على مدار الساعة

بين موافقة مؤكدة وممانعة معجزة!

21 فبراير, 2017 - 12:06
بقلم/ م. محفوظ ولد أحمد

همهمات هنا وتكهنات هناك، وشائعات تقول إن البرلمان الموريتاني قد يصنع مفاجأة تاريخية مزلزلة: قد يرفض إقرار التعديلات الدستورية المثيرة للجدل التي لجأت الحكومة إلى تقديمها إليه؛ صيانة للنفقات كما تقول هي، وخوفا من مفاجأة رفض شعبي كما يقول البعض.

 

وقد بنى المتكهنون أو "الحالمون" هذه التوقعات الغريبة على أمور أهمها ثلاثة:

 

1- توقع خروج الرئيس الحالي من السلطة قريبا (2019) بعدما أكد أنه لا يريد مأمورية ثالثة؛ مما يعني أن التقرب إليه ومسايرته لم تعد "استثمارا" مضمونا يكافئ "التضحية" بالموافقة على تعديلات دستورية "غير دستورية" وغير توافقية.

 

2- أن البعض ينظر إلى إقرار البرلمان لهذه التعديلات "كانتحار"، لأنها تقضي على غرفة برلمانية كاملة، وتستدعي انتخابات برلمانية سابقة لأوانها قد تعصف بمعظم النواب في الغرفة الثانية!

 

3- أن هذه التعديلات "غير شرعية" من جهتين: من جهة أنها اتخذتها السلطة ومعسكرها من جانب واحد دون توافق من الطيف السياسي، وفي ظل مقاطعة ورفض لها من أحزاب المعارضة الرئيسية. ومن جهة أخرى، وفي جميع الحالات، يجب أن تكون جهة إقرارها هي الشعب نفسه، بواسطة استفتاء شعبي كان رئيس الجمهورية قد تعهد مرتين بتنظيمه.

 

وهكذا يكون رفض البرلمان ـ والمقصود هنا جانب الأغلبية ـ لهذه التعديلات بمثابة "ثورة سياسية" غير مسبوقة ولا متوقعة!

 

ولكن...

إنها مجرد شائعات أقرب إلى الأماني والأحلام المضللة!

فمن المؤكد أن التعديلات سيتم إقرارها بالأغلبية المطلوبة وزيادة. ولن تكون هناك مفاجآت تذكر.

 

أما إن كانت الأخرى، وحدثت "معجزة"، فستتحول النظرة العامة لهؤلاء السادة النواب والشيوخ، باعتبار أنهم فعلا يشعرون؛ ويشعرون بالمصلحة الوطنية، التي لا تدور دورانا حتميا مع رغبات الرئيس وتوجيهاته. خاصة أنه إذا حدث ذلك فإن النواب والشيوخ يدركون حتما أنهم قد يدفعون "ثمنا سياسيا" فوريا. لكنه ـ مهما كان ـ اخف وأقل تبعات وعارا من الإمضاء على تعديلات بهذه الدرجة من إثارة الفرقة والخلاف؛ وتؤكد المعطيات أنها لا تحظى بموافقة غالبية الشعب.

 

في النهاية يكون من الألطاف الإلهية أن هذه التعديلات، التي يتميز بعضها (العلم الوطني) بالغرابة والعبثية، لن يُسجل أن الشعب الموريتاني صوت عليها، بغض النظر عن نتائج ذلك التصويت لو كان؛ بل إن السيد الرئيس قد قررها، وبواسطة "نوابه" مررها، كما يقول المثل الشعبي: "عطس ولنفسه شمَّت"، وهذا يجعل إبطالها في أي وقت أكثر بساطة ووجاهة!!

 

والناس في الانتظار بين توقع عادة المصادقة، ووهم معجزة المفارقة؟!