على مدار الساعة

للإصلاح كلمة : تتعلق بالانسحابات من حزب تواصل

6 مايو, 2019 - 23:05
بقلم الأستاذ / محمدو بن البار

كلمة للإصلاح ترى أنها تعين عليها أن تضع رأيها في قضية الانسحابات من حزب تواصل بعد أن علق عليها أهل تواصل معللين لها بأسباب لم يكن أهل تواصل يظنون أن الموريتانيين ينخرطون في هذا الحزب لأجل تلك الأسباب.

 

صحيح أن تواصل دخله كثير من الشرائح المختلفة ولكن لم يدخله شخص واحد يبحث فيه عن شريحته بل دخله بإسلامه ويبحث عن الاستقامة في دينه بمعنى أن ذلك الشخص الداخل في تواصل لا يبحث بالانضمام إليه عن شريحة بل بفضل الله عليه أري أنه أحس من نفسه شحنة من إيمان داخلة في قلبه جعلته يطمئن بالإيمان سلوكا، والإيمان كما هو مقرر عند أهل السنة يزيد وينقص في المؤمن بحسب زيادة عمله فيه أو نقصانه كما قال تعالى {هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم} الخ الآية.

 

فعندئذ يسمع ذلك الداخل أن حزب تواصل هو أفضل حزب يعترف بوجود الإيمان داخل السياسة بل أسرع تنمية للإيمان في قلب المؤمن هو دخوله في الإيمان السياسي لزيادة إيمانه ولكنه الإيمان الخالص الصادق لا إيمان الديمقراطية المائل مع المسؤول في الحزب حيث مال يقول تعالى {ألا لله الدين الخالص} فأهل السياسة هم أكثر تحركا وأقرب مكانا لتلقي مشاكل المسلمين وهنا البحث عن زيادة الإيمان.

 

فما دام الإنسان مسجلا عليه دقائق أقواله وأفعاله فموقع تلك الكثرة هو السياسة الداعية إلى الخيرات فلا ينقص أجر كثرة ذلك القول والفعل إلا عدم النية المؤمنة الخالصة فعندما يحس المؤمن الداخل في تواصل أنه يتمتع بهذه النية المؤمنة الخالصة من نفسه ويرجو أن تكون عند الله كذلك، فهذا بالضبط هو دواعي دخول المؤمن لتواصل.

 

وهنا انسلخ المسلم من البحث عن طينة نفسه والبحث عن سبب لونه لأنهما لا دخل له في وجودهما أصلا وهو لا يحملهما معه إذا مات إذن لا فائدة فيهما بعد الموت.

 

ومن هنا نصل إلى أن تواصل كانت لا شريحة فيها داخل الحزب ولا سيما عند دخوله ولا مانع من وجود هذا المرض في شخص أو أشخاص من داخل أي حزب ولكن قطعا لم يكن من الأسباب في دخول حزب تواصل.

 

وأي شخص اعترض على هذا لإطلاق في سبب الدخول في تواصل فعليه أن يحضر لأي اجتماعات داخل الحزب فسيتضح له أن لا مكان للبحث عن الشريحة هناك فكل شيء انتهت صلاحيته لم يبق له ذكر يعتد به.

 

والشريحة وما يترتب عليها تنتهي صلاحياتها في نظام الإسلام عند الاعتراف به والدخول فيه.

 

ويتـلخص من ذلك أن من دخل في حزب تواصل يريد من يتعاون معه على زيادة الإيمان في عمله للاطمئنان في الدنيا على انتفاعه من ما يقول ويفعل عند مناقشتهما في الآخرة أي أنهما له لا عليه صاحب هذه الفكرة المجردة لا خوف عليه من الانسحاب من تواصل ومن كان يعمل على شاكلة غير هذه الفكرة فربه أعلم بمن هو أهدى سبيلا.

 

وليس من هذا المفهوم أعلاه أن الأحزاب السياسية الأخرى قولها وفعلها خارج الإسلام بل إن هناك الفرق الكبير بين النوايا في مختلف الأحزاب.

 

فالله تبارك وتعالى لم يكتف بخلق هذا الإنسان وتركه سدى يعمل بحريته المطلقة لينـتظره في الآخرة بالمجازاة أو العقاب على أقواله وأفعاله بل مقدرة الله على التحكم في هذه الأقوال والأفعال باقية تعمل عملها في الإنسان أين ما كان وحيث ما كان.

 

فالله بين لأهل الدنيا فكرة الصحابة يوم حنين بقوله في شأنهم {منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة} إلى قوله تعالى {ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين} وأي كلمة تصل إلى شغف القلب مثل كلمة عفو الله عن الإنسان.

 

فالموريتانيون مؤمنون كلهم بفضله عليهم إلا من كره الله إيمانه منهم فلا طمع له ولا لمن أرجى له هذا الطمع في قضية إيمانه لأنه لو علم الله فيه خيرا لأسمعه، فهذا الإيمان القرآني السني أي الوحييـن الثابت الدائم في الدنيا مهمته أنه آلة إنذار للإنسان لإدخال الإيمان في قلوب من اختاره الله لذلك إلى يوم القيامة يقول تعالى {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا}.

 

فموضوع القرآن كله وما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم هو الحزب الوحيد الذي لا شريك له في الدنيا مركب منجاة في الآخرة فلا عاصم يوم القيامة من عذاب الله إلا من تمسك به بلا تحريف ولا تأويل يدخل منه الشيطان إلى التأثير في علم الله عن الحق {إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يوتكم خيرا}.

 

أما خصوصية دخول حزب تواصل عن الأحزاب فبالنسبة لي (وكل أحد عنده حق اعتقاده) ما لم يضر بغيره هو أنه بمنزلة الأرض التي أمر الرجل القاتل 99 نفسا أن يذهب إليها إلى آخر قصته المعروفة عند الجميع في الحديث الصحيح، وليس معنى ذلك أن الدنيا آنذاك لا مكان فيها سليما من المعاصي إلا تلك الأرض ولكن تلك الأرض لها ميزة خاصة عن الأماكن الأخرى يعرفها الله الذي أراد في أزله أن يقبل توبة هذا الرجل عليها ـ ومن أراد أن يجرب فيفعل ـ ولكن حذار أن يخرج بالحقد كما دخل.

 

والآن أصل إلى موضوع الانسحابات من تواصل لأقول للمشرفين على تواصل: الآن ظهر بهذه الانسحابات من تواصل صحة وعقلية وأرجو أن يكون توفيقا من الله اختياركم لترشيحكم للسيد / سيد محمد بن ببكر.

 

فالمعروف الآن عند الجميع أن جميع الانسحابات من الأحزاب كلها وجميع المبادرات من حزب الدولة كل ذلك سببه إما الخوف وإما الطمع ـ وهذا الخوف وهذا الطمع ليس من ـ ولا ـ في شخصية السيد/ غزواني فقد أعطاه الله موهبة الأخلاق التي هي رأس كل فضيلة ولكن المنسحبين والقادمين والمبادرين إليه سبب ذلك كله هو الخوف القاتل من السلطة المنصرفة والطمع الجشع فيها ـ أما غير هذين السببين : فأين هو من غزواني؟

 

فمن المعلوم أن الشخص الذي لا يتـتـرس بالإسلام خاصا ساعة النفع والضر فهو لا بد أن يبحث عن مكان ينتفع منه أو يرد به عن ماله.

 

وهاتان المصيبتان يعرف الجميع أنهما عملا عملهما مع هذه السلطة المنصرفة فالوظائف السامية يعرف الموريتانيون أعطيت لمن؟ وحرم منها من؟ حيث يستشهد المحرمون من أهل الكفاءة بما قاله الأستاذ المعري عن نفسه ــ وهو العالم البحر الطمطم ـ وهو أن أيام دهره لم تعطه حقه الذي يستحقه بعلمه فقال:

أخرني دهري وقدم معشرا *** على أنهم لا يعلمون وأعلم

ومذ أفلح الجهال أيقنت أنني *** أنا الميم والأيام أفلح أعلم

 

وصاحب الوصفين لا ينطق الميم.

 

ونظرا لهذه الحقائق فإن هذا المترشح السيد / غزواني لو اكتفي قبل الحملة بخطابه المستقل عند إعلان ترشحه لكان يكفيه في التسمية عن مرشح الإجماع ومرشح الرئيس والحزب وصاحب الدرب والمحافظ على النهج: فما معنى هذه الكلمات في الديمقراطية حقا لأنه بذلك الخطاب كان الموريتانيون يرون فيه ما يرونه الآن في المترشح سيد محمد بن ببكر وهو الإيمان الكامل بالبعد كل البعد عن حكم العسكر الذي كان يمثله هذا الرئيس المنصرف.

 

فالموريتانيون الآن ومنذ الديمقراطية العسكرية سنة 92 واستفحل هذا التعسكر في العشر الأواخر من هذا الحكم وهي في حرب مستعرة بين جيشين موريتانيين غير متكافئين أحدهما عنده كل شيء وفعل كل شيء وأعطى كل شيء وحرم كل شيء وواحد منهما حرم من كل شيء وهدد بكل شيء ونزع منه كل شيء، فمن يدع الآن التقرب منه مرة أخرى فمعنى ذلك أنه يلدغ في الجحر مرات ومرات وعلينا أن نفهم ما يترتب على ذلك.

 

فكم قطع سيف الضرائب من الأعناق ومصلحة الجمارك وكثير من المصالح التي عندها سيوفها الأخرى ولا تنتظر إلا أوامر القطع، فمن أدخل فلان وفلان وفلان رجال الأعمال في حزب الدولة إلا الخوف ومن أدخل فلان وفلان الموظفين إلا الطمع.

 

فمن استعمل أفاوق عقله ولا سيما إذا كانت خارجة من عباءة الإسلام بحزمه وعزمه فليدع جميع الموريتانيين إلى انتخاب السيد / سيد محمد بن ببكر ليتنفس الجميع الصعداء إذا نجح ويزيل عن الجميع الأخبثين في ضمير الإنسان الموريتاني: الخوف والطمع إلا من الله ويستأنف الحياة في موريتانيا صافية نقية لا غبار ولا غمامة ولا غشاوة داخل تسيير الحكم، فلا موالاة ولا معارضة إلا بأوامر الله الحكم العدل ولا دعاية لشريحة إلا بالتآخي وزيادة التلاحم بالإيمان.

 

وهنا أطرح هذا السؤال على جميع الموريتانيين: فلو كانت هذه الجمعيات الخيرية التي أغلقت لأفراد من حزب اتحاد من أجل الجمهورية فهل ستغلق ويحرم منها الضعفاء الذين كانوا ينتفعون منها، فبمجرد جواب من الددو على كلمات حملة الرئيس أغلق معهد كان إشعاعا لعلم لا تنقطع كهرباؤه ليلا ولا نهارا وجامعات كذلك وبمجرد تعليق للددو على إحضار بن زايد لبابا الكنيسة في الجزيرة العربية والسماح بتـثبيت تمثال بوذا بين عاصمة الإمارات ومطارها أغلقت في موريتانيا الجمعيات الخيرية الخاصة باليتامى والمساكين وتضامن الشرائح وأصبح وصف أهلهما عند قائد السلطة إرهابيين وعند الواقع المشاهد لمن أحب أن يرى {يبيتون لربهم سجدا وقياما والذين يقولون ربنا أصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما إنها ساءت مستقرا ومقاما}.

 

فمن يطلب من القائمين على تواصل مراجعة ما قد هداهم الله إليه من التوفيق فكأنه يقول لهم ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا، فمن دخل تواصل الآن بغير الوصف أعلاه فهجرته إلى ما هاجر إليه.

 

فقليل وقليل جدا من المنسحبين إلى غزواني فعلوا ذلك مبكرا لا لخوف ولا طمع ولكنه بسبب خلاف شخصي في وجهة النظر داخل تسيير الحزب الخ.

 

ولكن الانسحابات من غير ذلك من تواصل فمن تحقق منها الآن فسيجد أن سببها القرب الشديد الذي أظهره السيد / غزواني من الرئيس المنصرف، وهذا الأخير سيوف أدواته وقطعها الصارم ليس جديدا على تواصل فمن صبر عليه فله أجر الصابرين.

 

ويكرر قول الشاعر :

إن السلامة من سلمى وجاراتها *** أن لا تمر بواد حول واديها

 

ومن خاف وجزع من احتمال أخذ تلك السيوف لماله فأكره وقلبه مطمئن بإيمان أن لا خوف ولا طمع حقيقة إلا في فعل الحي القيوم الذي لا يموت، فنرجو من الله أن يعامله على حسب ما خلقه فيه من الضعف عن صبر المصيبة المحققة على عادة حليمة العسكرية إلا أننا نرجو من الله إذا أراد النجاح لغزواني أن يكون كما أرشده إليه الشاعر:

 

وأعرف عنك من يومك قائد* بنك محمد موريتان

مانك محمد بن زايد *** ولانك محمد بن سلمان

 

فمنطق هذا الشاعر يعرب عن كثير من تخوف الموريتانيين عند نجاح غزواني أن تتبع موريتانيا مباشرة لدولة الإمارات ويجبر الشعب على رؤية تماثيل قادة إسرائيل: بكين ــ وشمير الخ بيننا ومطار أم التونسي ـ لا قدر الله ــ لأن المطار ومعه منشآت أخرى كتبت المواقع عن صفقة بين موريتانيا والإمارات فيها.

 

وفي الأخير نذكر الجميع بآخر آية نزلت من القرآن {واتـقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون}.