على مدار الساعة

وتعثرت جارحة الكلام

24 يناير, 2019 - 11:06
الولي ولد سيدي هيبة ـ كاتب صحفي

"يا أرض اشتدي ما عليك قدي"

النقد اللاذع، من خلال التعبير الجارح والشجب والتشويش والسخرية هو شكل من التحدي لسلطة أو لرجل سلطة أو مجتمع أو سياسة، وهو بذاك أيضا أسلوب غالبا ما تغلب عليه صفة الانتقام.

 

هذا ما تميط عنه الغطاء، هذه الأيام، موجة من "التراشق" مرير وسجال حاد يسلك نهجهما وبحدة بعض السياسيين على إثر "اتسونامي" المجلجل الذي أحدثه بيان الرئاسة المتضمن نقطتين بالغتي الوضوح:

-         عدم ترشح رئيس الجمهورية القطعي لمأمورية ثالثة،

-         صدور الأمر بوقف مبادرات "التزلف" التي أرادت قهر مستحيل "تغيير" المادة التاسعة والتسعين (99) من الدستور، ومنع المطالبة المخالفة لمسلمات الديمقراطية بإجراء استفتاء لتغيير الدستور في خطوة أشمل تغرق المادة "العصية".

 

ولأن المفاجأة أحدثت زلزالها وأخرجت أيضا أثقالها، فقد تساءل بعض الذين لم يكن يجمعهم إلا وحدة نهج التزلف والشطط -على ما يعتريهم من دفين الخلاف-عن أين المفر حيث الماضي من الخلف مرابط والقادم من الأمام متأهب، وحتى انبروا بعد "صمت" الذهول و"عشوائية" الاضطراب في تحسس مكشوف لطرق اصطفاف لم تتضح لهم بعد أوجهها أو تتكشف وجهاتها أو يعلموا علم اليقين أهلها.

 

حالة استجدت على حين غرة فبعثرت الأوراق ولعثمت الألسن، وأربكت العقول، وغيرت الأمزجة وفتحت أبواب الصدام على "مكتوم" الخلاف المكبوت بقوة "غريزة" البقاء في الصف والحفاظ على مكسب "القرب".

 

وسرعان ما ارتوت بعض الأقلام من جديد بمداد زعاف واستجاب عديد الألسن السليطة والعقول المجروحة والإرادة المضروبة في الصميم لتبدأ نفذه على بعضها البعض عساه يخرس الغريم أو يشله. وقد كانت لذلك شبكة التواصل والمواقع الإلكترونية ساحة لنصب الأبواق ومنصة لرفع الشعارات والأعلام وحلبة مفتوحة نزال.

 

ولما كان كل يعرف في المعمعة المسجدة خصمه، أبليت السرائر وقد تقاربت أحوالها وتشابهت أهوالها، ونشرت الصحائف بتفاصيل محتوياتها، حتى طفح الكيل وضجت الساحة بسقيم المناظرات التي اكتست حلل:

-         القبلية الضيقة،

-         والمناطقية السلبية،

-         والتخندق السياسوي الفج،

 

وازداد طين الواقع "الضبابي" بلة، والاستشراف استحالة، وكشفت الأقوال عن طبيعة الأحوال التي تنتمي في مجرياتها وخصوصياتها إلى فصل لم تغير فيه:

-         سنن الحداثة قدر دانق،

-         ولا الثقافة العالية سلوكا،

-         ولا الانفتاح على تجارب العالم الذي توحدت نظرته حول المنهج المدني المتجرد والمتحضر،

-         والالتزام المطلق من صفات الكبر والاستعلاء والادعائية التي تنتمي إلى عصر "السيبة" وشعارها الفج الأرعن "يا أرض اشتدي، ما عليك قدي".