لمن حاربكم، لا تركعوا لغير الله، {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار}، وامضوا في طريقكم ولا تلتفتوا إلى تشويه المشوهين، ولا إلى إرجاف المرجفين، وادفعوا عن أمة الإسلام العدوان، وإن قيل إنكم تتبنون العمل المسلح طريقا للتغيير، آمنوا بما قال رسولكم صلى الله عليه وسلم ـ واعملوا بمقتضاه، واكفروا بما سواه ـ "لن يبرح هذا الدين قائما تقاتل عليه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة".

 

وكتبه القوي بالله الطالب أخيار بن أعمر سيدي